تونس: حملات أمنية وحالة استنفار في عطلة رأس السنة

تتزامن مع إقبال استثنائي من قبل آلاف السياح العرب والأجانب

قوات الأمن التونسية في حالة استنفار تحسباً لأي عمل إرهابي (وسائل إعلام تونسية)
قوات الأمن التونسية في حالة استنفار تحسباً لأي عمل إرهابي (وسائل إعلام تونسية)
TT

تونس: حملات أمنية وحالة استنفار في عطلة رأس السنة

قوات الأمن التونسية في حالة استنفار تحسباً لأي عمل إرهابي (وسائل إعلام تونسية)
قوات الأمن التونسية في حالة استنفار تحسباً لأي عمل إرهابي (وسائل إعلام تونسية)

أعلنت السلطات الأمنية والحكومية التونسية عن إجراءات استثنائية وعن برامج أمنية خاصة بمناسبة عطلة آخر السنة التي تتزامن مع الأيام الأخيرة من عطلة سنوية طويلة تشمل ملايين طلاب المدارس والجامعات والموظفين.

حالة استنفار لقوات الأمن التونسية تحسباً لأي عمل إرهابي (وسائل إعلام تونسية)

كما تشهد تونس بهذه المناسبة إقبالاً استثنائياً من قبل مئات آلاف السياح الليبيين والجزائريين والأوروبيين وأبناء العمالة التونسية في المهجر؛ لذلك استبق وزير الداخلية كمال الفقي وكوادر الوزارة الاحتفالات بزيارات تفقد أمني لكبرى المناطق السياحية في المناطق الساحلية للبلاد شمالاً وجنوباً.

وأعلنت وزارات الداخلية والنقل والتجارة ومصالح الشرطة البلدية بالمناسبة عن عدد كبير من الإجراءات الوقائية والأمنية والاقتصادية الاستثنائية.

قوات الأمن الخاصة في حالة استنفار قرب المؤسسات السياحية بمناسبة رأس السنة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

حالة طوارئ

في نفس الوقت ذكّرت وسائل الإعلام التونسية بكون قرار «فرض حالة الطوارئ» الذي وقعه الرئيس التونسي مجدداً مطلع هذا العام يمتد إلى آخر يوم في العام الحالي. ومن المقرر أن يقع تجديده بأمر رئاسي جديد مثلما هو معمول به منذ 13 عاماً.

وفسر الرئيس التونسي قيس سعيد أن تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى نهاية العام الحالي 2023 بواجب «التصدي» لمن وصفهم بـ«أعداء الوطن»، وطلب من قوات الحرس الوطني «تنفيذ الخطة الأمنية الاستثنائية بحزم».

استنفار قوات الأمن السياحي والحرس الوطني في عطلة آخر السنة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

وتمنح حالة الطوارئ وزارة الداخلية التونسية صلاحيات استثنائية، من بينها منع الاجتماعات، وحظر التجوال والإضرابات العمالية، وتفتيش المحلات، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية. وهذه الصلاحيات تُطبق دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.

حالة تأهب براً وبحراً وجواً

وكشف الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني العميد حاسم الدين الجبابلي بالمناسبة أن القوات الأمنية التونسية في حالة استنفار وتأهب براً وبحراً بهدف تأمين التنقلات التي تزداد كثافة بين المدن والمناطق السياحية وفي المطارات والمواني.

وكشفت وزارة الداخلية أن من بين الإجراءات الأمنية الوقائية «تشديد الرقابة على استهلاك المشروبات الكحولية واستهلاك المواد المحظورة» من قبل سائقي السيارات، بهدف تجنب تضخم عدد حوادث السير القاتلة وأعمال العنف بأنواعها والانتهاكات لقوانين الطرقات والقيادة...

وأورد الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني أن عمل القوات الأمنية التونسية يزداد كثافة في موسم العطلة الإدارية وإجازات رأس السنة في جل الطرقات وفي البوابات الحدودية البرية والجوية والبحرية وفي السواحل.

