فصائل عراقية مسلحة تعاود قصف «حرير» و«عين الأسد» بالمسيّرات المفخخة

جنود أميركيون يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوب الموصل (أرشيفية - أ.ب)
جنود أميركيون يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوب الموصل (أرشيفية - أ.ب)
TT

فصائل عراقية مسلحة تعاود قصف «حرير» و«عين الأسد» بالمسيّرات المفخخة

جنود أميركيون يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوب الموصل (أرشيفية - أ.ب)
جنود أميركيون يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوب الموصل (أرشيفية - أ.ب)

قال جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان العراق، في بيان، اليوم الجمعة، إن طائرة مسيرة مسلحة استهدفت قاعدة الحرير الجوية التي تستضيف قوات أميركية ودولية، وأعلنت «فصائل المقاومة الإسلامية في العراق» مسؤوليتها عن قصف قاعدتي «حرير» في أربيل و«عين الأسد» في الأنبار.

تأتي الهجمات في وقت كفت الحكومة العراقية عن إصدار البيانات الخاصة بملاحقة مطلقي الصواريخ على القواعد التي يوجد فيها أميركان في العراق.

وقالت هذه الفصائل في سلسلة بيانات إنها استهدفت قاعدة أميركية في عين الأسد غرب العراق بطائرتين مسيرتين، كما استهدفت قاعدة حرير في مدينة أربيل العراقية بطائرة مسيرة، وكذلك أطلقت طائرتين مسيرتين على قاعدة أميركية في تل بيدر غرب مدينة الحكسة السورية. وكان قد سُمع دوي قوي من مطار حرير العسكري في أربيل في وقت سابق اليوم، وتصاعدت أعمدة الدخان من المطار، حسبما أفادت شبكة «رووداو» للأخبار الكردية عن مصدر أمني.

ولم يتضح ما إذا أسفرت هذه الهجمات عن وقوع خسائر بالأرواح أو المعدات.

ولم تعلن الجهات العسكرية في بغداد عن هذا الاستهداف. وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان عن قصف استهدف مطار حرير الذي يقع قرب القاعدة دون وقوع إصابات بشرية أو مادية.

وكان البنتاغون أعلن الجمعة عن تعرض قواته ومواقعه في كل من سوريا والعراق لنحو 58 هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيرة، من بينها 29 هجوماً في العراق منذ اندلاع أحداث الأقصى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن العراق وقوفه إلى جانب «حماس» في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، كما انضم إلى مجموعة الدول الداعية إلى وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي غزة.

بدورها، أعلنت الجماعات المسلحة في العراق تأييدها الموقف الرسمي العراقي الذي عبر عنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكنها اختلفت في طريقة التعبير بشأن التعامل مع مجريات الحرب.

وفيما التزمت الفصائل المسلحة التي لديها أجنحة سياسية، وأصبحت جزءاً من «الإطار التنسيقي»، الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية، بما تتخذه الحكومة من مواقف وإجراءات، فإن كلاً من «كتائب حزب الله العراقية» وحركة «النجباء» أعلنت مواصلتها قصف القواعد الأميركية في كل من سوريا والعراق.

في وقت ذهبت «النجباء »إلى أبعد من ذلك حين أعلنت في بيان لها ما سمّته «تحرير العراق عسكرياً»، في إشارة واضحة لعدم التزامها بما تتخذه الحكومة العراقية من مواقف سياسية.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

شمال افريقيا مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

اتهامات متبادلة لطرفي الحرب في قطاع غزة بـ«وضع شروط جديدة» جعلت المفاوضات تراوح مكانها وسط مساعٍ لا تتوقف من الوسطاء لوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني متأثر قرب جثة طفل قبل دفنه بغزة الجمعة (أ.ف.ب)

قوات إسرائيلية تقتحم «مستشفى كمال عدوان» في شمال غزة

تستهدف القوات الإسرائيلية مستشفيات «كمال عدوان» و«الإندونيسي» و«العودة» بشكل متكرر، في وقت ينفذ فيه الجيش الإسرائيلي هجمات بالجزء الشمالي من قطاع غزة.

شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة وسط صمت رسمي من أنقرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في قطاع غزة ديسمبر 2023 (رويترز)

«القسام» تعلن تفجير أحد مقاتليها نفسه بقوة إسرائيلية في شمال غزة

أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد مقاتليها فجّر نفسه في قوة إسرائيلية في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة  (أ.ف.ب) play-circle 02:02

الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

قال مسؤولون إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية الثلاثة الواقعة شمال قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، وأمرت العشرات من المرضى بإخلائه.

