حميدتي يشترط سلاماً حقيقياً وليس هدنة يستفيد منها الجيش

قائد «الدعم السريع» دعا النازحين إلى العودة... وصف البرهان بأنه «مطية للإسلاميين»

صورة من مقطع فيديو لقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو متحدثاً لقواته الخميس (إكس)
صورة من مقطع فيديو لقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو متحدثاً لقواته الخميس (إكس)
TT

حميدتي يشترط سلاماً حقيقياً وليس هدنة يستفيد منها الجيش

صورة من مقطع فيديو لقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو متحدثاً لقواته الخميس (إكس)
صورة من مقطع فيديو لقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو متحدثاً لقواته الخميس (إكس)

اشترط قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي» لتوقيع اتفاق في مفاوضات جدة، جنوح الجيش إلى «سلام حقيقي»، وألا يكون وقف إطلاق النار مجرد «هدنة» يستعد خلالها الجيش لحرب أخرى ضد قواته، مؤكداً أن قواته لن تقبل بـ«سلام زائف» يعيد من خلاله الجيش تسليح نفسه. وقال حميدتي، الذي ظهر في فيديو مصور وهو يخاطب تخريج دفعة جديدة من قوات «الدعم السريع»، إن الأنظار تتجه نحو مفاوضات جدة من أجل التوصل لاتفاق يوقف القتال بين قواته والجيش، مؤكداً أنه مع السلام، لكنه لن يؤيد سلاماً كاذباً. وتابع: «ليست عندنا أي مشكلة في السلام، فإن جنحوا للسلم فاجنح له، لكننا نريد السلام الحقيقي وليس السلام الملتوي». واستطرد مخاطباً قائد الجيش: «لن نقبل أي سلام يتيح لك إعادة تجهيز نفسك لأجل حرب جديدة».

ظهور حميدتي يكذب شائعات موته

وجاء ظهور حميدتي، الذي بدا في صحة جيدة وحضور لافت وهو يتحدث إلى مجندين على وجوههم كمامات، ليقطع دابر شائعات روج لها مؤيدو الجيش وبعض كبار السياسيين والدبلوماسيين، بأنه «قتل» منذ أشهر، إثر إصابته أثناء القتال، ونقل إلى مستشفى توفي فيها متأثراً بإصابته. ووجه الرجل الذي ظل طوال أشهر بعيداً عن الأنظار، قواته بمحاربة من أسماهم «المتفلتين»، وإلى عدم التعدي على أعراض وممتلكات المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها قواته، بقوله: «وصيتي لكم بالمتفلتين (كررها عدة مرات)، نريد منكم محاربة هذه الظاهرة». وأضاف موجهاً الحديث لقواته: «نريد منكم حماية الشعب وممتلكات الشعب وصون عرض الشعب».

وتُتهم «الدعم السريع» من قبل مواطنين ومن أعدائها بالاستيلاء على مساكن وممتلكات المواطنين، وممارسة عمليات قتل ممنهج واعتداءات على الأعراض، وهو الاتهام الذي أعاد حميدتي توجيهه للإسلاميين ومن يسميهم «الفلول»، إذ قال إنهم «أطلقوا سراح السجناء وفتحوا لهم أبواب السجون، واتهموا بها (الدعم السريع)». وتابع: «هذا عمل مخطط ومبرمج. فقد أطلقوا سراح قادة الكيزان المعتقلين (أطلق عليهم اسم: ناس أحمد هارون) قبل خمسة أشهر من الانقلاب، ليخلقوا فوضى تلصق بـ(الدعم السريع)».

ترحيب بعودة النازحين شرط ابتعادهم عن الفلول

وتوعد حميدتي بالقضاء على الحركات الإرهابية التي لجأ إليها أنصار نظام البشير في حربهم ضده، وقال: «شغل الإرهاب في الدنيا كله مركزه هنا في السودان، لكنّا سنلتقطهم واحداً تلو الآخر، والإتيان بهم».

