التأثير الإسلامي يبرز من جديد

كتب عن أمجاد الفنون الإسلامية ومعارض وأزياء تستحضر زرياب وجمال الأندلس

زرياب وحدائق قصر قرطبة ومعمارها تجلّت في تشكيلة غنية من إبداع أروى العماري (أروى العماري)
زرياب وحدائق قصر قرطبة ومعمارها تجلّت في تشكيلة غنية من إبداع أروى العماري (أروى العماري)
TT

التأثير الإسلامي يبرز من جديد

زرياب وحدائق قصر قرطبة ومعمارها تجلّت في تشكيلة غنية من إبداع أروى العماري (أروى العماري)
زرياب وحدائق قصر قرطبة ومعمارها تجلّت في تشكيلة غنية من إبداع أروى العماري (أروى العماري)

تأثير التراث الإسلامي على الفنون الغربية لا يختلف عليه اثنان، يُعيده البعض إلى الفتوحات ورحلات الحج إلى بيت المقدس في العصور الوسطى وغيرها. وبفضل هذه الرحلات، وصلت الفنون الإسلامية، من الهندسة المعمارية، إلى النقش على الخشب والجص والجدران، إلى أوروبا.

وهكذا بين رحلة وجولة أصبح المستشرقون والحِرفيون يستعيرون من فنون الشرق مفرداتٍ تُثري أعمالهم وتتماهى معها بسهولة. عن هذه التأثيرات، التي تمتد من عمق الشرق إلى أقصى الأندلس، أصدرت دار «أسولين» للنشر مؤخراً، ثلاثة كتب تتناول مدى هذا التأثير؛ ليس على الفنون فحسب، بل على عالم الترف ككل. الأول بعنوان «Morocco: kingdom of lights (المغرب: مملكة الضوء)»، ويركز على المغرب بوصفه بلداً تنصهر فيه روافد ثقافية إسلامية وأفريقية وأمازيغية وأندلسية، والثاني بعنوان «المغرب.. الفنون الزخرفية (Moroccan, Decorative Arts)» يستعرض الفنون الحِرفية وتقاليدها في كل المدن، من الشمال إلى الجنوب، ولا سيما أنه أكثر بلد حافظ على الإرث الأندلسي حياً في المخيّلة، كما في الحياة اليومية من خلال المطبخ والأزياء والحِرف اليدوية، مثل الجص والنقش على الخشب والفسيفساء، وغيرها.

غلاف كتاب «المغرب: الفنون الزخرفية» (أسولين)

أما الكتاب الثالث فبعنوان «Golden Opulence: 500 Years of Luxuriant Style (البذخ الذهبي: 500 عام من الأناقة الفاخرة)»، ويتناول مدى تأثير الثقافة الإسلامية والعثمانية تحديداً على صناعة الترف والموضة، لكن يبقى القاسم المشترك بين الكتب الثلاثة الانبهار الغربي بثراء ثقافة الشرق، وكيف شكّلت مغناطيساً جذب المستشرقين والمبدعين والحِرفيين على حد سواء.

غلاف كتاب «Golden Opulence: 500 Years of Luxuriant Style (البذخ الذهبي: 500 عام من الأناقة الفاخرة)» (أسولين)

غنيٌّ عن القول إنه كان لصُناع الموضة نصيب من هذا الإرث، منذ بداية القرن العشرين، حيث يبرز اسم المصمم بول بواريه الذي يمكن وصفه بالمصمم المستشرق. استلهم سراويل الحريم، كما نعرفها اليوم، من لوحات تجسد صور حريم السلاطين، وكانت ثورية حينها، لكنها صمدت لتدغدغ خيال كثير من المصممين الذين أتوا بعده.

بعده جاء سان لوران، ثم فالنتينو وألكسندر ماكوين وكريستيان لوبوتان وجورجيو أرماني وأنطونيو ماراس ورفعت أوبيك وحسين تشالايان وإيرديم وديتشي كاييك، وغيرهم ممن نهلوا من ألوان الشرق ونقشاته، وطبعاً شاعريته، فكل واحد منهم تأثّر في مرحلة من مشواره إما بالأشكال الهندسية أو المقبَّبة التي تُميّز المعمار الإسلامي، أو المشربيات والزخرفات التي طرزوها على أقمشة من المخمل أو البروكار، وحتى الجِلد.

