بحيرة في كندا تعطي إشارة لكيفية نشأة الحياة على سطح الأرض

بحيرة «الفرصة الأخيرة» (سي إن إن)
بحيرة «الفرصة الأخيرة» (سي إن إن)
TT

بحيرة في كندا تعطي إشارة لكيفية نشأة الحياة على سطح الأرض

بحيرة «الفرصة الأخيرة» (سي إن إن)
بحيرة «الفرصة الأخيرة» (سي إن إن)

إذا نظرت حول بحيرة توجد في مقاطعة كولومبيا البريطانية في غرب كندا، فسوف ترى منظراً بركانياً خالياً من النباتات والحيوانات، وتنتشر في جميع أنحائه مسطحات مائية ضحلة، وفي كل من هذه البرك الطبيعية يتم تشكيل مزيج دقيق من المواد الكيميائية والظروف الفيزيائية التي يمكن أن تكون مصدر الحياة على كوكبنا.

ويفترض العلماء أن المشهد «ربما بدا هكذا إلى حد كبير» عندما ظهرت الحياة لأول مرة على الأرض البدائية قبل نحو 4 مليارات سنة، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية، نقلاً عن دراسة جديدة.

ويحمل «المسطح المائي الضحل والمالح الواقع على الصخور البركانية، والمعروف باسم (بحيرة الفرصة الأخيرة)» أدلة على أن البحيرات الغنية بالكربونات في «الأرض القديمة» قد تكون هي «مهد الحياة»، وفقاً لما ذكره ديفيد كاتلينغ، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ علوم الأرض بجامعة واشنطن. ويمكن لهذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة «Nature» أن يعزز الفهم العلمي لكيفية بدء الحياة.

وقال كاتلينغ: «لقد بحثنا عن الظروف المناسبة لتجميع اللبنات الأساسية للحياة في الطبيعة» و«نعتقد أن لدينا مكاناً واعداً جداً لأصل الحياة». وتسجل البحيرة «مستويات عالية بشكل غير عادي من الفوسفات».

ويعد الفوسفات أحد المكونات المهمة للجزيئات البيولوجية، وهو مركب كيميائي يحتوي على عنصر الفسفور الذي يحافظ على الحياة. ويحتاج الحمض النووي الريبي (RNA) والحمض النووي (DNA)، وهما الجزيئات الأساسية للحياة، وكذلك أغشية الخلايا الحية، إلى أساس من الجزيئات الموجودة بشكل طبيعي في الفوسفات.

ولا يزيد عمق بحيرة «الفرصة الأخيرة» على قدم واحدة، وتقع على هضبة بركانية في كولومبيا على ارتفاع أكثر من 3280 قدماً فوق مستوى سطح البحر، وتحتوي على أعلى مستويات للفوسفات المركز التي تم تسجيلها على الإطلاق في أي مسطح مائي طبيعي على الأرض.

ويوجد الفوسفات في بحيرة «الفرصة الأخيرة» بوفرة تزيد بأكثر من 1000 مرة عما هو معتاد في المحيطات أو البحيرات، وفقاً لسيبستيان هاس، الباحث في علم الأحياء الدقيقة وكيمياء البيئات المائية في جامعة واشنطن الذي قاد البحث.

واكتشف العلماء أن البحيرة ليست مجرد كنز للفوسفات ولكن أيضاً لـ«الدولوميت المعدني» وهو صخر يتألف من كربونات الكالسيوم وكربونات المغنيسيوم، ما يسمح للفسفور بالتراكم في بيئة البحيرة ويسهّل التفاعل بين الكالسيوم والمغنيسيوم والكربونات. وأدت العمليات الكيميائية المركبة، التي تأثرت بالمعادن من الصخور البركانية التي تشكلت عليها البحيرة، بالإضافة إلى المناخ الجاف، إلى إنتاج تركيزات فريدة من الفوسفات بشكل فعال، وهي مجموعة من الظروف التي يعتقد الباحثون أنها «يمكن أن تؤدي ذات يوم إلى ظهور الحياة على سطح الأرض»، بحسب هاس.

ولا يبلغ عمر البحيرة 4 مليارات سنة، لكن يُقدّر أن عمرها أقل من 10 آلاف سنة. وقال هاس: «هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن بحيرات مماثلة كانت قد نشأت على الأرض الأولى منذ نحو 4 مليارات سنة». وتعد البحيرة بذلك «مجرد لقطة طبيعية للماضي وتوفر في نهاية المطاف للعلماء فرصة لفهم أفضل لما كانت تبدو عليه الأرض البدائية خارج المختبر»، وفق «سي إن إن».


