مطالبات عربية ودولية بـ«استدامة» تدفق المساعدات إلى غزة

إغلاق معبر رفح عقب دخول 20 شاحنة... وترقب خروج الأجانب

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)
TT

مطالبات عربية ودولية بـ«استدامة» تدفق المساعدات إلى غزة

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)

أُغْلِقَ معبر رفح سريعاً بعد وقت قصير من فتحه، صباح السبت، ومرور 20 شاحنة فقط، كانت تحمل مساعدات إغاثية إلى قطاع غزة، الذي تحاصره إسرائيل منذ أسبوعين، وسط مطالبات عربية ودولية بوضع آليات تضمن «استدامة» إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل يومي.

وتحمل الشاحنات الأدوية وإمدادات طبية وكمية محدودة من الأغذية المعلبة، وفق تصريحات فلسطينية. بينما قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الشاحنات التي مرت دفعة أولى تابعة لـ«الهلال الأحمر المصري»، وتسلمها «الهلال الأحمر الفلسطيني».

وتعطل معبر رفح الذي يعد المنفذ الرئيسي للدخول والخروج من قطاع غزة بعد أن فرضت إسرائيل حصاراً كاملاً، وشنت ضربات جوية على غزة رداً على هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، إن مصر «لم تَأْلُ

أشخاص على الجانب المصري من معبر رفح يراقبون قافلة من الشاحنات تحمل مساعدات إنسانية تعبر إلى قطاع غزة (أ.ف.ب)

جهداً ليل نهار لإيصال المساعدات لغزة، ولم تغلق معبر رفح يوماً إلا أن القصف الإسرائيلي حال دون عمله». وأضاف خلال افتتاحه قمة القاهرة للسلام، السبت: «دعوني أتساءل... أين قيم الحضارة الإنسانية التي شيدناها تجاه ما يحدث في غزة؟».

بينما شدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في كلمته خلال قمة القاهرة، على «أولوية إيصال المساعدات الإنسانية والوقود والغذاء والدواء بشكل مستدام، ودون انقطاع إلى قطاع غزة».

وعرض التلفزيون المصري الرسمي لقطات لفتح السلطات معبر رفح في شبه جزيرة سيناء أمام المساعدات الإنسانية، بعد أيام من انتظار أكثر من 200 شاحنة مساعدات أمام المعبر، بينما لا يزال هناك المزيد من مواد الإغاثة مكدسة في المنطقة. وأظهرت اللقطات لحظة بدء دخول أول قافلة مساعدات إنسانية، وسط احتفالات من المتطوعين على الجانب المصري بالزغاريد والهتافات.

صورة من الجو لقافلة شاحنات المساعدات تدخل إلى قطاع غزة من مصر السبت (أ.ف.ب)

ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن غزة بحاجة إلى 100 شاحنة على الأقل يومياً لتوفير الاحتياجات الضرورية، وإن أي إدخال للمساعدات يجب أن يكون مستمراً وعلى نطاق واسع. وقبل اندلاع الصراع، كانت نحو 450 شاحنة مساعدات تصل إلى غزة يومياً.

وشدد منسق الأمم المتحدة لشئون الإغاثة، مارتن غريفيث، على أن قافلة المساعدات الإنسانية التي دخلت قطاع غزة عبر معبر رفح «يجب ألا تكون الأخيرة». وقال غريفيث، في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» السبت: «لقد تحمل شعب غزة عقوداً من المعاناة، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في خذلانه»، معرباً عن ترحيبه بالإعلان عن دخول أول قافلة مساعدات إلى غزة.

وأشار غريفيث إلى أن القافلة المكونة من 20 شاحنة تضم إمدادات حيوية مقدمة من «الهلال الأحمر المصري» والأمم المتحدة، وقد اتُّفِقَ على عبورها وتسلُّمها من قبل «الهلال الأحمر الفلسطيني» بدعم من الأمم المتحدة، ونوه بأن عملية التسليم تأتي بعد أيام من المفاوضات المكثفة مع جميع الأطراف المعنية للتأكد من استئناف عملية المساعدات في غزة في أسرع وقت ممكن، وفي ظل الظروف المناسبة.

عودة شاحنات قافلة المساعدات إلى الجانب المصري بعد إيصال المساعدات إلى قطاع غزة (د.ب.أ)

ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن القافلة الأولى من إمدادات الإغاثة إلى قطاع غزة تحتوي على 60 طناً من المواد الغذائية. وقال البرنامج، في بيان السبت، إنه سيجري توزيع علب التونة والدقيق والمعكرونة والفول... وغير ذلك من المواد، على المحتاجين في أقرب وقت ممكن.

