كارثة «روبيمار» تهدد سبل العيش والتنوع الحيوي في البحر الأحمر

مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: نشدد على الإسراع بانتشال السفينة

صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية للسفينة البريطانية المقصوفة من قبل الحوثيين (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية للسفينة البريطانية المقصوفة من قبل الحوثيين (أ.ف.ب)
TT

كارثة «روبيمار» تهدد سبل العيش والتنوع الحيوي في البحر الأحمر

صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية للسفينة البريطانية المقصوفة من قبل الحوثيين (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية للسفينة البريطانية المقصوفة من قبل الحوثيين (أ.ف.ب)

بإمكانات محدودة لمواجهة كارثة بيئية ناتجة عن غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر؛ دخلت الحكومة اليمنية في سباق مع الزمن، أملاً في انتشالها والحد من الآثار التي ستخلفها حمولتها على البيئة البحرية في البلاد ومحيطها.

وإذ أكد الجيش الأميركي، غرق السفينة، حملت لندن الحوثيين المسؤولية ودعتهم لتقديم المصالح اليمنية أولا ووقف الهجمات، في الوقت الذي حذر مسؤول يمني تحدث لـ«الشرق الأوسط» من المخاطر الكارثية على البيئة البحرية بسبب حمولة السفينة من الأسمدة والزيوت، داعياً إلى الإسراع بعملية انتشالها.

وأوضح رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن فيصل الثعلبي أن السفينة الغارقة تحتوي على مشتقات نفطية مكونة من المازوت بنحو 200 طن والديزل بنحو 80 طناً، ويقول إن هذه من المواد الخطرة جداً، ولها آثار سيئة طويلة جداً على التنوع البيولوجي المميز للبحر الأحمر، وأيضاً تلويث الشواطئ والجزر المتاخمة، إضافة إلى تأثيرها أيضاً على المجتمع المحلي الذي يعتمد على الصيد بوصفه مصدراً أساسياً للعيش.

وكان الحوثيون المدعومون من إيران قد استهدفوا السفينة بالصواريخ في 18 فبراير (شباط) في سياق هجماتهم المتصاعدة في البحر الأحمر وخليج عدن ضد سفن الشحن، ما أدى إلى إصابتها وغرقها تدريجياً، مع تعذر عمليات الإنقاذ.

تلوث واسع محتمل

يبيّن المسؤول اليمني أن أثر التلوث البيئي جراء غرق السفينة سيمتد أيضاً إلى آبار المياه سواء السطحية أو القريبة جداً من مواقع التلوث، وكذلك تلوث محطات التحلية التي تعتمد على مياه البحار سواء في الجزر أو المناطق المتاخمة التي تعتمد على مياه البحر في التحلية واستخدامها مصدراً أساسياً للحصول على مياه الشرب.

ولن يقتصر التأثير البيئي بسبب الحمولة من الوقود، وفق الثعلبي، بل إن البيئة البحرية ستلوث أيضاً بسماد فوسفات الكبريت من خلال تفاعل هذه المواد مع مياه البحر، حيث سينتج عنها تحرير بعض الأيونات مثل أيون الكبريت وأيون الفسفور الذي يكون بنسب كبيرة، وهذه الزيادة لها تأثير - وفق المسؤول اليمني - على انخفاض في مستويات الأكسجين، وذلك سيؤدي إلى خلل بيئي في مياه البحر، وسيؤثر سلباً في صحة التنوع البيولوجي الذي تتميز به البحار.

رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن فيصل الثعلبي (الشرق الأوسط)

ويوضح الثعلبي أن تلوث البحر سيساعد على نمو الطحالب التي ستستهلك الأكسجين، وستحجب ضوء الشمس عن الأحياء الموجودة في البحر، ويؤكد أن هذه المواد وتسريبها إلى البحار أو إلى شبكات الصرف الصحي لها آثار سيئة على البيئة وعلى صحة الإنسان على حد سواء.

إجراءات حكومية

عن الإجراءات التي يمكن للجانب الحكومي القيام بها في ظل إمكانات محدودة، يذكر رئيس الهيئة العامة للبيئة في اليمن، أنهم تلقوا خبر غرق السفينة، وأن خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة خلال الأيام الماضية عملت على اتخاذ مجموعة من الإجراءات، ومتابعة مالك السفينة ودولة العلم الذي تحمله، وطالب بضرورة العمل على سحب السفينة، ولكنه يقول بأسف: «إن هذه الدعوات لم تلق استجابة من الجانبين».

