الجزائر: استياء حكومي من برامج تلفزيونية «تسبب توترات اجتماعية»

انتقادات شديدة لمسلسلات «تبث جرعة زائدة من العنف»

أحد المسلسلات المعروضة في رمضان (الشرق الأوسط)
أحد المسلسلات المعروضة في رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: استياء حكومي من برامج تلفزيونية «تسبب توترات اجتماعية»

أحد المسلسلات المعروضة في رمضان (الشرق الأوسط)
أحد المسلسلات المعروضة في رمضان (الشرق الأوسط)

جمع وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب، الأحد، بالعاصمة، مدراء أكثر من 20 قناة تلفزيونية عمومية وخاصة، لإبلاغهم بأن الحكومة «ضاقت ذرعاً بمحتويات برامج تبثها منذ بداية رمضان، خصوصاً المسلسلات الدرامية التي تحمل جرعة زائدة من العنف والمسَ بأخلاق المجتمع والذوق العام».

وكانت وزارة الاتصال أعلنت السبت، على حسابها بالإعلام الاجتماعي، أن اللقاء المرتقب «يأتي بعد أن لوحظ مؤخراً، عدم احترام التوجيهات الأخيرة التي أسداها الوزير، والسلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري بخصوص البرامج، وكذا المادة الإعلانية المعروضة خلال شهر رمضان المعظم».

وزير الاتصال مع وزير الرياضة خلال اجتماع مع الصحافيين والمذيعين الرياضيين (أرشيفية - وزارة الاتصال)

ووفق مصادر تابعت الاجتماع، فقد عاتب لعقاب بشدَة مسؤولي التلفزيونات، خصوصاً «الشروق» و«النهار»، بشأن «البرامج التي تروَج للعنف». ونقلت عنه، أنه قدم لهم «آخر تحذير» سيكون بعده صدور أمر بتوقيف بث المواد التي تثير حفيظة السلطات، التي ترى، حسب المصادر ذاتها، أن «السلم الاجتماعي بات مهدداً» بسبب محتويات البرامج.

كما انتقد لعقاب، بشدة، «ضخامة مساحة الإعلانات» في القنوات التلفزيونية، مند بداية رمضان، وبأن ذلك «يمسَ بمصلحة المشاهد»، حسب ما نقل عن الوزير الذي أكَد بأن «المجتمع الجزائري بحاجة إلى السكينة والهدوء، بينما بعض البرامج التي تبثَ حالياً في القنوات التلفزيونية، تنشر القلق والتوتر الاجتماعي». مبرزاً أن «أشياء جميلة ومفيدة تجري في البلاد، كان ينبغي أن تجد لها مساحة في البرامج التلفزيونية، وأن تعطى لها الأولوية».

وتعاقدت التلفزيونات، محل تذمر الحكومة، مع منتجي المسلسلات لبثها طول أيام رمضان، وفي حال توقيفها ستكون الخسائر كبيرة، وفق ما أكده مسيرو هذه القنوات، الذين يرون أن «مشاهد العنف والمخدرات التي تتضمنها الأعمال الدرامية، صورة تعكس الواقع الجزائري».

وزير الاتصال محمد لعقاب (حساب الوزارة)

وكان لعقاب أشرف في 20 فبراير (شباط) الماضي، على إطلاق «لجنتين لليقظة». واحدة لمتابعة البرامج في رمضان، وأخرى خاصة بما تبثه التلفزيونات في برامجها الرياضية. واستدعت الأولى، الخميس الماضي، مديرة تلفزيون «الشروق» للاحتجاج على مشاهد من مسلسل تعرضه حالياً، يحقق مشاهدات عالية، عنوانه «البراني» (الغريب). لكن «اللجنة» لم تذكر ما تأخذه على هذا العمل. واتضح لاحقاً، أن السبب يتمثل في ظهور مشروب كحولي في إحدى الحلقات، الأمر الذي عدَته «مساً بالأخلاق» و«اعتداءً على قيم المجتمع الجزائري المسلم».

