مطالبات غربية لإيران بالضغط على الحوثيين... واستعداد أوروبي لمهمة بحرية

مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: المواقف متباعدة جداً ولكن علينا إكمال الحوار

باخرة تبحر في بحر العرب قرب باب المندب قبالة عدن اليمنية نهاية ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
باخرة تبحر في بحر العرب قرب باب المندب قبالة عدن اليمنية نهاية ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

مطالبات غربية لإيران بالضغط على الحوثيين... واستعداد أوروبي لمهمة بحرية

باخرة تبحر في بحر العرب قرب باب المندب قبالة عدن اليمنية نهاية ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
باخرة تبحر في بحر العرب قرب باب المندب قبالة عدن اليمنية نهاية ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

فيما تبحث الدول الأوروبية تفاصيل المهمة البحرية لحماية السفن من الحوثيين في البحر الأحمر بعد حصولها على موافقة دول الاتحاد المبدئية في بروكسل، يوم الثلاثاء الماضي، تستمر الجهود الدبلوماسية لمحاولة تخفيف التصعيد ومنع توسع الصراع في المنطقة.

ويسعى الاتحاد الأوروبي لإقناع إيران باستخدام «نفوذها» مع الحوثيين لحثّهم على وقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، التي دفعت الولايات المتحدة وبريطانيا لشنّ ضربات محدودة على الجماعة في اليمن.

وكان ملفتاً لقاء وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون نظيره الإيراني أمير حسين عبداللهيان على هامش اجتماعات «دافوس»، الأربعاء، بحسب بيان للخارجية البريطانية، قال إن كاميرون دعا إيران لاستخدام تأثيرها على الحوثيين «لمنع تهديدات إضافية من الحوثيين» في البحر الأحمر، واصفاً اعتداءاتهم على السفن بأنها «غير قانونية وغير مقبولة».

وشهد يوم الأربعاء لقاء أوروبياً - إيرانياً آخر، جمع بين أنريكي مورا، نائب مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، وممثل الاتحاد الأوروبي في المفاوضات النووية مع إيران، مع علي باقري كني، نائب وزير الخارجية الإيراني وممثل إيران في المفاوضات النووية. وكان أحد أهم أهداف اللقاء، بحسب ما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية مطلعة، إقناع إيران بالسعي مع الحوثيين لوقف هجماتهم على السفن. ورغم أن المصادر وصفت اللقاء بأنه كان «جيداً»، أكدت أن وجهتي النظر الغربية والإيرانية كانتا «بعيدتين جداً، إحداهما عن الأخرى».

وقالت المصادر إن باقري كني لم يقدم أي التزام بالسعي للتأثير على الحوثيين، ولكن في المقابل أشارت المصادر المطلعة إلى أن مورا امتنع كذلك عن الضغط بالتهديد بعقوبات إضافية على إيران في حال عدم مساهمتها في تخفيف التصعيد في المنطقة، كما أنه لم يقدم حوافز معينة تتعلق بالاتفاق النووي مقابل تدخل إيران مع الحوثيين. وقالت المصادر نفسها إن نفي إيران دعمها للجماعة اليمنية، التي عادت واشنطن وصنّفتها إرهابية، يزيد من صعوبة المحادثات معها في هذا الموضوع. وأضافت أنه رغم أن هذه الرواية الإيرانية «قد تكون صحيحة، وأن إيران لا تتحكم بالحوثيين بشكل كامل، فهي من دون شك تتمتع بتأثير كبير على الجماعة». وترى المصادر أن اللقاء أثبت أن هناك حاجة لمزيد من التشاور مع إيران لتقريب وجهات النظر.

وكان جوزيف بوريل، مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قد قال كلاماً شبيهاً لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام، وأجاب رداً على سؤال حول سعي الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات ملموسة ضد الحوثيين في حال استمرارهم تهديد الملاحة: «لا أعتقد أن العقوبات يمكنها أن تغير أي شيء». وأضاف: «لا أحد يعلم ما سيحصل غداً، وإن هناك مخاطرة متعاظمة لتصعيد الوضع، وأي حسابات خاطئة من أي طرف ستكون لها مخاطر غير معلومة».

