ما أبرز التحديات الداخلية التي تواجه غابريال أتال رئيس الحكومة الفرنسية الجديد؟

ورث عن سلفه قضايا شائكة ومشاريع غير مكتملة

رئيس الحكومة الفرنسية الجديد غابريال أتال يلقي كلمته بعد حفل تسلمه رئاسة الوزراء، الثلاثاء، 9 يناير 2024، في باريس (أ.ب)
رئيس الحكومة الفرنسية الجديد غابريال أتال يلقي كلمته بعد حفل تسلمه رئاسة الوزراء، الثلاثاء، 9 يناير 2024، في باريس (أ.ب)
TT

ما أبرز التحديات الداخلية التي تواجه غابريال أتال رئيس الحكومة الفرنسية الجديد؟

رئيس الحكومة الفرنسية الجديد غابريال أتال يلقي كلمته بعد حفل تسلمه رئاسة الوزراء، الثلاثاء، 9 يناير 2024، في باريس (أ.ب)
رئيس الحكومة الفرنسية الجديد غابريال أتال يلقي كلمته بعد حفل تسلمه رئاسة الوزراء، الثلاثاء، 9 يناير 2024، في باريس (أ.ب)

تحديات داخلية كثيرة تواجه رئيس الوزراء الفرنسي الجديد غابريال أتال، وحكومته التي تم إعلانها أمس (الخميس) 11 يناير (كانون الثاني). قضايا حساسة موروثة من حكومة سلفه إليزابيث بورن. أبرزها؛ قانون الهجرة، مع احتمال إبطال جزئي لنص القانون من قبل المجلس الدستوري، وميزانية المالية العامة التي جعلها برونو لومير، وزير الاقتصاد منذ 2017، قضية رئيسية للولاية الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتقليص البطالة، وهي أحد أبرز أهداف الولاية الثانية للرئيس ماكرون.


قانون الهجرة

من أجل إعادة إعطاء دفع للولاية الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتعزيز الرد على صعود حزب «التجمّع الوطني» (RN) اليميني بزعامة «مارين لوبين» قبل الانتخابات الأوروبية في يونيو (تموز) المقبل، سيسعى رئيس الوزراء الجديد غابريال أتال لطمأنة معسكره (الموالي لماكرون) الذي انقسم خلال المناقشات حول قانون الهجرة، حسب تقرير الأربعاء لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

وسيبُتُّ المجلس الدستوري الفرنسي في 25 يناير في قانون الهجرة – وهو قانون شدّد سياسة الهجرة التي تتبعها الدولة الفرنسية – بعد أن تم اعتماد هذا القانون في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2023 في الجمعية الوطنية الفرنسية، وأحدث انقساماً عميقاً لدى الأغلبية البرلمانية المؤيدة للرئيس ماكرون، وفق تقرير الأربعاء لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

صورة من الجمعية العامة الفرنسية خلال توجيه أسئلة إلى الحكومة قبل تصويت أعضاء البرلمان على مشروع قانون الهجرة في باريس، فرنسا، 19 ديسمبر 2023 (رويترز)

وبينما اعتبر رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء آنذاك إليزابيث بورن، ووزير داخليتها، جيرالد دارمانين، أن بعض إجراءات قانون الهجرة، الذي قدّمه اليمين الفرنسي، غير دستورية؛ يمكن للحكومة الجديدة برئاسة غابريال أتال أن تعوّل على إمكانية قيام أعضاء المجلس الدستوري بإبطال جزء من القانون أو إبطال القانون بكامله. وفي هذه الحالة، فإن حزب «الجمهوريين» (LR) وحزب التجمع الوطني (RN)، اللذين صوّتا لصالح القانون، سيطالبان بمراجعة الدستور، «لإيجاد هوامش من السيادة في سياسات الهجرة لدينا»، وفقاً لكلام رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه الذي ينتمي إلى حزب «الجمهوريين».

رئيس الوزراء الفرنسي المعيّن حديثاً غابريال أتال (على اليمين) وإلى جانبه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين خلال لقاء مع الشرطة ضمن زيارة إلى مركز شرطة إيرمون - أوبون، في ضاحية إيرمون الشمالية بباريس، في 10 يناير 2024 (أ.ف.ب)

ماذا سيفعل رئيس الوزراء الجديد حيال قانون الهجرة الجديد؟ يتساءل المراقبون.