كيف جرى تجسيد الهندسة المعمارية والفنون الزخرفية في الموضة (تصوير لعزيز هاماني)

كل هذا بعيداً عن الصورة النمطية للأزياء الإسلامية المحتشمة، فحتى عندما راجت هذه الموضة العالمية، ترجمها المصممون الغربيون بأساليب تتضمن إبداعاً فنياً أرادوه معبراً عن لقاء الحضارات. لم يكتفوا بالأكمام الطويلة والياقات العالية والاستغناء عن الفتحات المثيرة في الفساتين الواسعة والطويلة، وتفنّنوا كذلك في طرح الإيشاربات وكل أغطية الرأس عموماً. جاء بعضها على شكل قلنسوات تغطي الرأس ونصف الوجه لتؤطّره بشكل جميل، وبعضها على شكل عمامات بأقمشة من الساتان تزينها أحياناً بروشات من الماس أو الذهب. هذه العمامات ظهرت، في السنوات الأخيرة، في عروض أنطونيو ماراس ولويفي وبرادا، الأمر الذي كان له وقع مثير أدخلها الحياة اليومية، بعد أن كانت مقتصرة على مناسبات معينة.

من تشكيلة أروى العماري التي استلهمت فيها من الأندلس هندسيتها ونقشاتها (أروى العماري)

بَيْد أنه من الخطأ القول إن هذا الانبهار يقتصر على المصممين الغربيين، فمع ظهور مصممين عرب رسّخوا مكانتهم عالمياً من أمثال إيلي صعب وزهير مراد وجورج حبيقة وجورج شقرا وغيرهم، أخذت هذه التأثيرات الشرقية شكلاً جديداً مفعماً بالرومانسية والشاعرية. ومؤخراً طرحت المصممة السعودية أروى العماري تشكيلة لا تقلّ شاعرية قالت إنها استوحتها من حدائق الأندلس ومعمار قصر قرطبة.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الموضة استقت كثيراً من فنون العمارة العربية وموسيقاها وشعرها، وهذا أمر له مبرراته؛ لأنك لا بد أن تنبهر بجمالها وثرائها التاريخي، وليس أدلَّ على هذا مما يثيره قصر قرطبة بمعماره وحدائقه من مشاعر في النفس». لهذا لم يكن غريباً أن يظهر كثير من النقشات الإسلامية والموتيفات الأندلسية، فضلاً عن الخطوط الهندسية في تشكيلتها.

الأندلس بورودها وفسيفسائها وشاعريتها كانت مصدر إلهام للمصممة أروى العماري (أروى العماري)

تشرح أروى أن هذه التشكيلة كانت تحية لحقبة ذهبية في التاريخ الإسلامي: «شهدت كثيراً من الإبداعات والعطاءات في مجالات شتى، بدءاً من الطب والهندسة، إلى العلوم الاجتماعية والشعر والموسيقى، الأمر الذي أثّر على أسلوب حياة الناس وتطورهم الاجتماعي والإنساني والثقافي».

وتُتابع: «على ذكر الشعر والموسيقى مثلاً لا بد من التنويه هنا بمدى تأثير زرياب على الموضة؛ فقد كان سابقاً لأوانه، لم يكن موسيقياً ماهراً فحسب، بل أيضاً مصمم أزياء وصورة، كان فناناً شاملاً وضع بصماته على طريقة تصميم موائد الطعام، كما على الموضة والأناقة عموماً، بدليل أنه كان أول من بدأ استعمال اللون الأبيض في الصيف».

طوق شعر «شرقيّ» من كارتييه باريس، 1911 حقوق الصورة: © دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي. تصوير: إسماعيل نور/ سيينغ ثينغز

عالم المجوهرات لم يَسلم من التأثير الشرقي والإسلامي، وليس أدلّ على هذا من دار «كارتييه»، التي بدأت علاقتها بالمنطقة في بداية القرن الماضي، بعد رحلة قام بها جاك كارتييه، حفيد مؤسس الدار إلى الخليدد. كان هدفه من هذه الرحلة استكشاف سوق اللؤلؤ، لتتطور العلاقة إلى ما هو أكثر من مجرد تبادل السلع. كان جاك مدفوعاً بالفضول للتعرف على ثقافة غريبة تماماً عما تعوّد عليه. عند وصوله إلى الخليج، انبهر بما تُخفيه من أسرار جمالية وتقاليد عريقة تظهر في المشربيات وأسلوب العيش.

في هذه الزيارة وُلدت رؤية جديدة سجلها في مذكراته، وتبلورت، فيما بعد، فيما تشير إليه الدار الفرنسية في أرشيفاتها بـ«نشأة الحداثة في بداية القرن العشرين». في هذا السياق يعلّق بيير رينيرو، مدير الصورة والأسلوب والتراث فيها، قائلاً: «لقد أدى الفن الإسلامي دوراً محورياً ترك أثراً ملموساً وهيكلياً في أسلوب كارتييه الإبداعي منذ بداية القرن العشرين. ولا يزال هذا الأثر ممتدّاً ويتسع نطاقه حتى يومنا هذا؛ وذلك بفضل ثراء الأنماط الهندسية وتشكيلاتها المتعددة».

