حرب غزة تدخل شهرها الرابع... ومخاوف من توسعها إقليمياً

إسرائيل واصلت قصفها للقطاع وأعلنت تفكيك «الهيكل العسكري» لحماس في الشمال

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
TT

حرب غزة تدخل شهرها الرابع... ومخاوف من توسعها إقليمياً

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)

أعلنت إسرائيل أنها «أكملت تفكيك» بنية القيادة العسكرية لحركة «حماس» في شمال قطاع غزة، بينما تدخل حربها ضد الحركة شهرها الرابع، اليوم (الأحد)، وسط مخاوف من توسعها إقليمياً.

وفجر الأحد، تحدث شهود عن غارات جوية إسرائيلية على خان يونس، المدينة الكبيرة في جنوب قطاع غزة، والمركز الجديد للاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي و«حماس». وأفادت وكالة «وفا» الفلسطينية بسقوط عدد من القتلى والجرحى.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، أنه يركز عملياته من الآن فصاعداً على وسط غزة وجنوبها، بعد 3 أشهر من الحرب التي أتاحت له حسب قوله: «تفكيك بنية (حماس) العسكرية» في شمال هذا القطاع الصغير، البالغ عدد سكانه نحو 2.4 مليون نسمة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري: «أكملنا تفكيك بنية (حماس) العسكرية في شمال قطاع غزة»، مضيفاً أن مقاتلي الحركة يتحركون «بشكل غير منظم ومن دون قيادة».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان مساء السبت: «قبل 3 أشهر ارتكبت (حماس) مذبحة فظيعة... أمرت حكومتي الجيش بخوض الحرب للقضاء على (حماس) وإعادة رهائننا، وضمان أن غزة لن تشكل مرة أخرى تهديداً لإسرائيل»، مضيفاً: «يجب ألا ننهي الحرب قبل أن نحقق هذه الأهداف».

وتعهدت إسرائيل «القضاء» على «حماس» بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصاً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصاً واحتجزوا رهائن، ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.

وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقاً مع هجوم بري بدءاً من 27 أكتوبر إلى مقتل 22722 شخصاً، غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.

وأعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية، ليل السبت، أنها أجلت موظفيها من مستشفى في وسط غزة.

طفلة فلسطينية أصيبت في قصف إسرائيلي على خان يونس يحملها أحد الأشخاص إلى مستشفى ناصر (أ.ب)

وقالت كارولاينا لوبيز، منسقة خدمات الطوارئ في منظمة «أطباء بلا حدود» في غزة، عبر منصة «إكس»: «أصبح الوضع خطيراً إلى درجة أن بعض أعضاء فريقنا الذين يعيشون في المنطقة لم يتمكنوا حتى من مغادرة منازلهم، بسبب التهديدات المستمرة من المُسيَّرات والقناصة».

إضافة إلى ذلك، قُتل 6 أشخاص، فجر الأحد، في قصف إسرائيلي على جنين، معقل الفصائل الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية المحتلة، حسبما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية.

وتحدثت الوزارة عن سقوط «6 شهداء بقصف الاحتلال الإسرائيلي تجمعاً للمواطنين في جنين».

«سئمنا!»

وتجمع متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية في ميدان هابيما بتل أبيب، مساء السبت، مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة واستقالة الحكومة، وسط الحرب المستمرة مع «حماس» في غزة.

وقال شاشاف نيتزر (54 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سئمنا! سئمنا! الحكومة عبارة عن حفنة من الأغبياء. يقودوننا إلى مكان فظيع. يقودوننا إلى مستقبل لا يوصف. بيبي نتنياهو وجميع الحمقى الآخرين يدمرون إسرائيل، ويدمرون كل ما كنا نأمله ونحلم به». وأضاف: «نحتاج إلى انتخابات جديدة. نحتاج إلى حكومة جديدة. نحتاج إلى زعيم جديد».

متظاهرون من أقارب المحتجزين في غزة يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة برحيل نتنياهو (إ.ب.أ)

وكانت المعارضة الإسرائيلية قد دعت إلى رحيل نتنياهو، قائلة إنه لا يتمتع بـ«ثقة» الشعب لقيادة حملة عسكرية «طويلة» في غزة.