من موقعه كوزير للتربية والتعليم في الحكومة السابقة، التزم غابريال أتال الصمت بحكمة خلال أسابيع النقاش البرلماني حول مشروع القانون (في الأشهر الماضية). ولا مؤشرات لدى الأغلبية البرلمانية على الموقف الذي سيتخذه أتال من القانون الجديد. يمكن لأتال أن يفرض تنفيذ تدابير تشريعية قد يبطلها المجلس الدستوري، ويتخذ بالتالي المنعطف اليميني الذي بدا أن السلطة التنفيذية تتخذه، أو لا يتخذ إجراءات لتشديد سياسة الهجرة (خاصة إذا أبطل المجلس الدستوري قانون الهجرة الجديد)، ما سيضطره إلى مواجهة مع المعارضة اليمينية والمعارضة من أقصى اليمين، حسب تقرير «لوموند».

رئيس الوزراء الفرنسي الجديد غابريال أتال (على اليمين) يبتسم لرئيسة الوزراء المنتهية ولايتها إليزابيث بورن بعد حفل التسليم، الثلاثاء، 9 يناير 2024، في باريس (أ.ب)

التزامات الحكومة السابقة

من المؤكد، وفق «لوموند»، أنّ غابريال أتال سيتعين عليه أيضاً التعامل مع تعبئة المجتمع المدني في الشوارع. وقد دعت منظمات وجهات عديدة، بما في ذلك حزب «فرنسا الأبية» اليساري بزعامة جان لوك ميلونشون، بالإضافة إلى كثير من مجموعات المهاجرين غير الشرعيين، إلى تنظيم مظاهرات في 14 يناير ضد قانون الهجرة الجديد. وبعد أسبوع، في 21 يناير، يخطط كذلك أكثر من 200 شخصية، بما في ذلك زعيمتا النقابتين الأوليين، ماريليز ليون وصوفي بينيه، لتنظيم مسيرة ضد نص قانون الهجرة.

ماريليز ليون الأمينة العامة للكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل (متداولة)

وسيتعين على رئيس الوزراء الجديد أيضاً متابعة التزامات رئيسة الوزراء السابقة إليزابيث بورن بشأن «المساعدات الطبية الحكومية». وكانت رئيسة الحكومة السابقة قد التزمت كتابياً لبرلمانيّي حزب «الجمهوريين» بإصلاح آلية المساعدة. وقد وعدت بورن في رسالة إلى جيرار لارشيه رئيس مجلس الشيوخ، برسالة مكتوبة في 18 ديسمبر بالعمل على إصلاح هذه المساعدات بدءاً من مطلع عام 2024.

رئيس الوزراء الفرنسي الجديد غابريال أتال (على اليمين) وإلى جانبه رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها إليزابيث بورن خلال مراسم تسليمها أتال رئاسة الوزراء، الثلاثاء، 9 يناير 2024، في العاصمة الفرنسية باريس (أ.ب)

وبحسب مجلّة «لوبوان» الفرنسية، فإنّ «المساعدات الطبية الحكومية» هي آلية تعتمدها الحكومة تغطي التكاليف الصحية للأجانب غير المسجلين. وقد وعد وزير الداخلية جيرالد دارمانان، في 11 ديسمبر الماضي، أن الحكومة (برئاسة إليزابيث بورن آنذاك) ستعمل منذ مطلع عام 2024 بإصلاح هذه الآلية. وجاء إعلان دارمانان حينها استجابة لطلب مُلحّ من اليمين البرلماني، خاصة في مجلس الشيوخ، وفق «لوبوان».

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين (يسار) خلال زيارة إلى مركز شرطة إيرمون - أوبون مع رئيس الوزراء الفرنسي المعين حديثاً غابرييل أتال، في ضاحية إيرمون الشمالية بباريس، في 10 يناير 2024 (أ.ف.ب)

ميزانية المالية العامة

وضع وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير سقفاً مرتفعاً جداً لعام 2024 فيما يتعلق بالوعود المرتبطة بالمالية العامة. وصرّح في 8 ديسمبر الماضي أنه من أجل «إنجاز تحوّل النموذج الاقتصادي والاجتماعي الفرنسي» الذي بدأه رئيس الدولة، «يجب علينا إيجاد ما لا يقل عن 12 مليار يورو من المدخرات في عام 2025»، مع إشارته إلى صعوبة العمل الحكومي المرتبط بالمالية العامة، حسب «لوموند».

