مَن سيربح جوائز «غولدن غلوب»؟

نفضت عن نفسها مشكلات الماضي ووُلدت من جديد

فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

مَن سيربح جوائز «غولدن غلوب»؟

فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

استقبل الإعلام الأميركي ترشيحات «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» (Hollywood Foreign Press Association) لجوائز «غولدن غلوب» بترحاب كبير معتبرين أنها بمثابة ولادة جديدة للجمعية العريقة.

بالنظر إلى نوعية الترشيحات من أفلام وممثلين وبوجود جوائز إضافية لم تكن معتمدة في السنوات السابقة، فإن الترحاب في مكانه، باستثناء المشكلة التي باتت أكثر تعقيداً مما كانت عليه من قبل.

وقائع وخلفيات

بعد ما نُشر عن الجمعية من سلبيات خلال السنوات الأربع الماضية من حيث غياب المقترعين الأفرو – أميركيين، والحفلات المخصصة لها من الاستديوهات التي عُدّت (عن غير حق) نوعاً من الرشوة، نُفضت الجمعية من أساسها فعمَّمت مبدأ التصويت ليس على أعضائها فقط، بل فتحت الباب لكل المعنيين بالكتابة النقدية والصحافية السينمائية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

بيد أنها خسرت في المقابل ملكية جوائز «غولدن غلوب» التي أنشأتها منذ الأربعينات (سنة 1943 تحديداً). هذه اشترتها شركة «Eldridge Industries» التي تُشرف الآن عليها كاملة. دور «ذي هوليوود فورين برس أسوسييشن» بذلك يتوقف على إجراء الاستفتاءات السنوية بين نحو 400 عضو رسمي ومُنتخب عوض ما كان عليه الوضع سابقاً حين كان التصويت حكراً على أعضاء الجمعية.

ترشيحات «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» لجوائز «غولدن غلوب» (أ.ب)

السنوات القريبة الماضية كانت قاسية، فخلالها وجّهت الجمعية بامتناع الاستديوهات وممثليها عن التعامل معها، وتوقفت إمكانية إجراء المقابلات، لا بل أعاد بعض الممثلين جوائزها إليها (أشهرهم توم كروز).

الـ«غولدن غلوب» الجديدة هي بالفعل ولادة مفصلية جديدة. تحوّلت في الواقع إلى «بزنس فوق أي اعتبار» من دون أن تخسر بهجتها كما تُدل مقالات الترحيب التي سادت السوشيال ميديا بأنواعها.

هذا الوضع بات أفضل تلقائياً مما كانت عليه جوائز «غولدن غلوب» في الأعوام الأخيرة، لكنه يُماثل المستوى الحِرفي الذي سادها في أواخر التسعينات حتى عام 2020. ما يأمل مالكو الجائزة الجدد تحقيقه هو رفع الهالة التي تتمتع بها الجائزة أكثر مما كانت عليه، وتعدد الأصوات هو اتجاه صحيح في ذلك، بالإضافة إلى اختيار محطة بث جديدة (CBS) عوض تلك السابقة (NBC) ضمن ما قيل إنها نقلة أفضل تبعاً لصفقة سخية بين الطرفين.

جائزتان مضافتان

علاوة على ذلك استُنبطت جائزتان إضافيّتان على الجوائز المتعددة السابقة، واحدة تلفزيونية باسم «أفضل ستاند - أب كوميدي» والثانية سينمائية باسم «أفضل إنجاز سينماتِك آند بوكس أوفيس». هذه الأخيرة هي الأهم كتفعيل لدور «غولدن غلوب» لأنها ستُتيح لها التعامل مع مستوى أعلى من المعتاد كون الجائزة معنية لا بالنواحي الفنية وحدها بل بمستوى نجاحها. الأفلام المرشّحة في هذا القسم الجديد شرطها واحد: أن تكون إيراداتها تجاوزت الـ150 مليون دولار. بعد ذلك يأتي دور المصوّتين ليختاروا بين الأفلام المرشّحة ما سيفوز بهذه الجائزة بناءً على الجانب الفني والتقني.

لقطة من فيلم «أوبنهايمر» (أ.ب)

الأفلام المرشّحة بالتالي، في هذا النطاق ثمانية حققت جميعها ذلك الشرط وبعضها، مثل «باربي» و«أوبنهايمر» و«مهمة: مستحيلة اعتقاد مميت- الجزء الأول) حققت أضعاف ذلك الحد الأدنى من النجاح.

