العراق: لا اتفاق سنياً على بديل الحلبوسي... والمالكي يناور بـ«صديق قديم»

جلسة البرلمان قد تنعقد السبت... لكن انتخاب الرئيس الجديد محل شك

صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)
صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق: لا اتفاق سنياً على بديل الحلبوسي... والمالكي يناور بـ«صديق قديم»

صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)
صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)

فشلت الأحزاب السنية العراقية في التوصل إلى مرشح توافقي لرئيس البرلمان الجديد، قبل ساعات من جلسة السبت، المخصصة لانتخابه.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يعمل مجلس النواب العراقي بلا رئيس، بعدما قررت المحكمة الاتحادية إنهاء عضوية الرئيس السابق محمد الحلبوسي.

وأجرى قادة ثلاثة أحزاب سنية كبرى في العراق زيارات لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني لبحث «المستجدات وتشكيل الحكومات المحلية».

وما من صلة عملية مباشرة بين منصب السوداني وآليات اختيار رئيس البرلمان، ولا حتى التوازنات السياسية المطلوبة للتوافق عليه.

وأصدر مكتب السوداني، خلال اليومين الماضيين، 3 بيانات منفصلة عن لقائه مع خميس الخنجر، زعيم تحالف «السيادة»، ومثنى السامرائي زعيم تحالف «العزم»، بعدما التقى الحلبوسي نفسه، بصفته زعيم حزب «تقدم».

ولكل حزب من هذه الأحزاب الثلاثة مرشح ينافس على منصب رئيس البرلمان، لكنها تفشل في التوافق على مرشح واحد، أو إقناع تحالف «الإطار التنسيقي» الشيعي، بالتصويت لأحدهم، وهم كل من شعلان الكريم (تقدم)، وسالم العيساوي (السيادة)، ومحمود المشهداني (العزم).

رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (أرشيفية - إعلام المالكي)

مرشح المالكي

وحتى لو توافقت الأحزاب السنية على أحد هؤلاء المرشحين، فإنها تحتاج إلى الإطار التنسيقي الذي يمتلك غالبية المقاعد في مجلس النواب.

ورغم أن المشهداني، وهو رئيس سابق للبرلمان، مرشح عن تحالف سني يتنافس مع المرشحين الآخرين، فإنه يوصف بأنه «مرشح المالكي»، رئيس الوزراء الأسبق.

ويملك المالكي في غياب التيار الصدري الأغلبية داخل قوى الإطار التنسيقي، ويراهن على قدرته على تمرير المرشح من خلال محاولة استمالة قوى شيعية أخرى تبدو غير متفقة على أي من المرشحين الثلاثة.

محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

ويناور تحالف «عزم» بزعامة مثنى السامرائي ومعه إلى حد كبير تحالف «الحسم» بزعامة وزير الدفاع ثابت العباسي في ترجيح كفة المشهداني، من خلال المناورة بين ثبات موقف المالكي وتردد قوى شيعية أخرى، في وقت لا يظهر الكرد الحماسة لأي طرف.

ويقول نواب من هذا التحالف، إن تردد القوى الشيعية في قبول مرشحي الحلبوسي والخنجر يشجعهما على لعب دور أكبر في إقناع النواب الشيعة بتولي المشهداني منصب رئيس البرلمان.

وطبقاً للمؤشرات، فإن مواقف غالبية النواب الشيعة من خارج كتلة «دولة القانون»، لا تزال متضاربة بين تأييد العيساوي مع اختلافهم مع الخنجر وآخرين منهم يؤيدون شعلان الكريم رغم خصومتهم مع الحلبوسي.

التوافق السني «صعب»

يقول النائب المستقل في البرلمان حسين عرب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «جلسة السبت ستعقد على الأرجح ويحصل النصاب، لكن من المستبعد انتخاب رئيس جديد للبرلمان».

ويعتقد عرب أن «الكتل السنية لم تتفق بعد على مرشح واحد، ما يجعل التوافق أو الاتفاق صعباً للغاية، ويسمح بكسر النصاب وتأجيل الجلسة».

وقال عرب: «انتخاب الرئيس الجديد سيبقى مرهوناً بالتوافق وهو ما لم يتحقق حتى الآن».