وتكثف قوات الأمن بالمناسبة خطة تحركها تحسباً لمحاولات تنظيم عمليات تهريب سلع ومهاجرين غير شرعيين، من قبل بعض المهربين الذين قد يستفيدون من انشغال جانب من الأمنيين بالحملات الأمنية المكثفة على الطرقات البرية وفي المواني والمطارات والملاهي، وبالقرب من المؤسسات السياحية خاصة منها تلك التي تنظم حفلات عشاء وسهرات غنائية خاصة بمناسبة رأس السنة.

وكشفت السلطات الأمنية قبل أيام عن إجهاض مجموعة من رحلات الهجرة غير القانونية عبر السواحل التونسية في اتجاه السواحل الأوروبية.

استنفار في قطاع النقل

في سياق متصل، أعلنت وزارة النقل عن مضاعفة عدد القطارات ورحلات الحافلات العمومية بمناسبة عطلة آخر السنة. كما أعلنت عن تأمين زيادة في عدد العربات في القطارات لتضمن ترفيعاً في نسبة المسافرين الذين يستخدمون النقل العمومي الحديدي يتراوح بين 20 و30 بالمائة.

كما قررت وزارة النقل أن تؤمن الشركة الوطنية للنقل بين المدن والشركات الجهوية للنقل 4122 سفرة منتظمة و796 سفرة إضافية على كامل خطوطها؛ أي بزيادة 20 في المائة بالمقارنة مع العرض الجملي العادي.

وبالنسبة لسيارات التاكسي الجماعي في المسافات البعيدة، تقرر السماح لأصحابها بصفة استثنائية بنقل المسافرين في كامل البلاد، وعدم التقيد بمحافظة واحدة، وذلك ضمن جهود تحسين الخدمات ومحاولة التحكم في عدد حوادث المرور، وخاصة الحوادث القاتلة.

وفي إطار مراقبة مسالك التوزيع والتصدي لظاهرة المضاربة والاحتكار التي تنتعش في عطلة رأس السنة، أعلنت مصالح وزارة الداخلية أنها حجزت مع مصالح وزارات العدل والصحة والتجارة وتنمية الصادرات والمالية كميات هائلة من المواد «معدة للبيع بمناسبة الاحتفال برأس السنة الإدارية بطرق غير شرعية، بينها مواد مدعومة من قبل الدولة». كما وقع حجز آلاف قطع «الكايك» (حلويات آخر السنة التي كانت مخزنة لتباع ليلة رأس العام الجديد) التي لا تتوفر فيها الشروط الصحية، بعضها حجز في «مخازن غير قانونية ومحلات تجارية عشوائية».

وقد أحيل أصحاب هذه المحلات والمخازن إلى المحاكم ومصالح الرقابة المركزية وإلى الشرطة البلدية.


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )
أوروبا من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

السويد تلمّح لتورط إيران في هجمات قرب سفارتين إسرائيليتين

أعلنت وكالة الاستخبارات السويدية، الخميس، أن إيران قد تكون متورطة في الانفجارات وإطلاق النار قرب السفارتين الإسرائيليتين في السويد والدنمارك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الولايات المتحدة​ عافية صديقي (متداولة)

«سيدة القاعدة» السجينة تقاضي الولايات المتحدة لتعرُّضها لاعتداءات جسدية وجنسية

رفعت سيدة باكستانية سجينة في سجن فورت وورث الفيدرالي دعوى قضائية ضد المكتب الفيدرالي للسجون والإدارة الأميركية، قالت فيها إنها تعرَّضت لاعتداءات جسدية وجنسية

«الشرق الأوسط» (تكساس)

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

في مقهى شعبي بحيّ صاخب في تونس، يعبّئ شبان قسائم مراهنات رياضية ويتحدّثون عن منافسات الأندية الأوروبية، غير مبالين بالانتخابات الرئاسية التي تقام الأحد في بلد يرغب الكثيرون في مغادرته نتيجة إحباط من السياسة.