ودعت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية للبرنامج، في رسالة صادرة من القاهرة إلى «الوصول الفوري والآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية إلى غزة». وحذرت من أن هذه المساعدات لن تكفي سوى بضعة أيام، ومن ثم سينفد الطعام، وسيواجه أهل غزة الجوع مجدداً.

وما زال لدى البرنامج 930 طناً أخرى من الغذاء على الجانب المصري من معبر رفح مع غزة، ويهدف إلى مساعدة 1.1 مليون شخص خلال الشهرين المقبلين.

ورحبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بفتح معبر رفح الحدودي مع غزة أمام المساعدات الإنسانية، وكتبت في تغريدة لها عبر موقع «إكس»: «هذه خطوة أولى مهمة من شأنها أن تخفف من معاناة الأبرياء... أتوجه بالشكر إلى جميع المشاركين الذين جعلوا هذا ممكناً».

طفل فلسطيني ينتظر مع أهله من حمَلة الجنسية المزدوجة خارج معبر رفح السبت (رويترز)

وقد وصفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، دخول أول قافلة مساعدات إنسانية لقطاع غزة بأنها «بارقة أمل في هذه الساعات العصيبة». وقالت بيربوك، التي عادت إلى مصر، عبر منصة «إكس»: «نوجه الشكر لكل من أسهم، ويواصل العمل بأسرع ما يمكن لتوسيع نطاق المساعدات».

بينما ذكرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، السبت، أن «توزيع المساعدات على السكان المدنيين، بدءاً بالأكثر احتياجاً، يستدعي إنشاء ممر إنساني، وهو ما قد يؤدي إلى وقف إطلاق النار»، وذلك خلال قمة القاهرة للسلام.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإنها أرسلت 4 شاحنات تحمل أدوية ومعدات لعلاج الصدمات لعلاج ما يصل إلى 1200 جريح، بالإضافة إلى أدوية لـ 1500 مريض يعانون من أمراض مزمنة. وأضافت المنظمة أن «الإمدادات المتجهة حالياً إلى غزة لن تكفي لتلبية الاحتياجات الصحية المتصاعدة مع استمرار تصاعد الأعمال القتالية، وهناك حاجة ماسة إلى عملية مساعدات موسعة ومحمية».

فلسطينيون من حمَلة الجنسية المزدوجة ينتظرون السماح لهم بعبور رفح إلى مصر السبت (إ.ب.أ)

ومن جهة أخرى، يتجمع عدد من حاملي الجنسيات الأجنبية على معبر رفح بانتظار الخروج من قطاع غزة بعد فتحه فترة وجيزة لدخول المساعدات الإنسانية، قبل إغلاقه مرة أخرى.

وقالت السفارة الأميركية في إسرائيل، في وقت سابق لفتح المعبر، إن «معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة قد يفتح اليوم السبت، ما يشي باحتمال تمكن الرعايا الأجانب من مغادرة القطاع الفلسطيني».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، قد كتب عبر منصة «إكس»، الجمعة، إن مصر ليست مسؤولة عن إغلاق معبر رفح بينها وبين قطاع غزة «رغم أن إسرائيل استهدفته 4 مرات، ورفضت دخول المساعدات». وقال: «اليوم ستتحمل هي مسؤولية إعاقة خروج رعايا الدول... المعبر مفتوح ومصر ليست مسؤولة عن عرقلة خروجهم».


مقالات ذات صلة

عندما قال ترمب لنتنياهو: أريدك رجلاً

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - أ.ب)

عندما قال ترمب لنتنياهو: أريدك رجلاً

الاتفاق الذي يتبلور حول الصفقة بين إسرائيل و«حماس» هو نفسه الذي كان مطروحاً ومقبولاً في شهر مايو (أيار) الماضي. فلماذا فشل في حينه، وها هو ينجح اليوم؟

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينية تنتحب يوم الثلاثاء بعد مقتل أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (أ.ف.ب) play-circle 01:49

تحليل إخباري 8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، تستعد إسرائيل و «حماس» لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزة، فما الملفات المهمة التي خيمت على المفاوضات؟ وكيف سيتم حلها؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية إسرائيلي يشارك باحتجاج قرب مكتب نتنياهو بالقدس للمطالبة بالعمل على تحرير الأسرى الثلاثاء (رويترز)

نتنياهو يستطيع تمرير«اتفاق غزة» ولو عارضه بن غفير وسموتريتش

تمرير صفقة اتفاق غزة سيكون سهلاً على بنيامين نتنياهو عبر حكومته، ولا توجد أخطار تهددها، بل سيكون لها تأييد شعبي واسع.

