برنار سوفا لـ«الشرق الأوسط»: اللبنانيون صنعوا شهرتي وأغنياتي تلمس قلوبهم

المغني الفرنسي رمز من الزمن الجميل لجيل الثمانينات

الجمهور اللبناني صنع نجوميتي (ستار سيستم)
الجمهور اللبناني صنع نجوميتي (ستار سيستم)
TT

برنار سوفا لـ«الشرق الأوسط»: اللبنانيون صنعوا شهرتي وأغنياتي تلمس قلوبهم

الجمهور اللبناني صنع نجوميتي (ستار سيستم)
الجمهور اللبناني صنع نجوميتي (ستار سيستم)

تحفظ أجيال من اللبنانيين أغاني المغني الفرنسي برنار سوفا الذي يذكّرهم بأيام جميلة خلت، عندما كانت تحاكي قلوبهم أيام الشباب والمراهقة. سوفا الذي يعود إلى بيروت بعد غياب منذ عام 2018 يُبدي سعادة كبيرة بهذا اللقاء. فهو يُحْيي حفلاً غنائياً على مسرح كازينو لبنان في 9 فبراير (شباط) بمناسبة عيد الحب، يؤدي خلاله أجمل أغانيه مثل «فستانك الأخضر»، و«زاوية حب» و«الصداقة» وغيرها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «في كل مرة أزور فيها لبنان أشعر بحماس كبير للقاء أهله. هناك أجيال تربّت على أغنياتي وحفظتها عن ظهر قلب، لأنها لامستهم عن قرب. ولا أذيع سراً إذا قلت إن الجمهور اللبناني هو الذي صنع شهرتي، وحفّزني على إكمال مسيرتي في بلدي الأم فرنسا، إذ لم أكن معروفاً فيه بعد».

يصف الساحة الفنية اليوم بالتراجع (ستار سيستم)

يحمل سوفا الجميل للبنان وأهله، ولا ينسى أن المخرج الراحل سيمون أسمر كان من أول مشجعيه؛ «استضافني في برامجه التلفزيونية، وكان خير مساعد لي في شقّ طريقي وتعبيدها منذ السبعينات».

في حفله في كازينو لبنان الذي تنظمه شركتا «ستار سيستم» و«تو يو تو سي» في 9 فبراير، يخصّ سوفا جمهوره بأغنية لبيروت، عنوانها «دمعة على بيروت»؛ «سبق وغنيتها من قبل، ولكنني آثرت إعادة توزيعها الموسيقيّ لتقديمها في عيد الحب في بيروت». ويتابع: «إنه لمن دواعي سروري أن أقف أمام هذا الجمهور الوفيّ. لقد عرفت لبنان الحرب والسلم، وفي الحالتين عشقته وتقربت منه أكثر فأكثر. الأغنية الجميلة والغنية بالعاطفة والحب، تنعكس إيجاباً على الناس. أعرف تماماً أسماء الأغاني التي يحب اللبنانيون سماعها مني. ولذلك حفلي في بيروت لا يشبه غيره في بلدان أخرى، وقمت بلائحة خيارات رائعة من الأغاني التي أعرف سلفاً أن اللبنانيين ينتظرونها مني».

يتحدث المغني الفرنسي عن بيروت بحماسة كبيرة ويتذكر: «ليس لديّ سوى ذكريات جميلة عنها وعن أهلها وحسن ضيافتهم وحبهم للفن الحقيقي. هناك قصة حب جميلة تربطني بها وبأهلها، وأنا فخور بذلك».

بالنسبة له الحياة تكمل دورانها رغم كل شيء: «عندما أسترجع شريط ذكرياتي منذ بداياتي، أتوقف عند محطات كثيرة؛ فالساحة الفنية في العالم أجمع تراجعت وتغيّر مزاج الناس. لم أتوقع يوماً أني وبعد نحو 60 عاماً من مشواري الفني سأقف على خشبة مسرح أغني فيها بداياتي. فهي حُفرت في ذاكرة الناس لأنها تعكس شخصيتي. أنا من المغنين الذين لا يؤدون إلا الأعمال التي تُقنعهم. فعندما غنيت الصداقة والحب وموضوعات أخرى، فلأنها تعني لي الكثير وتشبهني. فأنا على الخشبة أحبّ أن أشعر بالراحة، وأستمتع بما أغنيه».

يُحيي برنار سوفا حفلاً في بيروت بمناسبة عيد الحب (ستار سيستم)

كان سوفا قبل دخوله عالم الغناء أستاذ رياضيات؛ «كنت أقف أيضاً على خشبة (استراد) من نوع آخر ترتبط بالصف الدراسي. اليوم الخشبة أخذت منحى آخر عندي، وصارت فضائي الواسع. تلامذتي كانوا يحبون أسلوبي في الشرح فيتلقفونه بسرعة. والأغنية أيضاً تتطلب سرعة الوصول إلى القلوب، فتضرب عند الناس وتلاقي تجاوباً منهم».

