جهود أوروبية وأميركية لمواصلة دعم أوكرانيا

من إطلاق حملة جماهيرية مشتركة

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

جهود أوروبية وأميركية لمواصلة دعم أوكرانيا

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

يخطط بعض كبار السياسيين الجمهوريين الأميركيين، بالتعاون والتنسيق، ولو بشكل غير معلن حتى الآن، مع كبار السياسيين من أوروبا، لإطلاق حملة لحث الأميركيين على مواصلة دعم تقديم المساعدات إلى أوكرانيا. ويخطط هؤلاء لتنفيذ جولات ترويجية تتجاوز العاصمة واشنطن، للتواصل مباشرة مع الولايات والتجمعات السياسية والانتخابية، مع دخول البلاد سنتها الانتخابية. وتسعى الحملة إلى إظهار أن تقديم الدعم والمساعدات لأوكرانيا لا يخدم فقط مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي، بل يعد دعماً مباشراً لتوليد الوظائف، وبأن الأموال المنفقة تبقى داخل البلاد.

وبينما كشف تقرير أميركي أن فرنسا خصصت 800 مليون يورو في ميزانيتها السنوية لدعم الاستخبارات وأنشطة الإنترنت، بهدف التواصل مباشرة مع الرأي العام الأميركي، أكد وزير الدفاع البولندي توماس سيمونياك أنه يسعى لطمأنة الجميع، بمن فيهم الأميركيون، بأن بلاده لن تغير سياساتها تجاه مشتريات الدفاع من الولايات المتحدة أو خفض التزاماتها تجاه أوكرانيا.

فوائد اقتصادية أميركية

وقال وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس لصحيفة «بوليتيكو»: «نحن بحاجة إلى إيجاد طرق للتواصل مع الجمهور على جانبي الأطلسي، دون أن ننسى أن هناك ناخبين فعليين يرون مشكلاتهم بطريقة معينة». وكشف عن خطة للتجوال على ولايات أميركية ​​والالتقاء، على سبيل المثال، بالشركات المنتجة للأسلحة والمعدات «التي تخلق بالفعل فرص عمل في الولايات المتحدة». وأكد لاندسبيرغيس أن الحملة الترويجية التي تتحدث فيها دول البلطيق وغيرها من الدول التي لها علاقات وثيقة مع أوكرانيا لصالح تقديم الدعم المستمر، «قد تنجح بشكل جيد إذا وُضعت ليس فقط من قبل السياسيين الأميركيين، ولكن أيضاً أولئك الذين يعتمدون على تلك المساعدة وعلى مسار السياسة الخارجية هذا».

وفي حين لم يذكر لاندسبيرغيس الدول الأخرى التي ستشارك في هذه الجولة الترويجية، قالت رئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس إن بلادها تتواصل بالفعل مع الأميركيين العاديين.

ومع ازدياد القلق في واشنطن من أن المساعدات المقدَّمة لأوكرانيا قد تقع ضحية للانقسامات السياسية العميقة في الولايات المتحدة، بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن في تبديل رسالته حول الحرب الأوكرانية، قائلاً إن الكثير من الإنفاق على أوكرانيا يبقى في الواقع في الداخل، ما يخلق فرص عمل ويدعم الشركات. وقال: «كما تعلمون، كما كانت الحال في الحرب العالمية الثانية، يقوم العمال الأميركيون الوطنيون اليوم ببناء ترسانة الديمقراطية، ويخدمون قضية الحرية».

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس العام المقبل، يطلب بايدن من الكونغرس التوقيع على حزمة للأمن القومي بقيمة 106 مليارات دولار لمرة واحدة تشمل تمويل أوكرانيا وإسرائيل وأمن الحدود.

أضرار على الجيش الأميركي

وقال جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المحسوب على الجمهوريين، إن تقاعس الكونغرس عن مساعدة أوكرانيا يضر بالجيشين الأوكراني والأميركي. وقال هاردي لـ«الشرق الأوسط»، إن تقاعس الكونغرس وعدم اليقين الذي يسببه، يعوق التخطيط للعام المقبل من قبل الجيشين الأوكراني والأميركي، ويلحق الضرر بالجيش الأميركي من خلال تأخير استبدال المعدات والذخائر التي تم التبرع بها لأوكرانيا. كما أن نقص التمويل في إطار مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا، والتي بموجبها تتعاقد حكومة الولايات المتحدة مع الشركات المصنعة، لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، قد يؤدي إلى تأخير عقود شراء ذخائر ومعدات مهمة لأوكرانيا. وأشار إلى أنه على المدى القصير، قد يؤدي عدم اليقين بشأن المساعدات الأميركية المستقبلية إلى إجبار أوكرانيا على الحد من استخدام ذخائرها، داعياً الكونغرس إلى إقرار مشروع قانون مساعدات تكميلي بسرعة، لتوفير تمويل كافٍ حتى انتخابات 2024.

