نتنياهو يهدد بتدمير «حماس» فوق الأرض وتحتها

الحركة الفلسطينية تريد هدنة ممتدة وتعرض فئات أخرى للتبادل... وإسرائيل تضع سقفاً من 10 أيام فقط

النزوح مستمر من شمال غزة عبر شارع صلاح الدين اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)
النزوح مستمر من شمال غزة عبر شارع صلاح الدين اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يهدد بتدمير «حماس» فوق الأرض وتحتها

النزوح مستمر من شمال غزة عبر شارع صلاح الدين اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)
النزوح مستمر من شمال غزة عبر شارع صلاح الدين اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتدمير حركة «حماس»، «فوق الأرض وتحتها»، وإعادة جميع المختطفين في قطاع غزة، في اليوم الخامس للهدنة الإنسانية الذي يتضمن تبادل الدفعة الخامسة من الأسرى والسجناء بين إسرائيل و«حماس»، وهو يوم تميّز أيضاً بجهود أميركية - قطرية - مصرية لتمديد وقف النار وتوسيع حجم التبادل.

وقال نتنياهو الذي زار وحدة جمع المعلومات التقنية التابعة لهيئة الاستخبارات العسكرية: «نحن ملتزمون بإكمال مهامنا؛ الإفراج عن جميع المختطفين، وتدمير (حماس) فوق الأرض وتحتها، والضمان بأن غزة لن تشكل أبداً تهديداً على إسرائيل».

جاء حديث نتنياهو بعد اتصال جمعه برئيس «الموساد» ديفيد بارنياع، في الدوحة، التي وصل إليها للقاء مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» وليام بيرنز، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، لبحث الحرب والتهدئة وصفقات التبادل. وأفاد تلفزيون «القاهرة الإخبارية» بأن رئيس المخابرات المصرية يشارك أيضاً في المباحثات الجارية في قطر بشأن استمرار الهدنة.

جمع ما تبقى من أغراض «نجت» من التدمير الإسرائيلي في مدينة غزة اليوم (أ.ب)

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن زيارة بارنياع إلى قطر، تأتي في إطار الجهود الإسرائيلية الهادفة إلى «إطلاق سراح المزيد من المواطنين الإسرائيليين (في غزة)، في إطار اتفاق الهدنة الحالية».

وتريد إسرائيل المضي في هدنة إنسانية حتى 10 أيام، تستعيد من خلالها جميع النساء والأطفال، ثم تستأنف الحرب بقوة أكبر من أجل إجبار «حماس» على عقد صفقة حول الجنود الأسرى، لكن «حماس» تريد هدنة أطول ومستعدة لصفقة شاملة تشمل وقف الحرب، بشرط تبييض السجون الإسرائيلية من السجناء الفلسطينيين.

وقالت مصادر مقربة من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة تعمل على الوصول إلى كل النساء والأطفال في غزة، وتسليمهم حتى الانتهاء من كل الأطفال والنساء في السجون الإسرائيلية، ثم الانتقال إلى إطلاق سراح كبار السن ومدنيين آخرين، مقابل أسرى وهدنة ممتدة، على أن يُترك ملف الجنود جانباً إلا في حالة اتفاق كبير يشمل إطلاق سراح كل المعتقلين الفلسطينيين، على رأسهم أصحاب المؤبدات، ووقف الحرب.

جنود إسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (أ.ب)

وفي هذا الإطار، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الثلاثاء، إن المناقشات الأميركية الإسرائيلية المصرية القطرية في الدوحة تتركز في البداية على تمديد الهدنة في غزة ثلاثة أيام أخرى مقابل الإفراج عن عشرة محتجزين بقطاع غزة كل يوم. وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين مصريين كبار، قولهم إنهم يضغطون مع قطر من أجل تنفيذ هدنة أطول على أمل تطويرها إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإن المراحل التالية للإفراج عن المحتجزين بعد النساء والأطفال تتضمن الرجال المسنين يليهم تسليم جثث المحتجزين المتوفين. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن الجانب الأميركي أكد على ضرورة الحفاظ على المستوى الحالي من إدخال المساعدات أو زيادتها عندما تنتهي الهدنة.

دمار في مدينة غزة اليوم الثلاثاء (أ.ب)

وشدد المسؤولون المصريون والقطريون، حسب الصحيفة، على أهمية الضغط من أجل بدء محادثات حول هدنة دائمة من شأنها إنهاء الحرب تماماً. وقال المسؤولون إن أي وقف لإطلاق النار طويل الأمد سيتطلب على الأرجح من إسرائيل و«حماس» تقديم تنازلات يصعب قبولها، مثل مقايضة الجنود الإسرائيليين بأعداد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ربما تصل لآلاف. وقال المسؤولون إن ذلك سيتطلب من إسرائيل كبح هجومها على جنوب غزة بهدف السيطرة على القطاع والقضاء على القيادة العليا لـ«حماس». لكن المسؤولين قالوا إن الهدنة المؤقتة الحالية تعمل على بناء نوع من الثقة اللازمة للمضي قدماً.

