ما حظوظ تسعة أفلام عربية متنافسة في «الأوسكار»؟

«الهامور ح.ع» و«فوي» و«وداعاً جوليا» من بينها

الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» (الشركة المنتجة)
الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» (الشركة المنتجة)
TT

ما حظوظ تسعة أفلام عربية متنافسة في «الأوسكار»؟

الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» (الشركة المنتجة)
الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» (الشركة المنتجة)

مع ترشيحات الأفلام العربية سنوياً لجوائز الأوسكار، تتجدد الآمال بفوز أحدها بجائزة أفضل فيلم دولي؛ وهي الجائزة التي تتنافس عليها أفلام من دول العالم كافة، ورغم أن السينما العربية وصلت للتصفيات النهائية أكثر من مرة، فإنها لم تتوج في أي منها بهذه الجائزة المرموقة.

ويشهد سباق الأوسكار خلال دورته الـ96 التي يقام حفل إعلان جوائزها في 10 مارس (آذار) 2024 مشاركة 9 أفلام عربية بعد ترشيح السعودية لفيلم «الهامور» ليمثلها في جوائز الأوسكار، إلى جانب أفلام «فوي فوي فوي» من مصر، «وداعاً جوليا» من السودان، «المرهقون» من اليمن، «انشاله ولد»، الأردن، «باي باي طبريا» من فلسطين، «جنائن معلقة»، العراق، «كذب أبيض» المغرب، «بنات ألفة»، تونس.

الفيلم التونسي «بنات ألفة» (الشركة المنتجة)

وتتميز الأفلام العربية التي تنافس بالأوسكار هذا العام بالتنوع فيما تطرحه من قضايا، وتطور مستواها الفني، كما تشهد للمرة الأولى مشاركة كل من السودان واليمن، مما يطرح سؤالاً حول حظوظ هذه الأفلام في ظل المنافسة العالمية القوية التي تشهدها مسابقة «أفضل فيلم دولي».

وبحسب الناقد العراقي مهدي عباس، فإن المشاركات العربية في سباق الأوسكار تاريخياً لم تكن مشجعه، فدائماً ما يخرج الفيلم من أول تصفية ولا يصل إلى القائمة النهائية، إلا أنه يرى أن الفرصة هذا العام سانحة جداً، مثلما يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مستنداً إلى أن معظم الأفلام التي ترشحت عن الدول العربية سبق أن شاركت في أهم المهرجانات السينمائية العالمية نالت عدداً من الجوائز كما حازت على اهتمام النقاد والإعلام الغربي، لذا يتوقع وصول الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» أو العراقي «جنائن معلقة» أو غيرهما للقائمة النهائية.

«باي باي طبريا» (الشركة المنتجة)

وشارك عدد كبير من الأفلام العربية المرشحة لجائزة الأوسكار بمهرجانات عالمية، حقق بعضها جوائز دولية، على غرار الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» للمخرج محمد الكردفاني، الذي حصد جائزة الحرية بمهرجان كان السينمائي خلال دورته الماضية، والفيلم التونسي «بنات ألفة» للمخرجة كوثر بن هنية، الذي نال ثلاث جوائز هي، جائزة «السينما الإيجابية»، وجائزة «فرانسوا شالي» وجائزة «العين الذهبية»، التي تمنح للأفلام الوثائقية، والتي حصل عليها مناصفة مع الفيلم المغربي «كذب أبيض» للمخرجة أسماء المدير، التي شاركت بمسابقة «نظرة ما»، كما حاز الفيلم الأردني «إنشاله ولد» للمخرج أمجد الرشيد خلال مشاركته بمسابقة أسبوع النقاد جائزتين.

وشهد العرض الأول للفيلم اليمني «المرهقون» للمخرج عمرو جمال بمهرجان برلين الـ73 وفاز بجائزة «منظمة العفو الدولية» وجائزة الجمهور كثاني أفضل فيلم جماهيري، كما عُرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني «باي باي طبريا» للمخرجة لينا سويلم بمهرجان البندقية السينمائي خلال دورته الـ80. ويعد الفيلم السعودي «الهامور» للمخرج عبد الإله القرشي أول إنتاجات «بوليفارد إستوديوز» السينمائية، وحقق نجاحاً لافتاً عند عرضه بصالات السينما بالمملكة والدول العربية لتميز مستواه الفني، وبيعت منه أكثر من 200 ألف تذكرة.

بوستر «الهامور» (الشركة المنتجة)

كما حقق الفيلم المصري «فوي فوي فوي» للمخرج عمر هلال نجاحاً كبيراً، حيث تصدر قائمة إيرادات الأفلام المصرية منذ إطلاق عرضه، وشارك الفيلم العراقي «جنائن معلقة» للمخرج أحمد ياسين الدراجي بمهرجان البندقية السينمائي خلال دورته الـ79 وحصد جائزة أفضل فيلم بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي خلال دورته الثانية.

