أثار تحذير وزير الداخلية المصري محمود توفيق من سعي تنظيم «الإخوان» المحظور، إلى إحياء نشاطه عبر توظيف «لجان إعلامية» لترويج «الإشاعات وتكريس الإحباط والتحريض على العنف»، الحديث عن نجاح الدولة في تفكيك التنظيم، الذي تصنفه السلطات «جماعة إرهابية» منذ عام 2014.
وجاءت تصريحات وزير الداخلية، الأربعاء، بمناسبة «عيد الشرطة» الـ72، الذي يجري الاحتفال به في «25 يناير (كانون الثاني)»، وهو اليوم الذي شهد انتفاضة «25 يناير» 2011، التي أجبرت الرئيس الراحل حسني مبارك على التنحي، بعد حكم دام 30 عاماً، لتتولى جماعة الإخوان حكم البلاد، لمدة عام، عبر الرئيس الراحل محمد مرسي، الذي عزل بعدُ هو الآخر عقب احتجاجات شعبية عارمة في 30 يونيو (حزيران) 2013.
وقال وزير الداخلية المصري إن الجماعة تعمل على «توظيف اللجان الإعلامية لترويج الإشاعات وتكريس الإحباط والتحريض على العنف لزعزعة الاستقرار والسلام المجتمعي»، مؤكداً اتخاذ الجماعة «لبعض العناصر التي تختلف معها فكرياً واجهة لتحقيق أهدافها المؤثمة تحت شعار (اختلاف الفكر ووحدة الهدف)».
وأشار توفيق إلى «إجهاض 129 محاولة لتكوين بؤر إرهابية واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه عدد من الكيانات التجارية تقدر قيمتها السوقية بـ3.6 مليار جنيه لتورطها في تقديم الدعم المالي لتنظيم الإخوان الإرهابي».
ويرى وكيل جهاز «أمن الدولة» الأسبق، فؤاد علام، أن الجماعة «تواصل انتهاج الفكر المتطرف والصدام مع الدولة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة التي تعرضت للتفكيك في مصر «تعمل على إعادة تنظيم نفسها بالخارج بشكل أكبر، خاصة في تركيا وسوريا»، مشيراً إلى أن «وجودها بالمناطق التي تشهد أعمالاً إرهابية في سوريا يعكس توجهها الحالي لتدريب أعضائها وقياداتها على الأعمال العسكرية والتحرك المسلح».
ويعتقد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور حسن أبو طالب، أن «التنظيم فكك بشكل كبير داخل مصر، فلم يعد بالقوة التي كان عليها قبل 2011 أو حتى في 2013، وهو أمر يربطه بعدة عوامل، من بينها الضغوط الكبيرة التي تعرض لها في الداخل والانقسامات التي شهدها بين قياداته وأدت إلى إحداث حالة من الارتباك بين قياداته داخل أو خارج مصر».
وأشار إلى أن «استعادة قوة الدولة المصرية ورصد الاتصالات التي يقوم بها أعضاء التنظيم في الخارج بالموجودين في الداخل، بالإضافة إلى الرفض الشعبي للجماعة والنظر إليها بوصفها أحد الأسباب التي دفعت البلاد لمرحلة حرجة للغاية، أمور تساعد في إجهاض أي مخططات يعتزم التنظيم القيام بها».
وحذر وزير الداخلية المصري من محاولات «التنظيمات الإرهابية» استغلال تراجع الأوضاع الأمنية بمنطقة الشرق الأوسط، لإعادة التمركز و«تكوين بؤر جديدة» تتخذها منطلقاً لـ«التمدد واستعادة قدراتها في استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب وتدريبه افتراضياً ودفعه للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات بلاده».
ورغم عدّ وكيل جهاز «أمن الدولة» الأسبق أن «تنظيم الإخوان» جرى تفكيكه بالكامل داخل مصر ولم يعد له وجود أو تأثير، فإنه يرى أن عدد البؤر الإرهابية التي أحبطتها الداخلية المصرية في 2023 «كبير جداً»، الأمر الذي يتطلب «يقظة أمنية» مستمرة، مشيراً إلى أن «تفكيك التنظيم» لا يعني وجود «تراخ أمني» في التعامل مع محاولاته للعودة، وهي صفة تتسم بها غالبية التنظيمات الإرهابية، خاصة العابرة للحدود على غرار «الإخوان».
وهو رأي يدعمه مستشار مركز الأهرام للدراسات الذي يؤكد أن فكرة «الجماعة» لم تنته ولم يتم القضاء عليها بشكل كامل، مرجحاً استمرار وجود مجموعات و«خلايا» تنتظر اللحظة المناسبة للحركة، وهو أمر يفسره حرص أعضاء التنظيم الموجودين بالخارج على السعي من أجل المصالحة مع الدولة المصرية.
ويوجد عدد كبير من قيادات الجماعة بالسجون المصرية بموجب أحكام قضائية بعد «إدانتهم بارتكاب أعمال عنف، والتحريض على القتل»، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج ومطلوبون للقضاء المصري.
أسباب عدة يراها أبو طالب دافعاً لرفض المصالحة بين الدولة المصرية والتنظيم؛ في مقدمتها «عدم اعتراف الدولة بجماعات أو أطراف تعمل خارج إطار الدستور والقانون ولديها ولاءات خارجية، بجانب الموقف الشعبي الرافض للجماعة والتنظيم»، مشيراً إلى أنه «رغم وجود داعمين للتنظيم في الخارج يسعون لدعمه، فإن هذه التحركات لن يكون لها تأثير على القرار المصري».