تباين مواقف الجزائريين بعد سجن إمام بتهمة «إهانة» مسؤول حكومي

بين رافض لحرمانه من حريته ومنتقد له لأنه «استغل منبراً دينياً للتهجم»

الإمام محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
الإمام محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
TT

تباين مواقف الجزائريين بعد سجن إمام بتهمة «إهانة» مسؤول حكومي

الإمام محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
الإمام محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

يثير سجن إمام مسجد بغرب الجزائر مواقف متباينة بين رافض لحرمانه من حريته بذريعة «حرية الرأي وقول الحقيقة»، ومنتقد له على أساس أنه «استغل منبراً دينياً للتهجم على مسؤول حكومي بشكل شخصي».

ويوجد الشيخ محمد غوثي، إمام «مسجد علي بن أبي طالب» بولاية وهران، كبرى مدن غرب البلاد، في الحبس الاحتياطي منذ الاثنين الماضي، إثر شكوى رفعها الوالي المحلي، سعيد سعيود، إلى النيابة، تتضمن استنكاراً لموقف الإمام منه في درس قدمه يوم الجمعة الماضي، قبيل أن يصعد إلى المنبر لإلقاء الخطبة الأسبوعية.

والي وهران سعيد سعيود (الولاية)

وتداول ناشطون بوسائط الإعلام الاجتماعي، اليوم الأربعاء، بشكل واسع فيديو للإمام وهو يهاجم المسؤولين المحليين، وخصوصاً والي وهران الذي يعد ممثل الحكومة بالمنطقة، حيث انتقده بحدة «بسبب خروجه مرفوقاً بعشر سيارات»، وقال مخاطباً المسؤول الحكومي: «من تكون أنت حتى تخرج بعشر سيارات؟ ولماذا لا تمشي على رجليك؟ ولماذا عندما تخرج تأخذ معك كل مسؤولي هيئتك التنفيذية؟». مبدياً تذمراً من إحاطة الوالي نفسه بهالة كبيرة، وهو يمارس مهامه في تدبير الشأن المحلي.

واستمر الشيخ محمد غوثي في هجومه على الوالي، قائلاً: «أنت لا تساوي شيئاً»!. وأضاف مقللاً من شأنه بطريقة حادة جداً: «هل يعود لك الفضل في حصول الجزائر على استقلالها؟»، داعياً إلى «استقدام أشخاص طيبين إلى هذه المناصب كي يحافظوا على المال». كما اتهم الشيخ المسؤولين بوهران بـ«الفساد»، مبرزاً أنهم «أنفقوا 500 مليار في ظرف أربعة أشهر... لقد اختلسوا هذا المبلغ، ثم يطلون علينا في الخامس من يوليو (تموز) وأول نوفمبر (تشرين الثاني) ليكثروا علينا من خطبهم... نحن لا نريد خطباً. نريد أشخاصاً يخدمون البلد ويخافون الله»؛ في إشارة إلى الاحتفالات الرسمية التي تنظم في ذكرى الاستقلال واندلاع ثورة التحرير.

والي وهران مع رياضيين في الملعب المحلي (نادي مولودية وهران لكرة القدم)

ولم يوضح الإمام ما يقصد بـ«قضية اختلاس 500 مليار»، لكن على الأرجح كان يشير إلى مشروعات أنفقت عليها ولاية وهران مالاً كبيراً في وقت قصير، وأنه تم توظيف هذه الأموال في غير أهدافها. بينما أكد ناشطون سياسيون في وهران أنه كان يلمح إلى حفلات نظمتها الولاية، صرفت عليها مبالغ طائلة. والمعروف عن الوالي سعيود أنه حاد الطباع، ولا يتردد في إبداء ذلك عندما يحتك بالمواطنين في الميدان.

وتقول مصادر مهتمة بـ«قضية الشيخ غوثي» إن الوالي بلغه في اليوم نفسه ما صدر عن رجل الدين، فطلب صوراً من الكاميرات المثبتة بقاعة الصلاة للتأكد من تصريحاته، ولما شاهدها قدم شكوى إلى النيابة في اليوم ذاته. وبعد انقضاء عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت)، اعتقلت الشرطة القضائية الإمام يوم الأحد، وفي اليوم الموالي اقتادته إلى وكيل الجمهورية بـ«محكمة العثمانية»، الذي وجه لهم عدة تهم، قبل أن يحيله على قاضي التحقيق الذي ثبت بحقه التهم ذاتها، وأمر بوضعه تحت إجراءات الحبس الاحتياطي، في انتظار تحديد تاريخ لمحاكمته بعد استكمال التحقيق.

وزير الشؤون الدينية والأوقاف (الوزارة)

ووفق المصادر نفسها، فإن لائحة الاتهام تشمل «إهانة موظفين عموميين أثناء أداء مهامهم»، و«ترويج أخبار كاذبة ومغرضة بين الجمهور، بأي وسيلة كانت، من شأنها المس بالأمن والنظام العام». كما تم اتهامه بـ«ممارسة وظيفة عامة بغير صفة»، تعود إلى كونه إماماً غير معتمد من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.

وفي العادة يتقيد أئمة المساجد في كامل محافظات البلاد بخطب دينية «معتدلة»، تتضمن «الوعظ والإرشاد». وتصلهم توجيهات بالابتعاد عن السياسة قدر الإمكان. وفي مرات عدة، تم عزل أئمة عن الوظيفة بسبب خروجهم عن «الإطار العام المحدد».


مقالات ذات صلة

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشخاص اعتقلهم الجيش بشبهة التهريب (وزارة الدفاع الجزائرية)

اعتقال 5 جزائريين بشبهة «دعم الإرهاب»

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، عن اعتقال خمسة أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية»، وذلك خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني نفذتها قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.