بين الجفاف والفيضانات... اليمن في مواجهة التطرف المناخي

مأرب منطلق للانتقال من الإغاثة الطارئة إلى الحلول الدائمة

العرادة خلال لقائه في مأرب نائب منسق الأمم المتحدة الشؤون الإنسانية (إعلام حكومي)
العرادة خلال لقائه في مأرب نائب منسق الأمم المتحدة الشؤون الإنسانية (إعلام حكومي)
TT

بين الجفاف والفيضانات... اليمن في مواجهة التطرف المناخي

العرادة خلال لقائه في مأرب نائب منسق الأمم المتحدة الشؤون الإنسانية (إعلام حكومي)
العرادة خلال لقائه في مأرب نائب منسق الأمم المتحدة الشؤون الإنسانية (إعلام حكومي)

أكدت الأمم المتحدة أن اليمن يواجه حالتي تطرف مناخي؛ إحداهما الجفاف الشديد، والثانية الفيضانات الشديدة، وقالت إن ذلك أدى إلى تفاقم حالة انعدام الاستقرار الاقتصادي، وذكرت أنها اختارت محافظة مأرب لتكون منطلقاً للتحول من المساعدات الطارئة إلى الحلول الدائمة.

ووفق تقرير لمنظمة الهجرة الدولية والوكالة الكورية للتعاون الدولي، فإن اليمن شهد في السنوات الأخيرة حالتين مناخيتين متطرفتين (الجفاف الشديد والفيضانات الشديدة)، مما أدى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي تواجه المجتمعات المحلية، وأنها تعمل على مساعدة العديد من هذه المجتمعات على التكيف مع هذا الواقع القاسي الناجم عن تغير المناخ.

اليمن من أكثر البلدان التي تعاني من شح المياه (الأمم المتحدة)

التقرير ذكر أن اليمن واحد من أكثر بلدان العالم التي تواجه شحاً في المياه، ولا تزال المجتمعات في اليمن تعاني من الآثار الشديدة للجفاف والتوترات الناجمة عن تأمين المصادر الكافية، كما أن ندرة المياه تجعل المزارعين غير قادرين على زراعة محاصيلهم، والأسر غير قادرة على إعالة أنفسها، كما أنها تؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن بين المجتمعات.

معالجة الفجوة

المنظمة الدولية للهجرة ذكرت أنها وقّعت اتفاقاً مع الوكالة الكورية للتعاون الدولي بقيمة 4 ملايين دولار من أجل استعادة إمكانية الوصول إلى المياه لأغراض الزراعة والاستخدام المنزلي، فضلاً عن تقليل التوترات المجتمعية على الموارد الحيوية في اليمن تحت عنوان «المياه من أجل السلام في اليمن: تعزيز دور المرأة في حل نزاعات المياه وإدارة الموارد من خلال الربط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام».

ويهدف المشروع إلى تحسين إدارة الموارد الطبيعية وطرق منع وحل النزاعات على الموارد، وسيساعد المجتمعات على الوصول بصورة أفضل إلى مصادر المياه الحيوية، وسيدعم المبادرات التي تقودها المجتمعات لحل النزاعات المتعلقة بالموارد الطبيعية، وسيستفيد منه ما يزيد على 211 ألف شخص في محافظة حضرموت، فيما يرى مات هوبر، القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، أن الإدارة المستدامة للموارد تلعب دوراً حيوياً في منع النزاعات وتعزيز التعايش السلمي؛ لأن رحلة البلاد نحو السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة تتطلب جهوداً متضافرة لتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الحيوية وتخفيف النزاعات المتعلقة بالمياه.

تضرر عدد من المناطق الزراعية في اليمن نتيجة الفيضانات (إعلام حكومي)

ويؤكد السفير الكوري لدى اليمن دو بونغ كا، أن المشروع سيعالج نقاط الضعف الناجمة عن تغير المناخ من خلال تمكين المرأة، وسيساهم في الإدارة الآمنة والسليمة للمياه في حين تؤكد الوكالة الكورية للتعاون الدولي أن المشروع يمثل أهمية خاصة لأنه يتماشى مع نهج الترابط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، ويتعامل مع التحديات العاجلة المتمثلة في شح المياه والنزاعات، مع وضع الأساس لحلول تكيفية لإدارة مخاطر الفيضانات والتخفيف من حدتها.

وبحسب الخطة، ستتم إعادة تأهيل أو بناء البنية التحتية للمياه، بما في ذلك الممرات، وأنظمة الري، والبنية التحتية للحماية، وإصلاح البنية التحتية المتضررة للمياه، وتوفير مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، حيث ستعمل هذه البنية التحتية المستعادة في توسيع نطاق الوصول إلى المياه، والتخفيف من تأثير الفيضانات، كما ستعمل على تعزيز دور النساء والشباب في إدارة الموارد الطبيعية وآليات حل النزاعات.

وبالإضافة إلى ذلك، سيركز المشروع على بناء قدرات المسؤولين والمستفيدين من أجل تحقيق الاستدامة، وإنشاء مرفق لاختبار المبيدات الحشرية للحد من مخاطر تلوث المياه، وتنفيذ حملات التوعية حول دور المرأة في حل النزاعات وتوزيع مواد التوعية.

وفي سياق دعم جهود السلام، ذكر نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، استمرار المنظمة الأممية في عملها الإنساني، والعمل على الاستجابة للخطط الإنسانية للعام المقبل، وتلبية الاحتياجات الطارئة، وقال إنهم يسعون إلى الانتقال بالعمل الإنساني من الحلول الطارئة إلى الحلول الدائمة خاصة للنازحين.

وفي لقاء عقده مع سلطان العرادة، عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، محافظ مأرب، أعلن المسؤول الأممي أنه تم اختيار اليمن ضمن 15 دولة ستبدأ فيها الأمم المتحدة تطبيق هذا الانتقال، وتم اختيار محافظة مأرب لبدء تطبيق التجربة خلال العام المقبل؛ نظراً للأهمية التي تحظى بها المحافظة، واستيعابها لأعداد كبيرة من النازحين داخلياً.

يعيش نحو 60 % من النازحين داخلياً في محافظة مأرب اليمنية (إعلام حكومي)

من جهته طالب العرادة بضرورة مضاعفة الجهود في ظل الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية التي تعانيها الحكومة، والتصعيد المستمر للحوثيين واستهدافهم موانئ تصدير النفط والغاز، وتراجع التمويلات الإنسانية وتدخلات الشركاء، والتغيرات المناخية، وانعكاساتها السلبية على الوضع المعيشي في البلاد وخصوصاً في محافظة مأرب التي تضم أكبر عدد من النازحين، واستمرار موجة النزوح.

وجدد المسؤول اليمني تأكيد حرص القيادة السياسية والسلطات المحلية على تعزيز شراكتها مع المنظمات الأممية، وتقديم كافة التسهيلات لنجاح العمل الإنساني والتدخلات التي تساعد في التخفيف من معاناة المواطنين، وتلبي جزءاً من الاحتياجات الإنسانية الأساسية الكبيرة والمتزايدة.


مقالات ذات صلة

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

العالم العربي جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية والاقتصاد الذي قد يخسر 657 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.