نازحون فروا من الصراع في منطقة دارفور داخل مخيم أدري المؤقت بتشاد 19 يوليو (رويترز)

وتعهد حميدتي بحماية النازحين واللاجئين الذين دعاهم للعودة إلى المناطق التي تسيطر عليها قواته، وإلى اختيار إداراتهم من دون تدخل من «الدعم السريع»، بيد أنه اشترط الابتعاد عن اختيار الإسلاميين وأنصار «حزب المؤتمر الوطني»، أو من دأب على إطلاق لفظ «الفلول» عليهم. وطلب قائد «الدعم السريع» من الشرطة المدنية العودة لممارسة عملها بصورة طبيعية، بيد أنه هدد بإخراج «الإسلاميين» من بين صفوفهم، وفي الوقت ذاته، دعا قوات الحركات المسلحة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش للعمل معه، وتكوين قوات مشتركة لحماية المواطنين، وإلى تكوين قوات مشتركة مع «الدعم السريع» في المناطق التي يسيطر عليها، إلى حين إكمال سيطرته على بقية مواقع الجيش. وأشار حميدتي إلى محاولات الوقيعة بين قواته وقوات حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا، من خلال احتماء قوات الجيش بالحركات المسلحة لتضطر حال الهجوم على الجيش إلى الدفاع عن نفسها، بقوله: «عند هروبهم في الفاشر، دخلوا مناطق الحركات المسلحة، فاضطررنا للتوقف عن القتال، ونقول للحركات المسلحة، في المرات المقبلة لا تدعوهم يحتمون بكم، واطلبوا منهم الذهاب بعيداً إلى الخلاء».

حميدتي: البرهان مسؤول عن كل الانقلابات

وشن حميدتي هجوماً عنيفاً على قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وحمّله مسؤولية الانقلابات التي حدثت في البلاد، ابتداء منذ سقوط نظام البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، واتهمه بتأجيج النزاعات القبلية في دارفور وكردفان والنيل الأزرق والبحر الأحمر، بقوله: «ظلت قواتي لأشهر في بورتسودان لحماية المواطنين من الجيش، والآن البرهان في البحر الأحمر، من المفترض أن يلقي به أهل الشرق في البحر المالح». وأضاف: «كل الانقلابات، منذ انقلاب هاشم عبد المطلب وحتى انقلاب 15 أبريل (يقصد الحرب) مسؤول عنها البرهان».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

ووصف البرهان بأنه كان أداة في يد الإسلاميين والمؤتمر الوطني منذ اختياره لرئاسة المجلس العسكري الانتقالي، بقوله: «أتوا بالبرهان لإنجاح مخططهم في القضاء على (الدعم السريع)، وأدى البرهان قسم الولاء أمام أسامة عبد الله» (شقيق مسلم قيادي). وتابع: «قلت لهم لا أريد سلطة، لكن البرهان أقنعني، ومنذ ذلك الوقت بدأت المؤامرات وشيطنة (الدعم السريع)». واستطرد: «أهلنا قالوا من حفر حفرة السوء فليوسعها. حفروها لنا، لكنهم وقعوا فيها، ولا تزال الحفرة تتسع كما أرى». وقال إن العسكريين الإسلاميين كانوا لا يريدون توقيع اتفاقية سلام جوبا مع الحركات المسلحة، بيد أنهم اضطروا لتوقيعها بعد قيامه بإبلاغهم أنه «لن يحارب مجدداً، وأن عليهم مواجهة قواتها وحدهم».