ويرى الناقد أندرو محسن أن الفوز بالأوسكار يعتمد على أكثر من جانب، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن العرض في مهرجانات دولية كبرى من العناصر المهمة التي تؤخذ في عين الاعتبار، لأن لجنة التصويت لديها فكرة مسبقة عن الأفلام أو شاهدتها خلال العرض بهذه المهرجانات، إضافة إلى أهمية جودة الأفلام، مشيراً إلى توفر هذين العنصرين في عدد من الأفلام العربية المرشحة. ولفت محسن إلى صعوبة المنافسة مع الأفلام العالمية الأخرى، فالمشاركات بهذه المسابقة تكون أقوى من جائزة أفضل فيلم بالأوسكار. كما تطرق محسن إلى عنصر الدعاية وأهميته للوصول للمصوتين التي لا تستطيع أفلام عديدة تحملها.

لقطة من فيلم «فوي فوي فوي» (الشركة المنتجة)

ويشير الناقد المصري إلى ظواهر إيجابية برزت خلال العشر سنوات الماضية بوصول أفلام عربية للقائمة النهائية، كما أن هناك اهتماماً دولياً بمتابعة السينما العربية بشكل أكبر مما كان عليه من قبل واهتمام من صناع الأفلام بتوزيعها بشكل أفضل، وأن وجود أعضاء عرب ضمن المصوتين بالأوسكار يمنح فرصاً جيدة للأفلام العربية المرشحة. ويتوقع محسن للفيلم السوداني «وداعاً جوليا»، والتونسي «بنات أُلفة» حظوظاً جيدة للوصول للقائمة القصيرة.


مقالات ذات صلة

فيلم إسرائيلي مرشح للأوسكار يثير تعاطفاً مع الفلسطينيين ويزعج الحكومة

ثقافة وفنون خلال عرض فيلم «البحر» في تل أبيب (رويترز)

فيلم إسرائيلي مرشح للأوسكار يثير تعاطفاً مع الفلسطينيين ويزعج الحكومة

يأمل مخرج فيلم إسرائيلي مرشح لجوائز الأوسكار لعام 2026 ويجسد رحلة فتى فلسطيني يسعى لرؤية البحر أن يسهم العمل السينمائي في إيقاظ التعاطف داخل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
سينما «الأمل والألم» (أبوت فيلمز)

الأفلام العربية في ميزان سباق الأوسكار

في اليوم الأول من الشهر الحالي توقّفت «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» عن استقبال وقبول الأفلام الأجنبية المشاركة في سباق أوسكار «أفضل فيلم عالمي».

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق نيللي كريم في مشهد من الفيلم - مهرجان الجونة

«عيد ميلاد سعيد»... نقد اجتماعي للتمييز الطبقي في مصر

الفيلم الذي يمثّل أولى التجارب الإخراجية لسارة جوهر عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» بالولايات المتحدة الأميركية، وحصد 3 جوائز.

أحمد عدلي (القاهرة )
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف في مدخل قرية أم الخير قرب الخليل بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

السلطات الإسرائيلية تُفرج عن مستوطن متهم بقتل ناشط فلسطيني

قضت محكمة إسرائيلية، اليوم الجمعة، بالإفراج عن مستوطن إسرائيلي متهم بقتل ناشط فلسطيني بارز، خلال مواجهة جرى توثيقها بالفيديو في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق حمدان بلال مع راشل شور من فريق إخراج «لا أرض أخرى» في حفل الأوسكار يوم 2 مارس (رويترز) play-circle

«أوسكار الذكاء الاصطناعي»: الأكاديمية تفتح الباب أمام أفلام التقنية للفوز بأرفع الجوائز السينمائية

الأفلام التي يتم إنتاجها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ستكون مؤهلة رسمياً للتنافس على جوائز الأوسكار، دون أن يُعدّ استخدام التقنية عاملاً مؤثراً سلبياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.


«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».


معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا. فتبرز خصوصيته في قطعٍ مشغولة بتأنٍ، تشبه بتركيبتها لوحاتٍ تشكيلية مطرّزة بزجاج المورانو وأحجار الـ«سواروفسكي» البلّورية، فتصنع لغةَ أناقةٍ راقية بابتكاراتها، تبدأ منذ خمسينات القرن الماضي وصولاً حتى يومنا هذا.

بعض المجوهرات الطريفة التي تلوّن معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

يحطّ هذا المعرض رحاله في بيروت بعد جولات ناجحة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يقدم رحلة ثقافية فريدة من نوعها، تجمع بين روعة التصميم الإيطالي وإبداعه في عالم المجوهرات عبر التاريخ الحديث. ويقام المعرض برعاية السفارة الإيطالية، بتنظيم من المعهد الثقافي الإيطالي ونادي اليخوت في بيروت.

ومع عرض نحو 200 قطعة مصنوعة يدوياً، يستعرض الزائر سبعين عاماً من المهارة الحرفية الإيطالية. وتشرف على تنسيق المعرض ألبا كابيلييري، أستاذة تصميم المجوهرات في معهد البوليتكنيكو في ميلانو، ومديرة متحف «فيتشنزا» للمجوهرات في إيطاليا.