في رأيه حياة الفنان لا تقتصر على نجاحاته فقط لأن محبة الجمهور وحدها هي ما يصنع مسيرته، وهذا التفاعل بينه وبينهم يولّد علاقة وثيقة لا تتزعزع. ويتابع: «إنها تشبه تلك التي تربطني بجمهوري في لبنان. وأنا آتي إلى بيروت لأحافظ على هذا الحب. فالناس باتوا يبتعد بعضهم عن بعض أكثر فأكثر. وفي المقابل أحاول دائماً تقريب المسافات، لأن الإنسانية تعني لي الكثير».

يأسف برنار سوفا لما وصلت إليه الإنسانية بشكل عام: «أنتمي إلى جيل عاش حياة جميلة مليئة بالمحطات الحلوة والعلاقات الخيرة. ومن المحزن اليوم خوض حياة من نوع آخر تتحكم فيها المادة والسلطة. ولو كان جميع الرؤساء والحكام يتمتعون بذرّة حب للفن، لكان كوكب الأرض في حالة أفضل. وبكل الأحوال علينا تقبل كل جديد ونواكب حسناته».

لائحة أغانٍ خاصة بالجمهور اللبناني يؤديها في حفله (ستار سيستم)

وعن علاقته بالتطور الإلكتروني يقول: «كل أعمالي أنفّذها عبر هذا الاكتشاف. أؤلف أغنياتي وأقوم بعملية المونتاج لكليباتي المصورة من خلالها. ولكننا في فرنسا نعاني مشكلة في الاتصالات الإلكترونية. قد نحتاج إلى الاتصال بالشخص الآخَر 10 مرات لنُجري حواراً عبر الـ(موبايل)».

برنار سوفا الذي يبلغ اليوم 83 عاماً، هو مغنٍّ وملحن وكاتب أغانٍ. في بداياته عام 1970 وصفه مدير الإذاعة الفرنسية بالنسخة الجديدة من شارل ترينيه، وحقق نجاحات واسعة بأغنيات باتت مشهورة له مثل: «le professeur est un reveur»، و«l’amour il faut etre deux». ومن بعدها كرّت «سبحة» شهرته من خلال أغانٍ أخرى.

إقامته في لبنان لن تتعدى اليومين، إذ يصل في 8 فبراير ليتجهز للحفل. وفي اليوم التالي يُحيي الحفل ويغادر إلى فرنسا. «زيارتي هذه المرة ستكون قصيرة، ولكنني أعدكم بعودة قريبة. فأنا في حالة اشتياق دائمٍ لبيروت وناسها ومطاعمها ومقاهيها. فأمين أبي ياغي صاحب شركة (ستار سيستم) جعلني أتعرف عن كثب إلى بيروت ومناطق أخرى خلال زياراتي السابقة».

بحماس ينتظر اللبنانيون من جيلَي الثمانينات والتسعينات حفل برنار سوفا في كازينو لبنان. نغمة صوته وموسيقى كلمات أغانيه تنقلهم بشكل عفويّ إلى أيام يشتاقون إليها. فهو بالنسبة إليهم رمز من رموز ذكرياتهم الحلوة، ويَعدون أنفسهم بليلة من العمر يمضونها معه في مناسبة عيد الحب.


مقالات ذات صلة

باسكال مشعلاني لـ«الشرق الأوسط»: نحن شعب يحبّ السلام... والفنّ مسؤولية

الوتر السادس المخرج بول عقيقي لوّن مشاهد الكليب بسيارة «فولكسفاغن» قديمة صفراء (باسكال مشعلاني)

باسكال مشعلاني لـ«الشرق الأوسط»: نحن شعب يحبّ السلام... والفنّ مسؤولية

«ما حبيتش» هي الأغنية التي أصدرتها أخيراً الفنانة باسكال مشعلاني، وقد لوّنتها بلمسة تونسية تجيدها. فهي تعود للملحن والمغني التونسي علي الرياحي.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس وائل الفشني خلال مشاركته في احتفالية «100 سنة غنا» (دار الأوبرا المصرية)

وائل الفشني: الكلمة الجذابة تحسم اختياراتي الغنائية

أكد الفنان المصري وائل الفشني الذي اشتهر بتقديم الابتهالات الدينية والشعر الصوفي أن هذا اللون الغنائي له جمهور عريض في الوطن العربي

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس الفنان مصطفى قمر طرح أخيراً أغنية منفردة بعنوان «صناعة مصرية» (حسابه على «فيسبوك»)

هل اكتفى نجوم التسعينات في مصر بطرح الأغاني «السينغل»؟

حقق مطربون مصريون شهرة واسعة، خلال تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، عبر ألبوماتهم الغنائية التي كانوا يصدرونها عبر شرائط الكاسيت

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)

