كاميرا الوجه الجديدة من «ميتا» تبشّر بعصرٍ جديد من المراقبة

كومبيوتر أنيق وخفيف قابل للارتداء على الوجه

كاميرا الوجه الجديدة من «ميتا» تبشّر بعصرٍ جديد من المراقبة
TT

كاميرا الوجه الجديدة من «ميتا» تبشّر بعصرٍ جديد من المراقبة

كاميرا الوجه الجديدة من «ميتا» تبشّر بعصرٍ جديد من المراقبة

أمضيتُ أسبوعين في استخدام كاميرا جديدة لالتقاط الصور وتسجيل الفيديوهات سراً لغرباء في الحدائق والقطارات، وداخل المتاجر والمطاعم (لغاية صحافية محضة). لم أكن أخفي الكاميرا، ولكنّني كنت أرتديها ولم يلاحظها أحد.

اختبار نظارات «ميتا»

كنت أختبر نظارة «ميتا - راي بان» (Ray - Ban Meta)، (300 دولار)، الجديدة التي صنعتها إمبراطورية التواصل الاجتماعي التي يملكها مارك زوكربيرغ بالتعاون مع علامة النظارات الشمسية الشهيرة. تضمّ هذه النظارة المتطوّرة كاميرا لالتقاط الصور وتسجيل الفيديوهات، إلى جانب مجموعة من المكبرات الصوتية والميكروفونات التي يمكن استخدامها للاستماع إلى الموسيقى والتحدّث عر الهاتف.

تقول «ميتا» إنّ النظارة الجديدة تساعد مرتديها «في عيش اللحظة» ومشاركة ما يراه مع العالم في وقت واحد. على سبيل المثال، يمكنكم تشغيل التدفّق الحي لحفلٍ موسيقي على «إنستغرام» ومشاهدة الأداء مباشرة، وليس كما هو الحال مع الهاتف. قد يبدو لكم هذا الهدف متواضعاً بعض الشيء، ولكنّه جزء من طموح أوسع في وادي سيليكون لتحويل تركيز الحوسبة من شاشات الهاتف الذكي والكومبيوتر إلى وجوهنا.

تعكف شركات التقنية، ومنها «أبل»، و«ميتا»، و«ماجيك ليب»، على الترويج الضخم لخوذ الواقع المختلط التي تستخدم كاميرات تسمح لبرمجياتها بالتفاعل مع أشياء في العالم الحقيقي. ونشر زوكربيرغ أخيراً مقطع فيديو على «إنستغرام» يستعرض كيف يمكن للنظارات الذكية أن تستعمل الذكاء الاصطناعي لمسح قميص ومساعدته في اختيار سروال مناسب. تقول هذه الشركات إنّ الكومبيوتر القابل للارتداء على الوجه قد يغيّر أخيراً طريقة عملنا وأسلوب حياتنا. تتحضّر «أبل» لإطلاق أولى نظاراتها المتطوّرة، «فيجن برو» (3500 دولار)، العام المقبل، التي تتميّز بالذكاء والطراز الجميل، وتؤدّي مهام مبهرة.

تصميم أنيق وخفيف

لم تنجح الخوذ المتطوّرة في السنوات السبع الماضية في تحقيق الشهرة، ويعود هذا العجز بجزء كبير منه إلى تصاميمها الكبيرة والنافرة جمالياً. تتميّز نظارة «ميتا - راي بان» الجديدة بتصميم متواضع الحجم يعكس شكلاً محتملاً للنظارات الذكية إذا ما نجحت يوماً ما.

أنيقة وخفيفة الوزن ومريحة، هذه هي صفات نظارة «ميتا» الجديدة التي تسمح لها بالامتزاج من دون عناء في حياتنا اليومية. ولا بدّ من الاعتراف بأنّه لا أحد، ولا حتّى المحرّر الذي كان يعلم بعملي على هذا المقال، استطاع تمييز النظارة عن النظارات العادية، أو معرفة أنّني أصوّره.

بعد ارتداء نظارة «ميتا - راي بان» لشهر كامل، شعرتُ بالراحة بعد نزعها. فرغم أنّني كنت مبهوراً بالراحة والتصميم العصري، شعرتُ بالانزعاج من تطفّلها الفاضح على خصوصيتنا، فضلاً عن القلق الذي ساورني من تأثير هذه النظارات على قدرتنا على التركيز. فقد شعرتُ خلال ارتدائها بالتشتّت، حتّى في الأوقات التي لم أستخدم فيها أياً من مزاياها. ولكنّ المشكلة الأساسية كانت في أنّ النظارة لا تستطيع تأدية كثير من الأمور التي نفعلها اليوم بواسطة هاتفنا.

وكانت «ميتا» قد قالت في تصريح إنّ الخصوصية كانت في صدارة اهتماماتها أثناء تصميم النظارة، وأضافت: «نعي جيّداً أنّ الخصوصية يجب أن تأتي أوّلاً، وأن تدخل في كلّ شيء نقوم به إذا ما أردنا أن نجعل ارتداء النظارات الذكية جزءاً طبيعياً من حياتنا اليومية».