إلى جانب الأفلام الثلاثة المذكورة هناك:

•«سبايدرمان: أكروس ذا سبايدر-فيرس» Spider Man‪: Across the Spider Verse

•«جون ويك: فصل 4» John Wick‪: Chapter 4

•«غارديانز أوف ذا غالكسي» Guardians of the Galaxy Vol. 3

•«سوبر ماريو بروس، الفيلم» The Super Mario Bros‪. Movie

•«تايلور سويفت: جولة العصور» Taylor Swift‪: The Eras Tour

الجائزة الكبرى هنا ستكون من نصيب «باربي»، إن لم تكن، فالتوقع التالي هو «أوبنهايمر».

«سبايدرمان: أكروس ذا سبايدر-فيرس» (أ.ب)

مسابقة الفيلم الدرامي تنبري لها 5 أفلام هي:

• «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall)، فيلم فرنسي لجوستين ترييه خرج قبل أيام قليلة بجائزة «الاتحاد الأوروبي» الأولى.

• «قتلة فلاور مون» (Killers of the Flower Moon). أخرجه مارتن سكورسيزي وفاز قبل نحو 10 أيام بجائزة مؤسسة National Board of Review العريقة.

مشهد من «قتلة فلاور مون» (أ.ب)

• «مايسترو»، قصة حب بين الموسيقار ليونارد بيرستاين والمرأة التي وقع في غرامها أخرجها وقام ببطولتها برادلي كوبر.

• «حيوات سابقة» (Past Lives) لسيلين سونغ، دراما عائلية لها حسناتها وبعض السلبيات شبه القاضية.

• «منطقة الاهتمام» (The Zone of Interest)، دراما عن عائلة مسيحية تسكن قريباً من أحد معسكرات الأوشفيتز.

• «أوبنهايمر» لكريستوفر نولان عن سيرة حياة أبو الذرة النووية جون روبرت أوبنهايمر.

توقعات الناقد هنا موزّعة بين منح «أوبنهايمر» الجائزة التي يستحقها بلا ريب، وتفضيل فيلم «تشريح سقوط». «قتلة فلاور مون» يأتي ثالثاً.

مسابقة الكوميديا والموسيقى

لا يوجد فيلم موسيقي في هذه القائمة لأنه لم يُنتج في العام الماضي فيلم جيد من هذا النوع باستثناء «الحورية الصغيرة» (The Little Mermaid) الذي ينتمي في الواقع لسينما الأنيميشن (وهو غير مرشّح حتى في ذلك السباق). لذا فإن كل الأفلام المذكورة هنا هي كوميدية... أو حاولت أن تكون:

• «هواء» (Air) علاقة هذا الفيلم الجديد لبن أفليك بالكوميديا مثل علاقة حرف الألف بعمود الكهرباء. فيلم جيد في غير مكانه.

• «رواية أميركية» (American Fiction) من إخراج كورد جيفرسون وبطولة جيفري رايت في أفضل أداء له منذ حين.

غريتا غرويغ ومارغوت روبي (أ.ب)

• «باربي» لغريتا غرويغ من تلك التي تشبه «البوب كورن»: تفرقع كثيراً وتبقى خالية من الحسنات.

• «المستمرون» (The Holdovers) أفضل كوميدي بين الأعمال المتسابقة في هذا النطاق مع بول جياماتي في دور أستاذ يجد نفسه معزولاً في مكان ناءٍ مع بعض تلامذته.

• «ماي ديسمبر» May December ميلودراما مع جوليان مور ونتالي بورتمان.

• «أشياء فقيرة» Poor Things فيلم آخر للمخرج اليوناني الذي يعتمد على منحاه السوريالي مع ويليم دافو ورامي يوسف في عداد الممثلين.

الترشيح الخاص هو لفيلم «المستمرون» لألكسندر باين ولو أن ذلك يبدو احتمالاً محدوداً إزاء «ماي ديسمبر» و«باربي».

مارغوت روبي بطلة فيلم «باربي» (أ.ب)

مسابقات أخرى

• في نطاق سباق أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية هناك مجموعة مثيرة للاهتمام.

يطل مجدداً الفيلم الفرنسي «تشريح سقوط» والفيلم الكوري «حيوات سابقة» والفيلم الأميركي الناطق بالبولندية «منطقة الاهتمام». هناك ثلاثة أفلام أخرى في هذا السباق أفضلها جميعاً «الأوراق المتساقطة» للفنلندي آكي كيورسماكي. الفيلمان الآخران هما «إلكابيتانو» (إيطاليا) و«جمعية الثلج» (إسبانيا).

الترجيحات تميل مجدداً لفيلم «تشريح سقوط» والتفضيل الشخصي لفيلم «الأوراق المتساقطة».

