الأحزاب العراقية «مجبرة» على مرشح تسوية لرئاسة البرلمان

المحكمة الاتحادية أجلت بتّ دعوى لإلغاء جلسة انتخاب بديل الحلبوسي إلى أبريل المقبل

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (أرشيفية - وكالة الأنباء الرسمية)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (أرشيفية - وكالة الأنباء الرسمية)
TT

الأحزاب العراقية «مجبرة» على مرشح تسوية لرئاسة البرلمان

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (أرشيفية - وكالة الأنباء الرسمية)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (أرشيفية - وكالة الأنباء الرسمية)

للمرة الثانية، أجلت المحكمة الاتحادية بالعراق البت في دعوى لإلغاء جلسة انتخاب رئيس جديد للبرلمان، فيما يرى سياسيون أن القرار سيجبر القوى السياسية على مرشح تسوية لإنهاء أزمة قانونية وحزبية مستمرة منذ إقالة الرئيس السابق للبرلمان محمد الحلبوسي.

وأصدرت المحكمة، الثلاثاء، بياناً مقتضباً بتأجيل الجلسة إلى مطلع أبريل (نيسان) المقبل، دون توضيح الأسباب، ويعتقد مراقبون أن القرار قد يفتح الباب إلى فتح باب الترشيح من جديد.

وعقد البرلمان، منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، جلسة استثنائية لاختيار رئيس بديل للحلبوسي، وانتهت بفوز مرشح حزب «تقدم» شعلان الكريم بـ152 صوتاً من أصل 314 صوتاً، فيما حل النائب سالم العيساوي ثانياً بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد.

الأحزاب العراقية فشلت مرات عدة في اختيار بديل للرئيس المُقال محمد الحلبوسي (رويترز)

على أثر هذه النتيجة غير المتوقعة من وجهة نظر قوى سياسية، لا سيما تلك التي لا تؤيد فوز مرشح من حزب «تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي، حصلت مشادات كلامية داخل قاعة المجلس، ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة حتى إشعار آخر.

ويتولى النائب الأول لرئاسة البرلمان محسن المندلاوي رئاسة البرلمان بالإنابة، وسط استمرار الخلافات السياسية نتيجة تدخل قوى الإطار التنسيقي في ملف «سياسي سني»؛ كما يقول سياسيون تحدثوا عن عرف المحاصصة في توزيع المناصب في الدولة العراقية.

حقائق

تسلسل زمني لأزمة البرلمان

  • 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023: المحكمة الاتحادية تنهي عضوية محمد الحلبوسي بوصفه نائباً ورئيساً للبرلمان.
  • 14 يناير (كانون الثاني) 2024: البرلمان يفشل في عقد جولة ثانية لانتخاب رئيس جديد.
  • 14 يناير 2024: نائبان يرفعان دعوى إلى المحكمة لإيقاف جلسة الانتخاب لحين التحقق من شبهات رشى.
  • 17 يناير 2024: النزاهة تتحرى عن رشى قدمت لنواب للتصويت لمرشح رئاسة البرلمان.
  • 27 يناير 2024: البرلمان يؤجل انتخاب رئيسه إلى حين حسم الدعوى ضد مرشح بتهمة «تمجيد» حزب «البعث».

مرشح تسوية

اشترط الإطار التنسيقي موافقة قادته على المرشح الذي يتوافق عليه السنة، لكن القوى السنية تتوزع بين تيارين متنافسين، أحدهما لديه مصالح مع القوى الشيعية.

في السياق، قال أنور العلواني، وهو قيادي في حزب «تقدم» لـ«الشرق الأوسط» إن «أسباب التأجيل مثلما هو معلن من قبل المحكمة الاتحادية هو لغرض جلب الأوليات من الأمانة العامة لمجلس النواب بخصوص الجلسة، بينما كان بإمكانها طلب تلك الأوليات في أول جلسة بدل كل هذا التأخير».

