أمن الحدود والإرهاب في اجتماعات وزيرَي داخلية تونس والجزائر

قرارات أمنية وسياسية تهم سكان المحافظات الحدودية

وزيرا الداخلية التونسي كمال الفقي والجزائري إبراهيم مراد بعد اجتماعات أمنية مشتركة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)
وزيرا الداخلية التونسي كمال الفقي والجزائري إبراهيم مراد بعد اجتماعات أمنية مشتركة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)
TT

أمن الحدود والإرهاب في اجتماعات وزيرَي داخلية تونس والجزائر

وزيرا الداخلية التونسي كمال الفقي والجزائري إبراهيم مراد بعد اجتماعات أمنية مشتركة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)
وزيرا الداخلية التونسي كمال الفقي والجزائري إبراهيم مراد بعد اجتماعات أمنية مشتركة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)

​أسفرت اجتماعات أمنية تونسية جزائرية رفيعة المستوى ترأسها وزيرا داخلية البلدين، الاثنين والثلاثاء، عن اتفاق على تطوير التنسيق الأمني في مجالات الوقاية من الإرهاب والتهريب والهجرة غير القانونية، والقضاء على أسبابها العميقة، وبينها المشكلات التنموية في المحافظات الحدودية الفقيرة.

وزيرا داخلية تونس والجزائر في مؤسسة إصدار جوازات السفر وبطاقات الهوية البيومترية (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)

ونوه وزير الداخلية التونسي كمال الفقي ونظيره الجزائري إبراهيم مراد، خلال اجتماعات عمل أمنية، حضرها مسؤولون أمنيون والولاة ورؤساء المحافظات الحدودية في البلدين بـ«نجاعة الشراكة بين تونس والجزائر في مجالات الأمن، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، والتهريب والهجرة غير القانونية».

لقاء مع رئيس الحكومة

وأعرب رئيس الحكومة الجزائرية نذير العرباوي خلال استقباله، الثلاثاء، وزير الداخلية التونسي، بحضور نظيره الجزائري، عن دعم سلطات بلاده للتنسيق الأمني في أعلى مستوى مع تونس، في مجالات الوقاية من الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والهجرة غير القانونية.

كما رحب بالتوصيات الصادرة عن «الدورة الأولى للجنة الثنائية لتنمية وترقية المناطق الحدودية المشتركة «التي حضرتها كوادر أمنية وإدارية وسياسية رفيعة المستوى من البلدين».

وزيرا داخلية تونس والجزائر يعرضان لرئيس الحكومة الجزائرية نذير العرباوي نتائج الاجتماع الأمني الثنائي المشترك (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)

وحسب بلاغ رسمي، فقد نوه رئيس الحكومة الجزائرية ووزيرا الداخلية التونسي والجزائري بالمناسبة، بـ«مخرجات الدورة الأولى لهذه الآلية الثنائية»، مع التأكيد على الحرص المشترك لتنفيذ مخرجاتها، وترقية مستوى التعاون الثنائي؛ لا سيما في المناطق الحدودية المشتركة، لإرساء شراكة فاعلة ودائمة بين البلدين، فضلاً عن تعزيز التعاون الأمني الثنائي، خدمة للمصلحة المشتركة، وفق الرؤية المشتركة لقائدي البلدين.

الإرهاب والجوازات والحدود

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الداخلية التونسي كمال الفقي، كان مصحوباً بعدد من كوادر الأمن التونسي، بينهم بالخصوص المدير العام لشرطة الحدود والأجانب، والمدير العام للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي في وزارة الداخلية، وسفير تونس لدى الجزائر.

وقد عقدت بالمناسبة جلسات عمل أمنية وسياسية مختصة، استعداداً لاعتماد تونس جوزات السفر وبطاقات الهوية الرقمية الجديدة «البيومترية». وزار الوفد الأمني التونسي مديرية السندات والوثائق المؤمَّنة التابعة لوزارة الداخلية الجزائرية، والتي تعنى بملف جواز السفر البيومتري، وبطاقة التعريف البيومترية، ورخص السياقة البيومترية.

كما أعلن عن اتفاق تونسي جزائري على «تبادل الخبرات والتعاون الثنائي، في المجال التقني والتكنولوجي وميدان الرقمنة ووثائق السفر والهويات البيومترية».

المتفجرات والمعادن والبصمات

من جهة أخرى، كشفت وزارة الداخلية التونسية أن وزيري داخلية البلدين والوفدين المرافقين لهما، بحثا بالمناسبة توظيف التكنولوجيات الأمنية الحديثة في مجالات مكافحة الجرائم الخطيرة والتفجيرات والعنف، بما في ذلك عبر الاستفادة من الطرق العصرية للكشف عن البصمات.

وقد زار الوفدان الأمنيان بالمناسبة، المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني بالجزائر.

وأعلن أن الهدف هو مساعدة فرق التحقيقات الأمنية المختصة «في تقديم الأدلة العلمية والفنية من خلال التكنولوجيات الحديثة، والخبرات في كثير من المجالات، على غرار مخابر التحليل الباليستي والمتفجرات والكشف عن المعادن والتعرف على البصمات».