جانب من معرض «كارتييه... الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة» في متحف اللوفر بأبوظبي (تصوير إسماعيل نور)

هذه العلاقة تستعرضها «كارتييه» حالياً في متحف اللوفر بأبوظبي في معرض بعنوان «كارتييه.. الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة»، يتناول هذا التأثر والتأثير من خلال أكثر من 400 قطعة فنية جرى تجميعها من متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف الفنون الزخرفية، ومتحف اللوفر، إضافة إلى مجموعة من مقتنيات وأرشيفات دار كارتييه. هناك أيضاً قطع جرت استعارتها من «لوبوتيه باليه» - متحف الفنون الجميلة في باريس، عبارة عن لوحات ورسومات وقِطع فنية مصغرة أو قطع «زليج»، كلها تتغنى بروائع الفن الإسلامي، وتلك العلاقة التي ربطت الدار بالعالم الإسلامي، وجسّدته في مجوهرات رفيعة وراقية، فمِن أكثر ما يُسلّط عليه المعرض الضوء تلك اللغة التي ظهرت في أسلوب كارتييه، سواء في تصميم المجوهرات أم في مجال الفن.

علبة سجائر تعود إلى 1930 من مجموعة «كارتييه» ذهب، لازورد، حجر الفيروز، ياقوت أزرق، ألماس حقوق الصورة: © دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي

كل قطعة، سواء أكانت فسيفساء أم علبة سجائر أم تاجاً مرصعاً باللؤلؤ أو الماس، تحكي كيف فتحت الرحلة التي قام بها جاك كارتييه في عام 1912 إلى منطقة الخليج، الأبوابَ لاستكشاف أنماط جديدة وأشكال هندسية وزخرفات قديمة عبّرت عنها بشكل عصري في وِرشها الباريسية منذ عقود طويلة.

تاج من كارتييه، 2012 حقوق الصورة: © دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي. تصوير: إسماعيل نور/ سيينغ ثينغز

الجميل في المعرض أنه بمثابة رحلة تأخذ الزائر إلى أعماق التاريخ وأمجاده، عبر عدة أقسام يستكشف كل واحد منها المصادر التي استمدّت منها الدار الإلهام، وهي تشرح أساليبها الإبداعية، فهناك أكثر من 400 قطعة فنية من روائع الفن الإسلامي، تشمل المجوهرات، واللوحات، والرسومات، والقطع الفنّية المصغّرة، والمنسوجات، والصور الفوتوغرافية، والمواد الأرشيفية تجعل الجولة في المعرض بمثابة رحلة في عُمق التاريخ.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
TT

برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع الحالية، وإدخال أخرى تقرأ نبض الشارع وثقافة جيل صاعد يُعوِلون عليه ويريدون كسب ولائه بربط علاقة مستدامة معه.

وهذا تحديداً ما تقوم به بيوت أزياء عالمية حوَلت متاجرها إلى فضاءات ممتعة يمكن للزبون أن يقضي فيها يوماً كاملاً ما بين التسوق وتناول الطعام أو فقط الراحة وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء في جو مريح لا يشوبه أي تساؤل.

جانب من الحوارات في النسخة الأولى أظهرت تشبث الشباب السعودي بإرثه وموروثاته (هارودز)

محلات «هارودز» ذهبت إلى أبعد من ذلك. ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، أطلقت ما أصبح يُعرف بـ«هارودز هايف». برنامج قائم على حوارات ونقاشات مُلهمة يستهدف احتضان المواهب المحلية الصاعدة ودعمها أينما كانت، وذلك بجمعها مع رواد الترف والمختصين في مجالات إبداعية بشباب صاعد متعطش للمعرفة واختراق العالمية.

كانت التجربة الأولى في شنغهاي، ومنها انتقلت إلى بكين ثم دبي وأخيراً وليس آخراً الرياض.

ففي يناير (كانون الثاني) 2024، وتحت عنوان «الغوص في مفهوم الفخامة»، كانت النسخة الأولى.

الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود في حوار جانبي مع الحضور (هارودز)

نجحت «هارودز» في إظهار مدى حماس شباب المنطقة لمعرفة المزيد عن مفهوم الفخامة الحصرية وطرق مزجها بثقافتهم وإرثهم. ما كان لافتاً في التجربة السعودية تحديداً تمسك الشباب بالتقاليد والتراث رغم انفتاحهم على العالم.

