ترحيب فلسطيني شامل بقرار محكمة العدل الدولية ورام الله تعده «تاريخياً»

الرئاسة الفلسطينية: «القرار المصيري يذكّر العالم بأن لا دولة فوق القانون

قضاة محكمة العدل خلال تلاوة القرار اليوم (إ.ب.أ)
قضاة محكمة العدل خلال تلاوة القرار اليوم (إ.ب.أ)
TT

ترحيب فلسطيني شامل بقرار محكمة العدل الدولية ورام الله تعده «تاريخياً»

قضاة محكمة العدل خلال تلاوة القرار اليوم (إ.ب.أ)
قضاة محكمة العدل خلال تلاوة القرار اليوم (إ.ب.أ)

رحّب الفلسطينيون، في السلطة الفلسطينية وكذلك في حركة «حماس»، بالأمر القضائي لمحكمة العدل الدولية، بفرض تدابير مؤقتة ضد إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وبقبول الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، حول تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وعدّته الرئاسة الفلسطينية في رام الله «قراراً تاريخياً».

وأكدت الرئاسة باسم دولة فلسطين، اليوم (الجمعة)، أن «القرار المصيري لمحكمة العدل الدولية، يذكّر العالم بأن لا دولة فوق القانون، وأن العدل يسري على الجميع، ويضع هذا القرار حداً لثقافة الإجرام والإفلات من العقاب لإسرائيل، والتي تمثلت بعقود من الاحتلال، والتطهير العرقي، والاضطهاد، والفصل العنصري».

فلسطينيون يتابعون في رام الله قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي اليوم (رويترز)

وأشارت الرئاسة إلى «فشل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في تقديم أي دليل مقنع للمحكمة بأنها لا تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بل قدمت للقضاة أكاذيب وروايات مسيسة ومفضوحة، والقضاة بدورهم قيّموا بموضوعية ما بين أيديهم من حقائق مستندة إلى القانون، كما قدمتها جنوب أفريقيا، وكما تعكسها جسامة الأوضاع على أرض الواقع في فلسطين، وهو ما حدا بهم (إلى) إقرار التدابير الاحترازية، فإسرائيل اليوم متهمة بتدمير شعب بأكمله، والآن تمثُل كمتهمة بجريمة الإبادة الجماعية، جريمة الجرائم».

مسؤولون وقانونيون يحتفلون في جوهانسبرغ بصدور قرار محكمة العدل الدولية اليوم (إ.ب.أ)

وقالت: «انطلاقاً من هذا القرار التاريخي؛ تدعو دولة فلسطين المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة، ووقف جريمة الإبادة الجماعية، وجميع عمليات التدمير، وجريمة التهجير القسري، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2720 بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية، والسماح الفوري بعودة النازحين لمنازلهم». كما دعت دولة فلسطين، الدول كافة، بما في ذلك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، إلى ضمان احترام قرار محكمة العدل الدولية، وأن تلتزم حكومات العالم بعدم التواطؤ في ارتكاب الإبادة الجماعية، وأن تعمل على وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، مشيرة إلى أن حكومات العالم ملزَمة بأن تتخذ خطوات من شأنها وضع حد لأعمال القتل والتدمير واسعة النطاق في قطاع غزة، مذكرة بأن مطالباتها هذه باتت ذات طبيعة قانونية إلزامية وقطعية. وعبّرت عن امتنان الشعب الفلسطيني وقيادته لشعب وحكومة جنوب أفريقيا لما اتخذته من «خطوات شجاعة، مثلت تضامناً فعلياً مع مأساة شعبنا الفلسطيني».

مؤيدون لفلسطين قرب مقرّ محكمة العدل في لاهاي اليوم (رويترز)

وعبّرت عن «الشكر والامتنان للملايين من شعوب العالم، والذين لم يتوقفوا عن التظاهر للتعبير عن تضامنهم مع شعبنا الفلسطيني ولحقه بالحياة والحرية، وعن رفضهم للإبادة الجماعية».

وقال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، في كلمة بثها التلفزيون الفلسطيني، اليوم: إن فلسطين ترحّب بالإجراءات المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية. وذكر أن قضاة المحكمة قيّموا الوقائع وحكموا لصالح الإنسانية والقانون الدولي. وأضاف، أن فلسطين تدعو جميع الدول، من بينها إسرائيل، إلى ضمان تنفيذ الإجراءات المؤقتة التي أمرت بها المحكمة.

وأعلن سامي أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية لحركة «حماس» في الخارج، لـ«رويترز»، اليوم، أن قرار محكمة العدل الدولية تطور مهم يسهم في عزل إسرائيل وفضح جرائمها في غزة. وقال: «ندعو إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة».