استئناف الحرب مسألة وقت

ومع وجود نقطة ستصل فيها المفاوضات إلى تعقيد شديد، يدرك الطرفان أن استئناف الحرب مسألة وقت.

وأكد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إن «الجيش الإسرائيلي يستعد لمواصلة القتال في غزة»، وهو «يستغل أيام فترة تعليق النشاطات العسكرية مؤقتًا للتعلم، وتعزيز الجاهزية والموافقة على الخطط العملياتية للمراحل اللاحقة».

وأضاف في كلمة مسجلة: «تم حتى الآن إعادة 76 مختطفاً إلى منازلهم. لكن هناك أطفالاً وفتيات ونساء ومدنيين وجنديات وجنوداً اختطفتهم (حماس)، وهي منظمة إرهابية قاسية لا ترحم، ولم يعودوا بعد. نشعر براحة كبيرة مع عودة كل مختطف لكن يقض مضاجعنا أن عدداً بقي هناك. وسنعمل على إعادتهم جميعاً».

جندي إسرائيلي وسط صور قتلى ورهائن لدى «حماس» في هجوم 7 أكتوبر الماضي (رويترز)

وأضاف: «إن عودة المختطفين هي نقطة ضوء لنا جميعاً. وهي أيضاً شهادة أخرى على نتائج الضغط العسكري الكبير والمناورات البرية عالية الجودة، التي هيأنا بها الظروف لعودة مواطنينا إلى ديارهم. وسوف نستمر في القيام بذلك».

وقبل الوصول إلى نقطة استئناف الحرب، أوضحت الولايات المتحدة لإسرائيل أن عليها الامتناع بأقصى درجات الاستطاعة عن تهجير فلسطينيين عن منازلهم خلال توسيعها الحرب إلى جنوب القطاع. وقال مصدر مسؤول في الإدارة في إحاطة لصحافيين الليلة قبل الماضية: «إنه لا يمكن تكرار حجم النزوح الذي شهدناه، لأنه ما من منظومة مساعدات إنسانية قادرة على سد الحاجة التي قد تكون». وشدد على أن الولايات المتحدة تريد ألا تشكل «حماس» تهديداً على إسرائيل، لكن يجب إدارة المعركة في الجنوب بصورة مختلفة.

الهدنة في يومها الخامس

وشهد اليوم الخامس من الهدنة إتمام دفعة التبادل الخامسة. وتشمل هذه الدفعة تسليم «كتائب القسام» محتجزين إسرائيليين للصليب الأحمر ليلة الثلاثاء، علماً بأنه تم نشر أسماء 30 أسيراً فلسطينياً (15 امرأة و15 طفلاً) أغلبهم من القدس (20) والبقية من الضفة، يفترض أن يتم إطلاقهم بحلول منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء.

ويفترض أن تتكرر صفقة التبادل الأربعاء بالأعداد نفسها (10 إسرائيليين مقابل 30 فلسطينياً)، على الرغم من أن التهدئة شهدت خروقات غير مسبوقة.

وأعلنت «كتائب القسام»، الثلاثاء، أن احتكاكاً ميدانياً حصل شمال قطاع غزة، بين مقاتليها والجيش الإسرائيلي، بسبب «خرقه» الهدنة الإنسانية المؤقتة بين الطرفين. وأضافت: «تعامل مقاتلونا مع هذا الخرق».

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي أصابت أربعة فلسطينيين بالرصاص، أحدهم بجروح خطيرة، في مدينة غزة، أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم لتفقدها، في حيي النصر والشيخ رضوان.

لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اتهم «حماس»، «بانتهاك» وقف إطلاق النار المؤقت، في حادثين مختلفين، حيث تم تفجير ثلاث عبوات ناسفة في شمال قطاع غزة، بالقرب من قوات الجيش الإسرائيلي، وفي إحدى الحالات، أُطلقت النار أيضاً على القوة. واعترف الجيش بإصابة عدد من الجنود بجروح طفيفة.


مقالات ذات صلة

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية في بلدة القلقيلة في الضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

إسرائيل: إقرار موازنة تخدم الاستيطان بالضفة

طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية 144 مليار شيقل وحصلت على 112 بما يزيد بنحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.