«الشرق الأوسط» (غزة)

انقسام مجتمعي وسياسي عراقي حول زيارة الوفد الأمني إلى دمشق

جانب من اجتماع الشرع مع مدير الاستخبارات العراقية (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع الشرع مع مدير الاستخبارات العراقية (أ.ف.ب)
TT

انقسام مجتمعي وسياسي عراقي حول زيارة الوفد الأمني إلى دمشق

جانب من اجتماع الشرع مع مدير الاستخبارات العراقية (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع الشرع مع مدير الاستخبارات العراقية (أ.ف.ب)

أحدثت الزيارة التي بدت مفاجئة، وإن كانت متوقعة، والتي قام بها وفد عراقي رفيع المستوى إلى دمشق انقساماً حاداً في العراق. فالوفد الذي ترأسه مدير جهاز المخابرات حميد الشطري كان قد تردّد في الأوساط العراقية أن وفدَيْن غير رسميين سبقاه إلى زيارة سوريا ولقاء القيادة الجديدة.

الانقسام العراقي الحاد مجتمعي وسياسي حول أحمد الشرع، المعروف سابقاً بـ«أبو محمد الجولاني»، ونشاطه في العراق حينما كان منخرطاً في تنظيمات أصولية، نفّذت أعمالاً إرهابية على مدار سنوات.

وحيث يتداخل في العراق الانقسام السياسي بالمجتمعي بسبب الانحيازات الآيديولوجية المسبقة، فإن المشهد العام انقسم بين رؤيتين، سنية متساهلة مع الحكم الجديد في سوريا، وشيعية ترى فيه خطراً قادماً؛ نظراً إلى ماضي الشرع «الجهادي».

الجولاني حتى قبل أن يكشف عن اسمه الحقيقي «أحمد الشرع» كان قد خاطب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عبر رسالة هاتفية دعاه فيها إلى فتح صفحة جديدة مع الثوار الجدد، مبيناً أن جبهته «هيئة تحرير الشام» ليست لديها مطامع في العراق.

السوداني الذي تحدث في البرلمان العراقي عن رؤيته لتطورات الأحداث في سوريا قبل سقوط العاصمة الأموية دمشق بيد الجولاني بيومين تقريباً تجاهل رسالة قائد «هيئة تحرير الشام» إليه.

المتحدثون باسم السوداني انقسموا بين رأي عسكري حاد عبَّر عنه الناطق العسكري باسم القائد العام اللواء يحيى رسول الذي قال إن العراق لا يتواصل مع «إرهابي»، وبين رأي سياسي أقل حدة، وهو رأي أحد المستشارين السياسيين للسوداني الذي قال إن العراق «ينتظر دولة لكي يتفاهم معها».

لكن تطورات الأحداث المتسارعة لم تدع مجالاً للترقب والانتظار. فعلى الفور تحرّك العراق بسرعة سياسياً وأمنياً. أمنياً، عمل على تحصين حدوده لكي لا يتكرر سيناريو 2014 عندما دخل تنظيم «داعش» من الأراضي السورية ليحتل ثلث الأراضي العراقية، وسياسياً عبر زيارات سريعة قام بها السوداني إلى كل من السعودية والأردن، فضلاً عن مشاركته في مؤتمر الدوحة لمجموعة الاتصال العربية.

نذهب أم ننتظر؟

وفي وقت بدأت فيه الوفود العربية والأجنبية تتدفق على سوريا الشرع، فإن العراق المجاور والأكثر اهتماماً بالوضع السوري لم يرسل وفداً إلى دمشق مع أن دمشق وطبقاً لكل المؤشرات كانت تنتظر الوفد العراقي ربما أكثر من بقية الوفود. المعلومات شبه المؤكدة تشير إلى حصول لقاءات سرية مع الشرع من قِبل شخصيات عراقية، لكن لم يعرف فيما إذا كانت هذه الشخصيات قد أُرسلت من قِبل السوداني شخصياً أم هي من تبرّعت لجس النبض نتيجة علاقات لبعض هذه الشخصيات مع الطرف القوي الحالي في المعادلة السورية وهم الأتراك. السوداني وفريقه السياسي يراقبون التطورات والتحديات والانقسامات في الرأي العام العراقي السياسي والمجتمعي. ولذلك؛ فإن إرسال وفد في وقت مبكر بدا نوعاً من الاستعجال الذي لم يرد من خلاله السوداني زيادة شرخ الانقسام المجتمعي داخل العراق. وبين الترقب والانتظار من جهة وحسم الموقف من الوضع الجديد في سوريا جاءت زيارة الوفد العراقي رفيع المستوى.