وفيما تستمر الجهود الأوروبية لوقف التصعيد دبلوماسياً مع إيران، تستعد دول الاتحاد الأوروبي للانضمام للمهمة البحرية البريطانية الأميركية لحماية السفن في البحر الأحمر. وقد وافق سفراء دول الاتحاد قبل يومين على خطة مبدئية لخلق مهمة بحرية لحماية السفن من اعتداءات الحوثيين، على أن يناقش الخطة يوم الاثنين المقبل وزراء خارجية الاتحاد، ويعطوا الموافقة النهائية عليها.

وكانت الدول الأوروبية تتخوف من معارضة إسبانيا للمهمة، لكن دبلوماسيين قالوا يوم الأربعاء، في تصريحات لموقع «إي يو أوبزيرفر»، الذي يصدر من بروكسل، إن ممثل مدريد لم يبدِ اعتراضه على الخطة، ما يشير إلى أن إسبانيا ربما تعتمد مبدأ «الامتناع البنّاء». ونقل الموقع عن دبلوماسي ثانٍ قوله إن الخطة «لاقت ترحيباً واسعاً من الدول الأعضاء»، مشيراً إلى أن بعض الدول الإسكندنافية ما زالت تناقش التفاصيل. وأشار الدبلوماسيون إلى أن الخطة المفضلة هي توسيع المهمة الحالية التي تقودها فرنسا، ومقرها الإمارات، تحت اسم «أجينور»، وهي مهمة أنشئت عام 2019 عندما بدأت التهديدات للملاحة في البحر الأحمر، وهي مهمة مراقبة بحرية بشكل أساسي تشمل كامل الخليج وجزءاً من بحر العرب ومضيق هرمز. ويشارك في هذه المهمة 9 دول أوروبية، هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا والدنمارك والنرويج والبرتغال واليونان.

وستعمل الدول الأوروبية على تحديد الأطر القانونية لتوسيع المهمة البحرية تلك، وتحديد عملها بشكل دقيق. وتدور النقاشات على أن تتوسع المهمة لتشمل نشر 3 فرقاطات أوروبية على الأقل، تعمل على مرافقة السفن في البحر الأحمر، وفي حال تعرضها لهجوم من الحوثيين، تردع هذه الهجمات.

وأعلنت هولندا أنها مستعدة للمشاركة في المهمة بإرسال فرقاطة، وقالت وزيرة الدفاع الهولندية أمس إن النقاشات ما زالت جارية حول الأمر، وإنه من الضروري الحصول على تفويض في البرلمان، لكنها أكدت أن الحكومة الهولندية تؤيد المهمة وإرسال الفرقاطة. ويبدو أن ألمانيا كذلك تخطط لإرسال فرقاطة للمشاركة في المهمة البحرية، لكنها هي أيضاً بحاجة لتفويض من البرلمان قبل المشاركة في العملية. وتخطط الحكومة لطرح النقاش في منتصف فبراير (شباط)، ومن المتوقع أن تتم الموافقة عليه. وهكذا تكون ألمانيا مستعدة للمشاركة في المهمة الأوروبية التي من المتوقع أن تبدأ في نهاية فبراير.

وقالت رئيسة لجنة الدفاع في البرلمان الألماني ماري أغنيس شتراك زيمرمان، إن مشاركة ألمانيا في المهمة البحرية تهدف لحماية السفن التجارية التي تمر في مضيق هرمز، مضيفة أن هجوم الحوثيين على السفن «هو اعتداء على حرية التجارة، وتجب مواجهته». وأكدت متحدثة باسم الحكومة الألمانية أمس أن برلين تريد المشاركة في القوة البحرية الأوروبية، وأنها مستعدة بفرقاطاتها لذلك، لكنها تنتظر اتفاقاً أوروبياً قبل أن تتحرك.