• على صعيد المخرجين، هناك 6 متنافسين هم: برادلي كوبر («مايسترو»)، وغريتا غرويغ («باربي»)، ويورغاس لانتيموس («أشياء فقيرة»)، وكريستوفر نولان («أوبنهايمر»)، ومارتن سكورسيزي («قتلة فلاور مون»)، وسيلين سونغ («حيوات سابقة»).

المعركة ستكون بين مخرجين مهمّين هما سكورسيزي ونولان، أو هكذا يجب أن تكون بالنظر إلى أن الأفلام الأخرى ليست بالمستوى الفني نفسه لفيلم «قتلة فلاور مون» و«أوبنهايمر». لكن المجال هنا مفتوح لمفاجآت غير متوقعة أسوؤها فوز غريتا غرويغ بهذا المنصب أيضاً.


مقالات ذات صلة

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».


معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا. فتبرز خصوصيته في قطعٍ مشغولة بتأنٍ، تشبه بتركيبتها لوحاتٍ تشكيلية مطرّزة بزجاج المورانو وأحجار الـ«سواروفسكي» البلّورية، فتصنع لغةَ أناقةٍ راقية بابتكاراتها، تبدأ منذ خمسينات القرن الماضي وصولاً حتى يومنا هذا.

بعض المجوهرات الطريفة التي تلوّن معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

يحطّ هذا المعرض رحاله في بيروت بعد جولات ناجحة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يقدم رحلة ثقافية فريدة من نوعها، تجمع بين روعة التصميم الإيطالي وإبداعه في عالم المجوهرات عبر التاريخ الحديث. ويقام المعرض برعاية السفارة الإيطالية، بتنظيم من المعهد الثقافي الإيطالي ونادي اليخوت في بيروت.

ومع عرض نحو 200 قطعة مصنوعة يدوياً، يستعرض الزائر سبعين عاماً من المهارة الحرفية الإيطالية. وتشرف على تنسيق المعرض ألبا كابيلييري، أستاذة تصميم المجوهرات في معهد البوليتكنيكو في ميلانو، ومديرة متحف «فيتشنزا» للمجوهرات في إيطاليا.

صُمّم المشروع على شكل معرض متنقّل يزور السفارات والمعاهد الثقافية الإيطالية حول العالم. ويسلّط الضوء على أبرز نماذج هذه الحرفة اليدوية. وتأتي القطع من توقيع أبرز مصممي دور الأزياء الكبرى، الذين يختبرون مواد وتقنيات جديدة، ما يجعل المعرض تجربة تجمع بين الإبداع والتقنية والابتكار.

ويرى رئيس المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت، الدكتور أنجلو جووي، أن العاصمة اللبنانية تشكّل محطة بالغة الأهمية لهذا الحدث، إذ يلتقي بإرثها الحرفي المتأثر بتبادل الثقافات. وبذلك، يصبح حضور المعرض في بيروت خاتمة رمزية لمسيرته، ما يمنحه سياقاً غنياً للاحتفاء بالإبداع والمهارة والتصميم.

أطواق مصنوعة من البلاستيك والجلد في أحد أركان معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

ويشير جووي إلى أن المعرض يقدّم تصاميم المجوهرات بعيداً عن قيمة المعادن والأحجار الكريمة. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» «أنه ينقل تطور صناعة المجوهرات منذ الخمسينات حتى اليوم. ويعرّفنا على أناقة مختلفة برموزها وأبعادها. فمعظم التصاميم تواكب المرأة العملية. وهناك قسم خاص في أحد أركان المعرض يحمل عنوان (الألفية الجديدة). وتتضمن المجوهرات البديلة المعاصرة. وهي منفذة بأدوات تفاجئ مشاهدها، فترتكز على مواد بلاستيكية ومعدنية وأخرى تدخلها مادة الجلد».

المعرض يقوم برحلته الأخيرة في لبنان قبل أن يعود إلى موطنه الأم إيطاليا. «هناك سيتم إعادة هذه المجوهرات لأصحابها من دور أزياء». ويتابع أنجلو جووي: «إن منسقة المعرض ألبا كابيلييري رغبت في أن تلفت نظر هواة المجوهرات إلى أسلوب فني متقدّم، لا يرتكز على الماس والذهب والأحجار الكريمة والمعادن المشهورة، ولكن على حرفية متوارثة تقوم على أسماء عائلات اشتهرت في هذا المجال، فتم ارتداؤها من قبل الناس على اختلافهم، وفي عروض أزياء كبيرة. ففي هذه الأخيرة عادة ما يبتعد منظموها عن استخدام المعادن الثمينة».