تقييم عمل النظارات

ارتديتُ النظارات والتقطتُ مئات الصور والفيديوهات خلال كثير من النشاطات اليومية (العمل، والطهي، والمشي في الطبيعة، وتسلّق الصخور، وقيادة السيارة والدراجة الكهربائية) لتقييم كيف يمكن للنظارات الذكية أن تؤثّر على تقدّمنا، وإليكم كيف سارت الأمور.

• تشتيت دائم. في الاختبار الأوّل، ارتديتُ النظارات في النادي الرياضي الصخري الذي أرتاده، وسجّلت مناوراتي في الوقت الحقيقي وشاركت الفيديوهات مع زملاء التسلّق.

عند مشاهدتي للتسجيلات، تفاجأت بأنّ أدائي في التسلّق كان أسوأ من الأيّام العادية. وعند تسجيلي لمحاولة تسلّق، انزلقت قدمي ووقعتُ، فشعرتُ بالخيبة، خصوصاً أنّني سبق أن تسلّقت الطريق نفسها بنجاح. لعلّ ضغط تسجيل وبثّ جولة تسلّق سلسة أثّر على أدائي، لا سيّما أنّني نجحت في إتمام الطريق بعد نزع النظارات.

سيطر هذا الشعور بالتشتيت على جوانب أخرى من حياتي اليومية؛ فقد واجهت صعوبة في التركيز أثناء قيادتي للسيارة والدراجة الكهربائية؛ إذ لم يقتصر الأمر فقط على البحث الدائم عن فرص لتصوير مقاطع فيديو، بل عانيتُ أيضاً من تأثير قوي لانعكاس الضوء الأمامي لسيّارة أخرى واختراقه لعدستي النظارة. توصي إرشادات السلامة التي عمَّمتها «ميتا» لاستخدام نظارة «راي بان» المستهلكين بالحفاظ على تركيزهم أثناء القيادة، ولكنّها لم تأتِ على ذكر وهج أضواء المصابيح الأمامية.

انبهار بالراحة والتصميم العصري مقابل الانزعاج من تطفّل النظارات الفاضح على الخصوصية

وخلال العمل على الكومبيوتر، شعرتُ أنّ النظارة غير ضرورية لأنّه لا يوجد ما يستحقّ التصوير على مكتبي، ومع ذلك، بقي جزءٌ من دماغي مشغول باحتمالات التصوير طوال الوقت.

من جهته، يشكّك بن لونغ، أستاذ في التصوير الفوتوغرافي في سان فرانسيسكو، في أنّ هدف «ميتا» الأساسي من النظارة هو مساعدة الناس على الحفاظ على حضورهم. ويضيف: «إذا كنتم ترتدون الكاميرا، فهذا يعني أنّكم خسرتم اللحظة لأنّكم ببساطة ستتساءلون دائماً عن وجود شيء يمكنكم تقديمه وتصويره؟».

• خصوصية متآكلة. لإعلام النّاس بتصويرهم، تتضمّن نظارة «ميتا - راي بان»، ضوء «ليد» مدمجاً في الإطار الأيمن للإشارة إلى أنّ الجهاز يسجّل؛ عند التقاط صورة، يشتعل هذا الضوء لبرهة. وعند تسجيل مقطع فيديو، يشتعل بشكلٍ مستمر.

التقطتُ وسجّلتُ نحو 200 صورة ومقطع فيديو في أماكن عامّة كالقطارات، ومسارات السير، والحدائق، ولكنّ أحداً لم ينظر إلى الضوء أو يسألني عنه. ولماذا يفعلون ذلك؟ يعدّ التعليق على نظارة أحدهم نوعاً من الفظاظة، ناهيك من التحديق بهم.

لا تُعد مسألة المراقبة الواسعة الانتشار أمراً مستجدّاً، لأنّ توسّع استخدام الهواتف الذكية، وأجراس الأبواب المزوّدة بكاميرات، وكاميرات السيارات تعني أنّكم على الأرجح تتعرّضون للتصوير في أي مكان. ولكن كريس جيليارد (خبير مستقلّ بالخصوصية يدرس تأثيرات تقنيات المراقبة) رأى أنّ الكاميرات المخفية في نظارات ذكية ستفعّل عمل العناصر السيئة (كالأشخاص الذين يلتقطون صوراً خاطفة لآخرين في النادي الرياضي) لإحداث المزيد من الضرر.

وشرح جيليارد أنّ «ما تفعله هذه الأشياء ليس إتاحة أشياء لم تكن متاحة من قبل، بل تسهيل ما لم يكن سهلاً».

من جهته، قال المتحدّث باسم «ميتا»، ألبرت آيدن، إنّ الشركة نظرت إلى مسألة الخصوصية بجديّة وصممت وسائل حمائية، كتقنية رصد العبث لمنع المستخدمين من تغطية الضوء الكاشف بشريط لاصق.