إذا سعى برونو لومير إلى جعل إصلاح الميزانية من أهداف الحكومة السابقة لعام 2024، فإنه يتعين على الحكومة الحالية إحالة «برنامج الاستقرار» إلى المفوضية الأوروبية قبل نهاية أبريل (نيسان)، ويتعيّن بموجبه على الحكومة الفرنسية أن توضح، بالتفصيل، التدابير التي تعتزم اتخاذها لخفض ديونها. وبالتالي، فإن رئيس الحكومة الجديد غابريال أتال سيكون أمام نقاشات حول هذه المسألة.

وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير خلال كلمة له في وزارة الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية، في باريس، 8 يناير 2024 (أ.ف.ب)

فوفق موقع المفوّضية الأوروبية، يجب على حكومات الدول الأعضاء في «منطقة اليورو» - أي مجموعة دول الاتحاد الأوروبي التي تتعامل باليورو كعملة موحدة - أن تقدّم إلى المفوّضية الأوروبية، قبل نهاية شهر أبريل (نيسان)، برنامج الإصلاح الوطني «برنامج الاستقرار»، أي إرسال خطة ميزانية، مدتها 3 سنوات، لكل دولة من دول منطقة اليورو، حيث يحدد هذا البرنامج التدابير المحددة التي ستنفذها كل دولة لتحفيز النمو وتشغيل العمالة ومنع أو تصحيح الاختلالات في الميزانية العامة للدولة.

خلال حفل تسليم رئيس الوزراء الفرنسي الجديد غابريال أتال... الثلاثاء، 9 يناير 2024، في باريس (أ.ب)

ذكّر نائب رئيس كتلة «الجبهة الوطنية» في الجمعية الوطنية، جان فيليب تانغي، الأربعاء، بأن التخفيضات الضريبية البالغة ملياري يورو، التي وعد بها غابريال أتال للطبقات الوسطى، عندما كان وزيراً منتدباً للحسابات العامة في البرلمان بداية عام 2023، دُفنت قبل عيد الميلاد على يد مقرر الموازنة العامة. لكن خلال تسلّمه السلطة في ماتينيون (مركز الحكومة الفرنسية)، الثلاثاء، وجّه رئيس الوزراء الجديد غابريال أتال كلمة إلى «الطبقة الوسطى»، في إشارة منه إلى نيته العمل على معالجة التحديات التي تواجهها الطبقة الوسطى في البلاد.

متظاهرون يشاركون في مظاهرة ضد خطة إصلاح نظام التقاعد للحكومة الفرنسية، كجزء من اليوم الثامن من الإضراب والاحتجاجات الوطنية، في أنسينيه سان جيريون، فرنسا، 15 مارس 2023 (رويترز)

البطالة والتعويضات

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في حملته الرئاسية لعام 2022، أنه سيعمل على تقليص البطالة إلى نحو 5 في المائة بحلول عام 2027.

لكن الوضع الاقتصادي، الذي يتسم بالتضخم والسياق الجيوسياسي الصعب، من شأنه أن يزيد من تعقيد مهمة رئيس وزراء فرنسا الجديد. وبعد انخفاض شبه مستمر منذ عام 2016، وصل معدل البطالة في فرنسا في الفصل الثالث من عام 2023 إلى 7.4 في المائة من السكان النشيطين اقتصادياً، حسب أرقام «المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية» الفرنسي (L’Insee).

غابريال أتال أثناء تولّيه وزارة التعليم والشباب الفرنسي يشاهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث إلى الصحافة في مدرسة غامبيتا الثانوية في أراس، شمال شرقي فرنسا، الجمعة، 13 أكتوبر 2023 (أ.ب)

وللحصول على الانخفاض المأمول للبطالة بنقطتين، حدّدت الحكومة السابقة برئاسة إليزابيث بورن إطاراً يقتضي تقليص المهلة الزمنية للطعن في الفصل من العمل، وإصلاح عمليات إنهاء الخدمة التقليدية، التي يستطيع رئيس الحكومة الجديد غابريال أتال أن يتبناها.

