أدى محافظو 6 محافظات فلسطينية اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السبت، فيما جرى اصدار مراسيم تعيين 2 اخرين، في خطوة متأخرة جاءت في سياق اعادة ترتيب وضع السلطة الفلسطينية، ضمن خطة واسعة كانت معدة سلفا، وأجلتها الحرب على قطاع غزة.
وتسلم محافظو جنين، والخليل، ونابلس، وأريحا، وبيت لحم، وطوباس، السبت، مهام منصبهم بعدما أدوا اليمين القانونية أمام عباس، ثم اصدر عباس مرسومين لتعيين محافظ لمحافظة قلقيلية واخر لطولكم.
وجاءت خطوة تعيين المحافظين، ويمثل كل واحد فيهم أعلى سلطة في محافظته بوصفه ممثل الرئيس، بعد أسبوعين من قبول عباس استقالة حكومة محمد أشتية (عضو اللجنة المركزية لحركة فتح).
ويسعى عباس إلى إحداث أوسع تغيير ممكن في السلطة الفلسطينية، استجابة لمطالب دولية بإجراء إصلاحات وتغييرات، تمكّن السلطة من تسلّم قطاع غزة.
والتغيير الحكومي وتعيين محافظين كانا جزءاً من خطة أوسع جمّدتها الحرب، تشمل كذلك تغييرات ومناقلات في قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وإقالات وتعيينات واسعة في السلك الدبلوماسي (السفراء)، واختيار قيادة جديدة لحركة «فتح» عبر عقد المؤتمر الثامن للحركة الذي كان يفترض أن ينتهي باختيار لجنة مركزية جديدة ومجلس ثوري.
وكان سيتم كل ذلك في إطار ترتيبات داخلية تضمن انتقالاً سلساً للسلطة، لكن هجوم 7 أكتوبر الذي نفذته «حماس» وجرّ حرباً طاحنة على قطاع غزة خلط كل الأوراق.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «التغييرات قائمة لكن الأولويات تغيّرت». وأضافت: «التركيز الآن على صد المؤامرة على القضية الفلسطينية والسلطة. يجري العمل على تقوية وتثبيت السلطة وتمكينها من أجل حكم الضفة وقطاع غزة».
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي (مسيّر أعمال)، محمد أشتية، قد قدّم استقالته الخطية للرئيس عباس قبل نحو أسبوعين. وأصدر عباس مرسوماً بقبول الاستقالة وتكليف أشتية ووزرائه المستقيلين بتسيير أعمال الحكومة مؤقتاً، إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وبانتظار تفاهمات كاملة مع الأميركيين ومع «حماس»، يشترط عباس أن تشمل ضمانات متعلقة بالسيطرة والتمكين وفرض الأمن، وإعادة الإعمار، يستعد رئيس وزراء جديد لتسلم كتاب تكليفه.
لكن على الرغم من كل الترتيبات التي أخذها عباس، وتمهد لضخ دماء جديدة تساعد في تغيير الأداء العام واستعادة السلطة حضورها وهيبتها، في الداخل والخارج، تظهر السلطة ضعيفة في الضفة الغربية، تعاني من مشكلات أمنية واقتصادية على حد سواء، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرتها فعلاً على حكم غزة.
ودفعت السلطة قبل شهر رمضان 65 في المائة من رواتب موظفيها فقط، ما خلق استياء وغضباً كبيرين، في وقت يمتنع فيه المعلّمون عن الالتحاق بمدارسهم نحو 4 أيام في الأسبوع، وتهدد فيه نقابات أخرى بالتصعيد.
واضطرت السلطة قبل شهرين لأخذ قرض كبير من البنوك لكنها لم تستطع دفع رواتب موظفيها بانتظام، وهي مديونة للموظفين والبنوك ومؤسسات محلية وشركات إسرائيلية.
وإضافة إلى ذلك، تعاني السلطة منذ أعوام عدة من اتساع قوة العشائر والعائلات، واتساع سيطرة مسلحين في الفصائل ومسلحين في العائلات، ما أضعفها إلى حد كبير بدت معه في بعض المناطق شبه غائبة.
وتتهم إسرائيل السلطة الفلسطينية بالضعف، وتقول إنها فاقدة للسيطرة في شمال الضفة الغربية، وتركت الساحة هناك لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
كما تواجه السلطة انتقادات داخلية واسعة متعلقة بأداء غالبية المؤسسات، وعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، واتخاذ إجراءات لتمكينهم وحمايتهم، أو فرض رقابة على الأسعار في السوق المحلية التي تشهد ارتفاعاً كبيراً، وإيجاد حلول لمشاكل البطالة التي ارتفعت نتيجة الحرب.
وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل هي التي تحارب السلطة، سياسياً وأمنياً ومالياً، وتهدف إلى إظهارها ضعيفة وهشة أمام شعبها.
وأضاف: «إنهم لا يريدون سلطة فلسطينية. يريدون إدارة في الضفة على غرار الإدارة التي يحاولون فرضها في غزة».
وتابع المصدر أن السلطة ستعمل على إجراء كل التغييرات اللازمة وإن كانت بطيئة، وستستعيد زمام المبادرة ولن تسمح لإسرائيل بنشر الفوضى، مؤكداً أنه «الاختبار الأصعب في الضفة وغزة».
وترفض إسرائيل تقوية السلطة في الضفة، وتقول إنه لا مكان لها في غزة في اليوم التالي للحرب.