أمني أم سياسي؟

الطريقة التي استقبل بها الشرع رئيس الوفد العراقي مدير جهاز المخابرات حميد الشطري بدت لافتة. فالاستقبال بدا تجاوزاً للبروتوكول سواء لجهة خروج الشرع خارج المكتب واستقباله الشطري عند بوابة القصر، فضلاً عن وضع العَلم العراقي إلى جانب العَلم السوري، بينما الشطري ليس نظيراً للشرع بروتوكولياً، لكن ذلك كله يعكس طريقة اهتمام سوري بالزائر العراقي الغامض؛ كونه مديراً لجهاز المخابرات، وكان سيتحدث بما يتجاوز دوره طبقاً للرسالة التي حملها من رئيسه السوداني إلى الشرع.

الشرع مستقبلاً مدير الاستخبارات العراقية في دمشق الخميس (أ.ف.ب)

ومع أن العراقيين عبّروا عن ارتياحهم لطريقة وأسلوب الاستقبال، لكنهم في النهاية وجدوا ما ينقسمون بشأنه مرة أخرى. ففي حين بدا الشطري رابط الجأش وهو يمدّ يده لمصافحة الشرع في وقت لم يكتفِ فيه الشرع بالمصافحة، بل هو من بادر بتقبيل الشطري، فإن اللقطة التي ظهر فيها الشرع وهو ينحني مقبلاً الشطري وهو يحمل مسدساً بكاتم للصوت على ظهره تحت السترة فتحت باب الجدل من جديد. فهناك من عدّ أن «أبو طبع ما يغير طبعه»؛ نظراً إلى خلفية الشرع في التنظيمات المسلحة، وهنا من رأى أنها في كل الأحوال رسالة سلبية ليست في وقتها ولا محلها. وبين هذا وذاك، فإن الانقسام الآخر بين العراقيين هو قول البعض إن الوفد أمني فقط، في حين هناك من رأى أن الوفد سياسي. وبين ما هو أمني وسياسي سوف يستمر الجدل العراقي لفترة مقبلة حتى يحسم الأمر خطوة أخرى بين دمشق وبغداد.

ضغوط أميركية

وفي وقت التزمت فيه القيادات السنية والكردية الصمت حيال زيارة الوفد العراقي إلى دمشق؛ مما يفسّر أنه رضا فإن الشيعة انقسموا بين مؤيد صامت للزيارة ورافض معلن لها حتى ضمن قوى «الإطار التنسيقي الشيعي». فطبقاً لتصريحات أدلى بها، الجمعة، قياديون من منظمة «بدر» بزعامة هادي العامري و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، تمت الزيارة بناءً على ضغوط أميركية.

جندي عراقي على الحدود الغربية مع سوريا (أ.ف.ب)

مسؤول القاطع الشمالي في منظمة «بدر» محمد مهدي البياتي، قال في تصريح، أمس، إن «لقاء وفد العراقي مع الشرع يأتي في سياق الضغوط الأميركية الرامية إلى تبييض صفحته وتبرئته من الجرائم التي ارتكبها في العراق والمنطقة؛ بهدف فرض أمر واقع جديد»، واصفاً الشرع بأنه «إرهابي».

وأضاف البياتي، أن «سياسة فرض المجرمين وأصحاب السوابق على الشعوب ليست بالأمر الجديد في الاستراتيجية الأميركية، بل تمثل نهجاً قديماً ومستمراً يعكس سعيها الدائم إلى دعم شخصيات تتماشى مع تاريخها الحافل بالجرائم». وانتقد البياتي، اللقاء الذي وصفه بأنه «يشكّل وصمة عار جديدة تُضاف إلى سجل الولايات المتحدة المظلم ومن يسايرها من الحكومات».

أما القيادي في ائتلاف دولة القانون عصام الكريطي، فقد أكد من جانبه أن إرسال الحكومة العراقية وفداً رسمياً يمثّلها إلى دمشق واجتماعه مع الإدارة السورية الجديدة، جاء بضغوطات أميركية.