ويضيف الثعلبي: «في الوقت نفسه، اتخذت الدولة إجراءات عاجلة، وأرسلت فريقاً لمعاينة السفينة، والتعاقد مع شركة متخصصة بحيث تعمل على إنقاذ السفينة، والتقت مع مختلف المنظمات الإغاثية والأمم المتحدة والمنظمة الدولية للبحار... وغيرها من المنظمات، وجرى إطلاق استغاثة، وأبلغوا أن الوضع صعب وبحاجة إلى مساعدة في وضع حلول عاجلة».

صورة للسفينة «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر نشرها الجيش الأميركي (أ.ب)

وأكد المسؤول اليمني أن خلية الأزمة الحكومية في حالة انعقاد دائم، لكن جاء غرق السفينة ليزيد من أهمية وضع حلول عاجلة.

وبخصوص الإجراءات الفورية التي اتخذت بعد غرق السفينة يبين المسؤول الأول عن قضايا البيئة في اليمن أنهم اعتمدوا خطة تتضمن السيناريوهات المتوقعة من بينها السيناريو الأسوأ من خلال مراقبة الشواطئ حيث تعمل هيئة الشئون البحرية في المناطق المتضررة بالتعاون مع الجهات المختلفة، كما تواصل خلية الأزمة مناقشة الإجراءات المتبعة، وأكد أن هناك جهوداً تُبذل من الحكومة من أجل إنقاذ السفينة وإخراجها.

وبالنسبة لفرضية انكسار جسم السفينة وسبب غرقها يقول الثعلبي إن هذا الاحتمال قد يكون سبب غرقها لأن «العنبر رقم واحد والعنبر خمسة» قد تضررا بالضربة الصاروخية، وتدفقت المياه إلى مؤخرة السفينة بشكل غير عادي، وقد تسبب بزيادة الثقل في الجهة الخلفية، وقد يكون هذا الاحتمال.

وأوضح الثعلبي أن الجزم بهذه المسألة يتطلب نزول الجهات المختصة إلى قاع البحر، وهو الأمر الذي لم يحدث في اليوم التالي للغرق بسبب الأجواء في المنطقة من جهة سرعة الرياح ودرجة الحرارة.

وقال إن فريقاً من الهيئة العامة للشئون البحرية وهي جهة الاختصاص في مكافحة التلوث البحري توجهت إلى ميناء المخا، وعند استكمال مهمتها سيكون بحوزة خلية الأزمة المعلومات الكاملة خلال اليومين المقبلين.

دعوة للتحرك العاجل

مع تعاظم المخاوف من الأثر البيئي الكارثي جراء غرق السفينة، كان رئيس الحكومة اليمنية قد شدد على التحرك العاجل من قبل الجهات المعنية الدولية لتلافي آثار الكارثة.

وحذر رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، في تصريحات خلال لقائه في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن من كارثة بيئية كبرى مع إعلان خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة عن غرق السفينة، بسبب إصرار الميليشيات الحوثية على إغراقها، وتقاعس ملاك السفينة عن التعاون مع الحكومة اليمنية.

وناشد بن مبارك المجتمع الدولي إلى التحرك العملي والعاجل وتشكيل خلية طوارئ دولية لإنقاذ البحر الأحمر ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق السفينة.

رئيس الحكومة اليمنية مجتمعاً مع السفير الأميركي (سبأ)

من جهته، قال وزير النقل في الحكومة اليمنية عبد السلام حُميد: «إن الوزارة ممثلة بالهيئة العامة للشؤون البحرية على تواصل مستمر مع الجهات المختصة الإقليمية والدولية للتعاطي مع الآثار البيئية التي سيخلفها غرق السفينة (روبيمار)، المحملة بالمواد الكيميائية الخطيرة، والتي استهدفتها ميليشيات الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر قبل أسبوعين».

وأوضح الوزير اليمني في تصريحات رسمية أن الهيئة البحرية وجهت رسالة عاجلة لرئيس المنظمة البحرية الدولية والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، ومقرها في جدة، وجرى إبلاغهم بغرق السفينة، وطلب المساعدة لتلافي الآثار البيئية التي ستخلفها تلك المواد الخطيرة التي كانت على متن السفينة، وعلى أمل أن يحدث التجاوب في أسرع وقت ممكن».

وأكد حميد أن هناك إجراءات قانونية ستقوم بها وزارته عبر الهيئة العامة للشؤون البحرية لتفويض محامٍ دولي للضغط على ملاك السفينة للمساعدة للتخلص من الكارثة البحرية المترتبة على غرق السفينة وحمولتها التي ستؤثر في الثروة السمكية.


مقالات ذات صلة

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

العالم العربي منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع في اليمن سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

يأمل اليمنيون أن تفضي المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين إلى إنهاء الانقسام المصرفي ودفع الرواتب واستئناف تصدير النفط، وسط مخاوف من تعنت الجماعة الانقلابية

محمد ناصر (تعز) علي ربيع (عدن)
العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.