وفي باريس وفي عدد من المدن الإقليمية في فرنسا، تظاهر آلاف للمطالبة بـ«وقف للنار» ودعماً لسكان غزة.

وأعاد فلسطينيون، السبت، دفن جثامين نبشت من قبورها في مقبرة بمدينة غزة، في المنطقة التي ينفذ فيها الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً منذ نهاية أكتوبر، حسبما أظهر فيديو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

فلسطينية مصابة في قصف إسرائيلي تقف داخل مستشفى ناصر في خان يونس (إ.ب.أ)

وأظهرت اللقطات التي صُوّرت في مقبرة حي التفاح، الجثامين التي نبشت في أكفانها وسط أكوام من التراب. وتبدو جثامين أخرى مدفونة جزئياً، بين شواهد مقلوبة في المقبرة الصغيرة المحاطة بالمباني، وحيث تبدو على الأرض بوضوح علامات جنازير الدبابات. ووسط انتشار الذباب، انهمك نحو 10 رجال يضعون قفازات وكمامات، في إعادة دفنها.

ودمَّر الهجوم الإسرائيلي أحياء كاملة في غزة، وأدى إلى نزوح 1.9 مليون شخص يشكلون 85 في المائة من سكانه، حسب الأمم المتحدة. ويعيش سكان القطاع في ظروف مزرية، وسط نقص حاد في المياه والغذاء والدواء والعلاج. وخرج كثير من المستشفيات عن الخدمة جراء الدمار اللاحق بها.

وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، من أن القطاع الفلسطيني بات «بكل بساطة غير صالح للسكن (...) باتت غزة مكاناً للموت واليأس ويواجه (سكانها) تهديدات يومية على مرأى من العالم».

خطر توسع النزاع

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال زيارته بيروت، إن «إسرائيل أعلنت هدفها المتمثل في القضاء على (حماس). يجب أن تكون هناك طريقة أخرى للقضاء على (حماس) لا تؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء»، مشدداً على أن تجنب نزاع إقليمي هو «ضرورة قصوى».

ومنذ اندلاع الحرب بين «حماس» وإسرائيل، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلاً يومياً للقصف بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي، يقول إنه يستهدف «بنى تحتية» وتحركات مقاتلين.

لكنّ الخشية من توسّع نطاق الحرب تصاعدت بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري، الثلاثاء، بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وقالت السلطات اللبنانية و«حزب الله» و«حماس» وواشنطن، إن إسرائيل نفذت العملية.

وأسفر التصعيد عند الحدود مع إسرائيل عن مقتل 181 شخصاً في الجانب اللبناني، بينهم 135 عنصراً من «حزب الله»، وفق آخر حصيلة، السبت.

في الإقليم أيضاً، كثّف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين، باستخدام صواريخ ومُسيَّرات.

واتصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بنظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان، السبت، لحضّ «إيران وحلفائها» على وقف «أعمالهم المزعزعة للاستقرار على الفور».

وأعلن «البنتاغون» أن القوات الأميركية أسقطت مُسيَّرة، صباح السبت، فوق البحر الأحمر في المياه الدولية قرب سفن تجارية. ويزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأردن، اليوم (الأحد)، في إطار جولة له في الشرق الأوسط، تهدف إلى وقف التصعيد في المنطقة.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

رفض الجيش الإسرائيلي ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة نقلاً عن جنود يخدمون في غزة، عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم بغزة.

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
TT

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في لبنان القاضي جمال الحجار، برقيّة من «الإنتربول» الأميركي، معمّمة عبر «الإنتربول» الدولي، تطلب من السلطات اللبنانية «توقيف اللواء جميل الحسن، مدير المخابرات الجوية السورية في نظام الأسد». وكشف مرجع قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن البرقية الأميركية «دعت السلطات القضائية والأمنية في لبنان إلى توقيف الحسن إذا كان موجوداً على الأراضي اللبنانية، والقبض عليه في حال دخوله لبنان وتسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية»، مشيراً إلى أن الحجار «أمر بتعميم هذه البرقية على كافة الأجهزة الأمنية لا سيما جهاز الأمن العام، وطلب توقيفه في حال العثور عليه في لبنان». وتتهم البرقيّة الأميركية اللواء جميل الحسن بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتحمّله المسؤولية المباشرة عن إلقاء آلاف الأطنان من البراميل المتفجّرة على الشعب السوري، وقتل آلاف المدنيين الأبرياء بمساعدة مسؤولين عسكريين وأمنيين يجري جمع معلومات حولهم». وقال المرجع القضائي إن هذه البرقية «عُمّمت أيضاً على كلّ الدول المنخرطة في اتفاقية الشرطة الدولية (الإنتربول)، ويُفترض توقيفه في أي مكان يمكن العثور عليه فيه».