صُمّم المشروع على شكل معرض متنقّل يزور السفارات والمعاهد الثقافية الإيطالية حول العالم. ويسلّط الضوء على أبرز نماذج هذه الحرفة اليدوية. وتأتي القطع من توقيع أبرز مصممي دور الأزياء الكبرى، الذين يختبرون مواد وتقنيات جديدة، ما يجعل المعرض تجربة تجمع بين الإبداع والتقنية والابتكار.

ويرى رئيس المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت، الدكتور أنجلو جووي، أن العاصمة اللبنانية تشكّل محطة بالغة الأهمية لهذا الحدث، إذ يلتقي بإرثها الحرفي المتأثر بتبادل الثقافات. وبذلك، يصبح حضور المعرض في بيروت خاتمة رمزية لمسيرته، ما يمنحه سياقاً غنياً للاحتفاء بالإبداع والمهارة والتصميم.

أطواق مصنوعة من البلاستيك والجلد في أحد أركان معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

ويشير جووي إلى أن المعرض يقدّم تصاميم المجوهرات بعيداً عن قيمة المعادن والأحجار الكريمة. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» «أنه ينقل تطور صناعة المجوهرات منذ الخمسينات حتى اليوم. ويعرّفنا على أناقة مختلفة برموزها وأبعادها. فمعظم التصاميم تواكب المرأة العملية. وهناك قسم خاص في أحد أركان المعرض يحمل عنوان (الألفية الجديدة). وتتضمن المجوهرات البديلة المعاصرة. وهي منفذة بأدوات تفاجئ مشاهدها، فترتكز على مواد بلاستيكية ومعدنية وأخرى تدخلها مادة الجلد».

المعرض يقوم برحلته الأخيرة في لبنان قبل أن يعود إلى موطنه الأم إيطاليا. «هناك سيتم إعادة هذه المجوهرات لأصحابها من دور أزياء». ويتابع أنجلو جووي: «إن منسقة المعرض ألبا كابيلييري رغبت في أن تلفت نظر هواة المجوهرات إلى أسلوب فني متقدّم، لا يرتكز على الماس والذهب والأحجار الكريمة والمعادن المشهورة، ولكن على حرفية متوارثة تقوم على أسماء عائلات اشتهرت في هذا المجال، فتم ارتداؤها من قبل الناس على اختلافهم، وفي عروض أزياء كبيرة. ففي هذه الأخيرة عادة ما يبتعد منظموها عن استخدام المعادن الثمينة».

تكمل جولتك في المعرض لتطالعك قطع مجوهرات برّاقة، أساور، وأقراط، وعقود وغيرها. ومن بينها موقّع من قبل دور الأزياء الإيطالية المعروفة عالمياً. فتحضر دار «فيرساتشي» كما «غوتشي» و«فالنتينو» وغيرها.

بدأت جولات هذا المعرض في العالم منذ نحو 5 سنوات. وتكمن أهميته في إبرازه تطور هذه الحرفة من خلال مجوهرات معاصرة. وتعدّ ثمينة بفضل إرثها التاريخي الغني.

مائتا قطعةِ مجوهرات تتوزّع على المعرض في نادي اليخوت وسط بيروت. وتمثّل المرآة الجمالية للمجتمع، من «دولتشي فيتا» في خمسينات القرن الماضي إلى أزياء الـ«بريت-آ-بورتيه» في ثمانيناته، وصولاً إلى البساطة في تسعيناته ضمن تكنولوجيا الموضة في الألفية الجديدة. وتُظهر تحوّل الأنماط والعادات، وطموحات النساء وإنجازاتهن، وتطوّر الأشكال والمواد، وتقنيات الإنتاج الجديدة. ويحتضن المعرض الأطواق المؤلّفة من طبقات عدّة، والأساور المنحوتة، وقطعاً مرحةً تترك البسمة عند ناظرها.

يتناول «ديفا» تاريخ حرفة صناعة المجوهرات الايطالية الحديثة (الشرق الأوسط)

وتحمل بعضها اللمحة الشرقية من خلال تقنية الـ«فيلي غرانا»، القائمة تصاميمُها على تجديلاتٍ دقيقة أو على تطعيم القطعة بالزجاج المنفوخ. وهو ما يجسّده تاجٌ ذهبي من توقيع «دولتشي أند غابانا» نلحظه في المعرض. ويذكر رئيس المعهد الثقافي الإيطالي جووي أن نقاط التشابه هذه ولّدت مساحة التقاء بين المعرض ومنطقة الشرق الأوسط.

وعن سبب تسمية الحدث بـ«الديفا» يشرح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها إشارة إلى إمكانية أن تتحوّل كلّ امرأة إلى نجمة من خلال أسلوبها في انتقاء المجوهرات والأزياء. فليس من الضروري أن تشعر بذلك من خلال ارتداء الجواهر الثمينة فقط. فيحضر عندها الإحساس بهذا البريق ما دامت منسجمةً مع ما ترتديه، سواء أكان ثميناً أم بسيطاً».