ألبوم مصنوع من النفايات... «كولدبلاي» يطلق إصداره الجديد

يصدر غداً الألبوم العاشر في مسيرة «كولدبلاي»، الفريق الموسيقي الأكثر جماهيريةً حول العالم. أما ما يميّز الألبوم فإنه مصنوع من نفايات جمعت من أنهار جنوب أميركا.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق النجمة الأميركية سيلينا غوميز (أ.ب)

بعد دخولها نادي المليارديرات... كيف علّقت سيلينا غوميز؟

بعد دخولها نادي المليارديرات... كيف علّقت سيلينا غوميز؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نباتات اصطناعية تُنقّي الهواء وتُولّد الكهرباء

نموذج تطبيقي للتكنولوجيا الجديدة (جامعة بينغهامبتون)
نموذج تطبيقي للتكنولوجيا الجديدة (جامعة بينغهامبتون)
TT

نباتات اصطناعية تُنقّي الهواء وتُولّد الكهرباء

نموذج تطبيقي للتكنولوجيا الجديدة (جامعة بينغهامبتون)
نموذج تطبيقي للتكنولوجيا الجديدة (جامعة بينغهامبتون)

طوَّر فريق بحثي من جامعة «بينغهامبتون» الأميركية، نباتات اصطناعية قادرة على أن تتغذّى على ثاني أكسيد الكربون، وتُطلق الأكسجين وتُولّد قدراً محدوداً من الطاقة الكهربائية؛ يأمل الباحثون أن تزيد معدلاته في المستقبل.

وأعاد أستاذ جامعة «بينغهامبتون» سوكهيون تشوي، وطالبة الدكتوراه مريم رضائي، استخدام بحوثهما حول البطاريات الحيوية التي تستمدّ طاقتها من كائنات حيّة مثل البكتيريا، في تطبيق فكرة جديدة للنباتات الاصطناعية التي يمكنها التغذّي على ثاني أكسيد الكربون، وإطلاق الأكسجين وتوليد القليل من الطاقة، وفق نتائج دراستهما المنشورة في مجلة «أدفانسد سيستنابل سيستمز» المعنيّة بنشر بحوث نُظم الاستدامة المتقدمة.

وقال تشوي، وهو عضو هيئة التدريس في كلية «توماس جيه واتسون للهندسة والعلوم التطبيقية» في جامعة بينغهامبتون: «بعدما مررنا بفترة انتشار وباء (كوفيد-19)، نعلم بشكل خاص أهمية جودة الهواء الداخلي في أي منشأة».

وأضاف في بيان نُشر، الجمعة، على موقع الجامعة: «يمكن لعدد من الأشياء التي نستخدمها في حياتنا أن تولّد مواد سامّة جداً، مثل مواد البناء والسجاد. نتنفّس ونستنشق هذه السموم بشكل مباشر، كما يؤدّي إطلاقها إلى تراكم مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجوّ. وثمة مخاطر تأتي من عمليات الطهي، في حين يتسلّل بعضها إلينا من الخارج».

باستخدام 5 خلايا شمسية بيولوجية تتضمّن بكتيريا التمثيل الضوئي الخاصة بها، ابتكر تشوي ومريم رضائي ورقة اصطناعية «كانت في البداية لمجرّد المتعة وقضاء الوقت في ابتكار شيء مفيد»، ثم أدركا أنّ هذا المفهوم الجديد يمكن أن تكون له آثار وتطبيقات أوسع.

لقد بنيا أول تطبيق تكنولوجي لهما بـ5 أوراق، ثم اختبرا معدلات التقاطه لغاز ثاني أكسيد الكربون الضار من الأجواء المحيطة وقدرته على توليد الأكسجين المفيد في المقابل.

ورغم أنّ عملية توليد الطاقة من هذه التكنولوجيا الجديدة يُقدَّر بنحو 140 ميكروواط فقط، مما يعدّ مجرّد فائدة ثانوية، فإن تشوي يأمل في تحسين هذه التكنولوجيا لتحقيق إنتاج يزيد، في حده الأدنى، على 1 ملي واط. ويريد أيضاً دمج نظام لتخزين الطاقة، مثل بطاريات الليثيوم أيون أو المكثفات الفائقة إلى هذه التكنولوجيا.

وهو ما يعلّق عليه بالقول: «أريد التمكُّن من استخدام هذه الكهرباء المتولّدة لشحن الهاتف المحمول أو استخدامها في عمليات أخرى».

ويضيف: «مع بعض الضبط الدقيق، يمكن أن تكون هذه النباتات الاصطناعية جزءاً من كل منزل. ومن السهل رؤية فوائد هذه الفكرة».

وأشارت الدراسة إلى أنّ الأميركيين يقضون في المتوسط نحو 90 في المائة من وقتهم داخل البيوت وأماكن العمل، وأن الهواء الذي نتنفّسه في العمل أو داخل المدرسة أو المنزل يؤثر في صحتنا، ومعظم أنظمة تنقية الهواء باهظة الثمن ومرهقة وتتطلّب التنظيف المتكرّر.