«صندوق النقد» يعلن اتفاقاً «وشيكاً» مع مصر بشأن حزمة مالية جديدة

أكد التوافق حول «عناصر السياسة الرئيسية» لبرنامج الإصلاح الاقتصادي

مصريون يشترون فاكهة في إحدى الأسواق الشعبية بوسط العاصمة القاهرة (رويترز)
مصريون يشترون فاكهة في إحدى الأسواق الشعبية بوسط العاصمة القاهرة (رويترز)
TT

«صندوق النقد» يعلن اتفاقاً «وشيكاً» مع مصر بشأن حزمة مالية جديدة

مصريون يشترون فاكهة في إحدى الأسواق الشعبية بوسط العاصمة القاهرة (رويترز)
مصريون يشترون فاكهة في إحدى الأسواق الشعبية بوسط العاصمة القاهرة (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي، في بيان فجر الجمعة، إنه اتفق مع مصر على عناصر السياسة الرئيسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، في مؤشر آخر على أن الاتفاق النهائي لزيادة قرض البلاد، البالغ 3 مليارات دولار، على وشك الاكتمال.

وقالت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إن الجانبين حقّقا «تقدماً ممتازاً» في المناقشات حول حزمة سياسات شاملة قد تبدأ معها مراجعات طال انتظارها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد.

وأضافت هولار في بيان: «لتحقيق هذه الغاية، اتفق فريق صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية على عناصر السياسة الرئيسية للبرنامج. وأبدت السلطات التزامها القوي بالتحرك بسرعة بشأن جميع الجوانب المهمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر».

وفي وقت سابق، مساء الخميس، قالت كريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد، إن الصندوق ومصر في «المرحلة الأخيرة» من المفاوضات لزيادة برنامج القرض. وعقب الإعلان، ارتفعت سندات مصر السيادية الدولارية بأكثر من سنت خلال الساعات الأولى يوم الجمعة.

وأجرت مصر محادثات على مدى الأسبوعين الماضيين مع صندوق النقد؛ لإحياء وتوسيع اتفاق القرض، الذي تم توقيعه في ديسمبر (كانون الأول) 2022.

وعلق الصندوق صرف حصص القرض العام الماضي بعدما ثبّتت مصر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار عند 30.85 جنيه للدولار منذ مارس (آذار) الماضي، بينما يجري تداول الدولار في السوق الموازية (السوداء) حالياً عند مستوى بلغ 71 جنيهاً.

وقالت هولار، التي اختتمت زيارة للقاهرة استمرت أسبوعين مساء الخميس، إن المناقشات ستستمر افتراضياً في الأيام المقبلة «لتحديد حجم الدعم الإضافي اللازم للمساعدة في سد فجوات التمويل المتزايدة في مصر من صندوق النقد الدولي وغيره من شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف في سياق أحدث الصدمات».

وقالت غورغييفا، في مؤتمر صحافي عقد بواشنطن في ساعة متأخرة مساء الخميس: «نحن الآن في المرحلة الأخيرة للغاية، حيث نعمل بشأن تفاصيل التنفيذ... لقد اقتربنا للغاية، ونحن لا نتحدث بشأن فترة مطولة على الإطلاق»، مضيفة أن المحادثات تمثل «أولوية قصوى» بالنسبة لصندوق النقد نظراً لأهمية مصر بالنسبة للمنطقة.

وكانت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري قررت في اجتماعها، مساء الخميس، رفع أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 200 نقطة أساس. وقال البنك، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، إنه قرر زيادة عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس، ليصل إلى 21.25، و22.25، و21.75 في المائة على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.758 في المائة.

وأشار البنك إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي؛ نتيجة سياسات التقييد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسية على الطلب. كما انخفضت الضغوط التضخمية العالمية أخيراً؛ نتيجة لسياسات التقييد النقدي التي تم اتباعها في عديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وعليه تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الاقتصادات، مقارنةً بما تم عرضه في الاجتماع السابق.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه توجد حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خصوصاً بما يتعلق بأسعار السلع العالمية، وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً، وكذا اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر.