مساعد وزير الخارجية الفلسطينية للعلاقات متعددة الأطراف السفير عمار حجازي يتحدث إلى الصحافيين في لاهاي اليوم (أ.ب)

وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة النجاح الوطنية، باسل منصور إن قرار محكمة العدل الدولية، خلق أملاً لدى الفلسطينيين بتطبيق قواعد القانون الدولي. وأضاف: «رغم أن الآمال كانت بإصدار قرار بوقف إطلاق النار بشكل مباشر وفوري، فإن المحكمة الدولية وقضاتها كان لديهم ضمير في إصدار بعض القرارات لصالح شعبنا، كأمر إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال باتخاذ جميع التدابير لمنع الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة لقطاع غزة». وأوضح، أن بعض القرارات شكّلت إنجازاً كبيراً، خاصة تلك التي حصلت على أغلبية أصوات القضاة.

وأكد مساعد وزير الخارجية الفلسطينية للعلاقات متعددة الأطراف، السفير عمار حجازي، أن هذا «يوم تاريخي لفلسطين والإنسانية جمعاء». وقال: إن هذا القرار يعني أن إسرائيل ستحاكَم في قادم الأيام بتهمة الإبادة الجماعية وانتهاكات أخرى لمعاهدة الإبادة الجماعية في أعلى سلطة قضائية في العالم.

وأكد حجازي، خلال مؤتمر صحافي عقد أمام المحكمة في لاهاي عقب انتهاء الجلسة، أن إسرائيل فشلت في التهرب من المساءلة، وفشلت كذلك في تبرير ما ترتكبه من فظائع، حيث قيّم قضاة محكمة العدل الدولية الحقائق والوقائع والمعطيات القانونية التي قُدّمت لهم من جنوب أفريقيا، ولم يتأثروا بمحاولة دولة الاحتلال لتسييس ما قُدم أو تحريفه أو تكذيبه. وأشار السفير حجازي إلى أن الحكم يمثل انتصاراً للقانون الدولي والإنسانية، ورفضاً واضحاً للفوضى والمعايير المزدوجة، وفيه «رسالة واضحة لدولة الاحتلال وداعميها بأن لا أحد فوق القانون أو خارج نطاق المساءلة، وأن أيام الإفلات من العقاب قد ولّت». وشدد على أنه لا يمكن تطبيق القرارات الصادرة في حكم محكمة العدل الدولية دون وقف إطلاق النار، قائلاً: إن في كل جوانب هذا القرار هناك دعوة ضمنية لوقف إطلاق النار.


مقالات ذات صلة

كاتس يتراجع أمام زامير ويسوِّي معه جميع الخلافات

شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (يسار) ورئيس الأركان إيال زامير (وزارة الدفاع) play-circle

كاتس يتراجع أمام زامير ويسوِّي معه جميع الخلافات

كاتس يتراجع أمام زامير، ويتفق معه على توحيد التحقيقات في إخفاقات «السابع من أكتوبر»، ويُلغي تجميد ترقيات في الجيش الإسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

بعد قطيعة بسبب حرب غزة... بوليفيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل وبوليفيا ستوقعان اتفاقاً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز) play-circle

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا الحكومة البريطانية تعلن استضافة مؤتمر لإنشاء صندوق دولي للسلام من أجل إسرائيل وفلسطين (إ.ب.أ)

بريطانيا تعلن استضافة مؤتمر «لبناء السلام» لفلسطين وإسرائيل في مارس المقبل

أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، أنها سوف تستضيف في الثاني عشر من مارس (آذار) المقبل مؤتمراً هاماً لبناء السلام والمساعدة في إنشاء صندوق دولي للسلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون داخلياً بينهم أطفال يحملون أواني الطعام في أثناء تجمعهم لتلقي الطعام من مطبخ خيري في مدينة غزة أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

«يونيسف»: أعداد «صادمة» من أطفال غزة ما زالوا يعانون سوء التغذية الحاد

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم (الثلاثاء)، من استمرار ارتفاع حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

وزير الخارجية اللبناني يرفض دعوة لزيارة إيران ويقترح لقاء في «دولة محايدة»

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)
TT

وزير الخارجية اللبناني يرفض دعوة لزيارة إيران ويقترح لقاء في «دولة محايدة»

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)

عكس رفض وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، تلبية دعوة نظيره الإيراني عباس عراقجي لزيارة طهران في الوقت الراهن، واقتراحه عقد لقاء في دولة ثالثة، مؤشراً على تبدل في العلاقات الدبلوماسية بين بيروت وطهران.