وطبقاً لسياسي عراقي أبلغ «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، فإن «الإصرار على اختيار المشهداني لرئاسة البرلمان من قبل المالكي يحمل أكثر من رسالة؛ الأولى مفادها أن تجربة الشباب في تولي المناصب العليا فشلت وبالتالي لا بد من العودة إلى كبار السن».

وتابع السياسي: «الرسالة الثانية مضمرة إلى التيار الصدري وإن لم يكن مشاركاً بأن من يختاره المالكي هو من يمضي في النهاية».

في السياق، يقول باسل حسين، رئيس مركز «كلواذا للدراسات السياسية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم الاتفاق السني حول مرشح واحد لا يشكل أي مفاجأة، نظراً للانقسام بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي السني بين 4 جهات رئيسية؛ هي (تقدم) و(السيادة) و(عزم) و(الحسم)».

وبحسب حسين، فإن «كل طرف يريد الاستحواذ على هذا المنصب الحيوي لتصدر الزعامة السنية»، لا سيما أنه بعد إزاحة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي لاح صراع الوراثة مبكراً في العلن والخفاء وحث الخطى للفوز بهذا الموقع».

وأوضح رئيس المركز البحثي أن «عوامل عدة تحسم هذه المسألة؛ أهمها موقف الإطار التنسيقي الذي ينقسم على نفسه في تفضيل مرشح على آخر، بينما تبدو جميع الاحتمالات قائمة بما فيها عدم الاتفاق في الجلسة المقبلة».

 


مقالات ذات صلة

سوء فهم قضائي يتسبب بجدل حول حرية الرأي في العراق

المشرق العربي رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

سوء فهم قضائي يتسبب بجدل حول حرية الرأي في العراق

قررت هيئة الإشراف القضائي في العراق توجيه توبيخ للقائم بمهام مدير مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى، لتنظيمه كتاباً يتضمن إجراءات ضد من يدعو إلى إسقاط النظام السياسي

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان (رويترز)

«دي إن أو» النرويجية تستأنف عمليات الحفر في إقليم كردستان العراق

أعلنت شركة «دي إن أو» النرويجية للنفط والغاز، يوم الخميس، أن عمليات الحفر في امتياز طاوكي الرئيسي في إقليم كردستان العراق، ستُستأنف الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي صورة جوية تُظهر شوارع غارقة بالمياه في مدينة الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)

خلَّفت قتلى وأضراراً... أمطار طال انتظارها تُغرق مناطق عراقية عدة (صور)

تسببت موجة أمطار غزيرة مستمرة في العراق منذ يومين في تدفق سيول أوقعت قتلى وخلَّفت أضراراً في بعض مناطق البلاد، لكنها أحيت الأمل بتعزيز المخزون المائي.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)

العراق يحتفل بذكرى «النصر على داعش» مع بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة

حسمت «المفوضية العليا للانتخابات» أمر الطعون في الانتخابات التشريعية العراقية، لكن اعتماد النتائج النهائية تنتظر مصادقة المحكمة الاتحادية العليا عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي منزل غمرته السيول في النجف الأربعاء (رويترز)

سيول وأمطار غزيرة تودي بحياة مواطنين اثنين وطفلة بالعراق

تسببت أمطار غزيرة وسيول في مقتل مواطنَين اثنين وطفلة بمحافظة كركوك؛ مما دفع برئيس الحكومة العراقية، محمد السوداني، إلى إصدار توجيهات بإغاثة المناطق المتضررة.

فاضل النشمي (بغداد)

تقليص دور «اليونيفيل» وتعزيز «الميكانيزم» في لبنان: أدوار جديدة لا تلغي القديمة

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تقليص دور «اليونيفيل» وتعزيز «الميكانيزم» في لبنان: أدوار جديدة لا تلغي القديمة

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحوّلت لجنة «الميكانيزم» من آلية تقنية لضبط وقف إطلاق النار، إلى إطار تنسيقي يُستخدم لإدارة النزاع في الجنوب اللبناني. فالتحركات الدولية المكثفة، من المبادرة الفرنسية ومؤتمر دعم الجيش، إلى المقاربة الأميركية لسلاح «حزب الله»، مروراً بالهواجس العربية من أي اهتزاز في السلم الأهلي، توحي بأن اللجنة باتت الإطار العملي الوحيد القادر على جمع القوى المعنية، وتنسيق الضغوط على مختلف الأطراف.