وفي السياق نفسه زار الوفدان «مركز القيادة والسيطرة التابع لأمن ولاية الجزائر» بهدف تحقيق «مزيد من التعاون الأمني بين البلدين».

مشاورات أمنية على أعلى مستوى

في سياق متصل، عُقدت جلسة عمل ثنائية بين وزير الداخلية التونسي كمال الفقي ونظيره الجزائري إبراهيم مراد، حضرها مسؤولون أمنيون وسياسيون كبار من الجانبين.

وأعلن عقب الاجتماعات أن «الدورة الأولى للجنة الثنائية لتنمية وترقية المناطق الحدودية التونسية الجزائرية» أوصت بالارتقاء بالتعاون الأمني والتنموي والسياسي «إلى مستوى تطلعات رئيسي جمهوريتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وكانت من أبرز نتائج الاجتماعات التي حضرها عدد من الولاة والمحافظين، العمل على القضاء على الأسباب العميقة للإرهاب والهجرة غير النظامية «عبر إنجاز مشاريع تنموية بالولايات الحدودية، ودعم التعاون الأمني، وتسهيل عبور المواطنين التونسيين والجزائريين في الاتجاهين».

وسبق للرئيسين قيس سعيد وعبد المجيد تبون أن بحثا العام الماضي ملفات أمنية مماثلة، من بينها صعوبات تنقل السياح ورؤوس الأموال والسلع بين البلدين، وأصدرا أوامر بإيجاد حلول للمشكلات المستحدثة.

تعاون استراتيجي

وصدرت على هامش هذه الاجتماعات الأمنية السياسية الأولى من نوعها، بمشاركة كل الولاة والمحافظين في المناطق الحدودية، دعوات لـ«تعاون استراتيجي أمني تنموي اقتصادي سياسي» بين تونس والجزائر.

وتزامنت هذه الاجتماعات مع مشاورات تونسية جزائرية جرت في روما، بين الرئيس التونسي قيس سعيد ووزير خارجيته نبيل عمار من جهة، ووزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف من جهة أخرى، على هامش مشاركتهم في قمة الشراكة بين إيطاليا ودول أفريقيا، التي دعت إليها رئيسة الحكومة الإيطالية، وتعهدت برصد موازنة تفوق 5.5 مليار يورو، لدعم التنمية في الدول الأفريقية، والتنسيق الأمني مع دولها، للقضاء على الهجرة غير النظامية.

ومن المتوقع أن يشارك وزيرا داخلية تونس والجزائر وعدد من كبار المسؤولين في البلدين يوم الثامن من شهر فبراير (شباط) القادم، في التظاهرات السنوية التي تقام في مدينة «ساقية سيدي يوسف» التونسية الحدودية مع الجزائر التي قصفتها قوات الاحتلال الفرنسي في مثل هذا اليوم من عام 1958، احتجاجاً على استضافة تونس للمقاتلين الوطنيين الجزائريين وقياداتهم السياسية.


مقالات ذات صلة

بدء محاكمة المتهمين في جريمة قتل بشعة لطفلة هزَّت تركيا

شؤون إقليمية الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

بدء محاكمة المتهمين في جريمة قتل بشعة لطفلة هزَّت تركيا

عقدت محكمة الجنايات العليا في ديار بكر جنوب شرقي تركيا أولى جلسات الاستماع في قضية مقتل وإخفاء جثة الطفلة نارين غوران التي هزَّت البلاد وشغلت الرأي العام لأشهر

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا رئيس أركان القوات الجوية النيجيرية المارشال حسن أبو بكر يتجول في مصنع الطائرات الإيطالية (وزارة الدفاع النيجيرية)

هل يحسم سلاح الجو حرب نيجيريا ضد إرهاب «بوكو حرام»؟

بدأت نيجيريا تجديد أسطول سلاحها الجوي بالاعتماد على الطائرات الإيطالية وذلك ضمن خطة لمواجهة خطر بدأت نيجيريا تجديد التنظيمات الإرهابية خصوصاً جماعة «بوكو حرام».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

برلين: رفع دعوى قضائية على ألماني - مغربي - بولندي بتهمة الانتماء إلى «داعش»

لم تكن لدى الرجل «خطط ملموسة للهجوم، لكن تبين أنه قد يشكل مشكلة، ولذلك نحن الآن نولي اهتماماً دقيقاً له».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال احتفال تركيا بذكرى تأسيس الجمهورية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

بهشلي يشعل جدلاً جديداً: دستور تركيا الجديد هدفه إبقاء إردوغان رئيساً

فجر رئيس حزب "الحركة القومية" جدلا جديدا في تركيا بإعلانه أن هدف الدستور الجديد للبلاد سيكون تمكين الرئيس رجب طيب إردوغان من الترشح للرئاسة مجددا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لقوات «طالبان» تقوم بدورية على مدرج بعد يوم من انسحاب القوات الأميركية من مطار حميد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانستان كابل يوم 31 أغسطس 2021 (رويترز)

قيود «طالبان» تعيق المساعدات الإنسانية في أفغانستان

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لـ«وكالة الأنباء الألمانية» الثلاثاء، إن تدخل حركة «طالبان» يجعل من نقل المساعدات الإنسانية تحدياً متزايداً.