وفي المقابل يقوم الجمهوريون، خصوصاً الداعمين لمواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا، بمحاولة دعم اقتراح ربط المساعدات بين أوكرانيا وإسرائيل، في مجلس الشيوخ، حيث يحظى هذا الربط بتأييد غالبية الأعضاء، مقابل مقاومة أكبر في مجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية.

وفي خطابه الأول بوصفه رئيساً لمجلس النواب، حدد الجمهوري مايك جونسون أولوياته، دعم أمن الحدود مع المكسيك ودعم إسرائيل، لكنه استبعد بوضوح المساعدة لأوكرانيا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، استبعد الكونغرس بند الإنفاق على أوكرانيا من مشروع قانون الطوارئ الذي تجنب بصعوبة إغلاق الحكومة الفيدرالية.

جمهوريون داعمون

وقال أعضاء بمجلس الشيوخ إن تواصل الزعماء الأوروبيين يمكن أن يساعد في تعزيز الدعم لكييف بين الناخبين الذين سئموا الحرب. وقال السيناتور الديمقراطي بن كاردين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: «أعتقد أنه من المفيد أن يشارك زعماء من دول أخرى في إظهار أن هذا لا يقتصر على أوكرانيا وروسيا فقط، بل ويؤثر في دول أخرى في أوروبا، ويؤثر فينا جميعاً».

السيناتور ليندسي غراهام (إ.ب.أ)

وقال السيناتور النافذ ليندسي غراهام، عضو لجنة العلاقات الخارجية، وهو مؤيد جمهوري بارز لمساعدة أوكرانيا، إن ذلك قد يكون «مفيداً للآخرين». ورغم الفوضى التي يشهدها حزبه الجمهوري من هذه القضية، فإنه لا يزال واثقاً بأن الدعم لكييف لا يزال قوياً، وقال: «الرأي العام مهم، ولكن لا أعرف كيف يمكن لوقف المساعدة لأوكرانيا أن يخدم مصلحتنا على المدى الطويل».

وبالفعل، فقد أظهر استطلاع للرأي على مستوى الولايات المتحدة، أجري في وقت سابق من هذا الشهر، أن 84 في المائة من الأميركيين قالوا إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشكل خطراً على المصالح الأميركية، ويعتقد ما يقرب من الثلثين أن سحب الدعم العسكري سينظر إليه على أنه علامة ضعف من جانب حلفاء الولايات المتحدة.

وتسعى مجموعات ضغط مختلطة من الديمقراطيين والجمهوريين، إلى التواصل مع المشرعين الأميركيين، لإظهار أن الولايات المتحدة لا تتحمل العبء وحدها، كاشفين أن الحلفاء الأوروبيين يفعلون نفس القدر، أو حتى أكثر في بعض النواحي، مما تفعله الولايات المتحدة، من حيث توفير المعدات العسكرية، وتحمل تكلفة فرض العقوبات.

وقالت كارين دونفريد، مساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة للشؤون الأوروبية والأوراسية، وهي الآن زميلة بارزة في جامعة هارفارد: «تركز إدارة بايدن بحق على سبب كون ذلك في مصلحة الأميركيين، في ما يتعلق بالأموال التي تبقى هنا في البلاد». وأضافت: «الشيء المهم بالنسبة للأوروبيين هو إظهار أنهم يتقاسمون هذا العبء مع الولايات المتحدة، وأعتقد أن دول البلطيق مثال رائع في ما يتعلق بما يفعلونه على المستوى الوطني وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
TT

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على بدء انسحاب الرئيس جو بايدن من الحلبة السياسية الأميركية، بدت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، على وشك إنجاز حلقات الدعم الضرورية، ليس فقط لنيل بطاقة الحزب الديمقراطي، بل أيضاً لتشكيل تحالف يمكّنها من الفوز بانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يعتقد كثيرون أن حملة هاريس يمكن أن تكرّر، بعد 100 يوم من الآن، الإنجاز الانتخابي الهائل الذي نتج عن «موجة زرقاء» عالية، أوصلت أول شخص أسود، هو الرئيس باراك أوباما، إلى البيت الأبيض عام 2008، وأبقته عام 2012، ثم دفعت نائب الرئيس في عهده جو بايدن إلى سُدّة الرئاسة عام 2020 إلى تلك المكانة، على رغم الجدار العالي الذي بناه الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه بين الجمهوريين المحافظين في مساعيهم لإعادة «جعل أميركا بيضاء مرة أخرى»، وهو الظل الخفي لشعار ترمب الشعبوي «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