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان السبب هو عدم وجود توافق من قبل القوى السنية حول مرشح تسوية يحسم الأمر، ويغلق باب التدخلات، أوضح العلواني أن «مرشح التسوية سيكون بعد قرار المحكمة الاتحادية، لأن بطلان الجلسة سوف يساهم في إنهاء الأزمة، واختيار بديل للنائب شعلان الكريم، ويكون من حزب (تقدم)؛ كونه استحقاقاً لـ(تقدم)؛ لأنه الكتلة السنية الأكبر».

جانب من إحدى جلسات المحكمة الاتحادية العراقية (أرشيفية - موقع القضاء)

 من جهته، تحدّث الخبير القانوني علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن «سياقات دستورية تحكم انتخاب رئيس البرلمان؛ طبقاً للمادة 55 من الدستور التي ألزمت انتخاب الرئيس في الجلسة الأولى، لكن هذا لم يحصل في كل الدورات بسبب عدم حصول توافق».

وأوضح التميمي، أن «السبب في تأجيل البت في الجلسة إلى شهر أبريل المقبل يعود إلى وجود دعوى قضائية بالطعن في قانونية أو دستورية جلسة الانتخاب، ولذلك فإن المحكمة تؤجل البت بشأن ما إذا كانت الجلسة دستورية أم لا، وبالتالي فإنه إذا حكمت بدستورية الجلسة فإن الأمور سوف تمضي، ونكون أمام جلسة جديدة لاختيار رئيس البرلمان من بين المرشحين أنفسهم، لكن في حال قبلت الدعوى، فهذا سيؤدي إلى نسف الجلسة الأولى، وهو ما يعني فتح باب الترشيح من جديد».

مشهد معقد

قال الباحث في الشأن السياسي سيف السعدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشهد اختيار رئيس البرلمان يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد الأحداث التي رافقت الجلسة الأولى، والجدل الذي حصل بسبب ترشيح شعلان الكريم، وحصوله على 152 صوتاً».

وأوضح السعدي، أن «عدم حسم اختيار رئيس مجلس نواب الذي يمثل حصة المكون السني سيفتح الباب للحديث عن تفرد المنتظم السياسي الشيعي بالسلطة، وهذا له تداعيات خارجية؛ لأن النظام السياسي العراقي مبني على أساس الديمقراطية التوافقية المكوناتية، لا سيما مع الضغط الإقليمي لحسم اختيار رئيس البرلمان».

لكن باسل حسين، وهو رئيس مركز «كلواذا»، أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار التأجيل سيعطل الحوارات الجدية المتعلقة باختيار الرئيس، ولن يساهم في أي خطوة نحو الوصول إلى تفاهمات سنية سنية أو شيعية شيعية، وسيبقى الأمر في حالة جمود، لا سيما أن الجميع شاخص أبصاره باتجاه قرار المحكمة الاتحادية، والذي في ضوئه ستُحدد الخيارات لهذه الأطراف».

وأضاف حسين «رغم عدم وجود مانع دستوري أو قانوني من المضي بإجراءات انتخابات رئيس جديد لمجلس النواب، فإن قوى شيعية لا ترغب في ذلك، وتفضل انتظار قرار المحكمة الاتحادية، ولكل طرف من هذه الأطراف أسباب وأسباب».

 


مقالات ذات صلة

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

خاص من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

حمزة مصطفى (بغداد)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)
TT

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة، وسط بيروت فجر الجمعة، ذات طابع عسكري فقط، بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثّل في ضرب منطقة أضحت من البيئات الشعبية المؤيدة لـ«حزب الله»، وتماهت معه منذ تأسيسه في عام 1982 يوم انشق عن حركة «أمل» بصفته تنظيماً مسلّحاً حمل اسم «حركة أمل الإسلامية».