وأوضح حميدتي أن الاتفاق الإطاري كان هو سبب الحرب؛ لأن الإسلاميين كانوا يريدون خداع المجتمع الدولي بإعلان قبوله وتحميله المسؤولية، وإزاء رفضه المعلن أشعلوا الحرب؛ لأن الاتفاق الإطاري كان سيقطع الطريق أمام أحلام العودة للسلطة مرة أخرى، بل يقضي بإطاحة أنصار علي كرتي وأسامة عبد الله وصلاح قوش الذين أعادهم البرهان للسلطة بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وقال حميدتي: «من رجعوا بقرارات البرهان ليس كل الحركة الإسلامية أو المؤتمر الوطني، بل مجموعة (علي كرتي وأسامة عبد الله وصلاح قوش)، وهم الذين دمروا السودان وأوصلونا لما وصلنا له الآن». وسخر قائد «الدعم السريع» من غريمه البرهان بقوله: «يتم توجيهه بالريموت كنترول من قبل علي كرتي، عبر صهره مدير مكتب البرهان». وأضاف: «كشفت لنا العمليات العسكرية عن أن الحاكم الفعلي هو الإسلاميون، واكتشفنا أنهم الدولة، بعد أن استولينا على مخازن تحوي أزياء (الدعم السريع) بهدف شيطنتها، إضافة إلى مخزن كبير للمسيرات القتالية وأسلحة متطورة في مبنى قناة الراية الخضراء التابعة لهم».

وندد حميدتي باتهامه بأن قواته من النيجر ونيجيريا وتشاد، بقوله: «أما تشاد، (فهم) أهلنا وجيراننا، وهناك تداخل كبير بيننا لن ننكره، ومن الطبيعي أن يكون هناك تداخل بين القبائل الحدودية، لكن النيجر بعيدة ولا علاقة لنا بنيجيريا». واستنكر حميدتي مرويات يطلقها أنصار المؤتمر الوطني بأن القيادي في «الحرية والتغيير» ياسر سعيد عرمان هو «من يخطط لـ(الدعم السريع)» بقوله: «البعض لديهم فوبيا ياسر عرمان، بل خوف مباشر منه. يقولون إنه يخطط لنا لتأسيس حرية وتغيير في دارفور، وهذا كذب. ليس لدينا اتصال معه، ونعرف أنه أخونا، وهو جزء من الاتفاق الإطاري ومن (الحرية والتغيير)، لكن ليس لدينا تخطيط مع أي شخص، فنحن نخطط لوحدنا».

حميدتي: أعداؤنا جهاز المخابرات والإسلاميون

وحدد حميدتي أعداءه بجهاز المخابرات العامة وميليشيات الإخوان والإسلاميين في الجيش، وقال: «من يسمون بالمجاهدين ليسوا مجاهدين؛ لأننا لسنا كفاراً ليجاهدونا». وتابع: «العاملون في الجهاز كيزان منظمون ومؤدلجون ويدافعون عن سلطتهم، وكتيبة (البراء) فلول مؤدلجون يقاتلون من أجل قضيتهم. لكن، ما بال ضابط أو عسكري الجيش الذي يعمل سائق تاكسي بعد الدوام يقاتل معهم؟». وسخر حميدتي من مزاعم أنصار نظام البشير بأن قواته تم القضاء عليها، بقوله: «لن أعلق على أشياء مثل هذه. هم يقولون إن (الدعم السريع) انتهت، ولم تتبق لها سوى 5 سيارات قتالية. من يقول هذا أليس مجنوناً؟ لو كنت محل المسؤول عنه لربطته بالحبال».


مقالات ذات صلة

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

شمال افريقيا جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز) play-circle

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع»

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في القاهرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية في السودان

شددت مصر على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الإنسانية لضمان توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية كافية في السودان لإيصال وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نازحون سودانيون يقضون ليلة في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

«أطباء السودان»: «الدعم السريع» قتلت 200 شخص على أساس عرقي بشمال دارفور

أعلنت «شبكة أطباء السودان»، مقتل أكثر من 200 شخص، بينهم أطفال ونساء على أساس عرقي من قبل «الدعم السريع» بمناطق أمبرو، وسربا، وأبوقمرة بولاية شمال دارفور.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)

إدريس: مستعدون للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، الجمعة، إن بلاده مستعدة للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

تتقدم «قوات الدعم السريع» حثيثاً باتجاه بلدة «الطينة»، عند الحدود التشادية - السودانية، بعد أن أعلنت إكمال سيطرتها على بلدة «كرنوي»، صباح الخميس.

أحمد يونس (كمبالا)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.