وعلى الصعيد المحلي، قال البنك إنه يتوقّع تباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2023 - 2024، مقارنةً بالعام المالي السابق له، على أن يتعافى تدريجياً فيما بعد. وجاء ذلك تماشياً مع التطورات الفعلية للبيانات، وكذا التداعيات السلبية الناجمة عن حالة عدم الاستقرار الإقليمي، واضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر على قطاع الخدمات. وفيما يتعلق بسوق العمل، استقر معدل البطالة ليسجل 7.1 في المائة خلال الربع الثالث من عام 2023.

وأشار البنك إلى استمرار تراجع معدّلَي التضخم العام والأساسي إلى 33.7، و34.2 في المائة على التوالي سنوياً خلال ديسمبر الماضي، في حين تشير التطورات الحالية إلى استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم كل من السلع الغذائية وغير الغذائية.

ولم يكن معظم المحللين يتوقعون خطوة رفع الفائدة. وكان متوسط التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء 16 محللاً هو أن يثبّت البنك المركزي أسعار الفائدة. وتوقع 6 محللين زيادة تتراوح بين 100 و300 نقطة أساس.

وعزت رانيا يعقوب من «ثري واي» لتداول الأوراق المالية، رفع سعر الفائدة إلى ارتفاع التضخم في يناير (كانون الثاني)، خصوصاً فيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية ومع توقع استمرار هذا الارتفاع خلال الشهرين الحالي والمقبل.

وأضافت: «من المتعارف عليه أن رفع سعر الفائدة يكون له تأثير سلبي في مناخ الاستثمار... ولكن في الحقيقة في ظل الظروف الحالية، وفي ظل أننا نتوقع تحركات أسعار صرف مرنة وتخفيضاً لقيمة العملة المحلية أمام الدولار، أعتقد بأن الأمر لن تكون له تأثيرات عنيفة على المناخ الاقتصادي أكثر من الحالة القائمة حالياً، خصوصاً أننا تقريباً في حالة ركود وتوقف للنشاط الاقتصادي؛ بسبب أسعار الصرف».

وقالت مونيكا مالك من بنك «أبوظبي التجاري»: «من المرجح أن هذه الزيادة تأتي قبل خفض قيمة الجنيه وإعلان اتفاق لزيادة قيمة قرض صندوق النقد الدولي».

واختلف فاروق سوسة من بنك «غولدمان ساكس» مع رأي التخفيض الوشيك لقيمة العملة، وقال إن رفع سعر الفائدة «هو بداية لعملية تشديد للسياسة النقدية»، لكنه أضاف أن تلك العملية «ستستغرق بعض الوقت، ويجب أن تكون مدعومة بسيولة معززة في سوق العملات الأجنبية».

وتضرر اقتصاد مصر من حرب غزة، التي أثرت في السياحة، وقلصت الشحن عبر قناة السويس، وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية.

وقالت لجنة السياسة النقدية إن النمو انخفض إلى 2.7 في المائة في الربع الثالث من عام 2023، نزولاً من 2.9 في المائة في الربع الثاني، ومن المتوقع أن يستمر في التراجع حتى يونيو (حزيران) المقبل.


مقالات ذات صلة

«إنفيديا الصينية» تكتب تاريخاً جديداً في بورصة شنغهاي

الاقتصاد علم الصين فوق لوحة إلكترونية مكتوب عليها «صُنع في الصين» (رويترز)

«إنفيديا الصينية» تكتب تاريخاً جديداً في بورصة شنغهاي

سجّلت شركة «ميتا إكس» واحدة من كبرى القفزات في تاريخ بورصات الصين، بعدما ارتفعت أسهمها بنحو 700 في المائة خلال أول يوم تداول لها بسوق شنغهاي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

«نيكي» الياباني يرتفع مع مكاسب «ناسداك» مترقباً قرار الفائدة

أغلق مؤشر «نيكي» الياباني على ارتفاع يوم الأربعاء، متعافياً من أدنى مستوى له في أسبوعَين الذي سجله في الجلسة السابقة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الإندونيسي في جاكرتا (رويترز)

بنك إندونيسيا يُبقي الفائدة ثابتة ويركز على استقرار الروبية

أبقى البنك المركزي الإندونيسي أسعار الفائدة دون تغيير للجلسة الثالثة على التوالي يوم الأربعاء، مواصلاً تركيزه على دعم عملة الروبية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
الاقتصاد ورقة نقدية من الوون الكوري الجنوبي (رويترز)

«بنك كوريا»: تضخم 2026 قد يتجاوز التوقعات بفعل استمرار ضعف «الوون»