وتشير مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الميكانيزم» تمثل هيكلاً دولياً تشكّل بفعل ظروف المرحلة الراهنة لتطبيق القرارات الدولية، وأن «اليونيفيل» جزء أساسي منه لكنها ليست تابعة له، لأن الأخيرة تُدار حصراً عبر مجلس الأمن وبحكم القانون الدولي، فيما تتمتع اللجنة بهوامش أوسع في التنسيق والتنفيذ والمواكبة التقنية.

عناصر في قوات «اليونيفيل» يراقبون عملية إزالة الأنقاض من موقع مستهدف بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي تطور لافت، كشف السفير الأميركي بالأمم المتحدة مايك والتز، أن بلاده «تعمل على تقليص حجم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) حتى لا يستخدمها (حزب الله) غطاء لعملياته». وأضاف عبر منصة «إكس»، أنه «لإبقاء (حزب الله) في حالة هزيمة، فالعمل جارٍ على تعزيز قدرات الجيش اللبناني، وممارسة الضغوط القصوى على إيران».

عودة تشغيل الآلية: مقاربة حكومية واضحة

مصدر وزاري لبناني أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنّ تفعيل «الميكانيزم تم بعد تفاهم رُسّخ مع الجانب الأميركي»، موضحاً أنّ ما يجري «ليس انقلاباً على الآلية ولا تغييراً لطبيعتها، بل عودة جدّية إلى تشغيلها بعدما تعطّلت لفترة طويلة». وأضاف أنّ دخول السفير سيمون كرم إلى المفاوضات على رأس الوفد اللبناني، «جاء نتيجة اتفاق مسبق على ضرورة الانتقال من حالة التعليق إلى حالة العمل التنفيذي». وأكد أنّ الطرح اللبناني «واضح ومترابط ويرتكز على الانسحاب الإسرائيلي، وإعادة الأسرى، ووقف الأعمال العدائية، ووضع آلية مراقبة تمنع تكرار الخروقات، وهذه العناصر، تشكل العمود الفقري لمهمة السفير كرم في المرحلة المقبلة».

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يستقبل رئيس الوفد اللبناني المفاوض سيمون كرم غداة جلسة «الميكانيزم» (رئاسة الحكومة)

وتابع المصدر الوزاري أنّ الجلسة الأولى للجنة كانت «جلسة تعارف وعموميات، على أن تتبعها جلسة تفصيلية في 19 الجاري»، مشدداً على أنّ «تقييم المسار مرتبط بالموقف الإسرائيلي، وما نريده هو التنفيذ، والتنفيذ وحده».

أدوار جديدة لا تلغي القديمة

بدوره، قدّم أستاذ القانون والسياسات الاستراتيجية في باريس، الدكتور محيي الدين الشحيمي، قراءة تحليلية لطبيعة التمايز بين الآليتين، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الفارق البنيوي بين (اليونيفيل) و(الميكانيزم) جوهري وأساسي لفهم التحولات الجارية في الجنوب». موضحاً أنّ «(اليونيفيل) قوة أممية قائمة منذ عام 1978، مهمتها حفظ السلام وتوثيق الخروقات تحت الفصل السادس، فيما (الميكانيزم) ليست قوة عسكرية ولا تضم عناصر انتشار، بل هي هيكل تنفيذ دولي يساعد في تطبيق القرارات الدولية ومواكبة المرحلة الجديدة».

وأضاف أنّ «الزخم الدبلوماسي غير المسبوق، من زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، إلى وفود مجلس الأمن والاجتماعات الأميركية، يعكس قناعة دولية بأن الوضع في الجنوب دخل مرحلة مختلفة». لكنه شدد على أنّ «(الميكانيزم) لا تشكل بأي حال بديلاً لـ(اليونيفيل)»، موضحاً أنّ فعاليتها «مرتبطة بالكامل بخطوات الدولة اللبنانية، ومدى قدرتها على اتخاذ قرارات واضحة، وخصوصاً فيما يتعلق بانتشار الجيش وحصرية السلاح».