لهذه الأسباب وغيرها، تبدو الانتخابات لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أكثر صداميّة من سابقاتها.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما معانقاً نائبة الرئيس كامالا هاريس بمناسبة إقرار قانون للرعاية الميسّرة في البيت الأبيض عام 2022 (أ.ف.ب)

خلال حملتها القصيرة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2019، حاولت هاريس محاكاة استراتيجية أوباما لعام 2008، فتعاملت مع ساوث كارولينا، وهي ولاية تضم عدداً كبيراً من ذوي البشرة السوداء، باعتبارها موقعاً لاختراقها المحتمل، ولكنها حشدت الموارد في آيوا تحضيراً لهذا الاختراق، من خلال طمأنة الناخبين السود بأنها قادرة على الفوز في الولاية ذات الغالبية البيضاء، وكانت تتمتع بميزة إضافية تتمثل في كونها من كاليفورنيا، وفي لحظة من الانتخابات التمهيدية فيما يسمى «الثلاثاء الكبير» في مارس (آذار) عامذاك، وبعد أدائها الناجح في مناظرة يونيو (حزيران) 2019، بدا أن هاريس في طريقها إلى تحقيق هذا الإنجاز، ما يهدّد تقدّم بايدن في استطلاعات ساوث كارولينا وآيوا. لكن هذا «التهديد» الانتخابي ضد بايدن لم يدُم طويلاً، بسبب «نفاد المال والحظ»، ما دفع هاريس إلى الانسحاب من الانتخابات التمهيدية.

قطبان رئيسيان

أما الآن، فأصبحت هاريس المرشّحة المفترضة عن الديمقراطيين، من دون الحاجة إلى اجتياز أي تمهيديات، ومع ذلك لا تزال تواجه بعض القرارات الاستراتيجية الرئيسية، في ضوء تراجُع بايدن باستمرار عن ترمب في الاستطلاعات، بسبب أدائه الضعيف بين فئتي الشباب وغير البِيض، وهما قطبان رئيسيان في «تحالف أوباما». ووسط تساؤلات عما إذا كانت هاريس تستطيع تعويض بعض هذه الخسائر المحتملة من دون التضحية بدعم ناخبين آخرين، أقدمت نائبة الرئيس على الدخول إلى منصة «تيك توك» المفضلة عند أجيال «إكس» و«زد» والألفية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مساعيها الهادئة لنيل تأييد علني من الفنانة الأميركية الأشهر تايلور سويفت، بعدما حظيت بدعم الفنانة بيونسيه، والممثلة جينيفر أنيستون، وإذ تدرك أن الطاقة مُعدِية، فالصور المتحركة السريعة والموسيقى تؤكد على ديناميكية حملتها التي تميل إلى التنوع.

أميركيون يؤيدون ترشيح كامالا هاريس في لوس أنجليس الجمعة (أ. ب)

«الأمل والتغيير»

منذ الخطوة التي اتخذها بايدن، الأحد الماضي، وقلبت المشهد الانتخابي الأميركي رأساً على عقب، بعدما هيمن ترمب عليه بشكل كامل تقريباً على أثر محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل نحو أسبوعين، يجد كثيرون الآن فرصة لأن تتمكّن هاريس من الإفادة من سحر «الأمل والتغيير»، الذي تمتع به أوباما في بطاقته الديمقراطية قبل 16 عاماً. وتقع المفارقة في أن الاستطلاعات كانت تشير بوضوح إلى أن نسبة كبيرة من الأميركيين يشكّكون في القدرات الذهنية لترمب، بسبب وقوعه في سلسلة من الأخطاء اللفظية وهفوات الذاكرة، غير أن ذلك لم يحظَ باهتمام كبير، في ظل الصعوبات الكبيرة التي كان يواجهها بايدن. ولكن استبدال الأخير بهاريس يبعث الأمل في استعادة الناخبين الأصغر سناً، والناخبين السود واللاتينيين، الذين ابتعدوا عن بايدن منذ عام 2020. وفي الوقت ذاته، يمكنها توسيع هوامش الديمقراطيين القوية بالفعل بين النساء المتعلمات في الكليات والداعمات لحقوق الإجهاض.

