«اليوم التالي» في غزة الآن قبل ضياع جيل آخر

أنقاض منزل عائلة مناصرة التي قتلت غارة إسرائيلية في مخيم المغازي عشرات من أفرادها (إ.ب.أ)
أنقاض منزل عائلة مناصرة التي قتلت غارة إسرائيلية في مخيم المغازي عشرات من أفرادها (إ.ب.أ)
TT

«اليوم التالي» في غزة الآن قبل ضياع جيل آخر

أنقاض منزل عائلة مناصرة التي قتلت غارة إسرائيلية في مخيم المغازي عشرات من أفرادها (إ.ب.أ)
أنقاض منزل عائلة مناصرة التي قتلت غارة إسرائيلية في مخيم المغازي عشرات من أفرادها (إ.ب.أ)

«إننا نؤمن بحمل السلاح دفاعاً عن النفس ولردع العدوان. ولكننا نؤمن أيضاً بالسلام عندما يقوم على العدل والإنصاف، وعندها يُنهى الصراع. ولا يمكن أن تزدهر العلاقات الطبيعية بين شعوب المنطقة، وتسمح للمنطقة بمتابعة التنمية بدلاً من الحرب، إلا في سياق السلام الحقيقي».

أدلى الملك عبد الله، وكان ولياً للعهد وقتذاك، بهذا التصريح أمام الجامعة العربية في عام 2002، داعياً إلى تبني المبادرة السعودية الداعية إلى إقامة علاقات طبيعية وضمان أمن إسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين.

وفي بيان مشترك صدر عن الأمير عبد الله والرئيس جورج دبليو بوش عام 2005، وجهت الولايات المتحدة الشكر بشكل خاص إلى الملك عبد الله على «مبادرته الجريئة التي تبناها بالإجماع والتي تسعى إلى تشجيع السلام الإسرائيلي الفلسطيني والإسرائيلي العربي». وقال البيان إن «الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ترغبان في التوصل إلى تسوية عادلة عن طريق التفاوض تعيش فيها دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام وأمن».

قبل عام من المبادرة السعودية تلك، كان الرئيس كلينتون قد وضع المعايير المتعلقة بالأرض والأمن والقدس واللاجئين، في خطاب ألقاه في يناير (كانون الثاني) 2001، وقال: «فيما يتصل بحل الخلافات المتبقية، سواء جاءت اليوم أو بعد سنوات عدة من الحسرة وسفك الدماء، فإن الخيارات الأساسية المؤلمة، وإنما الضرورية، سوف تظل بلا أدنى شك كما هي».

كانت الانتفاضة الثانية في أيامها الأولى أثناء خطاب كلينتون. وقد أسهمت في التحركات الإسرائيلية نحو الانفصال من جانب واحد: انسحاب وإبعاد المستوطنين من غزة عام 2005، وبناء الجدار الأمني في الضفة الغربية.

آثار الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي على بيت لاهيا (أ.ف.ب)

وفي السنوات اللاحقة، ظهر العديد من مبادرات السلام، على الرغم من عدم تنفيذ أي منها باستراتيجية سياسية قادرة على كسب الدعم أو الإسناد المطلوب من جميع الأطراف. تضمنت «اتفاقيات إبراهيم»، الموقعة عام 2020، تدابير بين إسرائيل وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية، كانت قد اقتُرحت سابقاً في سياق جهود السلام السابقة، ولكنها نُفذت بأقل قدر من المكاسب للفلسطينيين.

وبعد جيل كامل، تبدو الجولة الأخيرة من الحرب - التي أطلق لها العنان في 7 أكتوبر (تشرين الأول) بهجوم (حماس) الإرهابي والوحشي على الإسرائيليين - متنافرة إلى درجة كبيرة، ومدمرة إلى حد مذهل أعمى بصائر العديد من الناس، إلى الحد الذي جعل هؤلاء الذين استهلكتهم الأحداث الجارية يفتقرون إلى الحسّ اللازم حتى يروا أفقاً أفضل ممكناً.

ومع ذلك، لا بد من إعادة قراءة خطاب الرئيس كلينتون، أو خطاب الملك عبد الله في بيروت، أو البيان المشترك للرئيس بوش والملك عبد الله. ففي الحقيقة، أصبحت كلماتهم المتماسكة بشكل لافت والنابعة من فَهْم عَميق للأمور قابلة للتطبيق اليوم بصورة صارخة. وإذا كان العالم في حاجة إلى حجة مقنعة تبرر كارثية شعار «النهر إلى البحر» في واقع الدولة الواحدة، سواء كانت نسخة متطرفة من فلسطين أو إسرائيل، فإننا نشهد الآن كيف تتبدى الوقائع على الأرض.

وتشكل رؤية «الدول تقف جنباً إلى جنب» الأمل الوحيد في إمكانية إحلال السلام والأمن المستدامين. فحل الدولتين على هذا النحو وحده لن يخدم مصالح الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب، وإنما أيضاً مصالح بلدان المنطقة والعالم. والولايات المتحدة لا غنى عنها للمساعدة في تحقيق هذه الغاية. فهي أولاً تتمتع بتاريخ ثري من الالتزام الرئاسي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فضلاً عن شبكة من العلاقات البناءة التي تفتقر إليها الصين وروسيا.

كيف نصل إلى تلك الغاية من هذا المنطلق؟ هذه خطوات خمس قد تشكل بداية مناسبة.

بداية، لا بد للمملكة من تفعيل دورها في عمليات السلام بوصفها بوابة وإطاراً توجيهياً للمراحل المقبلة.