تكمل جولتك في المعرض لتطالعك قطع مجوهرات برّاقة، أساور، وأقراط، وعقود وغيرها. ومن بينها موقّع من قبل دور الأزياء الإيطالية المعروفة عالمياً. فتحضر دار «فيرساتشي» كما «غوتشي» و«فالنتينو» وغيرها.

بدأت جولات هذا المعرض في العالم منذ نحو 5 سنوات. وتكمن أهميته في إبرازه تطور هذه الحرفة من خلال مجوهرات معاصرة. وتعدّ ثمينة بفضل إرثها التاريخي الغني.

مائتا قطعةِ مجوهرات تتوزّع على المعرض في نادي اليخوت وسط بيروت. وتمثّل المرآة الجمالية للمجتمع، من «دولتشي فيتا» في خمسينات القرن الماضي إلى أزياء الـ«بريت-آ-بورتيه» في ثمانيناته، وصولاً إلى البساطة في تسعيناته ضمن تكنولوجيا الموضة في الألفية الجديدة. وتُظهر تحوّل الأنماط والعادات، وطموحات النساء وإنجازاتهن، وتطوّر الأشكال والمواد، وتقنيات الإنتاج الجديدة. ويحتضن المعرض الأطواق المؤلّفة من طبقات عدّة، والأساور المنحوتة، وقطعاً مرحةً تترك البسمة عند ناظرها.

يتناول «ديفا» تاريخ حرفة صناعة المجوهرات الايطالية الحديثة (الشرق الأوسط)

وتحمل بعضها اللمحة الشرقية من خلال تقنية الـ«فيلي غرانا»، القائمة تصاميمُها على تجديلاتٍ دقيقة أو على تطعيم القطعة بالزجاج المنفوخ. وهو ما يجسّده تاجٌ ذهبي من توقيع «دولتشي أند غابانا» نلحظه في المعرض. ويذكر رئيس المعهد الثقافي الإيطالي جووي أن نقاط التشابه هذه ولّدت مساحة التقاء بين المعرض ومنطقة الشرق الأوسط.

وعن سبب تسمية الحدث بـ«الديفا» يشرح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها إشارة إلى إمكانية أن تتحوّل كلّ امرأة إلى نجمة من خلال أسلوبها في انتقاء المجوهرات والأزياء. فليس من الضروري أن تشعر بذلك من خلال ارتداء الجواهر الثمينة فقط. فيحضر عندها الإحساس بهذا البريق ما دامت منسجمةً مع ما ترتديه، سواء أكان ثميناً أم بسيطاً».


المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
TT

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

أعلنت مجلة «فارايتي» الأميركية اختيار المخرجة المصرية سارة جوهر ضمن قائمة «أفضل 10 مخرجين واعدين»، وهي أبرز قائمة سنوية تُسلَّط فيها الأضواء على المواهب الإخراجية الجديدة. ويأتي هذا الاختيار في ظل النجاح الذي يحقّقه فيلمها الروائي الطويل الأول «عيد ميلاد سعيد»، الممثّل لمصر في منافسات الأوسكار.

وذكرت «فارايتي» أن المخرجين العشرة الواعدين سينضمون بذلك إلى أسماء لامعة سبق أن اختارتهم المجلة بوصفهم مواهب جديرة بالمتابعة، مثل كريستوفر نولان، وروبن أوستلوند، وويس أندرسون، وألفونسو كوارون، وستيف ماكوين، وبين زيتلين، وذلك قبل سنوات من حصولهم على ترشيحات لجائزة أفضل مخرج في جوائز «الأوسكار».

وضمّت القائمة كلاً من: أكينولا ديفز عن فيلم «ظلّ أبي»، وبث دي أراجو عن فيلم «جوزفين»، وجان-أولي جيرستر عن فيلم «آيسلندا»، وسارة جوهر عن فيلم «Happy Birthday»، وديف غرين عن فيلم «Coyote vs. Acme»، وشاندلر ليفاك عن فيلم «Mile End Kicks»، وهاري لايتون عن فيلم «Pillion»، وإن. بي. ماجر عن فيلم «Run Amok»، وكريستين ستيوارت عن فيلم «The Chronology of Water»، وولتر سيمبسون هيرنانديز عن فيلم «If I Go Will They Miss Me».

