إبراهيم الحساوي: «خيوط المعازيب» ملحمي... والمنتجون كانوا يرونه «مكلفاً إنتاجياً»

كشف لـ«الشرق الأوسط» عن قصة النص الذي تشكّل قبل 24 عاماً... وساهم 20 شخصاً في تطويره

إبراهيم الحساوي في مشهد له من المسلسل (الشرق الأوسط)
إبراهيم الحساوي في مشهد له من المسلسل (الشرق الأوسط)
TT

إبراهيم الحساوي: «خيوط المعازيب» ملحمي... والمنتجون كانوا يرونه «مكلفاً إنتاجياً»

إبراهيم الحساوي في مشهد له من المسلسل (الشرق الأوسط)
إبراهيم الحساوي في مشهد له من المسلسل (الشرق الأوسط)

يندر أن يبقى نص درامي خليجي حبيساً الأدراج على مدى ربع قرن، بيد أن المسلسل السعودي «خيوط المعازيب» الذي يترقبه الجمهور خلال شهر رمضان على قناة MBC كُتب نصه الأولي قبل 24 عاماً، وكاتبه الأصلي امتهن حياكة البشوت، وهي المهنة الأساسية التي يدور حولها العمل، وكان المنتجون يتخوفون منه كونه مُكلفاً إنتاجياً... هذه الأسرار سردها الفنان إبراهيم الحساوي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بوصفه رئيس مجلس إدارة شركة «نون فن» للإنتاج إلى جانب مشاركته في العمل الذي يتناول قصة الصبي المتمرد (فرحان)، الذي يجد نفسه مرغماً على العمل لحساب الرجل القاسي أبو عيسى، لكنه يصر على الوقوف ضده والدفاع عن نفسه، وذلك في منطقة الأحساء، خلال حقبة الستينات من القرن الماضي.

يقول الحساوي: «(خيوط المعازيب) هو مسلسل ملحمي، منبعه الأول في قصته وأصله تعود إلى رائد من رواد الفن في بلادي وفي مسقط رأسي الأحساء، وهو الفنان القدير الأستاذ حسن بن أحمد العبدي، حيث استلمت النَّص منه عام 2011، وفي هذا العام نفسه تأسست (نون فن)، أي قبل 13 عاماً». وأبان الحساوي أن العبدي انتهى من كتابته في عام 2000، واستلمه مطبوعاً بجهاز الكومبيوتر في بعض حلقاته، وبعض الحلقات الأخرى عبر الآلة الكاتبة، بما مجمله 20 حلقة، ومرفق مع النص تصريح وإجازة وزارة الإعلام آنذاك؛ وذلك ليتم إنتاج وتنفيذ العمل عن طريق شركته، مبيناً أن النص مرّ على بعض المخرجين والمنتجين الذين أشادوا به، لكنهم اتفقوا على أنه مكلف إنتاجياً ويحتاج إلى ميزانية ضخمة.

الحساوي بدور جاسم الحيّاك في مسلسل «خيوط المعازيب» (حساب الفنان في إنستغرام)

قابلية الإنتاج

قرأ الحساوي النّص من الغلاف إلى الغلاف، كما يقول، وأبدى اهتماماً شديداً بالعمل، مضيفاً: «عندها قررت بثقة أن هذا المسلسل قابل للإنتاج، وسيكون من ضمن الأهداف والمشاريع الكبرى لـ(نون فن)، فهو مسلسل سعودي محلي، قريبٌ منا ويشبهنا، ومن هويّتنا وثقافتنا». ويردف: «أزعمُ أنني وقعتُ على سبيكة ذهبية قابلة للسبك والصياغة... وبلغة الحيّاكة والخياطة، فهو خامة أصلية متينة قابلة للحبك، والنَّسجّ، والتطريز، والفخامة».