ثانياً، وفي أقرب فرصة، حتى قبل انتهاء الهجوم الإسرائيلي ضد القيادة العسكرية لـ«حماس»، يحتاج الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية إلى أن يروا ويشعروا بأن ثمة طريقاً إلى غد أفضل. وهذا يتطلب إنشاء بنية مؤقتة للحكم والأمن تكون بمثابة أداة انتقالية قادرة على دفع الأمور نحو إقامة دولة فلسطينية مستدامة. وفي ظل هذه البنية، ينبغي ألا يخاف الفلسطينيون من الانتقاد العلني لأولئك الذين هم في السلطة، والعمل على توفير المياه والكهرباء والغذاء، وإعادة بناء أسرع للمنازل والمدارس والمستشفيات وتأمين فرص عمل جيدة. كذلك يحتاج سكان الضفة الغربية إلى أن يروا محاكمة واضحة للمستوطنين الإسرائيليين من قبل السلطات الإسرائيلية في الوقت الحقيقي بسبب سلوكهم التعسفي.

ثالثاً، لا بد من دفع التحالف العربي (المصري - الأردني - الخليجي) إلى الأمام، وأن تشارك السلطة الفلسطينية في شكلها وهيكلها الحاليين في المقعد الأمامي إلى أن تتمكن من تولي القيادة. ومن شأن هذا التحالف أن يدعو الأمم المتحدة إلى ممارسة وإعادة بناء بنيتها التحتية المدنية القائمة، والعمل مع الآخرين لضمان الأمن الكافي لحماية حياة الفلسطينيين اليومية، ووقف التهديدات المستجدة التي قد تشكّلها «حماس» في الداخل أو لإسرائيل.

رابعاً، يتعين على إسرائيل أن يحكمها تيار الوسط السياسي؛ حيث تقع الغالبية الإسرائيلية. ويتوقع الإسرائيليون إجراء تحقيق شامل في إخفاقات القيادة التي ربما تكون قد أسهمت في عدم الاستعداد لهجمات 7 أكتوبر؛ ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى ظهور رئيس وزراء جديد، وائتلاف حاكم أكثر وسطية. وخلال هذه الفترة، سوف يحتاج الإسرائيليون إلى استعادة الثقة بقدرة الدولة على ضمان أمنهم وسلامتهم، حتى في الوقت الذي يعيدون فيه اكتشاف الصلة بين أن يكونوا ديمقراطية قوية وبين توفير وطن مستدام للشعب اليهودي.

الأسيرة الإسرائيلية أدا ساغي بين يدي جيش الاحتلال بعد إطلاق سراحها نهاية الشهر الماضي (إ.ب.أ)

خامساً وأخيراً، سوف يحتاج المجتمع الإقليمي والدولي، ومن ضمنه إسرائيل، إلى تقديم دعم كبير لهذه الجهود.

ولا ينبغي لنا أن نتوقع من الفلسطينيين أو الإسرائيليين وحدهم أن يتمكنوا من تغيير مفاجئ للأوضاع في أي اتجاه، فيصبحون فجأة أكثر وضوحاً في النظر إلى حل الدولتين بوصفه الحل الذي يحتاج إليه كل من الشعبين؛ خصوصاً الجيل القادم الذي عاقته السياسة والساسة المفتقرون إلى تلك الرؤية وذلك التركيز.

وبوسع زعماء المنطقة، الذين وقعوا أو قد يوقعون اتفاقيات سلام، بالشراكة مع الولايات المتحدة وغيرها من الأطراف الخارجية الداعمة، أن يضطلعوا بدور رئيسي في ترسيخ هذا الوضوح، وفي ضمان مصداقية المسار الذي يؤدي إلى إقامة دولتين، ومستقبل أكثر استقراراً وأمناً واستدامة وديمقراطية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: نحو 70 % من قتلى حرب غزة نساء وأطفال

المشرق العربي رجل يحمل امرأة فلسطينية فقدت ساقها عندما أُصيب منزل عائلتها في غارة إسرائيلية بمخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:29

الأمم المتحدة: نحو 70 % من قتلى حرب غزة نساء وأطفال

كشف تقرير للأمم المتحدة اليوم (الجمعة) أن النساء والأطفال يشكّلون «نحو 70 في المائة» من قتلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)

القاهرة تستضيف مؤتمراً إغاثياً لغزة بمشاركة «الأونروا»

أعلن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون المتعددة الأطراف والأمن عمرو الجويلي أن مصر سوف تستضيف الشهر المقبل مؤتمراً وزارياً لحشد المساعدات الإنسانية لغزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث أمام المجلس الأميركي - الإسرائيلي في 19 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 00:36

رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية ضيفاً على «تنصيب ترمب»

على الرغم من أن غالبية المحللين ينصحون قادة اليمين الإسرائيلي المغتبطين بفوز دونالد ترمب بأن يتريثوا، يتعامل غالبية الإسرائيليين على أن هذا الفوز «انتصار» لهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
رياضة عالمية «الحرية لفلسطين» كانت حاضرة بعبارة على مدرجات باريس سان جيرمان (أ.ف.ب)

«الحرية لفلسطين» تثير الجدل قبل مواجهة فرنسا وإسرائيل

رفع مشجعو باريس سان جيرمان في مدرج بولن لافتة عملاقة عليها عبارة «الحرية لفلسطين» قبل انطلاق مباراة فريقهم أمام أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو

وزير داخلية فرنسا ينتقد باريس سان جيرمان بسبب لافتة «فلسطين حرة»

انتقد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو اليوم الخميس رفع لافتة عملاقة مكتوب عليها«فلسطين حرة» في مباراة كرة قدم لفريق باريس سان جيرمان، قائلاً إنها غير مقبولة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.