وهذا ما ترجمته الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، سيّدة الأعمال والناشطة في الأعمال الخيرية التي شاركت في النسخة الأولى بقولها: «لم أُرِد يوماً أن أغيّر أي شيء في تقاليدنا، لأنّنا نملك الكثير من الفنون والإبداع. نحن نعتبر تقاليدنا من المسلّمات، لكن العالم توّاق لما هو جديد –وينبذ الرتابة– فقد ملّ من العلامات التجارية نفسها والتصاميم ذاتها».

سارة مايلر مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» (هارودز)

كان توجه «هارودز هايف» إلى الرياض مسألة بديهية، حسب قول سارة مايلر، مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» في لقاء خاص، «لقد جاء تماشياً مع رؤية المملكة 2030 والطفرة التي تشهدها حالياً... أردنا من خلال البرنامج التركيز على القدرات الثقافية والإبداعية التي تكتنزها هذه المنطقة لا سيما أن لدينا فيها زبائن مهمين تربطنا بهم علاقة سنين».

محلات «هارودز» مثل غيرها من العلامات الكبيرة، ليست مُغيَبة عن الواقع. هي الأخرى بدأت تلمس التغييرات التي يمر بها العالم وتؤثر على صناعة الترف بشكل مباشر.

من بين الاستراتيجيات التي اتخذها العديد من صناع الموضة والترف، كان التوجه إلى جيل «زي» الذي لم يعد يقبل بأي شيء ويناقش كل شيء. الترف بالنسبة له لم يعد يقتصر على استهلاك أزياء وإكسسوارات موسمية. بل أصبح يميل إلى أسلوب حياة قائم على معايير أخلاقية تراعي مفهوم الاستدامة من بين معايير أخرى. الموضة ترجمت هذه المطالب في منتجات مصنوعة بحرفية عالية، تبقى معه طويلاً، إضافة إلى تجارب ممتعة.

معانقة الاستدامة

متجر «هارودز» مثل غيره من العلامات الكبيرة، أعاد تشكيل تجربة التسوق بأن جعلها أكثر متعة وتنوعاً، كما تعزز الاستدامة والتواصل الثقافي. وهذا تحديداً ما تستهدفه مبادرة «ذا هايف» وفق قول سارة «فهذا النهج ليس منصة للحوارات فحسب، بل يتيح لنا التواصل مع الجمهور بشكل أفضل لكي نتمكن من فهمه ومن ثم تلبية احتياجاته وتوقعاته. كما يسمح لنا ببناء علاقة مستدامة مبنية على الاحترام وفهم احتياجات السوق المحلي. وليس هناك أفضل من الإبداع بكل فنونه قدرة على فتح حوار إنساني وثقافي».

إطلاق النسخة الثانية

قريباً وفي الـ11 من هذا الشهر، ستنطلق في الدرعية بالرياض الدورة الثانية تحت عنوان «إلهام الإبداع من خلال التجربات». عنوان واضح في نيته التركيز على القصص الشخصية والجماعية الملهمة. كل من تابع النقاشات التي شاركت فيها باقة من المؤثرين والمؤثرات في العام الماضي سيُدرك بأن فكرته وُلدت حينها. فالتمسك السعودي بالهوية والإرث لم يضاهه سوى ميل فطري للسرد القصصي.

سمة بوظو أكدت في نسخة 2024 أن فنّ رواية القصص جزء من التركيبة السعودية (هارودز)

أمر أوضحته بسمة بوظو، أحد مؤسّسي الأسبوع السعودي للتصميم والتي شاركت في نسخة 2024 بقولها: «بالنسبة لنا كمبدعين، فإن ولعنا بالفنون والحرف التقليدية ينبع من ولعنا بفنّ رواية القصص، لدرجة أنه يُشكّل محور كل أعمالنا». وتتابع مؤكدة: «حتى توفّر التكنولوجيا الحديثة واكتساحها مجالات كثيرة، يُلهمنا للارتقاء بفنّ رواية القصص».

من هذا المنظور، تعد سارة مايلر أن برنامج هذا العام لن يقل حماسًا وإلهاماً عن سابقه، خصوصاً أن الحلقات النقاشية ستستمد نكهة إنسانية من هذه القصص والتجارب الشخصية، بعناوين متنوعة مثل «إلهام الإبداع» و«الرابط»، و«تنمية المجتمع الإبداعي» و«القصص المهمة» وغيرها.