حذرت وكالة «ستاندرد آند بورز»، من أن تصاعد وتيرة حرب إسرائيل في غزة، قد تترك مصر في مواجهة نقص طويل الأجل في وقت تعاني فيه الإمدادات من نقص بالفعل.
وترى الوكالة، في تقرير اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه الاثنين، أن «الحرب ستقتصر إلى حد كبير على إسرائيل وغزة... ولن تستمر لأكثر من 3 إلى 6 أشهر. ومع ذلك، فإن مزيداً من التصعيد، الذي يمتد أيضاً إلى ما وراء حدود إسرائيل، قد يؤدي إلى إتلاف خطوط الأنابيب أو عرقلة الشحن في مضيق هرمز».
وتعتقد، الوكالة في هذا الإطار، أنه «إذا حدث ذلك فإن صادرات إسرائيل من الغاز قد تتوقف تماماً. ولا نعتقد أن كثيرا من المنتجين في مجلس التعاون الخليجي سيكونون قادرين على سد هذه الفجوة، لأن معظم إنتاجهم من الغاز متعاقد عليه بالفعل. وقد يترك هذا مصر في مواجهة نقص طويل الأجل في وقت تعاني فيه الإمدادات من نقص بالفعل».
وأضافت «نحن نفترض أن الحرب ستظل متمركزة في غزة، وسيكون لها تأثير منخفض على جيران إسرائيل، ولكن إذا امتدت إلى قنوات توصيل مهمة، فإن مصر - التي تعمل بالفعل على تقنين الغاز - قد تواجه صعوبات على المدى المتوسط، من وجهة نظرنا».
وأشارت «ستاندرد آند بورز»، هنا إلى أن هذا الوضع قد يؤدي إلى «الإضرار بجودة الائتمان في المنطقة إذا تصاعدت حدة هذه الحرب».
كانت الوكالة قد خفضت، تصنيفها الائتماني لديون مصر السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية إلى «-B» من «B»، برؤية مستقبلية مستقرة، بينما حافظت على تصنيف الديون السيادية قصيرة الأجل عند «B»، وذلك في أحدث تقرير لها عن الاقتصاد المصري في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
كما خفضت، النظرة المستقبلية لتصنيف إسرائيل إلى سلبية، نظراً لانتشار مخاطر الحرب مع «حماس» على نطاق أوسع، ليصبح تأثيرها أكثر وضوحاً على اقتصاد إسرائيل مما كان متوقعاً. وأكدت الوكالة تصنيف إسرائيل عند «AA-»، وهي رابع أعلى درجة.
وأوقفت إسرائيل، منذ بدء الحرب، العمل في حقل تمار للغاز، الذي ينتج نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز، يستخدم نحو 85 في المائة منها للسوق المحلية الإسرائيلية، ويصدّر نحو 15 في المائة المتبقية إلى الأردن بهدف توليد الكهرباء، ومصر بهدف الإسالة والتصدير لأوروبا. وعاد إنتاج حقل تمار للعمل في 9 نوفمبر (تشرين الثاني).
منذ عام 2020، قدمت إسرائيل جميع إمدادات الغاز الطبيعي للأردن تقريباً، و5 في المائة إلى 10 في المائة من احتياجات مصر، وفقاً لبيانات «إس & بي كوميدتي إنسايت».
انخفض إنتاج الغاز في إسرائيل بنسبة 50 في المائة، بسبب تداعيات الحرب. فقد أنتجت إسرائيل نحو 22 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عام 2022، أي نحو 1 في المائة من الإجمالي العالمي. وقامت بتصدير 9 مليارات متر مكعب إلى مصر والأردن، ويأتي معظم إنتاج الغاز الإسرائيلي من الحقول البحرية في البحر الأبيض المتوسط.
حققت مصر اكتفاء ذاتيا في إنتاج الغاز لتلبية الطلب المحلي، منذ 2019، ويتم استهلاك حوالي 60 - 65 في المائة منه وقوداً لتوليد الطاقة، ويذهب 20 - 25 في المائة للاستخدام الصناعي.
واستوردت مصر حوالي 6 مليارات متر مكعب من الغاز في عام 2022، من إسرائيل، تقوم بتحويل بعض منه إلى غاز طبيعي مسال، ثم تصدره بعد ذلك إلى أوروبا.
وتساهم مصر بأقل من 5 في المائة من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي. ولا تحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى الغاز المصري حالياً، إذ إن دول التكتل تجاوزت مستوى المخزون المستهدف بنسبة 95 في المائة، وباستثناء شتاء بارد بشكل غير عادي، فقد تتراجع أوروبا عن طلب الغاز المصري خلال موسم الشتاء المقبل.
يأتي هذا فيما تعاني مصر انقطاعات في التيار الكهربائي، نظراً لزيادة الطلب المحلي على الكهرباء، في ظل نقص إمدادات الغاز، حتى قبل تصاعد حرب إسرائيل في غزة.