وسوف يكون قانون «ماكرون 2» قيد الإعداد، في حين أعلن وزير العمل أوليفييه دوسوبت في صحيفة «لي زيكو» الفرنسية في 15 ديسمبر عن رغبته في إطلاق «القانون الثاني لإصلاح سوق العمل».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمة في قصر الإليزيه، فرنسا، 5 يناير 2024 (إ.ب.أ)

فبعد إصلاح التأمين ضد البطالة في عام 2022، وإصلاح معاشات التقاعد في بداية عام 2023، وإصلاح «دخل التضامن النشط» في الخريف – دخل التضامن النشط هو للأشخاص الذين ليست لديهم موارد أو لديهم موارد دخل منخفضة (بحسب موقع وزارة التضامن الفرنسية) - يَعِدُ نص القانون الثاني لإصلاح سوق العمل بمناقشات متوترة جديدة مع المعارضة اليسارية في البرلمان.

وبعد إعادة تعيينه وزيراً للاقتصاد الخميس، قد يضغط برونو لومير على رئيس الحكومة غابريال أتال لتشديد قواعد تعويض كبار السن العاطلين عن العمل، وفق «لوموند». وقد أكد أتال بالفعل على «الأولوية المعطاة للعمل» ورغبته في «مواصلة تحويل الاقتصاد». وقال الثلاثاء في هذا الإطار: «يجب أن يكون العمل دائماً ذا قيمة أفضل من عدم العمل».

رئيس الوزراء الفرنسي المعين حديثاً غابريال أتال (وسط) يتحدث إلى السكان المحليين المتضررين من الفيضانات في كليرماريه، شمال فرنسا، في 9 يناير 2024 (أ.ف.ب)

وتهتم التنظيمات النقابية بالمشروع الإصلاحي للحكومة (السابقة) الهادف إلى تحسين جاذبية الخدمة المدنية، الذي يُنتظر تقديمه خلال الأسابيع المقبلة.

وستكون مسألة أجور موظفي الخدمة المدنية قضية شائكة أخرى بالنسبة لرئيس الحكومة غابريال أتال. وسبق أن أعلنت نقابات الخدمة العامة، في منتصف ديسمبر، أنها تستعد ليوم تعبئة «موحد» في مارس (آذار) لتحدي سياسة الحكومة.


مقالات ذات صلة

المشرّعون الفرنسيون يرفضون الجزء المتعلق بالإيرادات من مشروع الموازنة

الاقتصاد أعضاء البرلمان يرفعون أيديهم خلال جلسة مناقشة مشروع قانون الموازنة لعام 2026 في الجمعية الوطنية (أ.ف.ب)

المشرّعون الفرنسيون يرفضون الجزء المتعلق بالإيرادات من مشروع الموازنة

رفض مجلس النواب الفرنسي، يوم السبت، أجزاءً من مشروع قانون موازنة 2026، تاركاً الباب مفتوحاً أمام إمكانية توصل البرلمان لاتفاق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد ليكورنو يتفاعل خلال المناقشة قبل التصويت على اقتراحين لسحب الثقة من الحكومة (رويترز)

«ستاندرد آند بورز» تفاجئ فرنسا بخفض تصنيفها بسبب «الاضطراب السياسي»

خفّضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني للديون السيادية الفرنسية، محذرة من حالة الاضطراب السياسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو يلقي خطاباً خلال مناقشة قبل التصويت على اقتراحين لسحب الثقة من الحكومة الفرنسية خلال جلسة عامة في الجمعية الوطنية في باريس 16 أكتوبر 2025 (رويترز)

رئيس الحكومة الفرنسية ينجو من تصويتين لحجب الثقة

نجا رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو من تصويتين لحجب الثقة في البرلمان، اليوم (الخميس)، بعدما تلقى دعما حاسما من الحزب الاشتراكي بعد تقديمه تنازلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يتحدث مع وزير القوات المسلحة الفرنسي حينها سيباستيان ليكورنو خلال زيارة إلى هانوي - فيتنام 26 مايو 2025 (أ.ف.ب)

فرنسا على حافة أزمة سياسية حادة مع تصويت البرلمان لحجب الثقة عن حكومة ماكرون

قد تغرق فرنسا أكثر في أزمة سياسية يوم الخميس، إذ تواجه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون تصويتين لحجب الثقة في البرلمان ضد رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب «التجمع الوطني» مارين لوبان خلال جلسة أسئلة للحكومة في الجمعية الوطنية الفرنسية في باريس 15 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

مجلس الدولة الفرنسي يؤكد منع مارين لوبان من الترشح للانتخابات

فشلت السياسية الفرنسية اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، في محاولتها إلغاء قرار منعها من خوض الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
TT

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)

بعد قرابة 15 عاماً على إلغاء التجنيد الإجباري في ألمانيا، مهد البرلمان الفيدرالي (البوندتساغ) لإعادته بعد أن مرر قانوناً يعيد الخدمة العسكرية الاختياري في المرحلة الأولى، على أن يصبح إلزامياً في حال عجزت وزارة الدفاع عن تجنيد أعداد كافية من المتطوعين.