«الشرق الأوسط» (كابل )

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)
من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)
TT

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)
من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)

كشفت صحيفة «لوفيغارو»، الفرنسية، عن أن جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية أبلغت البنوك بإجراء جديد يتعلق بوقف معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا.

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شعرت الأوساط التجارية الفرنسية بأن الأمور بدأت تزداد صعوبةً، بعد أن حذرت «ألجيكس»، وهي الوكالة العامة المسؤولة عن منح تراخيص الاستيراد والتصدير، الشركات الفرنسية، داعيةً إياها إلى البحث عن مستوردين جدد.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية ورئيسة الوزراء الفرنسيين سابقاً في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وفي الوقت الذي يتعلق تحذير «ألجيكس» بسلع تُستورد لإعادة بيعها، على غرار النظارات والشوكولاتة، يرتقب أن يؤثر الإجراء الجديد في فئتين أخريين من الواردات، تشمل الآلات والمواد الخام والسلع الأساسية الأخرى، مثل البلاستيك وقطع الغيار الميكانيكية، والأدوية المضادة للسرطان، وحتى الخدمات، وفقاً للمصدر ذاته.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن الإجراء الجديد سيؤثر أيضاً في الصادرات الجزائرية إلى فرنسا، مشيرةً إلى أنه سيؤثر بشكل كبير في منتجي التمور.

اجتماع بين «ميديف» الفرنسي ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري في مايو 2022 (منظمة أرباب العمل الجزائرية)

ووصف السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، كزافييه درينكور، في تغريدة على منصة «إكس» أن القرار الجزائري الجديد، الذي يستثني فقط المعاملات التي جرى شحنها قبل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بـ«الضربة القوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويفتح الباب أمام تداعيات خطيرة على كلا الطرفين».

لكنّ وزارة الخارجية الفرنسية قالت، الخميس، إنه ليس لديها علم بأي إجراءات فرضتها الجزائر على وارداتها وصادراتها، رداً على ما ذكرته صحيفة «لوفيغارو» من أن البنوك الجزائرية تستعد لقيود محتملة.

وأكدت الصحيفة أن من شأن هذا القرار أن يؤثر أيضاً في الصادرات الجزائرية إلى فرنسا، ونقلت عن مستورد جزائري قوله: «ستكون كارثة بالنسبة إلى منتجي التمور، الذين وصلوا إلى مرحلة الحصاد الكاملة، والذين يستعدون للتصدير إلى فرنسا».

وأضافت الصحيفة أن هناك من يفكر في واردات فرنسا من الغاز الجزائري، لكنها أشارت إلى أنه حتى في ذروة الأزمة الدبلوماسية مع إسبانيا، التي نتجت أيضاً عن تغير موقف مدريد لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، فقد حافظت الجزائر على إمداداتها، مستبعدةً أن تذهب الجزائر إلى حد تعليق صادرات الغاز إلى فرنسا لأن الجزائر هي من سيخسر أكثر من هذا القرار، الذي وصفته بأنه سيكون بمثابة «عملية انتحارية».

وسجلت التبادلات التجارية في النصف الأول من 2024، انخفاضاً طفيفاً بعد ثلاث سنوات من النمو المستمر، حيث ارتفعت الصادرات الفرنسية من السلع إلى الجزائر بنسبة 9.3 في المائة بقيمة 2.4 مليار يورو.

الرئيس الجزائري مع الوزير الأولى الفرنسية السابقة في الجزائر أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ورجح مصدر مطلع أن تتأثر رحلات الطيران التابعة للخطوط الجوية الجزائرية وسفن الشحن. وفي هذا السياق رأت «لوفيغارو» أن هذا الإجراء من شأنه فتح أبواب منافسي فرنسا في الجزائر.

كانت الجزائر قد حظرت الصادرات والواردات الإسبانية بتعليمة، عممتها جمعية البنوك والمؤسسات المالية، في ظل توتر العلاقات بين الجزائر العاصمة ومدريد، بعد إعلان مدريد دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء.

لكن تحسنت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا مؤخراً، ليتم تعيين سفير جزائري في مدريد بعد سحبه في وقت سابق.

وأضاف السفير الفرنسي السابق محتجاً على القرار: «بدل شكر فرنسا، قررت الجزائر منع جميع الواردات والصادرات الفرنسية إلى فرنسا... نحن بالتأكيد عميان».

تأتي هذه الخطوة في وقت تعيش فيه العلاقات الجزائرية - الفرنسية توتراً عقب اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بـ«مغربية» الصحراء.

وألغى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الزيارة، التي كانت ستقوده إلى باريس في الخريف الجاري.