سيناريوهات «اليوم التالي»... «هزيمة حماس» وعودة السلطة و«حل الدولتين»

عمارات دمرها الإسرائيليون في خان يونس قبل بدء الهدنة اليوم الجمعة (رويترز)
عمارات دمرها الإسرائيليون في خان يونس قبل بدء الهدنة اليوم الجمعة (رويترز)
TT

سيناريوهات «اليوم التالي»... «هزيمة حماس» وعودة السلطة و«حل الدولتين»

عمارات دمرها الإسرائيليون في خان يونس قبل بدء الهدنة اليوم الجمعة (رويترز)
عمارات دمرها الإسرائيليون في خان يونس قبل بدء الهدنة اليوم الجمعة (رويترز)

بحلول نهاية الأسبوع، يكون قد مر 50 يوماً على عملية «طوفان الأقصى» التي أطلقتها حركة «حماس» وردّت عليها إسرائيل بحرب مدمرة على قطاع غزة. وفي حين أن الحرب لم تنته بعد، إلا أن المؤشرات كلها توحي بأن «مستقبل غزة» وُضع على نار حامية في أروقة الدول الكبرى لتحديد شكل ما بات يُعرف بـ«اليوم التالي».

ولكن ماذا نعرف عن السيناريوهات التي تُرسم لـ«مستقبل غزة»؟

«هزيمة حماس»

تنطلق السيناريوهات التي تُناقش في الدول الغربية من «حتمية» انتهاء الحرب بـ«هزيمة حماس»، وعدم عودتها إلى حكم غزة من جديد. يقول مصدر غربي مطلع إن العواصم الكبرى مقتنعة بأن الحرب لن تنتهي قبل هزيمة «حماس» عسكرياً، مع الإقرار بأن هذه الحركة الفلسطينية ليست فقط قوة عسكرية بل هي «آيديولوجيا» لا يمكن القضاء عليها بالقوة فقط. ويوضح: «نحن نعرف أن (حماس) هي فكرة أيضاً، والفكرة تُهزم بفكرة»، مضيفاً أن القضاء عليها عسكرياً من دون هزيمتها كفكرة يخاطر بـ«أن نربح المعركة ونخسر الحرب».

ولكن قبل الوصول إلى مرحلة «محاربة الفكرة بفكرة»، لا بد من الوصول إلى مرحلة «هزيمة حماس عسكرياً»، وهو أمر تبدو الدول الغربية مقتنعة بأن إسرائيل قادرة على تحقيقه في حربها الحالية، على الرغم من الهدنة الموقتة التي تم التوصل إليها مع «حماس» في إطار صفقة تبادل الأسرى والرهائن. وفي حين تمكن الجيش الإسرائيلي من التوغل في عمق شمال غزة، إلا أن «حماس»، وكذلك جماعة «الجهاد الإسلامي» الأصغر منها، ما زالتا تعلنان يومياً سلسلة من العمليات والكمائن والتفجيرات وإطلاق الصواريخ، ما يعني أنهما قادرتان على مواصلة التصدي للغزو، على الأقل في المدى المنظور. ويتحصن مقاتلو «حماس» و«الجهاد» في سلسلة من الأنفاق التي تمتد أسفل مدينة غزة وضواحيها، وهو ما لا بد من مواجهته قبل أن يكمل الإسرائيليون سيطرتهم على شمال القطاع.

لكن المصدر الغربي البارز لا يبدو مقتنعاً بأن «حماس» ستكون قادرة على الصمود طويلاً شمال غزة، إذ يقول إن «إسرائيل تستعد الآن لبدء هجومها المرتقب على خان يونس»، ما يعني أن هدف القضاء على «حماس» عسكرياً لا يتعلق بشمال القطاع فقط، بل بجنوبه كذلك. وهذا الأمر لا بد وأن يثير مخاوف من موجة نزوح ضخمة جنوباً، في اتجاه الحدود مع مصر. ومعروف أن خان يونس تؤوي حالياً مئات آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا أصلاً من شمال غزة؛ محور الهجوم الإسرائيلي الحالي.

طفل فلسطيني يجلس اليوم الجمعة على أنقاض منازل دمرها القصف الإسرائيلي على خان يونس (رويترز)

من يملأ الفراغ؟

وإذا ما تحقق سيناريو «هزيمة حماس»، كما تأمل إسرائيل والدول الغربية، فإن ذلك سيطرح مشكلة من سيملأ الفراغ الذي سينشأ بعد سقوط حكمها، المستمر منذ عام 2007، يقول المصدر الغربي إن التركيز حالياً يقوم على دور للسلطة الوطنية الفلسطينية في حكم القطاع، وهو أمر ربطته القيادة الفلسطينية في رام الله باتفاق أوسع يشمل «إنهاء الاحتلال» وتنفيذ حل سياسي ينتهي بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة أيضاً.