ووسط مظاهرات معارضة للقانون خرجت في أنحاء ألمانيا، قادها بشكل أساسي طلاب المدارس المعنيين بالقانون، صوّت النواب على إعادة التجنيد الاختياري بدءاً من مطلع العام المقبل.

وتأمل الحكومة الألمانية أن ترفع عديد جيشها من 183 ألف عنصر حالياً إلى 270 ألف عنصر ناشط، إضافة إلى 200 ألف آخرين من قوات الاحتياط بحلول عام 2035.

وينص القانون الذي حظي بموافقة أغلبية النواب، على إرسال استمارات لكل من يبلغ الـ18 عاماً، تتضمن معلومات حول الوضع الصحي، وأخرى تتعلق بمدى الاستعداد للخدمة في الجيش. وسيكون الشباب الذكور مجبرين على ملء الاستمارات، فيما تترك اختيارياً للفتيات.

ومن يعدّ قادراً على الخدمة، يتلقى عرضاً للتطوع، لـ6 أشهر بشكل مبدئي يمكن تمديدها. ويمكن للشباب رفض العرض المقدم في المرحلة الأولى. وسيتعين على وزارة الدفاع أن تطلع الحكومة و«البوندستاغ» كل 6 أشهر حول مدى التقدم المحرز في تجنيد مطوعين، على أن يطرح مشرع قانون مرة جديدة في حال لم يتم استقطاب أعداد كافية، يجعل من التجنيد إجبارياً لمن يتم اختياره بالقرعة.

واستغرق الاتفاق على القانون أشهراً بين طرفي الحكومة؛ إذ اعترض الحزب «المسيحي الديمقراطي» الحاكم بزعامة المستشار فريدريش ميريتس على القانون بشكله الأساسي الذي لم يأت على ذكر خطوات إضافية في حال عدم تجنيد أعداد كافية.

وأراد الحزب الحاكم أن يجعل من التجنيد إجبارياً في القانون نفسه، إلا أن الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس رفض اقتراح الحزب الحاكم، وتمسك بضرورة طرح المشروع للتصويت من جديد في حال الضرورة.

لافتة «لا للحرب» خلال مظاهرة ضد التجنيد في ألمانيا (رويترز)

ولكن بيستوريوس يبدو متأملاً بأن يلقى القانون تجاوباً، رغم المظاهرات التي خرجت تزامناً مع التصويت على القانون، واعتراضاً على تحويله إجبارياً. ووصف بيستوريوس المظاهرات التي قادها طلاب المدارس، بأنها «رائعة»؛ لأنها «تظهر أن الشباب مهتمون بالتجنيد». وتحدث عن ضرورة فتح نقاش مع من يهمه الأمر.

ودافع كذلك الحزب الحاكم عن القانون، وقال نوربرت روتغن، نائب الكتلة النيابية للحزب خلال النقاش في البرلمان، إن التصويت مهم، خاصة أمام التهديدات الروسية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «لم تعد تعتبر في صفنا».

وصوّت حزب «البديل من أجل ألمانيا»، المصنف يمينياً متطرفاً ضد القانون، وكذلك حزب «دي لينكا» اليساري. وقالت نائبة رئيس كتلة «دي لينكا»، إن «الشباب لديهم مشاريع أخرى غير المخاطرة بحياتهم»، فيما اشتكت سارا ناني، المتحدثة باسم الأمن في الحزب «الخضر»، من أن القانون لا يقدم إجابات حول الخطة الوطنية الدفاعية.

