التلفزيون الحكومي الإيراني يسأل رئيس «المنظمة الذرية» عن تطوير القنبلة

محمد إسلامي: لا مكان لأسلحة الدمار الشامل في عقيدتنا الدفاعية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لرئيسي ويبدو أمامه محمد إسلامي رئيس المنظمة أبريل الماضي
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لرئيسي ويبدو أمامه محمد إسلامي رئيس المنظمة أبريل الماضي
TT

التلفزيون الحكومي الإيراني يسأل رئيس «المنظمة الذرية» عن تطوير القنبلة

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لرئيسي ويبدو أمامه محمد إسلامي رئيس المنظمة أبريل الماضي
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لرئيسي ويبدو أمامه محمد إسلامي رئيس المنظمة أبريل الماضي

سُئل رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي عن إمكانية امتلاك أسلحة دمار شامل نظراً للتطورات الإقليمية، بما في ذلك حرب غزة، وقال إن طهران وصلت إلى «مرحلة من أعلى المراتب في العالم» في برنامجها النووي، لكنه قال إنه «لا مكان لأسلحة الدمار الشامل في العقيدة الدفاعية الإيرانية».

وأجاب إسلامي على سؤال للقناة الثانية في التلفزيون الرسمي، حول «ما إذا حان وقت حصول إيران على أسلحة نووية لموازنة القوة؟»، قائلاً إن «الأمر لا يتعلق بعدم القدرة، بل بعدم الرغبة، لا نريد امتلاك أسلحة نووية لأن استراتيجيتنا شيء آخر، وبالطبع تمكنا من خلق الردع على هذا المستوى، دون خرق القواعد».

وجاء السؤال في سياق أسئلة عن تهديدات إسرائيلية باستخدام السلاح النووي في حرب غزة. وسرعان ما سلطت وسائل إعلام إيرانية الضوء على سؤال التلفزيون الرسمي أكثر من إجابة إسلامي.

وأتى حديث إسلامي بعد ساعات من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه وجه «رسالة خاصة» لإيران بعد توجيه ضربات أميركية وبريطانية لجماعة الحوثي المدعومة من إيران، بسبب استهدافها سفناً تجاريةً في البحر الأحمر.

وقال إسلامي في جزء من إجابته على إمكانية تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني إن «امتلاك أسلحة الدمار الشامل لا مكان له على الإطلاق في العقيدة الدفاعية الإيرانية، كما أن هناك فتوى لقائد الثورة الإسلامية حول حرمة امتلاك واستخدام هذا السلاح».

وقال إسلامي إنه «اليوم، وبدون التبعية لأحد، وصلنا إلى مرحلة نعتبر فيها من أعلى مراتب العالم. لقد كانوا قلقين بشأن هذا الأمر ولا يزال هذا القلق قائماً». وأضاف: «تشتمل استراتيجية أمننا القومي على عنصر لا يملكه إلا القليل من الدول، فالجمهورية الإسلامية تعدُّ الشعب هو الأساس وقد دفعت ثمناً باهظاً لهذا الغرض».

وأوضح إسلامي أن «النظام الدفاعي الإيراني ليست له تبعية للخارج، وقد قام العلماء بإنجاز أعمال إبداعية ومبتكرة. وقد خلق هذان العاملان اللذان يتمتعان مع قدرة القيادة ردعاً نشطاً. إن سياسة إيران الخارجية تقوم على التفاعل النشط، وقد تم خلق الردع الفعال من خلال هذه الرؤية». وفي إشارة إلى عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال إسلامي إن «إيران الدول الأكثر خاضعة للرقابة، أساس قضية الأميركيين في مناقشة موضوعنا النووي هو ألا تصبح إيران دولة نووية لأن التكنولوجيا النووية لها الدور الريادي في جميع المواضيع العلمية».

ولم يعلق إسلامي على مستقبل المحادثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، التي تعثرت بشكل كبير في بداية الحرب الروسية - الأوكرانية، قبل أن تصل إلى طريق شبه مسدود العام الماضي، بعد رفض طهران مسودة مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وتعثرت محاولات إنعاش المسار الدبلوماسي، مع اشتعال الحرب في قطاع غزة، قبل 100 يوم.

تخصيب متسارع

وسرّعت طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم، في بداية عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أراد إعادة العمل بالاتفاق النووي. وباشرت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة خلال الأسابيع الأولى من بدء بايدن مهامه الرئاسية في يناير (كانون الثاني) 2021.

وفي أبريل (نيسان) 2021، رفعت إيران نسبة التخصيب في منشأة نطنز، لأول مرة منذ امتلاكها برنامجاً نووياً إلى 60 في المائة القريب من نسبة 90 في المائة المطلوبة لتطوير الأسلحة، وذلك بموازاة انطلاق محادثات بين إدارة بايدن وأطراف الاتفاق النووي وإيران سعياً لإحياء الاتفاق. وفي وقت لاحق، باشرت إيران عملية تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، بنسبة 20 و60 في المائة.

وأبطأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، في منتصف العام الماضي، واستمر التباطؤ لأقل من 6 أشهر وسط تقارير عن توصل الولايات المتحدة، وإيران، لتفاهم محدود، شمل إطلاق أرصدة إيرانية وصفقة لتبادل السجناء. ولكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت نهاية الشهر الماضي إن إيران سرّعت عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، بمعدل إنتاج نحو ثلاثة كيلوغرامات شهرياً.

ودانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تسريع إيران لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وحث إيران على التراجع فوراً عن هذه الخطوات ووقف تصعيد برنامجها النووي. وأعربت عن تمسكها بالحل الدبلوماسي، والتزامها بعدم السماح لإيران تطوير سلاح نووي.

ورداً على القوى الغربية، قالت الخارجية الإيرانية إن «التخصيب بمعدل 60 بالمائة كان دائماً، وسيظل متسقاً مع الاحتياجات السلمية للبلاد، وخاضعاً لرقابة كاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وتمتلك إيران بالفعل كمية من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة يمكن إذا تم تخصيبها لدرجة أكبر أن تكفي لصنع ثلاث قنابل نووية، وكميات أكبر عند مستويات 20 في المائة و5 في المائة.

وتتوجس دول غربية من سعي إيراني إلى تطوير أسلحة دمار شامل، وهو ما تنفيه طهران على الدوام. وتقول الدول الغربية: «إن لا حاجة مدنية إلى إنتاج اليورانيوم بنسبة 60 في المائة».

فتوى خامنئي

وليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول إيراني رفيع عن عدم سعي بلاده لامتلاك أسلحة، بسبب وجود فتوى من المرشد الإيراني علي خامنئي.

في مطلع أغسطس (آب) العام الماضي، قال إسلامي إن إيران «لديها القدرة التقنية على إنتاج قنبلة ذرية، لكنها لا تنوي القيام بذلك»، غير أن المتحدث باسم المنظمة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، قال إن تصريحات إسلامي «أسيء فهمها».

وكان إسلامي يكرر ما قاله كمال خرازي رئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي. وحينها قال محمد جواد لاريجاني، المنظر الاستراتيجي ونائب رئيس القضاء السابق، إنه «لا أحد بإمكانه أن يمنع إيران إذا أرادت صناعة قنبلة نووية».

وبالتزامن مع تلك التصريحات، أعادت شبكة قنوات تابعة لـ«الحرس الثوري» في تطبيق «تلغرام»، نشر فيديو يتحدث عن جاهزية إيران لبدء خطوات تطوير الأسلحة النووية في منشأة فورودو المحصنة تحت جبال مدينة قم، إذا تعرضت منشأة نطنز، وسط البلاد لضربة جوية إسرائيلية.

في فبراير (شباط) 2021، قال وزير الأمن السابق، محمود علوي، قبل أشهر من انتهاء مهامه الوزارية، إن الضغط الغربي قد يدفع بطهران إلى سلوك «قط محاصر» في السعي لامتلاك أسلحة نووية. وصرح علوي حينها، في مقابلة تلفزيونية، بأن «المرشد (خامنئي) قال بوضوح في فتواه إن الأسلحة النووية تناقض الشريعة، وإن الجمهورية الإسلامية تعدّها محرمةً دينياً، ولا تسعى لحيازتها، لكن قطاً محاصراً يمكن أن يتصرف بشكل مخالف لما يفعله عندما يكون طليقاً، وإذا دفعت (الدول الغربية) إيران في ذلك الاتجاه، فلن يكون الذنب ذنب إيران».

لكن طرح مثل هذا السؤال الحساس في برنامج تلفزيوني، في هذا التوقيت، أثار استغراب الأوساط السياسية، بما في ذلك وسائل إعلام شبه رسمية. وأبدت صحيفة «همشهري»، المنبر الإعلامي لبلدية طهران، استغرابها من سؤال المذيع في التلفزيون الإيراني.

وكتب هادي نوروزي، مذيع الأخبار السابق في التلفزيون الرسمي، الذي أصبح منتقداً للحكومة في الخارج، على منصة «إكس»، إن «طرح هذا السؤال لم يكن بدون تنسيق». وتابع: «لقد قدمت العشرات من هذه البرامج في الإذاعة والتلفزيون، ولا يطرح سؤال من هذا المستوى دون تنسيق مسبق مع المسؤولين والضيوف». وأضاف: «لا تشك في أن هناك أخباراً قادمة».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية العلَم الإيراني ورمز الذرّة وعبارة «البرنامج النووي»... (رويترز)

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي

«كيف يُطلب من إيران السماح بتفتيش منشآت تعرضت لهجمات، وتوجد فيها مخاطر إشعاعية وتسرب مواد مشعة؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أفراد من القوات الإيرانية يحملون نعش العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده خلال مراسم تشييعه في طهران (رويترز)

قائد الجيش الإيراني ينفي وجود «أبعاد عسكرية» للمشروع النووي لبلاده

«إذا كانت القضية قد أغلِقت رسمياً، فلماذا تُعاد إثارتها استناداً إلى ادعاءات أعداء إيران؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية نواب في جلسة شهدت انتقادات حادة لروحاني وظريف في 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)

روحاني: إيران عالقة في حالة «لا حرب ولا سلام»

قال الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، إن إيران تحتاج إلى «فضاء آمن، لا فضاء أمني»، وإن تعزيز الردع يمر عبر جذب النخب وإزالة الأجواء الأمنية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.