أعلن بنك كوريا، يوم الأربعاء، أن معدل التضخم الرئيسي في عام 2026 قد يتجاوز التوقعات السابقة إذا استقر سعر صرف الوون مقابل الدولار عند مستواه الحالي.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد يتسوق الناس بسوق للأطعمة في لندن (رويترز)

تراجع التضخم البريطاني بشكل مفاجئ إلى 3.2 % قبل قرار «بنك إنجلترا»

أظهرت بيانات رسمية صدرت، يوم الأربعاء، تراجعاً غير متوقع في معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في بريطانيا إلى 3.2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (لندن)

الروبية الهندية «الضحية الكبرى» للرسوم الأميركية... والمستثمرون يحذّرون

ورقة نقدية من الروبية الهندية (رويترز)
ورقة نقدية من الروبية الهندية (رويترز)
TT

الروبية الهندية «الضحية الكبرى» للرسوم الأميركية... والمستثمرون يحذّرون

ورقة نقدية من الروبية الهندية (رويترز)
ورقة نقدية من الروبية الهندية (رويترز)

لم تتأثر أي عملة بالرسوم الجمركية الأميركية كما تأثرت الروبية الهندية، وقد يظل هناك المزيد من الانخفاض مع انسحاب المستثمرين من البلاد حتى رؤية إبرام اتفاق تجاري مع واشنطن.

وتُعد الروبية واحدة من أسوأ العملات أداءً عالمياً هذا العام؛ إذ تراجعت بنسبة 6 في المائة مقابل الدولار، نتيجة اتساع العجز التجاري، وفرض رسوم أميركية عقابية بنسبة 50 في المائة، إلى جانب تدفقات استثمارية خارجة، مما أدى إلى وصولها إلى أدنى مستوى قياسي عند 91.075 روبية للدولار، وفق «رويترز».

وعند قياسها مقابل سلة من عملات شركاء التجارة، سجل سعر الصرف الحقيقي الفعّال 96، وهو الأدنى خلال أكثر من عقد من الزمن، وفقاً لشركة «سيتي». ويُعد هذا أدنى بكثير من متوسط 10 سنوات البالغ 103، وعادةً ما يُعدّ إشارة موثوقة إلى أن العملة مستحقة للارتداد.

لكن الأمر هذه المرة مختلف، وفق مديري الأموال الذين زادوا الضغط على العملة بسحب 18 مليار دولار من الأسهم الهندية هذا العام، ويقولون إن المزاج الحالي من غير المرجح أن يتغير سريعاً، رغم أن الروبية تبدو رخيصة. وقال كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في آسيا لدى شركة «جي بي دراكس هونور»، فيفيك راجبال: «أعتقد أن صبر السوق بشكل عام بدأ ينفد»، في إشارة إلى أن أشهر المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة لم تسفر حتى الآن عن أي اتفاق أو تخفيف للرسوم الجمركية. وأضاف: «إنها نقطة دخول جيدة للأصول الهندية، لكن أولاً تحتاج السوق إلى ثقة بأن الرسوم الجمركية مؤقتة فقط».

الهند والولايات المتحدة أجرتا مفاوضات طوال معظم عام 2025، رغم أن المستشار الاقتصادي الرئيسي للهند صرّح الأسبوع الماضي، في مقابلة مع «بلومبرغ»، بأنه يتوقع التوصل إلى اتفاق بحلول مارس (آذار) 2026. ومع ذلك، فإن الكثير من دول آسيا لديها بالفعل اتفاقات أو على الأقل هدنة مع الولايات المتحدة، مما يترك الهند معرضة بشكل خاص، لتصبح الروبية بمثابة المخفف للصدمات.

ضعف الروبية مستمر

قد يساعد انخفاض قيمة العملة في تخفيف أثر الرسوم الجمركية عبر خفض أسعار الصادرات بالدولار، لكن مع رسوم أميركية تصل إلى 50 في المائة، يتوقع الاقتصاديون أن يكون ضعف الروبية أكبر لتغطية هذه الرسوم، إلى جانب ضغوط إضافية ناتجة عن العجز التجاري الكبير وتدفقات رأس المال الخارجة.

وبغياب اتفاق تجاري، لا يُتوقع أن تنعكس هذه العوامل قريباً، وقد عزّز تقرير لوكالة «رويترز» حول عدم نية البنك المركزي الوقوف في وجه العوامل الأساسية التوقعات بضعف أكبر للعملة.