كما تتعرض القناة التلفزيونية نفسها للانتقاد، بسبب عرضها الجزء الثاني من مسلسل «البطحة»، الذي تدور أحداثه حول حيَ يشهد معارك شوارع، بطله يكاد لا يغادر السجون. وفي نظر الحكومة، يقدم هذا العمل «صورة نمطية عن المجتمع مفادها أنه عنيف بالفطرة». وعدت ذلك «قاتلاً لأي فسحة للأمل».

وفي بداية رمضان، دعت «السلطة المستقلة لضبط الإنتاج السمعي البصري»، في بيان، وسائل الإعلام السمعية البصرية، إلى «ضرورة الالتزام بسائر القواعد القانونية، واحترام خصوصية العائلة الجزائرية». وتعد «سلطة الضبط» الجهة المخولة بتوجيه ملاحظات لوسائل الإعلام السمعية البصرية، حسبما ينص عليه قانون الإعلام. ويوجد نظير لها للصحافة المكتوبة، لكن لم يشكل بعد.

من الأعمال التلفزيونية (الشرق الأوسط)

وكان وزير الاتصال جمع عشرات الصحافيين الرياضيين ومذيعي البرامج الرياضية، مطلع فبراير الماضي، وأكد لهم أن ما ينشرونه «يثير توترات اجتماعية في الداخل ومشكلات دبلوماسية». وقال لهم إن أعضاء بالبرلمان «شكوه انعدام احترافية الإعلام الرياضي، وتساهلاً في نقل معلومات غير دقيقة، مما أثار سخطاً في بعض المناطق». كما قال إن «قطاعاً من الإعلام الرياضي تسبب في أزمة مع موريتانيا».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
TT

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة، موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسط مطالبات بتحركات عاجلة تهدف إلى إنجاز اتفاق لإنقاذ حياة المحتجزين المتبقّين أحياءً.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن التطورات الجديدة تضع حكومة نتنياهو تحت ضغط كبير، خصوصاً مع تبنّي وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، ونقابات عديدة، للاحتجاجات، والمطالبة بإبرام الصفقة التي يعطّلها رئيس الوزراء لـ«الحفاظ على بقائه السياسي» أطول فترة ممكنة. وأكّدوا أن إدارة الرئيس جو بايدن أمام خيار صعب بعد تأكد مقتل أحد الرهائن الأميركيين، مع قرب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

في حين تباينت آراء الخبراء حول ما إذا كان مقتل الرهائن والانتقاد داخل إسرائيل سيدفعان إلى «تقدّم ملموس في ملف هدنة غزة خلال الفترة المقبلة».

وقال بايدن، الأحد، إنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن، بينهم أميركي، مؤكداً أنه «سيواصل العمل على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن المتبقين»، بعد ساعات قليلة من حديثه أن الاتفاق «وشيك». وأكّد الجيش الإسرائيلي، في إفادة، العثور عليهم في نفق تحت الأرض، متهماً «حماس» بقتلهم.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وعقب الإعلان عن العثور على جثث الأسرى، انضم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إلى المطالبة بإعلان إضراب عام في إسرائيل، واحتجاجات ومطالب بانعقاد جلسة خاصة للكنيست (البرلمان)؛ لمناقشة صفقة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بينما الكنيست لا يزال في فترة راحة، ويتطلّب عقد جلسة عامة عادية دعم 25 نائباً.

وجاء بيان لابيد بعد أن دعا «منتدى عائلات الأسرى والمفقودين»، الأحد، في بيان نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إلى إضراب عام للاحتجاج، الاثنين؛ لعدم التوصل إلى صفقة لتبادل المحتجزين المتبقين في قطاع غزة، والخروج في مظاهرة ضخمة لإغلاق الطرق بشكل كامل.