ويُفصح الحساوي أن النص الذي كُتب قبل 24 عاماً، من قصة وسيناريو وحوار حسن العبدي، كان يتماشى مع أسلوب الكتابة المتبعة في المسلسلات التلفزيونية في ذاك الزمان، وهو ما لا ينسجم مع مستوى الإنتاج وذائقة المشاهد مع النقلة النوعية للإنتاج التلفزيوني في الزمن الحالي، وخرج من ذلك بملاحظات بسيطة في القصة ونقلاتها الزمنية وفي الحبكة وتعميق الشخصيات، وجميعها كانت قابلة للتطوير.

5 ورش كتابية

ومن هنا جاءت فكرة ورشة تطوير نص مسلسل «خيوط المعازيب» والتي بلغت 5 ورش تنوع فيها الكُتاب، عن الورشة الأولى يقول الحساوي: «بدأنا فيها بعدد قليل ثم زاد قليلاً، حيث ضمّت كلاً من: أحمد الشايب، وعلي الدواء، وزينب الشيخ، وأشرف طاهر وإبراهيم الحساوي، وشاركتنا في القراءة والملاحظات كوثر السويكت... جميعنا قرأنا النص ووضعنا ملاحظاتنا ثم بدأنا في العصف الذهني للأفكار والتطوير».

وأثناء ذلك، كان حسن العبدي حاضراً للرجوع إليه ومراجعة تفاصيل العمل، وهنا يقول الحساوي عنه: «هو خير من يتحدث عن تلك الحقبة الزمنية بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة؛ لأنه عاشها وشهد أحداثها وتحولاتها... إضافة إلى أن العبدي كاتب وممثل وفنان رائد من رواد الحركة الفنية في السعودية وعلى وجه الأخص في المنطقة الشرقية، والأحساء تحديداً».

ذكريات حيّة

وكشف الحساوي، عن أن حسن العبدي عمل في مهنة حياكة البشوت في طفولته، وتابع: «أودع حسن العبدي الفنان ذاكرته وطفولته وشيئاً كثيراً من حياته وروحه في قصة مسلسل (خيوط المعازيب)». وعمد فريق الورشة الأولى إلى توزيع الأدوار، حيث بدأوا في البحث عن الكتب والمراجع التاريخية التي أُلفت وكُتبت عن السعودية بشكل عام وعن الأحساء بشكل خاص في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي.

ويضيف: «كان من المهم جداً أن نقف على إيقاع حياة المجتمع في تلك الفترة الزمنية، بعضنا عاشها والبعض منا قرأ أو سمع عنها، لكنه لم يعشها». ويكمل بالقول: «كان من مخرجات الورشة الأولى حلقة تجريبية قابلة للتصوير والتسويق، ثم انضمت إلينا الأستاذة هناء العمير في الورشة الثانية، حيث قرأت الحلقة وأبدت ملاحظتها كمخرجة وكاتبة سيناريو، وتم تطوير الحلقة الأولى وإضافة مشاهد وحذف أخرى، ثم صورنا حلقة البايلوت، وهو ما قام به المخرج المبدع علي السميّن، عام 2018».

هناء العمير وعبد المحسن النمر ومؤلف القصة حسن العبدي وإبراهيم الحساوي وصورة تعود لعام 2018 (الشرق الأوسط)

من 20 إلى 25 حلقة

خلال ذلك، ظهرت الحاجة للبحث عن أسماء جديدة ممن يتمتعون بخبرة كتابة وتجربة فنية، لاستكمال ورش العمل، وتم اختيار الصحافي والقاص جعفر عمران، والدكتور محمد البشير، والروائية بشاير محمد والممثل والكاتب موسى أبو عبد الله، كما شارك المخرج محمد الفرج في البدايات، ثم انضم فيما بعد يونس البطاط والمسرحي عباس الحايك، وتولت هناء العمير الإشراف على جميع الورش.