الاستقرار المشروط ودور الدولة المركزي

ويرى الشحيمي أن حصرية السلاح بيد الدولة، باتت «عنصراً بنيوياً في أي مسار استقرار جديد»، مؤكداً أنّ المجتمع الدولي «لن يذهب بعيداً في دعم إعادة الإعمار أو تثبيت الحدود ما لم تُعالج ازدواجية السلاح». ويوضح أنّ «القوات الدولية ستبقى على الأرض طالما أنّ القرار 1701 لم يُنفّذ بالكامل»، مع احتمال «تعديل مهامها أو إعادة تشكيلها، لكن من دون انسحاب كامل قبل اكتمال شروط الاستقرار».

عناصر من الجيش يقفون على آليتهم مقابل موقع حانيتا الإسرائيلي المواجه لبلدة علما الشعب بجنوب لبنان في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

كما أشار إلى أنّ المقاربة الدولية «تنظر إلى (الميكانيزم) على أنها جسر تنفيذي لا بد منه لمنع الانزلاق إلى مواجهة أوسع، ولتنظيم المرحلة الانتقالية التي تبدأ بوقف العمليات العدائية وتصل إلى تثبيت الحدود وانتشار الجيش». وختم: «(الميكانيزم) ليست نظاماً أمنياً جديداً، بل أداة مساعدة، وبقدر ما تلتزم الدولة بخطوات واضحة ومسؤولة، يتعزز الضغط الدولي على إسرائيل، ويقترب لبنان من تحويل حدوده الجنوبية إلى حدود طبيعية شبيهة بحدود الأردن أو مصر».


تمسك إسرائيلي بنزع سلاح «حماس»... ورفض لمقترح تجميده

فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)
TT

تمسك إسرائيلي بنزع سلاح «حماس»... ورفض لمقترح تجميده

فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)

تمسكت إسرائيل بنزع سلاح حركة «حماس»، في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتي بدأت مرحلتها الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأعلن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب ترفض مقترحاً من قيادة «الحركة» بتجميد استخدام السلاح ضِمن هدنة طويلة الأمد.

وقال مسؤول إسرائيلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس: «لن يكون هناك مستقبل لـ(حماس) في إطار الخطة المكونة من 20 نقطة، سيُنزع سلاح الحركة». مضيفاً: «ستكون غزة منزوعة السلاح».

جاءت تلك التصريحات غداة حديث خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في الخارج، في مقابلةٍ بثّتها قناة «الجزيرة»، الأربعاء، أن «فكرة نزع السلاح كلياً مرفوضة للمقاومة، وتطرح فكرة تجميده أو الاحتفاظ به، أو بمعنى آخر المقاومة تطرح مقاربات تحقق الضمانات لعدم وجود تصعيد عسكري من غزة مع الاحتلال الإسرائيلي».

القيادي في «حماس» خالد مشعل (إكس)

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤول في تل أبيب، الخميس، تأكيده أن إسرائيل «متمسكة بنزع سلاح غزة بالكامل»، مشيراً إلى أن «هناك تنسيقاً مستمراً مع الولايات المتحدة بهذا الشأن».

وينص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أن يجري نزع سلاح «حماس» والفصائل المسلَّحة بغزة.

«انفتاح في إدارة ترمب»

ويعتقد مصدر كبير في «حماس» أن إدارة ترمب، التي تؤكد باستمرارٍ نزع السلاح، «باتت أكثر انفتاحاً على أفكار يجري تبادلها بين (حماس) والوسطاء من جانب، وواشنطن من جانب آخر».

وقال المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك عدة أفكار طُرحت من الحركة وطوَّرها الوسطاء، وما زالت بعض المقترحات الأخرى تنقل من عدة أطراف، بهدف المساعدة في تسريع عملية الانتقال للمرحلة الثانية».

لكن تصورات «حماس» تبدو متناقضة مع تصريحات علنية كان أحدثها، على لسان السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز، خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، الأربعاء، إذ قال إن واشنطن لن تسمح لـ«حماس» بإعادة بناء نفسها.

