الأرجنتين تقرر عدم الانضمام إلى مجموعة «بريكس»

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (رويترز)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (رويترز)
TT

الأرجنتين تقرر عدم الانضمام إلى مجموعة «بريكس»

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (رويترز)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (رويترز)

أبلغ الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي قادة دول «بريكس» أن بوينس آيرس لن تنضم إلى المجموعة مطلع العام 2024، التزاما بما كان الرئيس الليبرالي المتطرف تعهد به في حملته الانتخابية، وفق ما أفادت الرئاسة الجمعة.

وفي رسالة وجهها إلى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والأعضاء الآخرين في «بريكس» (روسيا، الهند، الصين، أفريقيا الجنوبية)، اعتبر ميلي أن «انضمام الأرجنتين إلى مجموعة بريكس كبلد كامل العضوية اعتبارا من مطلع يناير (كانون الثاني) 2024 ليس مناسباً».

وأكد الرئيس الذي تولى منصبه في 10 ديسمبر (كانون الأول) أن السياسة الخارجية لحكومته «تختلف في نواح كثيرة عن سياسة الحكومة السابقة».

وأضاف «في هذا السياق، ستتم مراجعة بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة، وبينها إنشاء هيئة (...) تُعنى بمشاركة البلاد في بريكس».

وشهدت القمة الأخيرة لدول بريكس التي عقدت خلال أغسطس (آب) في جوهانسبرغ، توجيه دعوات لست دول هي الأرجنتين وإيران ومصر وإثيوبيا والسعودية والولايات المتحدة والإمارات العربية، للانضمام إلى المجموعة اعتباراً من مطلع يناير 2024.

وخلال حملته الانتخابية أكد ميلي رفضه انضمام بلاده إلى «بريكس»، ودعم رغبته في «دعم أي اتفاقات مع الشيوعيين لأنهم لا يحترمون أساسيات التجارة الحرة والحرية والديمقراطية».

وأوضح ناطق باسم الرئاسة الأرجنتينية أن الرسائل إلى الدول الأعضاء في «بريكس» تؤشر إلى «أننا نجري عملية تغيير في السياسة الخارجية تستند إلى عمليات تحليل أكثر عمقاً من التي أجرتها الحكومة السابقة».


مقالات ذات صلة

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

رغم أن «بريكس» هو تجمع لتكامل قدرات وإمكانات الدول المنخرطة فيه، لكن ذلك لم يمنع ظهور إشارات على عمق الخلاف المصري - الإثيوبي خلال القمة التي استضافتها روسيا.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

عرض عضلات صيني في الحديقة الخلفية لواشنطن

رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)
رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)
TT

عرض عضلات صيني في الحديقة الخلفية لواشنطن

رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)
رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)

عندما طلب الرئيس الصيني شي جينبينغ من نظيره الأميركي جو بايدن إرساء مبدأ «اليقين» في العلاقات بين البلدين، خلال اللقاء الذي جمعهما يوم السبت، في ليما عاصمة بيرو، على هامش منتدى آسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي، كان كلامه موجهاً إلى دونالد ترمب الذي سيتسلم مهام ولايته الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وسط مؤشرات عديدة تنذر بهبوب عاصفة جديدة على أشد العلاقات الثنائية تعقيداً وأهمية في العالم.

لكن الرسالة الأهم التي أراد جينبينغ توجيهها إلى إدارة ترمب من جولته الأميركية اللاتينية، السادسة خلال السنوات العشر المنصرمة، هي أن بكين أصبحت الشريك التجاري الأول لبلدان أميركا الجنوبية، وأن نفوذها إلى تعاظم في المنطقة التي تعد تقليدياً «الحديقة الخلفية» للولايات المتحدة.

هذه الجولة التي سيختتمها الرئيس الصيني، الأسبوع المقبل، في ريو دي جانيرو، لحضور قمة العشرين التي تستضيفها البرازيل، انعكاس لمدى استراتيجية بكين التوسعية في العالم، وما تحصده من نفوذ اقتصادي وسياسي في أميركا اللاتينية، على حساب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

اتّساع نفوذ بكين

مواطنون صينيون مقيمون في ليما يحتفون بزيارة شي جينبينغ 15 نوفمبر (أ.ف.ب)

اختار جينبينغ توقيت وصوله إلى بيرو، الخميس الماضي، ليفتتح ميناء «تشانكاي» العميق، إحدى المحطات الرئيسية على «طريق الحرير» الذي بلغت تكلفته 3.5 مليار دولار، وتملك الحقوق الحصرية لإدارته شركة المواني الصينية. وفي لقائه مع رئيسة بيرو دينا بولوارتي، قال جينبينغ إن هذا الميناء سيكون نقطة الانطلاق لمسار بري وبحري جديد يربط «درب الإينكا» بطريق الحرير البحرية في القرن الحادي والعشرين، ويفتح أبواب الازدهار المشترك لبيرو وبلدان أميركا اللاتينية والكاريبي.