مقالات ذات صلة

محمد قيس: الإصغاء للآخر هو سر النجاح

يوميات الشرق محمد قيس مشاركاً في المنتدى الإعلامي العربي (خاص الإعلامي)

محمد قيس: الإصغاء للآخر هو سر النجاح

يؤكد محمد قيس أن لكل ضيف استضافه في برنامجه حلاوة اللقاء؛ ولكن من أكثر الحلقات التي أحدثت ضجة تلك التي استضاف فيها الممثلة نادين نسيب نجيم.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مصورة «الحياة البرية» جوهانا تورنر تعرض صورة «مصيدة الكاميرا» فوق التلال بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

ممر للحياة البرية... مشروع طموح لحماية أسود الجبال في كاليفورنيا

ليس نجوم هوليوود المشاهير الوحيدين الذين يعيشون في التلال المحيطة بلوس أنجليس؛ فأسود الجبال في جنوب كاليفورنيا تسكن هناك أيضاً، وتحظى في بعض الأحيان بالشهرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق غاييل في مشغلها «الباريزيان»

فستان سعره 550 يورو من ستارة مجلس الشيوخ الفرنسي

تقترح الخياطة الفرنسية غاييل كونستانتيني على زبوناتها ثياباً مستخدمة من الأقمشة القديمة لقصور الدولة الفرنسية. ومن بين معروضاتها بذلة استخدمت فيها ستارة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يعتقَد أن السيف الأسطوري سُرق من روكامادور بجنوب فرنسا (ويكيبيديا)

اختفاء سيف فرنسي أسطوري بعد 1300 عام من غرسه في صخرة

يُعتقد أن سيف «دوراندال» جرت سرقته من صخرة في مدينة روكامادور بجنوب فرنسا وفق ما ذكرته صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق روبوت بشري ستستخدمه سكك حديد اليابان للصيانة (أ ف ب)

اليابان تستخدم روبوتاً «شريراً» لصيانة السكك الحديدية

تستخدم شركة السكك الحديدية اليابانية «جاي آر ويست»، في الخدمة هذا الشهر، روبوتاً يشبه الشخصيات «الشريرة» من الرسوم المتحركة التي تعود إلى ثمانينات القرن العشرين

«الشرق الأوسط» (لندن)

متغيّر جيني قد يكمن وراء تفاوت مضاعفات السكري

العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري
العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري
TT

متغيّر جيني قد يكمن وراء تفاوت مضاعفات السكري

العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري
العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري

وجد الباحثون في دراسة حديثة أن تشخيص مرض السكري والعلاج اللازم لمنع مضاعفاته قد يتأخر لدى الأشخاص الذين يحملون المتغير الجيني «نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز» لأنه يرتبط بانخفاض مستويات السكر التراكمي، وهو علامة سريرية تستخدم على نطاق واسع لمستويات الغلوكوز في الدم.

وخلصت الدراسة المنشورة في 25 يونيو (حزيران) 2024 في مجلة «نتشر مديسن» Nature Medicine، إلى أن اختبار الاختلافات الجينية التي تسبب نقص الإنزيم يمكن أن يؤدي إلى تحسينات في الطريقة التي يقوم بها الأطباء بتشخيص وعلاج مرض السكري، ما يساعد على تقليل التفاوت الملحوظ منذ فترة طويلة في مضاعفات مرض السكري بين الأفراد من أصول أوروبية وأفريقية، حيث يرتبط الاختلاف الجيني الشائع بين الأشخاص من أصل أفريقي بزيادة خطر حدوث مضاعفات مرض السكري، بما في ذلك اعتلال شبكية العين لدى المصابين به.

اضطراب وراثي

نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز G6PDdef، هو اضطراب وراثي يحدث عندما لا يكون لدى الجسم ما يكفي من الإنزيم (G6PD) الذي يساعد خلايا الدم الحمراء على العمل ويحميها من المواد الضارة.

ويحدث هذا الاضطراب بسبب خلل وراثي في الإنزيم المهم الذي يشارك في استقلاب خلايا الدم الحمراء. ويؤدي هذا الخلل إلى تدمير خلايا الدم الحمراء عند التعرض لبعض الأمراض أو الأدوية، مما يسبب ظهور أعراض مثل اصفرار الجلد، وبياض العينين، والبول الداكن، وأحياناً آلام في الظهر أو البطن.