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

وتؤكد مصادر من «الحركة» أن الاتصالات مستمرة مع كل الأطراف، وهناك رغبة جادة أكبر تظهر من خلال المحادثات الحالية، من أجل التوصل لاتفاق بشأن هذه القضية وقضايا أخرى.

ويبدو أن حركة «حماس» تُعوّل على ليونة أميركية يمكن أن تخدم هدفها بالاحتفاظ بسلاحها أو تخزينه بهدف تجميده، أو حتى وضعه تحت عهدة طرف عربي أو إسلامي.

وقال أحد المصادر من الحركة إن «الوسطاء قادرون على تحقيق حالة تقارب وتفاهم واسع مع الولايات المتحدة، بشأن قضية السلاح وملفات أخرى مهمة مثل نشر القوات الدولية وحكم قطاع غزة».

كان مشعل قد شرح فكرته بالدعوة إلى تجميد وليس نزع السلاح، بالقول: «نريد تكوين صورة تتعلق بهذا الموضوع فيها ضمانات ألا تعود حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة. نستطيع فعل ذلك، فيمكن أن يحفظ هذا السلاح ولا يُستعمل ولا يُستعرض به. في الوقت نفسه عرضنا فكرة الهدنة الطويلة المدى بحيث تشكل ضمانة حقيقية».

وأضاف مشعل: «الوسطاء يستطيعون أن يضمنوا غزة و(حماس) وقوى المقاومة، بحيث لا يأتي من داخل غزة أي تصعيد عسكري ضد إسرائيل».

«دور للسلطة»

وتُصر إسرائيل على الانتقال للمرحلة الثانية، بعد تسليم «حماس» جثة آخِر مختطف إسرائيلي لديها، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال، قبل أيام، إن الانتقال لهذه المرحلة بات قريباً، منوّهاً بالصعوبات التي تكتنفها مثل نزع سلاح «حماس» وغزة، «سواء بالطريقة السهلة أم الصعبة».

وفي ظل كل هذا الجدل بين «حماس»، وإسرائيل، يظهر موقف السلطة الفلسطينية التي تتمسك بتسلم مهامّها كاملة في القطاع، وأن يكون لها سيادة الحكم والقانون، ضمن سلاح واحد تابع لها.

وحدة العمليات الخاصة 101 في الأمن الوطني الفلسطيني (موقع الأمن الوطني)

وتحدّث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الأيام الأخيرة، مع عدد من زعماء الدول العربية والإسلامية والأوروبية، مؤكداً استعداد السلطة الفلسطينية لذلك، وأنها ماضية في برنامجها الإصلاحي، الذي يتيح تمكينها من أداء مهامّها كاملة، والاستعداد لإجراء انتخابات شاملة.

ولا تُعلّق «حماس» علناً على مواقف السلطة الفلسطينية بهذا الشأن، لكن المصدر القيادي في «حماس» قال، لـ«الشرق الأوسط»: «لا مانع لدينا من التنسيق مع السلطة الفلسطينية، وأن تتولى مهامها بغزة، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق على برنامج وطني متكامل».

وأشار المصدر إلى أن «هناك مشكلة أخرى تتعلق بأن إسرائيل ترفض أن يكون هناك أي دور للسلطة بغزة، ونعمل مع كل الأطراف، بمساعدة من ضغوط دولية على تل أبيب، حتى تتولى السلطة الفلسطينية مستقبلاً حكم القطاع».


بري يرفض «تهديد اللبنانيين» ويتمسك بـ«مسلّمات التفاوض» مع إسرائيل

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
TT

بري يرفض «تهديد اللبنانيين» ويتمسك بـ«مسلّمات التفاوض» مع إسرائيل

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)

رفض رئيس البرلمان نبيه بري «تهديد اللبنانيين»، وجدد التشديد على ما وصفها بـ«مسلّمات التفاوض» عبر لجنة الـ«ميكانيزم»، مؤكداً، من جهة أخرى، أنه لا تأجيل ولا إلغاء للانتخابات النيابية المقرَّرة في شهر مايو (أيار) المقبل، وواصفاً علاقته الشخصية بالمملكة العربية السعودية بـ«الجيدة جداً»، والعلاقة بين لبنان والمملكة بـ«الجيدة».