تُعد بيرو مثالاً صارخاً على مدى تغلغل النفوذ الاقتصادي الصيني في أميركا اللاتينية، حيث تملك الشركات الصينية الرسمية منذ العام الماضي جميع المؤسسات التي تزوّد بالكهرباء العاصمة ليما، والمناطق الصناعية المحيطة بها، كما تملك شركات صينية معظم مناجم الحديد في بيرو، والمواني التي تصدّر منها إنتاجها.

وكان جينبينغ قد اجتمع، عشية لقائه بايدن، مع رئيس الشركة التي تنافس «تسلا» لتكون أكبر منتج في العالم للسيارات الكهربائية التي تشكّل اليوم رأس حربة الصناعات التكنولوجية الصينية، وناقش معه طاقات ميناء «تشانكاي» الضخم لشحن السيارات، وبناء مصنع لتجميع السيارات الكهربائية في بيرو.

لكن بيرو ليست الدولة الأميركية اللاتينية الوحيدة التي أصبحت الصين شريكتها التجارية الأولى، متجاوزة بفارق كبير الولايات المتحدة. ففي عام 2000، كانت السوق الصينية تشكّل 2 في المائة من مجموع الصادرات الأميركية اللاتينية، لكن في السنوات الثمانية التالية نمت المبادلات التجارية بين الطرفين بنسبة 31 في المائة سنوياً، إلى أن بلغت قيمتها في العام الماضي 480 مليار دولار.

الشريك التجاري الأول

رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني بعد تدشينهما ميناء جديداً 14 نوفمبر (أ.ب)

يفيد مجلس العلاقات الخارجية الأميركي بأن الصين اليوم هي الشريك التجاري الأول للبرازيل وتشيلي وبيرو، وعدد من الاقتصادات الأخرى الصغيرة في المنطقة، وبأن وتيرة الاستثمارات الصينية في أميركا اللاتينية خلال العقد الثاني من هذا القرن كانت بمعدل 14.2 مليار سنوياً، وأنها انخفضت إلى النصف في السنوات الثلاث المنصرمة.

يُضاف إلى ذلك أن مؤسسات الإقراض الصينية الرسمية قدّمت قروضاً لبلدان أميركا اللاتينية تجاوزت تلك التي قدّمها البنك الدولي، بلغت ذروتها في عام 2010 بمقدار 25 مليار دولار، لتنخفض حالياً إلى 1.4 مليار سنوياً.

وتتصدّر الأرجنتين، التي أعلن رئيسها الحالي تعليق عضوية بلاده في مجموعة العشرين، قائمة البلدان الأميركية اللاتينية التي حصلت على قروض من المصارف التجارية الصينية، تليها البرازيل وبيرو وتشيلي وفنزويلا والإكوادور.

هذا التغلغل الاقتصادي والمالي للصين في أميركا اللاتينية، وهي إحدى مناطق النفوذ التقليدي لواشنطن، يأتي مشفوعاً بتغلغل جيوسياسي يدفع بيادق بكين على المسرح الدولي، ويساعد على إرساء مبدأ «تعددية الأقطاب» الذي ترفع القيادة الصينية لواءه في وجه القطب الواحد تحت الهيمنة الأميركية، وتنشط لتعزيز محاور دولية مثل قمة العشرين ومنتدى آسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي.

«طريق الحرير» الجديد

الرئيس الصيني لدى انتظاره وصول نظيره الأميركي في ليما 16 نوفمبر (رويترز)

منذ عام 2017 حتى الآن، انضمّت 22 دولة أميركية لاتينية رسمياً إلى مشروع طريق الحرير الجديدة، كما أبرمت بكين اتفاقات للتبادل التجاري الحر مع بيرو وتشيلي وكوستاريكا والإكوادور وأوروغواي، فيما لا تزال مشاريع التبادل التجاري الحر بين الاتحاد الأوروبي وبلدان المنطقة مُجمّدة منذ سنوات.

تراقب الولايات المتحدة هذه التحركات الصينية في محيطها الإقليمي بقلق متزايد، وترى فيها تهديداً لزعامتها، وخصوصاً أن معظم الاتفاقات الاقتصادية التي تبرمها بكين مع هذه البلدان تتضمن بنداً يضمن حصرية التشغيل للمؤسسات الصينية الرسمية، الأمر الذي يُسهّل أنشطة التجسس على حساب مصالح الأمن القومي الأميركي.

وكان لافتاً ما جاء في دراسة وضعها باحثون من «المجلس الأطلسي» الأميركي منذ أيام، أنه في حال نشوب نزاع في تايوان، أو في المنطقة المحيطة ببحر الصين، فإن شركة المواني الصينية الرسمية تدير شبكة تضمّ 38 ميناء تمتد من بحر إيجه حتى قناة بنما، الأمر الذي يمكن أن يُشكّل عقبة لوجيستية كبيرة أمام الجيوش الأجنبية التي قد تقرر إرسال سفن أو إمدادات إلى منطقة النزاع.