وأعربت سارة جوهر عن سعادتها الكبيرة بهذا الاختيار غير المتوقع، لتكون المخرجة العربية الوحيدة ضمن قائمة أفضل 10 مخرجين واعدين خلال العام الحالي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بهذا الاختيار المذهل، فقد كنت أدرك منذ دراستي للسينما في الولايات المتحدة أهمية هذه القائمة. بعض المخرجين الذين حصدوا جوائز (الأوسكار)، مثل روبن أوستلوند، كانوا ضمنها قبل سنوات. لذلك لا أزال غير مستوعبة تماماً هذا التكريم، وأنا ممتنّة وفخورة بما يحقّقه فيلمي الأول».

سارة جوهر هي رابع مخرجة عربية تُدرج في هذه القائمة، بعد 3 مخرجات سبقتها إليها، وهنّ السعودية هيفاء المنصور، واللبنانية نادين لبكي، والفلسطينية شيرين دعيبس.

وأضافت سارة، الموجودة حالياً في لوس أنجليس لمتابعة عروض «الأوسكار» الخاصة بفيلمها، أنها دعت أعضاء الأكاديمية لمشاهدته في سانتا باربارا ونيويورك وكاليفورنيا، معربةً عن سعادتها بردود فعلهم الإيجابية وتأثرهم أثناء مشاهدة الفيلم.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة «توحة»، التي تعمل خادمة في منزل أسرة ثرية وترتبط بصداقة مع ابنة صاحبة المنزل، حيث تسعى إلى إعداد حفل عيد ميلاد استثنائي لصديقتها، وهي تُخفي في داخلها أمنية بأن تختبر هي أيضاً الاحتفال بعيد ميلادها.

الفيلم من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، والطفلة ضحى رمضان. وقد عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» في الولايات المتحدة، وحصد 3 جوائز: أفضل فيلم دولي، وأفضل سيناريو، وجائزة «نورا إيفرون» لأفضل مخرجة.

كتبت سارة جوهر قصة الفيلم بالاشتراك مع زوجها المخرج محمد دياب، في حين شارك في إنتاجه الممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.

فريق عمل الفيلم في مهرجان تريبيكا (الشرق الأوسط)

وتقول سارة: «حين كنت أعمل على الفيلم لم أفكّر إلى أين سيصل، بل ركّزت على إيجاد أفضل طريقة للتعبير عن مشاعر أبطاله. كان كلّ تركيزي على الأداء وعناصر الفيلم ليترك أثراً قوياً في كل من يشاهده. فالفيلم الجيد، في رأيي، يكمن في قدرته على التأثير وإحداث التغيير لدى المتلقي. وقد أسعدني أن من شاهدوا الفيلم في (صندانس) أو (الجونة) أو في أميركا خرجوا بانطباعات تؤكد هذا التأثير».

ولفتت سارة إلى أن الأيام العشرة المتبقية قبل إعلان نتائج التصفية الأولية لمسابقة «أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية»، في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تُعدّ الأكثر أهمية، إذ تشهد حضور معظم أعضاء الأكاديمية لعروض الأفلام المرشّحة. ولذلك تُكثّف جهودها في دعوتهم لمشاهدة الفيلم، الذي تُقام له في الوقت نفسه عروض في مدن أوروبية عدّة، من بينها باريس وبرشلونة وبرلين، لوجود أعضاء للأوسكار فيها. بيد أنها تشير إلى أن الجزء الأكبر من الحملة يجري في الولايات المتحدة، حيث تعقب العروض جلسات نقاش يطرح خلالها أعضاء الأكاديمية أسئلتهم على المخرجة حول الفيلم.

وتشير سارة إلى أن فيلم «عيد ميلاد سعيد» تم اختياره في مهرجان «بالم سبرينغز» ضمن قسم الأوسكار، لافتةً إلى أن أكثر من 90 في المائة من الأفلام التي تُرشَّح للجائزة تكون ضمن برمجة هذا المهرجان، وهو ما تعدّه إنجازاً كبيراً، رغم أن رحلة الفيلم لم تبدأ من المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«برلين» و«فينيسيا»، بحسب تعبيرها.

وتشهد مسابقة أفضل فيلم دولي في النسخة الـ98 من جوائز «الأوسكار» منافسة قوية مع مشاركة 86 فيلماً، إضافة إلى حضور عربي لافت تسيطر عليه المخرجات بشكل ملحوظ. إذ تشارك 8 دول عربية هي: السعودية بفيلم «هجرة» لشهد أمين، وتونس بفيلم «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، والمغرب بفيلم «شارع مالقة» لمريم توزاني، ولبنان بفيلم «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وفلسطين بفيلم «فلسطين 36» لآن ماري جاسر، والعراق بفيلم «مملكة القصب» لحسن هادي، والأردن بفيلم «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، إضافة إلى الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» لسارة جوهر.