ويقول محمد (22 عاما) الذي رفض كشف اسمه كاملا، إنه لن يذهب للتصويت الأحد. «لا فائدة من ذلك... السياسة لا تعنينا، نحن فقط نحاول أن نحصّل رزق يومنا».

ودُعي حوالى ثلث التونسيين من الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 عاما (مجموع المسجّلين للانتخابات 10 ملايين ناخب) للإدلاء بأصواتهم الأحد في الانتخابات الرئاسية. لكن كثيرين، لا سيما بين الشباب، غير مهتمين بالتصويت.

وبحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

شابان وشابة يتابعون ورشة عمل لروّاد الأعمال الشباب في فرنانة بشمال غرب تونس (أ.ف.ب)

ويوضح محمد لوكالة الصحافة الفرنسية وهو ينظر إلى شرفة المقهى «إذا توافرت الآن ثلاثة قوارب، فلن يبقى أحد هنا».

في كل عام، يحاول آلاف التونسيين، غالبيتهم من الشباب، عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا في رحلة محفوفة بالأخطار. ويسافر آلاف آخرون إلى الخارج بتأشيرة للعمل أو الدراسة.

في السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة الراغبين في الهجرة إلى 46 في المائة من التونسيين، وفقا لـ«الباروميتر العربي» الذي يصنّف تونس في مقدّم الدول العربية من حيث عدد الراغبين في مغادرة البلاد.

ومطلع الأسبوع، غرق قارب مهاجرين قبالة شواطئ جزيرة جربة السياحية (جنوب شرق) على مسافة 500 متر من الشاطئ، ولقي ما لا يقل عن 15 تونسيا حتفهم، في حين تمّ اعتراض قاربين آخرين يحملان نحو أربعين مهاجرا غير قانوني أثناء مغادرتهما جزيرة قرقنة (جنوب) وسواحل محافظة بنزرت (شمال).

في العام 2011، ووفقا لـ«الباروميتر العربي»، وهو مركز أبحاث متخصّص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أراد 22 في المائة فقط من التونسيين مغادرة بلادهم، ومعظمهم من الشباب، بعد ثورة أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي.

بعد عقد من الزمن، أصبح الشباب هم الأكثر تضرّرا من البطالة، إذ بلغت نسبة العاطلين عن العمل في صفوفهم 41 في المائة (مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 16في المائة) و23 في المائة بين المتخرجين الشباب.

ويقول غيث، وهو طالب أنهى دروسه الثانوية حديثاً، «عمري 17 عاما فقط، وعندما أرى آخرين يكبرونني سنا لم يفعلوا شيئا في حياتهم، أطرح على نفسي الكثير من الأسئلة».

تظاهرة معارضة للسلطة في العاصمة التونسية يوم 4 أكتوبر (إ.ب.أ)

ويؤكد أحد أصدقائه، محمد، البالغ من العمر 19 عاما، «لقد تخلّى عنا هذا البلد، أنا حاصل على البكالوريا، ولكن بالبكالوريا أو بدونها، الأمر نفسه. لكي تنجح، تحتاج إلى التدريب وللسفر إلى الخارج».

وتنتقد منظمات غير حكومية بشكل متواصل سياسة الرئيس قيس سعيّد المرشّح لولاية ثانية والأكثر حظّا بالفوز.

وقد انتُخب سعيّد في العام 2019، وهو متهم باحتكار السلطات منذ صيف العام 2021.

ويعتقد سليم، وهو يعمل لحسابه الخاص ويبلغ من العمر 31 عاما، أنه «لم يكسب شيئًا» خلال فترة ولاية سعيّد الأولى التي استمرت خمس سنوات. ويقول «أنا أحبه، فهو يحارب الفساد، لكنني شخصيا لم أستفد منه».

وفي تقديره، فإن السكان سئموا من مواجهة الصعوبات اليومية المتزايدة في البحث عن المواد الغذائية الأساسية (السكر والزيت والقهوة والبيض). ويضيف أن «الشباب يركبون البحر، وهم يدركون أنهم قد يموتون».