ومع جائحة كورونا توقفت بعض التجهيزات، إلا أن العمل على ورشة النص بقي مستمراً، وهنا يقول الحساوي: «دخلت أسماء جديدة في الورشة؛ مما كوّن ورشتين رابعة وخامسة نظراً لعدم استمرارية البعض بسبب ظروف خاصة... كما شارك الفنان عبد المحسن النمر، وشارك المخرج عبد العزيز الشلاحي في الورشة». وأفاد بأنه كان من المفترض أن يكون المسلسل مكوناً من 20 حلقة، ثم أصبح 25 حلقة، ودخلت أسماء جديدة في كتابة الحلقات الخمس، منهم المخرج عبد المحسن الضبعان والممثل أسامة القس.

قراءة مع الممثلين والمخرج لوضع الملاحظات والتعديلات على المسلسل (الشرق الأوسط)

20 شخصاً ضمتهم الورش

خمس ورش كتابية تعاقبت على كتابة السيناريو والحوار وإضافة بعض الأفكار التي رفعت من سقف القصة وعمّقتها، كما يفيد الحساوي، مضيفاً: «بلغ عدد الذين شاركوا في ورش النص 20 شخصاً ممن لهم تجارب فنية وكتابية متفاوتة ومنهم من أضاف أفكاره وملاحظاته في قراءات العصف الذهني... ومنهم من استمر ومنهم من حالت ظروفه وعدم تفرغه التام للكتابة عن المشاركة».

ويردف بالقول: «حتى الكُتاب الذين حالت ظروفهم دون استمرارية المشاركة؛ تركوا أثراً جميلاً في صناعة هذا المسلسل الملحمي، ويجب علينا ذكرهم وشكرهم وتقديم الامتنان وهذا أقل ما يمكن أن يقدم لهم». وألمح الحساوي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العمل الذي يتناول تفاصيل مجتمعية غزيرة شهدتها منطقة الأحساء، من المحتمل ألا يكتفي بجزء واحد فقط، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الحكايات التي ستدهش المشاهد.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وأميركا يبحثان التطورات في اليمن

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وأميركا يبحثان التطورات في اليمن

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيريه الأميركي ماركو روبيو، والباكستاني محمد إسحاق دار، الثلاثاء، تطورات الأوضاع في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج علم الإمارات (وام) play-circle

الإمارات تؤكد أهمية أمن واستقرار السعودية

أعلنت الإمارات في بيان لها حرصها على أمن واستقرار السعودية واحتراماً كاملاً لسيادتها وأمنها الوطني، ورفضها القاطع لأي أعمال من شأنها تهديد أمن المملكة.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
يوميات الشرق من حفل افتتاح متنزه «Six Flags» في القدية (إمارة الرياض)

«القدية» تفتتح أولى وجهاتها الترفيهية وتطلق مفهوماً جديداً للترفيه

افتتحت مدينة القدية، أولى وجهاتها الترفيهية الكبرى، منتنزه «Six Flags» رسمياً للجمهور، ليكون الأول عالمياً الذي يحمل تلك العلامة الشهيرة خارج أميركا الشمالية.

عمر البدوي (القدية)
الاقتصاد الاقتصاد السعودي يواصل الأداء القوي مع تسارع النمو مدعوماً بتحسّن نشاط القطاع الخاص غير النفطي وارتفاع مستويات الإنتاج الصناعي (الشرق الأوسط)

مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية: نمو السعودية 4.8 % في الربع الثالث

تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية خلال الربع الثالث من العام الجاري إلى 4.8 في المائة على أساس سنوي، مسجلاً أعلى معدل نمو خلال العام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مزرعة بطاطس تابعة لشركة «لحاء» في حائل (الشرق الأوسط) play-circle 03:54

السعودية تنجح في تحويل تحدّي زراعة «البطاطس» إلى فرصة للتصدير

طوّرت السعودية نموذج ري مبتكراً لمواجهة شح المياه الذي تسبب في منع تصدير البطاطس المزروعة محلياً.

عبير حمدي (حائل)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».