ويعد نقص الإنزيم مرتبطاً بكروموسوم «إكس» X، مما يعني أن الذكور يتأثرون بشكل رئيسي، وتكون الإناث حاملات للجين المعيوب. ومع ذلك، فإن نشاط جين الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز متغير بدرجة كبيرة، لذلك في بعض الأشخاص لا يعمل الإنزيم تماماً كما ينبغي. وفي حالات أخرى لا يعمل على الإطلاق.

وهذا العيب شائع عند الذكور من أصول أفريقية أو أميركية سوداء، وهو شائع أيضاً بين الأشخاص الذين لديهم أسلاف من حوض البحر الأبيض المتوسط، مثل المنحدرين من أصول إيطالية ويونانية وعربية، والأشخاص الذين لديهم أسلاف من آسيا.

ويعاني أكثر من 400 مليون شخص حول العالم من نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز. ورغم أن معظم المشاركين في الدراسة كانوا من الرجال فإن ملايين النساء يتعرضن أيضاً لخطر متزايد للإصابة بمضاعفات مرض السكري إذا حملن نسخة من متغير الإنزيم.

تأثير المتغير على الشبكية والكلية

يسبب المتغير نقصاً في إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز، ما يؤدي إلى قصر عمر خلايا الدم الحمراء، وبالتالي انخفاض مستويات السكر التراكمي HbA1c. وهذا التناقص يمكن أن يخفي المدى الحقيقي لارتفاع السكر في الدم ما يجعل السيطرة على مرض السكري صعبة. وقد وجد العلماء في تحليلهم أن الأفراد من أصول أفريقية غير إسبانية المصابين بهذا المتغير كانت لديهم احتمالية أعلى بكثير للإصابة باثنين من مضاعفات مرض السكري هما اعتلال الشبكية السكري واعتلال الكلية السكري مقارنة بالأفراد الذين لا يعانون من المتغير، رغم تلقي العلاج القياسي للرعاية لخفض مستوى السكر في الدم أي مستويات السكر التراكمي.

وكشفت الدراسة الحالية عن تسعة مواقع أو مواضع على الكروموسومات لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً التي ارتبطت باعتلال الشبكية السكري، بما في ذلك متغير جيني متكيف تطورياً قد يفسر بعض التباين العرقي في مضاعفات مرض السكري. واعتلال الشبكية السكري هو تلف الأوعية الدموية في شبكية العين والأعصاب في الجزء الخلفي من العين، الذي يمكن أن يسبب فقدان البصر الدائم. وقد تم ربط الاعتلال سابقاً بالتغيرات الجينية التي تسمى تعدد أشكال النوكليوتيدات المفردة SNP Single nucleotide polymorphism، وهو اختلاف في التسلسل الجيني الذي يؤثر على واحدة فقط من وحدات البناء الأساسية.

وقد تمت دراسة هذه الارتباطات في المقام الأول لدى الأفراد من أصول أوروبية وآسيوية، حيث يتراوح معدل انتشار اعتلال الشبكية السكري diabetic retinopathy في الولايات المتحدة من 24 بالمائة لدى الأشخاص البيض غير اللاتينيين إلى 34 بالمائة لدى الأشخاص السود غير اللاتينيين.

علاج مستهدف لإدارة السكري

يمكن أن يؤدي اختبار نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز إلى تحسين تشخيص مرض السكري وعلاجه ومعالجة التباين في المضاعفات بين الأسلاف المختلفة.

وقدر الباحثون أنه في الولايات المتحدة يمكن للفحص الشامل والعلاج المستهدف أن يمنع 12 بالمائة من اعتلال الشبكية السكري و9 بالمائة من حالات الاعتلال العصبي السكري لدى الأميركيين من أصل أفريقي غير اللاتينيين.

وقال المؤلف الرئيسي في الدراسة تود إدواردز، الباحث في قسم علم الأوبئة وقسم الطب بالمركز الطبي بجامعة فاندربيلت ناشفيل تينيسي الولايات المتحدة الأميركية مع زملائه، إن هذا الاكتشاف قد يؤثر على كيفية إدارة ملايين الأفراد لمرض السكري، وكذلك فإنه يسلط الضوء أيضاً على أهمية تضمين مجموعات متنوعة من السكان في أبحاث الطب الحيوي للكشف عن الاختلافات الجينية التي تؤثر على النتائج الصحية.