وأتت مواقف بري، خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة برئاسة عوني الكعكي، فيما كان لافتاً استقباله، للمرة الثانية خلال 24 ساعة، السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى، حيث تناول اللقاء «تطورات الأوضاع العامة والمستجدّات، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين»، وفق ما جاء في بيان لرئاسة البرلمان.

«غلطة» براك

وخلال استقباله وفد النقابة، ردّ بري على سؤال «حول التهديدات التي يطلقها بعض الدبلوماسيين، وخصوصاً ما صدر أكثر من مرة عن المُوفد الأميركي توم براك لجهة ضم لبنان إلى سوريا»، قائلاً: «لا أحد يهدد اللبنانيين، لا يُعقل أن يجري التخاطب مع اللبنانيين بهذه اللغة على الإطلاق، خاصة من الدبلوماسيين، ولا سيما من شخصية كشخصية السفير توم براك، وما قاله عن ضم لبنان إلى سوريا غلطة كبيرة غير مقبولة على الإطلاق».

وأكد بري أنه «لا بديل ولا مناصّ للبنانيين لمواجهة المخاطر والتداعيات والتهديدات من أي جهة إلا بوحدتهم، وبوحدتنا نستطيع أن نحرر الأرض».

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق بالقصر الرئاسي في يوليو 2025 (أرشيفية-أ.ب)

وحول اتفاق وقف إطلاق النار والمفاوضات سأل بري: «أليست لجنة الميكانيزم إطاراً تفاوضياً؟ هناك مسلَّمات نُفاوض عليها عبر هذه اللجنة هي: الانسحاب الإسرائيلي، انتشار الجيش اللبناني، وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني بيدِ الجيش اللبناني، وهذه اللجنة هي برعاية أميركية فرنسية وأممية»، مضيفاً: «قلت، أكثر من مرة، إنه لا مانع من الاستعانة بأي شخص مدني، أو تقني إذا لزم الأمر ذلك، بشرط تنفيذ الاتفاق».

وأوضح بري: «لبنان ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، نفذ كل ما هو مطلوب منه،والجيش اللبناني انتشر بأكثر من 9300 ضابط وجندي بمؤازرة قوات اليونيفيل، التي أكدت، في آخِر تقاريرها، ما نقوله، لجهة التزام لبنان بكل ما هو مطلوب منه، في حين أن إسرائيل خرقت هذا الاتفاق بنحو 11000 خرق».

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع نقابة الصحافة (رئاسة البرلمان)

وقال بري: «الجيش اللبناني نفّذ 90 في المائة من بنود اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة جنوب الليطاني، وسوف يُنجز بشكل تام ما تبقّى مع انتهاء العام الحالي، وهذا ما أكدته «اليونيفيل» و«الميكانيزم» وقائد الجيش العماد رودولف هيكل».

وأضاف: «لكن المؤسف أنه لا أحد يسأل عما إذا التزمت إسرائيل ببند واحد من اتفاق وقف إطلاق النار، بل هي زادت من مساحة احتلالها للأراضي اللبنانية».

لا إلغاء للانتخابات النيابية

من جهة أخرى، وفي ضوء مطالبة بعض الكتل بتعديل قانون الانتخابات المتعلق باقتراع المغتربين، أكد رئيس البرلمان «أن القانون الانتخابي الحالي نافذ، والانتخابات لن تجري إلا وفقاً له». وقال: «إلغاء مافي، وتأجيل مافي، كل الناس تريد الانتخابات، وما زلنا منفتحين على أي صيغة تفضي إلى توافق حول المسائل العالقة التي هي موضع خلاف بين القوى السياسية، خاصة في موضوع المغتربين، فلا أحد يريد إقصاء المغتربين... ورغم ذلك قلت وأقول: تعالوا لنطبق اتفاق الطائف في شِقه المتصل بقانون انتخاب وإنشاء مجلس للشيوخ، لكن هل هم موافقون؟».

وحول ودائع اللبنانيين في المصارف، أعاد بري تأكيد «أن الودائع هي حقوق مقدسة ولا يجوز التفريط أو القبول أو التنازل عن هذا الحق».