وقال رجي، في تغريدة، الأربعاء، إنه يعتذر عن عدم قبول دعوة لزيارة طهران في الوقت الراهن، واقترح بدلاً من ذلك عقد لقاء «في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها». وأضاف أن «الظروف الحالية» هي سبب قراره عدم زيارة إيران، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وشدد على أن هذا «لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوافرة». وشدد على أن أي انطلاقة جديدة بين بيروت وطهران يجب أن تقوم على أسس واضحة، تشمل احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والالتزام المتبادل بالمعايير التي تحكم العلاقات بين الدول. كما أعرب عن استعداد بلاده لبناء علاقة «بنّاءة» مع إيران تتسم بالوضوح والاحترام.

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني لزيارة طهران في المستقبل القريب لمناقشة العلاقات الثنائية.

وقالت مصادر رسمية لبنانية إن قرار الوزير رجي «متعلق به حصراً لأن الدعوة وصلت إليه، ولم تصل إلى الدولة اللبنانية». وأشارت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا الموقف «عائد له (رجي)، ويعبّر عنه».

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رجي وعراقجي خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ولا تزال العلاقات بين لبنان وإيران مستمرة، رغم المواقف الحادة التي تبلغها بيروت للمسؤولين الإيرانيين تأكيداً لموقف لبنان الرسمي الرافض لأي تدخل بشؤونه الداخلية.

واستقبل مسؤولون لبنانيون، وتحديداً رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، في أغسطس (آب) الماضي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في بيروت.

لكن في تلك الزيارة، برز توتر في العلاقة مع الوزير رجي، إذ قال لاريجاني إنه ليس لديه الوقت الكافي للقاء رجي، ما دفع الأخير للردّ: «حتى لو كان لديّ الوقت، لم أكن لألتقي به».

وليست تلك المرة الأولى التي يتحدث فيها رجي عن الاجتماع ببلد ثالث، لكنها المرة الأولى التي تأخذ الطابع الرسمي. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دعا رجي نظيره الإيراني للتفاوض خلال لقاء تلفزيوني، وردّ عراقجي بالقول: «نحن لا نتدخّل في الشؤون الداخلية للبنان، لكننا نرحب بأي حوار بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين إيران ولبنان، ولا حاجة لبلد ثالث». وأضاف: «أدعو زميلي يوسف لزيارة طهران، وأنا مستعد أيضاً لزيارة بيروت بكل سرور إذا تلقيت دعوة رسمية لذلك».

علاقة غير مكتملة

ويحمل موقف رجي الأخير إشارة دبلوماسية إلى أن العلاقة بين لبنان وإيران «غير مكتملة»، حسبما يقول وزير الخارجية اللبناني الأسبق فارس بويز، الذي يرى أن هذا الموقف «يشير بوضوح إلى أن العلاقات الدبلوماسية اللبنانية - الإيرانية ليست على ما يُرام»، موضحاً: «عندما تكون هناك تباينات أو إشكالات، عادة ما يُعقد الاجتماع الأول في بلد ثالث، بغرض وضع أسس لحلحلة الإشكالات والتوصل إلى تفاهمات».

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)

وأكّد بويز، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن وزير الخارجية، في العادة «لا يخرج عن الموقف الرسمي، حتى لو كان له خروج طفيف وشكلي عن هذا الموقف». وعليه، «يُنظر إلى هذا الموقف على أنه يعبر عن موقفي رئيسي الجمهورية جوزيف عون، والحكومة نواف سلام، ويحمل محاولة للقول إنه يفترض أن توقف طهران دعمها لفريق معين في لبنان، وتوقف التدخل»، مشدداً على ضرورة أن يوجد اللقاء المقترح في دولة ثالثة حلولاً للملفات المطروحة.

حدود السيادة والاحترام

ويتهم لبنان إيران بالتدخل في شؤونه الداخلية. وأعاد رئيس الجمهورية في لقائه مع لاريجاني في أغسطس الماضي، التأكيد على الموقف المبدئي والرسمي اللبناني، إذ أكد أنه من غير المسموح لأي جماعة في لبنان حمل السلاح أو الاعتماد على مساندة طرف خارجي.

وأضاف في بيان: «نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة»، موضحاً أن «لبنان الذي لا يتدخل مطلقاً بشؤون أي دولة أخرى، ويحترم خصوصياتها، ومنها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية». كما أكّد أن لبنان منفتح على التعاون مع إيران، لكن في حدود السيادة الوطنية والاحترام المتبادل.