نظير مجلي (تل أبيب)
خاص فلسطينيات يبكين رضيعاً قُتل بقصف إسرائيلي في مستشفى «شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (رويترز) play-circle 01:33

خاص «الشرق الأوسط» تكشف تفاصيل جديدة من اتفاق غزة مع بدء وضع اللمسات الأخيرة

يُرجح أن يُعلن، اليوم (الثلاثاء)، التوصل إلى اتفاق غزة، ما لم تطرأ أي عقبات، وفقاً للكثير من المصادر، على أن يبدأ سريانه في حال الوصول إليه بعد 48 ساعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مبانٍ مدمرة بسبب الحرب في شمال قطاع غزة (رويترز) play-circle 00:28

اتفاق إنهاء الحرب في غزة «أقرب من أي وقت مضى»

أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، الاثنين، أن التوصل إلى اتفاق لوقف النار والإفراج عن الرهائن في غزة أصبح قريباً، وقد يحصل ذلك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: سنواصل دعم بغداد لمكافحة الإرهاب

السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)
السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)
TT

فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: سنواصل دعم بغداد لمكافحة الإرهاب

السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)
السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)

أكّد هيمش فولكنر، وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، استمرار وجود بلاده في العراق لدعم جهود مواجهة تنظيم «داعش»، فضلاً عن مكافحة عصابات تهريب البشر.

وأشاد فولكنر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، بالاتفاقيات واسعة النطاق التي وقّعها البلدان هذا الأسبوع في إطار زيارة رسمية من رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى لندن، انطلقت مساء الاثنين وتستمرّ 3 أيام.

ووصف فولكنر الزيارة بـ«المهمة حقاً»، لافتاً إلى نطاقها الواسع، الذي يشمل اتفاقيات مرتبطة بالهجرة، والتعاون الأمني، واستثمارات مليارية.

وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر

قضية الهجرة

عدّ فولكنر قضية الهجرة غير النظامية «مشكلة مشتركة» بين لندن وبغداد، مؤكّداً حرص بريطانيا على تقديم الدعم الفني للأجهزة العراقية التي تتعامل مع مسائل الهجرة.

وقال إن الهجرة غير النظامية «مشكلة مشتركة، لا سيّما أن كثيراً من العراقيين يقومون برحلات خطرة عبر القنال الإنجليزي، وبعضها ينتهي بشكل مأساوي حقاً. لقد التقيت أشخاصاً فقدوا أحباءهم خلال محاولتهم عبور القنال».

وحدّد الوزير عنصرين أساسيين في اتفاق الهجرة؛ «يتعلّق الأول بالعمل الذي يمكننا فعله لمواجهة عصابات تهريب البشر الاستغلالية، التي ينقل كثير منها العراقيين عبر القنال في رحلة خطرة وغير قانونية، فضلاً عن عصابات أخرى متورطة داخل العراق في هذه الممارسة الفظيعة والاستغلالية للاتجار بالبشر».

أما العنصر الثاني، وفق فولكنر، فيرتبط بإعادة المهاجرين العراقيين غير النظاميين إلى بلدهم. وقال: «حيثما يأتي الناس إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني، فينبغي إعادتهم. وهذا ما تبحثه وزيرة الداخلية (إيفيت كوبر) مع وزير خارجية العراق (فؤاد حسين)»، بعد ظهر اليوم (الأربعاء).

السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)

«تعاون تقني»

وفي ما يتعلّق بالوجود البريطاني المرتبط بمكافحة التهريب والهجرة غير النظامية، قال فولكنر إن «هناك وجوداً لـ(الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة) وغيرها، وذلك تحت رعاية السفارة البريطانية لدى العراق، وسيستمرون في الوجود هناك». وتابع: «نحن نريد توفير التعاون في مجال إنفاذ القانون والتعاون التقني المطلوب لتمكين العراقيين من العمل معنا في هذه المجموعة المهمة حقاً من القضايا».

أما بشأن تمويل إعادة المهاجرين غير النظاميين، فتحفّظ فولكنر عن التفاصيل، مترقّباً نتائج اللقاء بين كوبر وحسين. واكتفى بالقول إن «هذه التزامات مشتركة، وهي تحديات مشتركة». وتابع: «إنني مدرك تماماً مدى أهمية بقاء كثير من شباب العراق النابغين في العراق ومساهمتهم في اقتصاد ينمو ولديه كثير من الفرص، كما يدل على ذلك حجم بعض اتفاقيات التصدير التي تمكنا من الإعلان عنها خلال هذه الزيارة».