وأشار محللو «إتش إس بي سي» إلى أن انخفاض الروبية الحاد يُشكّل مخاطر كبيرة على وضع إيجابي نسبياً للأسهم الهندية، رغم أنهم يرون أن الأسواق تستحق إعادة النظر بسبب تحسّن التقييمات والاقتصاديات، عادّين السوق الهندية تحوطاً ضد موجة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

كما قامت شركات وساطة أخرى، مثل: «سيتي»، و«غولدمان ساكس»، و«جي بي مورغان»، بترقية الأسهم الهندية مؤخراً، متوقعة تحسناً في السوق الهندية خلال 2026 بدعم من خفض أسعار الفائدة، ويرى بعضهم أيضاً احتمال ارتداد الروبية.

وقال رئيس قسم ديون الأسواق الناشئة لدى «تي تي» لإدارة الأصول الدولية في لندن، جان تشارلز سامبور: «الوتيرة الأخيرة لانخفاض العملة دفعتها جزئياً المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على توقعات الحساب الجاري»، مضيفاً: «نعتقد أن بعض هذه المخاطر قد تكون مبالغاً فيها الآن».

معضلة للمستثمرين العالميين

كما تأثرت الأسواق الهندية للأسهم التي تهيمن عليها البنوك وشركات التعهيد لتكنولوجيا المعلومات، بأداء ضعيف خلال 2025، حيث ارتفع مؤشر «نيفتي 50» نحو 10 في المائة، مقارنة بارتفاع 26 في المائة في مؤشر «إم إي سي آي» للأسواق الناشئة، نتيجة عدم وضوح الرهانات على الذكاء الاصطناعي.

وعند المقارنة بالدولار، تظهر الصورة أكثر ضعفاً، إذ ارتفع مؤشر «إم إي سي آي» لأسهم الهند أقل من 2 في المائة هذا العام، مقابل ارتفاع يقارب 30 في المائة لدى مؤشر «إم إي سي آي» للصين، المنافس الرئيس للمستثمرين الأجانب.

ويستمد المستثمرون إشاراتهم أيضاً من تجربة الصين خلال ولاية ترمب الأولى، لمعرفة مدى انخفاض الروبية المحتمل. وقالت نائبة الرئيس التنفيذي للاستثمار في «مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت»، جتينيا كاندهاري: «يمكن مقارنة انخفاض الروبية بما حدث لليوان الصيني نتيجة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في الولاية الأولى لترمب، وقد تحتاج الروبية إلى مواصلة الانخفاض إذا استمرت الرسوم الجمركية».

وانخفض اليوان بنحو 12 في المائة بين مارس (آذار) 2018 ومايو (أيار) 2020 نتيجة سلسلة من الرسوم المتبادلة. وأضافت أن شركتها التي تدير 1.8 تريليون دولار أميركي من الأصول، تحافظ على مركز زائد في الأسهم الهندية رغم تقليص بعض الحيازات، لرؤية القيمة في أماكن أخرى.

وقال رئيس الأسواق الناشئة العالمية في «فيدراتيد هيرميس»، كونغال غالا، إن «انخفاض الروبية ضروري لتحسين تنافسية الصادرات الهندية، لكن الروبية الضعيفة تُشكّل معضلة للمستثمرين العالميين الذين يقيسون محافظهم بالدولار».


«إنفيديا الصينية» تكتب تاريخاً جديداً في بورصة شنغهاي

علم الصين فوق لوحة إلكترونية مكتوب عليها «صُنع في الصين» (رويترز)
علم الصين فوق لوحة إلكترونية مكتوب عليها «صُنع في الصين» (رويترز)
TT

«إنفيديا الصينية» تكتب تاريخاً جديداً في بورصة شنغهاي

علم الصين فوق لوحة إلكترونية مكتوب عليها «صُنع في الصين» (رويترز)
علم الصين فوق لوحة إلكترونية مكتوب عليها «صُنع في الصين» (رويترز)

سجّلت شركة «ميتا إكس» الصينية لصناعة رقائق الذكاء الاصطناعي واحدة من كبرى القفزات في تاريخ بورصات الصين، بعدما ارتفعت أسهمها بنحو 700 في المائة في أول يوم تداول لها في سوق شنغهاي، في مؤشر واضح على الزخم القوي الذي تحظى به شركات أشباه الموصلات المحلية، مدفوعةً بدعم حكومي واسع لتقليص الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.