ويشكو عدد كبير من الشبان المعارضين للقانون بأن الحكومة لم تفتح نقاشاً معهم، وأنها لم تأخذ مواقفهم بعين الاعتبار. وقالت رونيا، طالبة من منظمي المظاهرات التي خرجت في العاصمة الألمانية، إن المتظاهرين يؤكدون رفضهم القاطع للتجنيد الإجباري؛ لأنه تعدٍّ على حرية الشباب». وأضافت أن «التبرير بضرورة حماية بلدنا هو مجرد حجة».

وقال شاب من المتظاهرين الذين خرجوا في برلين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه يرى أن الحكومة أخطأت بتمرير قانون من دون نقاش مع المعنيين به؛ أي الذين سيتم استدعاؤهم للخدمة وهم من المولودين في عام 2008 وما بعد.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل «البوندستاغ» خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

وقال آخر إن الأمن «لا يتعلق بإجبار الأطفال على الخدمة، وإن الأشهر القليلة التي سيتم التطوع خلالها لن تكون كافية أصلاً لتعلم القتال في الجيش».

وشارك في المظاهرات طلاب في سن الـ12 عاماً، غادروا المدارس باكراً للانضمام للاحتجاجات. وقال أحدهم إنه «لا يريد أن يقاتل»، وإنه سيكون من الخطأ إرسال شباب في الـ18 من العمر للقتال.

وعلقت حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التجنيد الإجباري عام 2011، ومنذ ذلك الحين، يواجه الجيش الألماني صعوبة في جذب متطوعين.

وانخفض عدد الجيش الألماني من 300 ألف عنصر عام 2001 إلى 180 ألفاً اليوم. وتأمل الحكومة بأن تعيد رفع عديد الجيش بحلول عام 2035 إلى 480 ألفاً، من بينهم قوات الاحتياط حالياً، من خلال التطوع الاختياري وجذب المتطوعين بمرتبات تصل إلى 3500 يورو شهرياً.

ومنذ الحرب في أوكرانيا، بدأت ألمانيا بزيادة الاستثمار العسكري، وتعمل على إعادة تقوية جيشها الضعيف عمداً بسبب تاريخها.

ويزداد القلق في ألمانيا، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي يتخوف الألمان من أن تسحب المظلة الأمنية التي تزودها بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويخطط ترمب لتقليص عدد الجنود الأميركيين المتمركزين في ألمانيا منذ عقود.


مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
TT

مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)

أعلن مدير مسابقة «يوروفيحن»، مارتن غرين، أن 35 دولة ستشارك في النسخة المقبلة من مسابقة «يوروفيحن» التي ستقام في فيينا في مايو (أيار) 2026، بينما من المتوقع أن تقاطعها خمس دول، بعد قرار السماح لإسرائيل بالمشاركة فيها.

وقال مارتن غرين، في مقابلة مساء الخميس، مع التلفزيون السويدي بعد قرار اتحاد البث الأوروبي السماح بمشاركة إسرائيل في مسابقة الغناء المباشر الأشهر في العالم: «نقدّر أن 35 هيئة بث ستشارك على الأرجح» في النسخة المقبلة.

وبعد القرار الصادر، الخميس، عن هيئة البث الأوروبية، أعلنت إسبانيا وآيرلندا وهولندا وسلوفينيا مقاطعة المسابقة، بينما من المتوقع أن تعلن آيسلندا قرارها في العاشر من ديسمبر (كانون الأول).

وأشار غرين إلى أن خمس دول تعارض بشدّة مشاركة إسرائيل، مضيفاً: «أحترم موقفها تماماً».

وتابع: «آمل حقاً أن تعود في عام 2027 هيئات البث التي تقول إنّها لن تكون حاضرة في السنة المقبلة».

وقد أثارت الحرب في قطاع غزة دعوات متزايدة لاستبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية، في ظل شكوك كذلك بالتلاعب بنظام التصويت.

وشدد غرين على الطابع غير السياسي لهذا الحدث. وقال: «ليست الحكومات هي التي تشارك في (يوروفيحن)، بل هيئات البث العامة والفنانون».

وأشار إلى أنه خلال الاجتماع الذي عُقد الخميس، أجرى أعضاء اتحاد البث الأوروبي نقاشاً «صريحاً وصادقاً ومهماً أيضاً... ما اتفقوا عليه هو اقتناعهم الراسخ بأنه لا ينبغي استخدام مسابقة الأغنية الأوروبية منصةً سياسية».

وأكد أن المسابقة يجب أن تحافظ على «مقدار معيّن من الحياد».


الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.