وفيما ترفض سلطة الرئيس محمود عباس أن تعود إلى غزة «على ظهر دبابة إسرائيلية»، وهو أمر تعرف أنه لا يمكن أن يلقى قبولاً شعبياً من الفلسطينيين، إلا أن السيناريوهات التي تُناقش في أروقة الدبلوماسيين الغربيين تضع هذا الأمر على رأس الخيارات المحتملة في المرحلة التي تلي هزيمة «حماس». ويقول المصدر الغربي المطلع إن من بين النقاشات المطروحة إعادة تأهيل بعض عناصر السلطة الوطنية في غزة من أجل إدارة القطاع في مرحلة مقبلة، مشيراً إلى أن السلطة ما زالت تدفع رواتب آلاف الموظفين الفلسطينيين الذين بقوا في القطاع بعدما سيطرت عليه «حماس» عام 2007 عقب حرب قصيرة انتهت بهزيمة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. و«إعادة تأهيل» عناصر السلطة في غزة لن تكون بالأمر الهين، إذ إن الراغبين من هؤلاء في لعب دور في إدارة القطاع سيخضعون أولاً لفحص أمني للتأكد من عدم علاقتهم بـ«حماس»، قبل السماح لهم بالانخراط في السلطة الجديدة التي ستقوم في غزة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتلقى دعماً غربياً من أجل عودة السلطة إلى غزة بعد «هزيمة حماس» (إ.ب.أ)

ويبدو أن الرهان على دور السلطة من جديد في إدارة غزة جاء بعدما فشلت دول غربية في إقناع دول عربية بلعب جزء من هذا الدور من خلال إرسال قوات إلى القطاع. ويُقر المصدر الغربي البارز بأن الدول العربية التي أثير معها هذا الاحتمال رفضته قطعاً. ويبدو أن هذا الرفض مرتبط باقتناع الدول العربية المعنية بأن الأولوية هي لوقف الحرب ومساعدة سكان القطاع إنسانياً، قبل التفكير بمسألة «اليوم التالي» ومن سيحكم غزة حال سقط حكم «حماس».

وتساند بريطانيا، كغيرها من الدول الغربية، فكرة عودة السلطة إلى ممارسة دورها في غزة، وهو أمر لا بد وأن يكون وزير الخارجية البريطاني اللورد ديفيد كاميرون قد بحثه في زيارته الحالية لرام الله. ولفتت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن موقف لندن من هذا الأمر ينص على تقديم «دعم جدي، عملي ومستمر للسلطة الفلسطينية لأنها الطريق الأفضل لإزاحة آفة (حماس) الرهيبة وكل ما تسببت به»، حسب ما أعلن رئيس الوزراء ريشي سوناك في خطابه أمام «مانشن هاوس» بلندن يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

إحياء «حل الدولتين»

وفي ظل الرفض العربي للمشاركة بقوات، ورفض السلطة الفلسطينية لعب دور سوى في إطار حل شامل، يبدو أن التركيز غربياً في المرحلة المقبلة سيكون على إعادة إحياء عملية السلام من أجل الوصول إلى تنفيذ «حل الدولتين». ويقول المصدر الغربي إن الولايات المتحدة تقول لمحاوريها إنها عازمة على إطلاق جهد كبير من أجل تطبيق حل الدولتين، انطلاقاً من اقتناعها بأن هزيمة «حماس» عسكرياً لا تكفي، وأن الفلسطينيين بحاجة إلى دولة تمثلهم وتعيش جنباً إلى جنب بجوار إسرائيل. ويضيف بأن الأميركيين قالوا سراً وعلناً إنهم يرفضون إعادة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، ويرفضون أي فكرة لتغيير حدوده الحالية، مشيراً إلى أن واشنطن تعد أن ملامح الحل معروفة، وهي إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، مع «تبادل للأراضي» بين الطرفين، في إشارة إلى تفاهمات ونقاشات سابقة على هذا الأمر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو في قصر الاتحادية بالقاهرة اليوم (إ.ب.أ)

لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال اليوم الجمعة لدى استقباله رئيسي الوزراء الإسباني والبلجيكي في القاهرة، إن «إحياء مسار حل الدولتين فكرة استنفدت، وقد لا يكون هو الأمر المطلوب»، مشدداً على ضرورة التحرك «للاعتراف بالدولة الفلسطينية وإدخالها الأمم المتحدة».