وارتفع سهم «ميتا إكس إنتغريتد سيركيتس» من سعر الطرح البالغ 104.66 يوان إلى 700 يوان عند الافتتاح، قبل أن يصل إلى ذروة 895 يواناً، وينهي جلسة التداول عند 829.9 يوان، مسجلاً مكاسب بنحو 693 في المائة. وجاء هذا الأداء الاستثنائي بعد أيام فقط من إدراج منافستها الكبرى «مور ثريدز»، التي قفز سهمها بأكثر من 400 في المائة عند الإدراج.

ويرى محللون أن هذا الاندفاع يعكس مزيجاً من الحماس الاستثماري والمضاربة، إلى جانب الرهان طويل الأجل على استراتيجية الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الرقائق المتقدمة، في ظل القيود الأميركية المفروضة على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

اكتتاب محموم

وجمعت «ميتا إكس» نحو 4.2 مليار يوان (نحو 600 مليون دولار) من خلال طرحها العام الأولي، الذي شهد إقبالاً غير مسبوق من المستثمرين الأفراد، إذ تجاوزت طلبات الاكتتاب حجم المعروض بأكثر من 4000 مرة. وحسب «كي بي إم جي»، يُعد هذا الطرح سادس أكبر اكتتاب في الصين خلال عام 2025.

غير أن التقييمات المرتفعة أثارت تساؤلات في السوق، إذ جرى تسعير الشركة الخاسرة عند مضاعف يبلغ نحو 50 مرة من مبيعاتها لعام 2024، مقارنةً بنحو 34 مرة لشركة «إنفيديا»، و14 مرة لشركة «إيه إم دي»، وفق بيانات الإفصاح قبل الإدراج. وقال مدير صندوق استثماري في شنغهاي إن «الارتفاع الحالي يخلق فرص مضاربة هائلة، لكن من المرجح أننا نشهد ذروة سعرية يصعب تكرارها خلال السنوات المقبلة».

تأسست «ميتا إكس» قبل خمس سنوات على يد تشن ويليانغ (49 عاماً)، وهو مدير تنفيذي سابق في «إيه إم دي» عمل في فرعها في شنغهاي لأكثر من 13 عاماً، إلى جانب مؤسسين مشاركين من مهندسي الشركة الأميركية. وتستحوذ الشركة حالياً على نحو 1 في المائة من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين، لكنها تتوقع مضاعفة مبيعاتها هذا العام، وتحقيق نقطة التعادل في وقت مبكر من العام المقبل.

يأتي هذا الزخم في وقت تتسابق فيه شركات الرقائق الصينية على دخول أسواق المال، بدعم مباشر من صناع القرار. فقد حصلت «بيرين تكنولوجي» على موافقة لطرح أسهمها في هونغ كونغ، فيما تستعد «كونلونشين» و«إنفليم» لخطوات مماثلة.

ويرى محللون أن بكين «تفتح صنبور التمويل» أمام شركات الرقائق المحلية، إدراكاً منها أن فجوة التكنولوجيا مع الولايات المتحدة لا يمكن سدها دون استثمارات ضخمة في البحث والتطوير واستقطاب الكفاءات.

مخاوف الفقاعة والتحديات التقنية

رغم التفاؤل، حذّر مديرو صناديق من «فقاعة سعرية» واضحة في أسهم الذكاء الاصطناعي. وأشارت «ميتا إكس» نفسها في نشرة الاكتتاب إلى مخاطر عدة، أبرزها القيود الأميركية على سلاسل التوريد، والفجوة التكنولوجية الكبيرة، مقارنةً بشركات مثل «إنفيديا» و«إيه إم دي».

كما تواجه الشركة منافسة شرسة في السوق المحلية من «مور ثريدز»، و«هايغون»، و«بيرين»، إضافةً إلى عمالقة التكنولوجيا مثل «هواوي» و«علي بابا»، الذين يملكون موارد مالية وتقنية أضخم.

وتزامن إدراج «ميتا إكس» مع انتعاش واسع في الأسهم الصينية، إذ أنهت بورصات البر الرئيسي وهونغ كونغ سلسلة خسائر استمرت يومين، بدعم من أسهم الذكاء الاصطناعي. وقفز مؤشر الذكاء الاصطناعي في الصين بأكثر من 3.6 في المائة، فيما ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنحو 1.2 في المائة.