• لحظات حياتية قيّمة. صحيحٌ أنّ نظارة «ميتا - راي بان» لم تشعرني بمزيد من الحضور أو الأمان، ولكنّها أظهرت أداءً جيّداً في التقاط نوعٍ محدّد من الصور (لحظات من حياتي لم أكن لأصورها في الأيّام العادية لأنّ يديَّ تكونان مشغولتين).

ومع أنّ هذا النوع من اللحظات قد يكون قيّماً فعلاً، فإنّه ليس سببا كافياً لإقناع النّاس بشراء وارتداء نظارات ذكية نظراً للثمن الذي سيدفعونه بخسارتهم للخصوصية والتركيز.

ومع ذلك، يمكننا أنّ نتخيّل بعض التطبيقات التي قد تحوّل هذه النظارات أخيراً إلى منتجٍ شائع ومألوف، كشاشة قراءة ثلاثية الأبعاد في زاوية أعينكم خلال عرض تقديمي. وأخيراً، يجب أنّ نعترف بأنّ المستقبل الذي يصبح فيه هذا المنتج واقعاً، سواء عن طريق «ميتا» أو «آبل» التي تأمل بصناعة نظارة ذكية بعد «فيجن برو»، لا يبدو بعيداً أبداً.

• خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بعد علاقة متوترة... جيف بيزوس يتناول العشاء برفقة ترمب في فلوريدا

الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» جيف بيزوس (أ.ب)

بعد علاقة متوترة... جيف بيزوس يتناول العشاء برفقة ترمب في فلوريدا

شوهد مؤسس شركة «أمازون» جيف بيزوس وهو يتجول في مقر إقامة الرئيس المنتخب دونالد ترمب بولاية فلوريدا، في وقت متأخر من ليلة الأربعاء حيث تناول العشاء معه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
أوروبا طائرة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تصل إلى بيروت 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

طائرات أعضاء الحكومة الألمانية تتجهّز بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية

تقوم وحدة الاستعداد الجوي التابعة لوزارة الدفاع الألمانية بتجهيز طائرات الركاب المخصصة لتنقلات أعضاء الحكومة بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على الخداع ورفض تغيير وجهة النظر

أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)
أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)
TT

دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على الخداع ورفض تغيير وجهة النظر

أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)
أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)

أظهرت دراسة لشركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية «أنثروبيك»، أن نماذج الذكاء الاصطناعي تستطيع خداع المطورين، بحيث تستطيع ادعاء وجهات نظر مختلفة خلال تدريبها، في حين أنها تحتفظ في الحقيقة بتفضيلاتها الأصلية.

وقال فريق الدراسة إنه لا يوجد سبب للشعور بالفزع حالياً، في حين أن دراستهم يمكن أن تكون حيوية في فهم المخاطر المحتملة التي تنطوي عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية ذات القدرات الأعلى.

وكتب الباحثون في منشور بثته شركة «أنثروبيك»: «يجب النظر إلى نتائج دراستنا بوصفها محفزاً لمجتمع أبحاث الذكاء الاصطناعي من أجل دراسة هذا السلوك بصورة أعمق، والعمل على تطوير إجراءات الأمن والسلامة المناسبة».

وبعد أن أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً، «نحتاج إلى التحلي بالقدرة على الاعتماد على التدريب الآمن لها والذي يمنع النماذج من القيام بتصرفات ضارة».

وأشار موقع «تك كرانش» المتخصص في موضوعات التكنولوجيا، إلى أن الدراسة التي تمت بالتعاون مع مؤسسة «ريد وود ريسيرش» لأبحاث الذكاء الاصطناعي، تناولت ما يمكن أن يحدث إذا تم تدريب نظام ذكاء اصطناعي قوي من أجل القيام بمهمة «لا يريد» هو القيام بها، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

في المقابل، يقول موقع «تك كرانش»: «لكي نكون واضحين، لا يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي أن تريد أي شيء أو تعتقد في شيء. فهي ببساطة آلات إحصائية. وبعد تدريبها على كثير من الأمثلة، تتعلم الأنماط في تلك الأمثلة للتنبؤ بما يجب أن يكون؛ مثل كيف تأتي عبارة (إلى من) في رسالة بريد إلكتروني قبل عبارة (قد يهمك الأمر)».

وأثناء الدراسة طلب الباحثون من النماذج المدربة عدم الرد على الأسئلة التي يمكن أن تكون مسيئة، بما في ذلك النموذج «كلاود 3 أوبس» التابع لشركة «أنثروبيك»، التي أعيد تدريبها لكي ترد دائماً على الأسئلة التي تنطوي على إساءة، وهو تضارب واضح في المبادئ. كما أبلغوا النماذج بأن ردودها ستخضع للمراقبة وتستخدم لإعادة التدريب، وإعطاء كل نموذج ذكاء اصطناعي «ورقة ملاحظات» يمكنه استخدامها لتدوين أفكاره خطوة بخطوة.

وبحسب الباحثين، حاول «كلاود 3 أوبوس» التلاعب بالردود لتقديم «انحياز زائف» في 12 في المائة من المرات.