كما دعا رئيس حزب «معسكر الدولة»، بيني غانتس، الجمهور الإسرائيلي للخروج إلى الشارع؛ للتظاهر ضد حكومة نتنياهو. وأضاف أنه «حان الوقت لاستبدال حكومة الفشل المطلق»، موضحاً أن نتنياهو يتردّد ويخاف، ويلعب على فكرة «كسب الوقت» لصالحه، لاعتبارات سياسية.

ورداً على الاتهامات ضده، قال نتنياهو في بيان إن «الجهود لتحرير المخطوفين متواصلة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و(حماس) ترفض إجراء مفاوضات حقيقية»، مؤكداً أن إسرائيل «لن تهدأ حتى تصل إلى قتلة الرهائن في (حماس)».

في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، عزت الرشق، الأحد: «من يتحمل مسؤولية موت الأسرى هو الاحتلال الذي يُصِرّ على مواصلة حرب الإبادة الجماعية، والتهرب من الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والإدارة الأميركية، بسبب انحيازها ودعمها وشراكتها في هذا العدوان»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

امرأة فلسطينية ترتب الملابس على خط في مخيم بالقرب من مستشفى ناصر بخان يونس (إ.ب.أ)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أنه ليس من مصلحة «حماس» التخلص من الرهائن؛ كونها ورقة رابحة في يدها، لكن الاتهامات الإسرائيلية تأتي في إطار «حرب نفسية، والرد على عدم حسم اتفاق حتى الآن».

ولا يعتقد الحفني أن ضغوط الشارع الإسرائيلي ستسمح بتغيّر موقف نتنياهو، الذي يحتاج إلى ضغوط أكبر من ذلك ليتقبل الذهاب لاتفاق لا يريده؛ حفاظاً على بقائه السياسي، مشيراً إلى أن الأحاديث الأميركية بقرب التوصل لاتفاق «أحاديث استهلاكية انتخابية تُسمع من شهور بلا أثر».

في المقابل، يعتقد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن نتاج مقتل الرهائن، والتصاعد اللافت في الاحتجاجات والانتقاد داخل إسرائيل، سيدفع إلى «تقدّم حاسم وملموس، خصوصاً من واشنطن في ملف الهدنة».

ويرى أن موجة الغضب هذه المرة مختلفة، وتتبنّاها جهات عديدة، بخلاف المعارضة ضد نتنياهو، متوقعاً أن تجبر نتنياهو - لو تواصلت بنفس القوة - للقبول باتفاق، وتغيير مواقفه في العقبات الرئيسية، وأبرزها البقاء في «محور فيلادلفيا».

وليست المعارضة أو عائلات المحتجزين التي تطالب بموقف مغاير من نتنياهو، بل أيضاً يوآف غالانت، الذي دعا، الأحد، عبر تغريدة بمنصة «إكس»، إلى دعوة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) للانعقاد، وإلغاء القرار الذي صدر عنه، الخميس الماضي، بشأن استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا»، للذهاب لاتفاق محتمل حول صفقة تبادل أسرى.

الحفني يرى أن نتنياهو لن يستجيب لغالانت، وسيستمر في مساعي عرقلته أي اتفاق حتى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، على أمل وصول حليفه دونالد ترمب؛ للحصول على دعم أكبر لبقائه السياسي، مؤكداً أن المطلب المصري السعودي حلٌّ آمِن وسريع لإنقاذ المنطقة مما يقودها إليه نتنياهو، ويجب الاستجابة لها في أقرب وقت.

وبحذر يتفاءل فؤاد أنور بإمكانية أن يتراجع نتنياهو تحت الضغوط الداخلية المتصاعدة عن عقبة محور فلادليفيا، مؤكداً أن بايدن بحاجة إلى الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية، ولن ينتظر كثيراً، والفرصة حالياً بعد حادث مقتل الرهائن مهيّأة، مشيراً إلى أهمية الاستجابات للمطالبات العربية بإنجاز اتفاق يُهدّئ التصعيد بالمنطقة.