وفي المقابل، ظل اليوان مستقراً قرب أعلى مستوى له في 14 شهراً، مع إشارات واضحة من البنك المركزي الصيني إلى عدم رغبته في السماح بارتفاع سريع للعملة، خشية تأثير ذلك على تنافسية الصادرات. ويرى محللون أن بكين تحاول الموازنة بين دعم الأسواق المالية، والحفاظ على استقرار اقتصادي أوسع في ظل تباطؤ عالمي وعدم يقين جيوسياسي.

وتعكس قصة «ميتا إكس» ملامح المرحلة الراهنة في الاقتصاد الصيني، بين طموح تكنولوجي مدفوع بالسياسة، وسيولة تبحث عن فرص نمو، وأسواق لا تخلو من المخاطر. وبينما يراهن المستثمرون على أن تكون هذه الشركات نواة «إنفيديا الصينية» المستقبلية، يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة الزخم السعري الحالي على الصمود أمام التحديات التقنية والمنافسة العالمية في السنوات المقبلة.


تراجع طفيف في استهلاك الطاقة بألمانيا عام 2025 رغم برودة الطقس

مهندس يتحكم في تدفق الغاز بمنشأة تخزينه في ألمانيا (رويترز)
مهندس يتحكم في تدفق الغاز بمنشأة تخزينه في ألمانيا (رويترز)
TT

تراجع طفيف في استهلاك الطاقة بألمانيا عام 2025 رغم برودة الطقس

مهندس يتحكم في تدفق الغاز بمنشأة تخزينه في ألمانيا (رويترز)
مهندس يتحكم في تدفق الغاز بمنشأة تخزينه في ألمانيا (رويترز)

من المتوقع أن ينخفض إجمالي استهلاك الطاقة في ألمانيا عام 2025 بشكل طفيف، وفق تقديرات مجموعة العمل لموازنات الطاقة (إيه جي إي بي)، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأشارت الإحصاءات إلى وجود عوامل أدت إلى زيادة الاستهلاك وأخرى إلى خفضه. فقد ساهمت برودة الطقس مقارنة بالعام الماضي؛ خصوصاً في فبراير (شباط) ومارس (آذار) وأكتوبر (تشرين الأول)، في ارتفاع استهلاك الطاقة للتدفئة.

وجاء في التقديرات: «لولا تأثير الطقس البارد لكان استهلاك الطاقة في ألمانيا قد انخفض بنحو 1.2 في المائة». وكان الخبراء قد توقعوا في نهاية أكتوبر زيادة طفيفة في الاستهلاك بسبب الطقس البارد.

وذكرت المجموعة أن انخفاض أسعار الوقود وزيت التدفئة والغاز الطبيعي ربما ساهم أيضاً في زيادة الاستهلاك، ولكن العوامل التي خفَّضت الاستهلاك كانت أقوى، مثل ضعف قطاع الصناعات الكيميائية الذي قلل الطلب على منتجات النفط.

وحسب التقديرات، سينخفض الاستهلاك الإجمالي في 2025 بنسبة نحو 0.1 في المائة ليصل إلى 10 آلاف و553 بيتاجول (بي جيه)، أي ما يعادل 2931 تيراواط/ ساعة. وللمقارنة؛ بلغ إجمالي الكهرباء التي ضخت في الشبكة عام 2024 نحو 432 تيراواط/ ساعة، بينما استهلكت مدينة هامبورغ وحدها نحو 10 تيراواط/ ساعة.

أما على مستوى مزيج الطاقة، فقد ارتفعت حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى 20.6 في المائة (مقابل 19.8 في المائة في العام السابق)، كما زادت حصة الغاز الطبيعي إلى 26.9 في المائة (مقابل 26 في المائة العام السابق).

في المقابل، تراجعت حصة النفط إلى 35.7 في المائة (مقابل 36.5 في المائة العام السابق)، وكذلك الفحم البني إلى 7.2 في المائة والفحم الحجري إلى 7.1 في المائة. وتشمل النسب المتبقية واردات الكهرباء وكميات ناتجة من حرق النفايات.

وبسبب هذه التغيرات في مزيج الطاقة، انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة بأكثر من 6 ملايين طن، أي ما يزيد على 1 في المائة مقارنة بالعام السابق، حسب بيانات الإحصائيين.