تصحيح العلاقات الدبلوماسية

وشهدت العلاقة الدبلوماسية بين إيران ولبنان استقراراً منذ عام 1990، حين أعاد بويز تصويب العمل الدبلوماسي «وفق الأصول والتزاماً بمقررات اتفاقية فيينا». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه خلال فترة الحرب، كانت الوفود الإيرانية تصل إلى بيروت عبر سوريا، من دون إبلاغ السلطات اللبنانية، وكانت تلتقي بـ«حزب الله».

وبعد توليه حقيبة الخارجية، طلب السفير الإيراني آنذاك موعداً منه، عام 1990، واستقبله بالقول: «آمل ألا تكون هذه آخر زيارة لك إلى الخارجية، بالنظر إلى أن وفودكم لا تجتمع مع الدولة اللبنانية كسلطة سياسية ولا تدخل حسب الأصول، واخترتم التعاطي مع فئة معينة في لبنان، وليس الدولة، فإذا واصلتم تجاهل الدولة واتفاقية فيينا، فذلك سيكون آخر لقاء».

ويضيف بويز: «طلبت منه إبلاغ وزير الخارجية آنذاك علي أكبر ولايتي بموقفنا، وبالفعل تلقيت رسالة من ولايتي بعد يومين بالموافقة على تصحيح العلاقة الدبلوماسية، وتبادلنا الرسائل والزيارات الرسمية، واجتمعنا ووقعنا اتفاقيات أثمرت تصحيحاً للخلل في العلاقة، وأعيد انتظام الأمور».

ويذكّر بويز بموقفه الذي قاله في مؤتمر صحافي مشترك مع ولايتي في وزارة الخارجية اللبنانية، حين قال: «لا توجد مقاومة إلا تحت سقف الدولة، وعليها أن تتناغم مع سياسة الدولة لإنتاج تكامل يؤدي إلى تحرير جنوب لبنان»، لافتاً إلى أنه دعا «المقاومة للتناغم مع السياسة الرسمية لتقوية موقف الدولة والقضية معاً».

تراجع الدور الإيراني

ويرى لبنانيون أن موقف وزير الخارجية الأخير يؤشر إلى تراجع الدور الإيراني في لبنان، والتأثير الذي كانت تمتلكه طهران في الدولة اللبنانية، كامتداد لنفوذ «حزب الله» فيها. غير أن بويز يربط تأثير إيران بواقع علاقتها مع واشنطن، ويوضح: «في الواقع، لا يمكن أن نتحدث عن المقاومة (حزب الله) في لبنان، من دون الحديث عن الدعم السياسي والمعنوي والمالي والعسكري الإيراني لها. وانطلاقاً من ذلك، فإن جزء من العلاقة بين المقاومة والدولة اللبنانية يرتبط بعلاقة طهران مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة»، مشيراً إلى الحوار بين واشنطن وطهران حول تحرير إيران من العقوبات والإفراج عن أموالها المحتجزة، ويضيف بويز: «لا أحد ينكر انعكاس العلاقات الأميركية الإيرانية على المسرح اللبناني، كلما تعكرت الأمور انعكست تصعيداً في لبنان، وكلما ارتاحت المفاوضات الإيرانية الأميركية، انعكست ارتياحاً على الساحة اللبنانية».


«اليونيفيل»: تعرض دورية تابعة لنا لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي بجنوب لبنان

آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

«اليونيفيل»: تعرض دورية تابعة لنا لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي بجنوب لبنان

آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أعلنت قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، اليوم الأربعاء، أن قوات لها تعرّضت لإطلاق نار من جنود اسرائيليين في دبابة في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، مشيرة إلى أنه لم تسجّل أي إصابات.

وقالت «اليونيفيل» في بيان: «بالأمس، تعرض جنود حفظ السلام الذين كانوا يقومون بدورية على طول الخط الأزرق لإطلاق نار من قبل جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في دبابة من طراز ميركافا»، مضيفة: «أُطلقت دفعة واحدة من عشر رشقات من أسلحة رشاشة فوق الدورية، تلتها أربع دفعات أخرى من عشر رشقات بالقرب منها».

وقالت اليونيفيل إن الهجوم على قوات حفظ السلام أو بالقرب منها «انتهاك خطير لقرار مجلس الأمن رقم 1701».
ودعت القوة الأممية الجيش الإسرائيلي إلى «التوقف عن السلوك العدواني والهجمات على قوات حفظ السلام أو بالقرب منها... في هذه الظروف الحساسة جداً».


بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك سفينة «نيترات انفجار المرفأ»

عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)
عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)
TT

بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك سفينة «نيترات انفجار المرفأ»

عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)
عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)

رفضت السلطات القضائية في بلغاريا طلب لبنان تسليمه الروسي إيغور غريتشوشكين، مالك السفينة «روسوس»، التي كانت محملة بـ«نيترات الأمونيوم» وانفجرت في مرفأ بيروت، في خطوة زادت من حجم التعقيدات القانونية والسياسية التي تعيق هذا الملف منذ أكثر من 4 سنوات.

أقارب الضحايا ينتظرون وصول البابا ليو الرابع عشر إلى مرفأ بيروت لإقامة صلاة صامتة بموقع الانفجار (أرشيفية - رويترز)

وكشف مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «تبلّغت رسمياً بالقرار الذي أصدرته الأربعاء محكمة بلغارية، القاضي برفض طلب تسليم غريتشوشكين، المطلوب للتحقيق في لبنان، مبررة ذلك بعدم تلقيها ضمانات كافية من الجانب اللبناني بعدم تطبيق عقوبة الإعدام بحقّه»، وهو شرط تعتبره المحاكم الأوروبية أساسياً للتعاون مع أي دولة أخرى في قضايا تسليم المطلوبين.

انتكاسة للتحقيقات

ويمثّل القرار البلغاري انتكاسة إضافية لمسار التحقيق اللبناني الذي يواجه عقبات داخلية وخارجية منذ نهاية عام 2021، إذ يعدّ مثول غريتشوشكين أمام المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، واستجوابه، مسألة مركزية في هذا الملفّ. وقال المصدر القضائي إن «إفادة غريتشوشكين يعوّل عليها، لكونه مالك السفينة التي نقلت نترات الأمونيوم من موزمبيق إلى مرفأ بيروت، وأفرغت حمولتها في العنبر رقم 12 في خريف عام 2013، الذي انفجر في 20 أغسطس (آب) 2020، ولا تزال أسباب الانفجار مجهولة»، مشدداً على أن مالك السفينة «يفترض أن تكون لديه معلومات عن الجهة التي اشترت (نيترات الأمونيوم) وما إذا كانت الشحنة متجهة إلى جورجيا، وأن السفينة رست مؤقتاً في مرفأ بيروت قبل أن تصاب بخلل كاد يؤدي إلى غرقها، ما استدعى تفريغ حمولتها، أم أن مجيئها إلى مرفأ بيروت كان مقصوداً».

قرار المحكمة البلغارية ليس نهائياً وهو قابل للإبطال، وفق المصدر القضائي اللبناني الذي أشار إلى أن المدعي العام في صوفيا «يستعد لتقديم طعن رسمي بهذا القرار أمام محكمة الاستئناف في صوفيا، خصوصاً أن النيابة العامة البلغارية سبق أن وافقت على الطلب اللبناني في مراحل سابقة، وقدّمت رأياً إيجابياً بشأن تسليمه إلى لبنان»، لافتاً إلى أن غريتشوشكين «سيبقى موقوفاً لمدة 7 أيام إضافية، بانتظار موقف المدعي العام البلغاري، وربما يمتدّ التوقيف حتى صدور قرار نهائي عن محكمة الاستئناف».

معايير أوروبية

ورغم أن نافذة التسليم لا تزال قائمة، فإن الرهان على ذلك تراجع إلى حدّ كبير، ولا سيما أن لبنان الذي ألغى عملياً تنفيذ الإعدام منذ عام 2004، لم يلغِ النص القانوني للعقوبة من التشريعات، ما يجعل الاطمئنان الأوروبي بحاجة إلى ضمانات رسمية ومباشرة.

وبرأي خبراء قانونيين، فإن الضمانات المتعلقة بعقوبة الإعدام ليست تفصيلاً، بل تمثّل جزءاً من المعايير الأوروبية الصارمة للتعاون القضائي، ولا سيما أن معظم الدول الأوروبية، وبينها بلغاريا، تعتبر أن تسليم أي مشتبه به يستوجب تعهداً خطياً بعدم تعريضه لأي عقوبة تتعارض مع منظومتها الحقوقية.

عنصران من الشرطة البلغارية يرافقان الروسي إيغور غريتشوشكين بعد استجوابه في محكمة في صوفيا (أ.ب)

وبانتظار الخطوة التي سيقدم عليها المدعي العام البلغاري، والقرار النهائي لمحكمة الاستئناف، ثمّة خطوة قانونية لجأ إليها لبنان، وهي الطلب من القضاء البلغاري السماح للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار بالسفر إلى بلغاريا لاستجواب غريتشوشكين هناك.

ولفت المصدر القضائي إلى أن لبنان «لم يتلقَّ حتى الآن جواباً بقبول أو رفض هذا الطلب، ما يجعل التواصل القضائي بين البلدين في حالة انتظار».