مؤشرات إيجابية

واتفق رئيسا الوزراء العراقي ونظيره البريطاني كير ستارمر، الثلاثاء، على حزمة تجارية تصل قيمتها إلى 12.3 مليار جنيه إسترليني. وتشمل هذه الحزمة «التاريخية» مشروعاً بقيمة 1.2 مليار جنيه إسترليني للربط البيني لشبكة الكهرباء بين العراق والسعودية باستخدام «أنظمة نقل الطاقة بريطانية الصنع»، إضافة إلى مشروع إعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية العراقية بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني. كما سيقود «تحالف شركات بريطانية» مشروعاً كبيراً للبنية التحتية للمياه، بقيمة تصل إلى 5.3 مليار جنيه استرليني، وسيؤدي ذلك إلى تحسين جودة المياه وري الأراضي الزراعية وتوفير المياه النظيفة في جنوب وغرب العراق.

وعند سؤاله عن مدى استعداد أصحاب الأعمال البريطانيين للاستثمار في العراق، وسط مخاوف مرتبطة بالنفوذ الإيراني في البلاد وتداعيات التطورات الأخيرة في سوريا، جاء ردّ فولكنر متفائلاً.

ويرى الوزير أن «الالتزامات التي قدّمتها الشركات البريطانية على مدار هذا العام مؤشر على أنهم يرون العراق مكاناً جذاباً ومثيراً لمواصلة الاستثمار. ويسرني أن أرى ذلك». واستدرك بأنه «من الواضح أن هناك تساؤلات حقيقية حول ضمان أمن وسلامة المنطقة عموماً».

السوداني خلال لقائه الملك تشارلز الثالث في «قصر باكنغهام» بلندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)

الوضع في سوريا

وتوقّف الوزير عند الوضع في سوريا، ورأى أن «سوريا التي لا تشكل تهديداً لجيرانها، ولا تهديداً للاستقرار الإقليمي، لن ينتهي بها الأمر أن تكون قناة لأنشطة ضارة (كما كانت الحال) مع نظام الأسد. من الواضح أن نظام الأسد لم يكن نظاماً استبدادياً يؤذي شعبه فقط، بل سمح كذلك بنمو (داعش) بشكل كبير جداً على أراضيه. كما سهّل تهريب الأسلحة ومجموعة متنوعة من الأنشطة غير القانونية الأخرى التي تهدد أمن جيرانه وتنميتهم».

ولفت فولكنر إلى أن التطورات في سوريا كانت جزءاً من «المحادثات المستفيضة» التي أجراها البريطانيون مع «أصدقائنا العراقيين، ومع الجميع في المنطقة، بشأن ما يجب القيام به لضمان أن تكون سوريا الجديدة جارة جيدة وفاعلاً دولياً مسؤولاً». وتابع أن كثيراً من تصريحات القيادة السورية المؤقتة «مرحب بها للغاية»، مؤكّداً مراقبة الوضع «من كثب».

الوجود البريطاني في العراق

إلى جانب الوجود البريطاني المندرج تحت رعاية سفارة لندن في بغداد، أكّد فولكنر استمرار الوجود العسكري لدعم جهود مكافحة «داعش».

وشدد فولكنر على أن استمرار تمركز قوات بريطانية في العراق يأتي «بدعوة من السلطات العراقية»، موضّحاً أن دورها يتمثّل في دعم جهود «مكافحة (داعش) الذي لا يزال يشكل تهديداً للعراق، ولا يزال يشكل تهديداً إقليمياً وعالمياً».

وتابع: «نعمل بشكل وثيق مع القوات العراقية في تلك المهمة، ونتطلّع إلى مواصلة ذلك. وبالطبع، هناك مناقشات مستمرة بشأن كيفية ضمان أننا نساعد العراق على أن يكون في وضع يمكنه وحده من الحفاظ على استقرار وأمن البلاد».

وفي حين تحفّظ الوزير عن تحديد عدد القوات البريطانية المنتشرة في البلاد، ذكرت وزارة الدفاع في يناير (كانون الثاني) 2024 أن 200 جندي بريطاني يشاركون في عمليات مختلفة بالعراق.

ووقّع السوداني وستارمر «بياناً» مشتركاً بشأن العلاقات الدفاعية والأمنية الاستراتيجية الثنائية، «يضع الأساس لحقبة جديدة في التعاون الأمني». ويأتي الاتفاق البريطاني - العراقي لتطوير العلاقات العسكرية الثنائية، بعد الإعلان الذي صدر العام الماضي ونصّ على أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «داعش» سينهي مهامه في العراق عام 2026.