وتتجه الأنظار إلى لبنان الذي شكّل ملاذاً لمسؤولين سوريين، بالاستناد إلى معلومات تفيد بأن عدداً من القيادات السياسية والأمنية والعسكرية فرّوا إلى لبنان عند سقوط النظام لتعذر مغادرتهم الأراضي السورية جوّاً أو بحراً، واستحالة توجههم إلى الأردن باعتبار أن المناطق السورية المتاخمة للحدود الأردنية سقطت بيد المعارضة السورية قبل أيام من سقوط دمشق بيد «هيئة تحرير الشام». وانتقل الأسد إلى قاعدة «حميميم» الروسية ومنها إلى موسكو، ونفى مصدر أمني «توفّر معلومات لدى الأجهزة عن وجود مسؤولين أمنيين سوريين في لبنان»، لكنه استطرد قائلاً: «هذا لا يعني عدم فرار مثل هؤلاء إلى الداخل اللبناني من خلال المعابر غير الشرعية والاختباء في أماكن محددة، وربما بحماية جهات لبنانية موالية لنظام بشار الأسد». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تقديرات بدخول آلاف السوريين إلى لبنان عشيّة سقوط النظام وبعده بطريقة غير شرعية»، مؤكداً أنه «عند القبض على أي مسؤول سوري سابق مطلوب للسلطات السورية الجديدة، سيتمّ إخطار المراجع القضائية بذلك لاتخاذ القرار بشأنه».

وكانت الأجهزة الأمنية اللبنانية ألقت القبض الأسبوع الماضي على عدد من الضباط والجنود التابعين لجيش النظام السوري السابق، وأخضعتهم للتحقيق. وقال المصدر الأمني: «تم القبض على 21 ضابطاً وعنصراً من عداد الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر (الأسد) مع أسلحتهم، بعد دخولهم خلسة من خلال معابر غير شرعيّة في البقاع وجبل الشيخ، وجرى التحقيق معهم بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار»، مؤكداً أن النائب العام التمييزي «أمر بتسليم هؤلاء إلى جهاز الأمن العام اللبناني للعمل على دراسة ملفاتهم وترحيلهم إلى بلادهم». وأفاد المصدر بأن الموقوفين «هم 6 ضبّاط: اثنان برتبة عقيد، ومقدّم، ورائد، ونقيب، وملازم. والباقون بين رتباء وجنود، وجميعهم يتبعون للفرقة الرابعة»، لافتاً إلى أن «ثلاثة عناصر أبدوا استعدادهم للعودة إلى بلادهم وتسوية أوضاعهم، أما الباقون فأعلنوا أنهم لا يرغبون بالعودة بسبب الخطر على حياتهم». وبحسب المصدر، فإن «أحد الضباط كان بحوزته مبلغ 110 آلاف دولار أميركي، وضابط آخر بحوزته 68 ألف دولار، أما الباقون فلديهم مبالغ محدودة».

وفي السياق نفسه، أشار المصدر إلى أن «حاجز الجيش اللبناني الواقع في منطقة المدفون (النقطة الفاصلة ما بين محافظتَي الشمال وجبل لبنان)، أوقف اللواء المتقاعد في الجيش السوري (حكمت.ف.م)، بعد دخوله لبنان خلسة، وكان بحوزته مبلغ مالي يفوق 100 ألف دولار، بالإضافة إلى كمية من الذهب تقدّر بكيلوغرامين، وتبين أنه كان يشغل منصب قائد فرقة درعا في الجيش السوري، كما تم توقيف عدد من الضباط والعناصر التابعين لأجهزة مخابرات سورية داخل بلدات في منطقة عكار (شمال لبنان)، إلّا أنه بعد التحقيق معهم أعطى القضاء العسكري أمراً بالإفراج عنهم، باعتبار أنه لا توجد ملفات أمنية بحقهم في لبنان».