يكفي الحديث عن تاريخ هذه المنطقة لإدراك أن استهدافها وتدميرها لا يقفان عند حدود تعقّب قيادات «الحزب» واغتيالهم وترويع بيئته في قلب العاصمة بيروت فقط، بل الأمر يتعدى ذلك إلى تدمير أحياء ومبانٍ ما زالت تحفظ على جدرانها وفي ذاكرتها كثيراً من تاريخ بيروت الجميل، رغم تغيّر هويتها، لا سيما شارع المأمون الذي تحمل عقاراته ومبانيه أسماء عائلات بيروتية سنيّة ومسيحية رغم انتقال ملكيتها في السنوات الماضية إلى أسماء أشخاص من الطائفية الشيعية الذين يدورون في فلك «حزب الله»، بعد أن عزز الأخير وجوده ونفوذه في البسطة وامتداداً منها إلى مناطق أخرى، سواء بفعل استملاك العقارات، أو بنقل سجلات قيد عائلات من الجنوب إلى بيروت لغايات سياسية انتخابية وأحياناً أمنية.

لا يختلف اثنان من أبناء بيروت على أن الهوية الطائفية والسياسية لمنطقة البسطة تغيّرت كثيراً، ويشير مختار المصيطبة، صائب كلش، إلى أن «المنطقة التي استهدفتها الغارة الإسرائيلية، وتحديداً شارع المأمون، ذات غالبية سنيّة بامتياز، وأغلب سكانها من عائلات: عيتاني، وشاتيلا، والنويري، وعيدو، والتنير، ومنيمنة، ومغربل، وسوبرة، وكان فيها عدد لا بأس به من العائلات المسيحية مثل: مجدلاني، وجنحو، ومنيّر، والمطران، وعودة... وغيرها».

وأوضح كلش لـ«الشرق الأوسط» أنه «على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، والتهجير من الجنوب إلى بيروت، استوطنت عائلات شيعية في هذه المنطقة، وآثرت البقاء فيها، واستملكت عقارات وشققاً سكنية، ورفضت مغادرتها حتى بعد انسحاب إسرائيل إلى خلف ما كان يعرف بالشريط العازل في الجنوب».

مجزرة «فتح الله»

اللافت أن دور «حزب الله» ووجوده بدأ يتعزز مع اكتشاف ارتباطه بإيران، واتخذ في بداياته من منطقة البسطة مكاناً لقياداته وتقوية نفوذه، وحوّل ثكنة «فتح الله» الواقعة في شارع المأمون مقراً لقيادته. لكن بعد أشهر قليلة من عام 1987، وفي ظلّ تمدده عسكرياً بالمنطقة، اصطدم مع القوات السورية إثر دخول الأخيرة إلى «بيروت الغربية» على أثر إقدام «الحزب» على قتل جندي سوري، عندها عمد الجيش السوري إلى تصفية 27 عنصراً من مقاتلي «الحزب» داخل هذه الثكنة وسيطر عليها، وعرفت العملية يومها بـ«مجزرة فتح الله»، لينقل على أثرها «الحزب» مركز قيادته إلى الضاحية الجنوبية.

اتخذ «حزب الله» من تلك المجزرة عبرة لإعادة صوغ علاقته بالجيش السوري، خصوصاً في ظلّ العلاقات المتنامية بين إيران وسوريا. وأكد المختار كلش أنه «بعد سيطرته عسكرياً على بيروت، سمح الجيش السوري لـ(الحزب) بأن يتمدد في منطقة البسطة شعبياً، وهذا سهّل عليه وعلى مؤيديه استملاك الشقق والمنازل، خصوصاً بين عامي 1988 و1990عندما أطلق العماد ميشال عون ما سماها (حرب التحرير) ضدّ الجيش السوري، وتسبب ذلك في هجرة المئات من أبناء العائلات البيروتية السنيّة والمسيحية من المنطقة، والخشية من استهداف منطقتهم من الجيش اللبناني الذي كان تحت إمرة ميشال عون، كما شمل التهجير النهائي غالبية المسيحيين، وبقي وجود بعضهم رمزياً».