وبالإضافة إلى هذه الشرائح المهمة، تسعى هاريس منذ سنوات إلى إيجاد مكانة لها في أوساط المهتمين بالقضايا التجارية والاقتصادية، وبينما يتذكر البعض إصرارها في مناظرة رئاسية عام 2019، على أنها «ليست ديمقراطية حمائية»، فهي ليست من مؤيدي التجارة الحرة أيضاً. وقد أكّدت أنها كانت ستعارض اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية عام 1992، علماً بأن بايدن صوَّت مؤيداً لها أثناء خدمته في مجلس الشيوخ، وكذلك اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي دعمها أوباما. وعام 2020 كانت بين 10 سيناتورات صوّتوا ضد اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بعد انسحاب الرئيس دونالد ترمب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.

كامالا هاريس تتجه للصعود إلى «آير فورس تو» في مطار هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

ويعتقد فريق ترمب أن في إمكانه تعويض مكاسب هاريس المحتملة، من خلال تصويرها «راديكالية كاليفورنيا»، ورمزاً للتنوع الذي يمكن أن ينفّر الناخبين البِيض الأكبر سناً، الذين كان بايدن يتمتع ببعض القوة المتبقية معهم. ولكن أوباما تغلّب على عناصر مشابهة عام 2008، وساعده على ذلك الانهيار المالي، والتململ الشعبي من سياسات الحرب الجمهورية في العراق.

آثار استراتيجية

ويرجّح أن تكون لجهود هاريس لاتّباع مسار أوباما آثار استراتيجية كبرى على خريطة المعركة الانتخابية؛ لأن أي تحسّن كبير في أدائها بين الناخبين السود واللاتينيين، ومَن هم دون سن الثلاثين يمكن أن يُعيد ولايات متأرجحة، مثل أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا، التي كادت تميل لمصلحة ترمب في الأسابيع الأخيرة إلى قلب السباق، علماً أيضاً بأن تآكل دعم بايدن بين الناخبين البِيض الأكبر سناً، وغير الحاصلين على تعليم جامعي، أدّى إلى إضعاف فرص الديمقراطيين بالفوز في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

وبات من المؤكد أن هذه الخيارات الاستراتيجية يمكن أن تؤثر على اختيار هاريس في عملية الترشيح لمنصب نائب الرئيس، ليس فقط لجهة اختياره من ولاية تشكّل ساحة معركة، ولكن بوصفه وسيلة لتعظيم التحول الناتج عن انسحاب بايدن. ويعتقد البعض أن هاريس يمكن أن تتبع مثال الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1992 لمضاعفة نقاط قوتها، من خلال اختيار امرأة أخرى هي حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر.

ولكن هذا الخيار الجريء والتاريخي يحمل «مخاطرة أكبر»، وإن كان يشبه إلى حدٍّ نموذج عام 1992، عندما وقع اختيار كلينتون على آل غور مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، على رغم أنه من مواليد فترة الطفرة في الجنوب الأميركي، وليس من واشنطن.

«فخر» روزفلت

منذ الساعات الأولى لترشيحها، بدأت هاريس العمل على إعادة تجميع «تحالف أوباما» بطريقة فعّالة للغاية، وهذا ما ظهر في إعلانها الانتخابي الأول: «كان روزفلت ليشعر بالفخر؛ ففي خطابه عن حال الاتحاد عام 1941 حدّد 4 حريات: حرية التعبير، وحرية العبادة، والحرية من العوز، والحرية من الخوف»، وتشدّد هاريس، بمساعدة من بيونسيه، باستمرار على الحرية باعتبارها الإطار الأساسي لحملتها، وهي تؤكد بشكل خاص على الحرية من العوز، والحرية من الخوف، مع الإشارة إلى الأمن الاقتصادي، والرعاية الصحية، وحقوق الإنجاب، والأمان من الأسلحة النارية. ومثل روزفلت، أعادت هاريس صوغ «الحرية» ــ وهي جزء أساسي من معجم المحافظين ــ لإعطائها دلالات تقدّمية.

نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 2023 (أ.ف.ب)

ويحتفي إعلانها بالتنوع الأميركي مع وفرة من الأشخاص الملوّنين؛ لأنها تريد زيادة الإقبال بشكل كبير بين السود واللاتينيين، والناخبين الأصغر سناً، الذين يشكّلون أهمية أساسية لـ«تحالف أوباما».

حتى الآن، أثمرت استراتيجية هاريس لإعادة تجميع «تحالف أوباما» عن أرباح فورية، ظهرت في ال​​استطلاعات، التي تُوحِي أن لديها الموارد والمتطوعين لدفع نسبة المشاركة على غرار أوباما، ولكن سباق الأيام الـ100 سيكون طويلًا وصعباً، على رغم أن رسالتها المبكرة تلقى صدى.