وبغض النظر عن الموقف المصري، يمكن أن يصطدم المسعى الأميركي لإحياء «حل الدولتين» بأكثر من عقبة في المرحلة المقبلة. فهناك أولاً «العقبة الإسرائيلية»، إذ إن حكومة بنيامين نتنياهو تضم في صفوفها بعض غلاة المستوطنين الرافضين لقيام دولة فلسطينية، وهؤلاء يتمسكون بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية التي يطلقون عليها يهودا والسامرة، حسب التسمية التوراتية. والدفع في اتجاه تشكيل دولة فلسطينية سيهدد بلا شك بسقوط حكومة نتنياهو واللجوء إلى انتخابات جديدة، ربما يحقق فيها غلاة اليمين نتائج كبيرة بفعل ميل الشارع الإسرائيلي لتأييد المتطرفين كرد فعل على ما قامت به «حماس» في «طوفان» 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وإضافة إلى «عقبة» اليمين الإسرائيلي المتطرف، ستواجه إدارة بايدن عقبة أخرى محلية. فهي تستعد لحملة انتخابية صعبة ستكون على الأرجح في مواجهة خصم عنيد هو دونالد ترمب الذي تعطيه استطلاعات الرأي تقدماً كبيراً على منافسيه الجمهوريين، وأيضاً على خصمه الديمقراطي بايدن (الذي يتعرض لانتقادات يرتبط بعضها بتقدمه في السن). وترمب لن يتأخر، في حال فوزه، في تقديم دعم أكبر لإسرائيل، ولا يبدو أنه سيكون متحمساً من جديد لخيار إقامة دولة فلسطينية على النسق الذي تطالب به السلطة الفلسطينية. ومعلوم أنه في إدارته السابقة دعم توسع الاستيطان في الضفة، ونقل سفارة أميركا من تل أبيب إلى القدس، وأقر بسيادة إسرائيل على الجولان السوري. لكنه، في المقابل، نجح في إبرام الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل ودول عربية، كما أن صهره جاريد كوشنر قدّم مشروعاً ضخماً للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين يقوم على «حل الدولتين»، بحيث تقوم، إلى جانب إسرائيل، دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها في شرق مدينة القدس، متعهداً بضخ ما يصل إلى 50 مليار دولار لدعم الفلسطينيين من أجل تحقيق مشروعات اقتصادية ضخمة.

طريق صلاح الدين بوسط غزة... معبر النازحين من شمال القطاع إلى جنوبه (أ.ب)

وإضافة إلى عقبتي اليمين الإسرائيلي وترمب، ستكون هناك عقبة ثالثة يتعين إيجاد حل لها قبل البحث في سيناريوهات «اليوم التالي»، وهي عقبة «حماس». فكل السيناريوهات المطروحة تقوم على أساس أنها ستُهزم عسكرياً وينتهي حكمها. لكن ذلك لم يتحقق بعد. وفي انتظار تحققه، ربما تنفجر جبهة الضفة الغربية، وجبهة الحدود اللبنانية، وتتوسع المواجهة بين الأميركيين والميليشيات المرتبطة بإيران في كل من سوريا والعراق، وربما اليمن أيضاً. وسواء انفجرت هذه الجبهات أم لا، فإن الواضح أن سيناريوهات «مستقبل غزة» ستنتظر جلاء غبار الحرب على القطاع، التي يأمل الإسرائيليون بأن تنتهي، كما يشتهون، بالقضاء على «حماس» وتوليهم حكم غزة عسكرياً لـ«فترة انتقالية» قد تطول أو تقصر بحسب اختمار خيارات من يحكم القطاع مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية في بلدة القلقيلة في الضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

إسرائيل: إقرار موازنة تخدم الاستيطان بالضفة

طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية 144 مليار شيقل وحصلت على 112 بما يزيد بنحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني، هو «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار».

وتأتي مواقف قاسم في وقتٍ لم يعلن فيه رئيس البرلمان نبيه بري اعتراضاً على تعيين السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني، إنما أكد على ضرورة حصر دوره بالإطار التقني وعدم توسيعه إلى مستويات تفاوضية أو سياسية، وهو ما يعكس تمايزاً واضحاً حول هذا القرار بين الحليفين.

تقديم تنازلات في لحظة حساسة

ووصف قاسم في كلمة له خطوة تعيين مدني بـ«سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة 5 أغسطس (قرار الحكومة لحصرية السلاح)» معتبراً أنّه «بدلاً من اتخاذ خطوات إلى الأمام تُقدَّم تنازلات لن تنفع مع إسرائيل»، داعياً الحكومة للتراجع عن القرار، وأن «يجري تفاهم داخلي على قاعدة عدم السماح بأي تنازل حتى تطبق إسرائيل ما عليها».

مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (أرشيفية - رويترز)

«السفينة الغارقة»

واعتبر قاسم أنّ الحزب «قام بما عليه ومكّن الدولة من فرض سيادتها في إطار الاتفاق»، قبل أن ينتقل إلى تشبيه لبنان بـ«السفينة»، معتبراً أنّ «التماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة، وعندها يغرق الجميع».

وقال إنه يجب مواجهة العدوان الإسرائيلي التوسعي بكل الوسائل والسبل، مضيفاً: «هناك اتفاق لم يتم الالتزام به رغم التزام لبنان، الاعتداءات ليست من أجل السلاح، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان».

وفي المقابل، أكد قاسم أنّ «الدولة اختارت طريق الدبلوماسية لإنهاء العدوان، ونحن معها أن تستمر في هذا الاتجاه». لكنه شدد على أنّه «لا علاقة لأميركا وإسرائيل بكيفية تنظيم شؤوننا الداخلية، ولا علاقة لهما بما نختلف عليه أو نقرره في لبنان».

وشدّد على أنّ «الحدّ الذي يجب الوقوف عنده هو حدود الاتفاق الذي يتحدث حصراً عن جنوب نهر الليطاني، ولا وجود لما يسمى ما بعد جنوب نهر الليطاني».

وتابع قاسم: «هم يريدون إلغاء وجودنا»، لكن «سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ونحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.