رجال أمن لبنانيون في وسط بيروت... وتبدو خلفهم صورة الأمين العام الراحل لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ب)

صحيح أن شوارع وأحياء المصيطبة، القريبة من البسطة، لا تزال تحمل أسماء شخصيات بيروتية سنيّة، إلّا إن وجهها تبدّل أيضاً، وهذا تظهّر بشكل كبير بعد انخراط «حزب الله» في العمل السياسي؛ بدءاً من الانتخابات النيابية في عام 1992 وحصوله على كتلة وازنة، كما تعزز أكثر بعد تحرير الجنوب في عام 2000، لكنّ التحوّل الأكبر انطلق في عام 2005 على أثر خروج الجيش السوري من لبنان على خلفية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وتصدّر «الحزب» المشهد السياسي ليأخذ الدور الذي كان يمارسه السوريون في لبنان.

نقل نفوس

ويلفت كلش إلى أن «عدد الشيعة المسجلين في دوائر النفوس ببيروت كان ضئيلاً جداً، لكن بعد عام 2005 نُقلت نفوس آلاف العائلات من الجنوب إلى بيروت، وسُجلوا في مناطق مثل المصيطبة، والباشورة، والمرفأ، امتداداً إلى ميناء الحصن وعين المريسة، والسبب في ذلك تعزيز حضور (الحزب) في الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية، بدليل أن نائب (الحزب) عن بيروت، أمين شرّي، حصد 33 ألف صوت في الانتخابات الأخيرة، بينها 28 ألف صوت شيعي، مقابل 6 آلاف صوت فقط لنائب حركة (أمل) محمد خواجة».

ذاكرة المصيطبة

لم يُكتب الكثير عن منطقة المصيطبة، إلّا إن أبناءها المتجذرين فيها يحملون في ذاكرتهم ووجدانهم تاريخ منطقتهم، ويشير المحامي مروان سلام، رئيس جمعية «بيروت منارتي»، إلى أن البسطة «مصنّفة ضمن قائمة أشهر المناطق التراثية، لكن العوامل التي دخلت عليها غيّرت كثيراً من مزاياها». ويؤكد سلام لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة «تميزت بما تحتوي من مراكز إدارية وتعليمية وطبية، بالإضافة إلى عدد من الحدائق والمتنزهات التي جرى تشويه وجهها؛ إما عمداً، وإما تقصيراً»، لافتاً إلى أنها «غنيّة بالمطاعم والمقاهي الواقعة في مبانٍ تراثية قديمة». ويردّ سلام تسمية المنطقة «البسطة» إلى أنها «اعتُمدت مقراً لسلطة المماليك، وحملت هذا الاسم نسبة إلى الكرسي الخشبي التي كان يجلس عليه السلطان».

أكثر من ذلك، حملت المنطقة اسم «البسطة الشريفة»، كما يقول المحامي مروان سلام؛ «ففيها كانت تقام حلقات تلاوة القرآن الكريم ورواية الأحاديث النبوية الشريفة، وكان لأهل بيروت في ذلك الحين مكانان يتحلقون فيهما للغرض المذكور؛ هما (البسطة الفوقا) و(البسطة التحتا)، ويعنون بهما الحلقات الدينية».

محطة القبضايات

ويتحدث عن مزايا أبناء المنطقة؛ «إذ كانت محطة دائمة للقبضايات الذين يرتادون مقاهيها، وكانت معبراً لـ(ترامواي بيروت) الذي ينطلق من البربير إلى النويري ثم البسطتين الفوقا والتحتا، والباشورة، وصولاً إلى محطته في (ساحة رياض الصلح)». ويضيف سلام أن البسطة «رغم صغر مساحتها، فإنها كات تحوي عدداً من المستشفيات منها: (البربير)، و(الإسلامي)، و(مليح سنو) و(مستشفى الدكتور محمد خالد)، إضافة إلى مدارس: (الشيخ نور)، و(عزيز مومنة)، و(شريف خطاب)، و(العلماوي) و(مكارم الأخلاق). كما خرّجت عدداً كبيراً من الفنانين، منهم: نجاح سلام، ومحمد سلمان، وأنطوان كرباج، وشوشو، ومحمد شامل، ومحيي الدين سلام، والرسام مصطفى فروخ... وغيرهم. وهؤلاء جميعاً من أبنائها وكانت تفخر بهم ويفخرون بها وبتاريخها».