وكتبت صحيفة «دي فيلت» أن الفرقاطة «هسن» ستبدأ الإبحار باتجاه المنطقة مطلع فبراير. وبحسب الصحيفة، فإن الفرقاطة مزودة بأجهزة رادارات قادرة على كشف 1000 هدف في الوقت نفسه، ومجهزة بصواريخ مضادة للطائرات، وتضم طائرات هليكوبتر هجومية. وكانت الفرقاطة «هسن» قد شاركت مؤخراً في عمليات تدريب لـ«الناتو» لردع روسيا في بحر الشمال وبحر القطب الشمالي.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» قوة عسكرية لبنانية مدعومة من إيران... وذات دور إقليمي متنامٍ

المشرق العربي ماذا نعرف عن «حزب الله»؟ (أ.ب)

«حزب الله» قوة عسكرية لبنانية مدعومة من إيران... وذات دور إقليمي متنامٍ

طوّر «حزب الله» الذي قتلت إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله، في غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، ترسانته العسكرية منذ الحرب المدمرة التي خاضها صيف 2006 ضد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي دخان متصاعد من سفينة أصابها صاروخ حوثي (رويترز)

الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف في إسرائيل وتحذير يمني من التصعيد

قالت جماعة «الحوثي» اليمنية المتحالفة مع إيران، إنها استهدفت مدينتي تل أبيب وعسقلان في إسرائيل و3 مدمرات أميركية في البحر الأحمر.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة زعموا أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

الحوثيون: استهدفنا تل أبيب وعسقلان في إسرائيل

قال الحوثيون في اليمن، الجمعة، إنهم استهدفوا إسرائيل بإطلاق صاروخ باليستي صوب تل أبيب وطائرة مسيّرة صوب عسقلان تضامناً مع غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الجيش الإسرائيلي يعلن مواصلة ضرب «حزب الله» حتى بعد اغتيال نصر الله

مبانٍ مدمرة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
مبانٍ مدمرة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مواصلة ضرب «حزب الله» حتى بعد اغتيال نصر الله

مبانٍ مدمرة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
مبانٍ مدمرة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أنه يسعى إلى إضعاف جماعة «حزب الله» اللبنانية «قدر الإمكان»، حتى بعد اغتيال زعيمها حسن نصر الله، وغيره من كبار القادة.

وقال الجيش الإسرائيلي: «هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به ضد (حزب الله)، وهناك المزيد من المراحل والقدرات التي يمكن استخدامها ضده»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وقالت مصادر عسكرية إن الضربات التي تستهدف كبار مسؤولي «حزب الله» وقدرات الجماعة وشحنات الأسلحة، ستستمر.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن الطائرات المقاتلة التابعة له أسقطت أكثر من 3500 قذيفة على مواقع «حزب الله» خلال الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تدمير عديد من قدراته الصاروخية والقذائف والطائرات من دون طيار، إلى جانب مواقع استخباراتية.

وحسب «تايمز أوف إسرائيل»، فقد فرض الجيش «حصاراً عسكرياً» على لبنان، ومنع تهريب الأسلحة إليها من إيران، سواء عبر المعابر البرية أو عبر مطار بيروت الدولي، ونفذ ضربات على بعض المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، ولم يُسمح لبعض الرحلات الجوية القادمة من إيران بالهبوط في بيروت.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ، اليوم (السبت)، «ضربة دقيقة» في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، بعد يوم من هجوم جوي استهدف المنطقة، وأسفر عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

وأوضح الجيش في بيان: «نفّذ الجيش الإسرائيلي ضربة دقيقة في منطقة الضاحية في بيروت». وأعلن بعد ذلك أنه قتل عضواً كبيراً في استخبارات «حزب الله» في الغارة، محدداً اسمه بأنه حسن خليل ياسين.