بلينكن يبحث في إسرائيل تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين

تل أبيب حاولت دفع الغزيين إلى معسكر لاجئين في الأراضي المصرية

TT

بلينكن يبحث في إسرائيل تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي بوزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب الاثنين (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي بوزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب الاثنين (أ.ب)

بحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مسألة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: «ناقش الوزير مع رئيس الوزراء نتنياهو التنسيق الوثيق بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة والشركاء في المنطقة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين».

وجاء ذلك في وقت قال فيه المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن مسؤولي البيت الأبيض يأملون في إمكانية فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر بضع ساعات للسماح لبعض الأشخاص بمغادرة القطاع قبل الهجوم البري الإسرائيلي المتوقع. وأضاف في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» التلفزيونية: «لا يزال (المعبر) مغلقاً حالياً». وأضاف: «سنواصل العمل على هذا الأمر بجدية كبيرة جداً جداً». وعاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الاثنين) إلى إسرائيل سعياً للتوصل إلى اتفاق يسمح لبعض الأميركيين على الأقل بمغادرة القطاع الساحلي الذي يتعرض للقصف الإسرائيلي بعد هجوم «حماس» على المدنيين الإسرائيليين. وكانت الولايات المتحدة قد طلبت من مواطنيها في غزة التوجه إلى المعبر. وتقدر الحكومة الأميركية عدد الأميركيين من أصل فلسطيني في غزة بما يتراوح بين 500 إلى 600، وفق «رويترز».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى وصوله إلى تل أبيب الاثنين (أ.ب)

ولم يتضح هل تمكن بلينكن من إقناع الجانب الإسرائيلي بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة من الحدود المصرية، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي بعد ظهر الاثنين إن «الثمن (للعملية الإسرائيلية المرتقبة في غزة) سيكون باهظاً، ولكننا سننتصر».

وفي غضون ذلك، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب ورام الله أن أحد أهداف الخطة الإسرائيلية لترحيل نحو 1.1 مليون فلسطيني من شمال غزة إلى جنوبها، كان دفعهم إلى مصر وإقامة مخيم لاجئين لهم شبيه بمخيمات اللاجئين السوريين في تركيا.

وقالت هذه المصادر إن الإسرائيليين عرضوا الفكرة على الإدارة الأميركية ودول عدة أخرى، بالزعم أن هدفها إنساني حتى تحميهم من القصف، وليس التسبب بنكبة أخرى وليس المساس بمصر. لكن مصر رفضت الفكرة وكذلك الفلسطينيون الذين رأوا في هذا الأمر محاولة إسرائيلية لصنع نكبة ثانية، ووقف إلى جانبهما قادة الدول العربية. وأكدوا جميعاً رفضهم الفكرة الأساسية التي تقف وراء مخيم اللاجئين الجديد، ألا وهي القيام بحرب جارفة في قطاع غزة من شأنها أن تؤدي إلى كارثة جديدة للشعب الفلسطيني، تغرق الشرق الأوسط كله في حرب إقليمية مهولة.

قافلة مساعدات لغزة تنتظر في سيناء الاثنين (أ.ف.ب)

وعَدَّ الفلسطينيون القرار الإسرائيلي مؤامرة استراتيجية هدفها الترحيل، على نمط النكبة الأولى بغرض تلقينهم درساً مفاده أن «من يجرؤ على المساس بإسرائيل يخسر أرضاً»، كما قال بالضبط وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي ينافس في «الليكود» على خلافة بنيامين نتنياهو في رئاسة الحزب والحكومة، ودعوا المواطنين في قطاع غزة إلى عدم الاستجابة للأوامر الإسرائيلية بالرحيل.

وساعدهم في ذلك أن إسرائيل تحدثت علناً عن أن هدفها هو تفريغ شمال قطاع غزة لكي تسهّل على نفسها عملية الاجتياح وتدمير الأنفاق الفلسطينية ومن فيها من عناصر «حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية. وإلى جانب ذلك، واصلت الطائرات الإسرائيلية القصف المدمر أيضاً في جنوب قطاع غزة، وأيضاً على الطريق من الشمال إلى الجنوب. وقد أبيدت العديد من العائلات ممن رحلت عن الشمال، بعدما هجرت بيوتها، ودفعت أموالاً طائلة أجرةَ نقلٍ، وخلّفت وراءها ادخار العمر، وقُتلت في بيت أواها في الجنوب أو لم تتمكن من الوصول بل قُتلت على الطريق، وشعر الناس بأن في الأمر خدعة على الأقل، وأن إسرائيل تريد لهم أن يتحولوا إلى سوط ضد «حماس» وليس حمايتهم من القصف. وقد بقي في الشمال 400 ألف غزي على الأقل، وبدأت لديهم هجرة معاكسة، من الجنوب إلى الشمال. لكن إسرائيل حاولت عرقلة عودتهم بمزيد من القصف، لكن ذلك لم ينفع، إذ قال فلسطينيون إنهم أفشلوا عملياً خطة تفريغ شمال القطاع.

دمار في حي الرمال بمدينة غزة والذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في الأيام الماضية (إ.ب.أ)

وجاء الموقف العربي ليتوج هذا الموقف الفلسطيني، خصوصاً بعد أن شاهد الرأي العام العالمي الصور المريعة القادمة من غزة، والتي يظهر فيها هول المأساة وكثرة الضحايا من الأطفال والنساء. واضطر المتحدثون الإسرائيليون إلى مواجهة أسئلة صعبة في الإعلام الغربي، الذي تعاطف ولا يزال متعاطفاً مع الإسرائيليين ضد هجوم «حماس» وممارسات رجالها، إلا أنه في الوقت نفسه يرى أن الرد الإسرائيلي غير متناسب ويفوق أفعال «حماس» 1000 مرة، وينفذ عقوبات جماعية، ويقتل ويجرح مليوني إنسان لا علاقة لهم بالحرب. وتأثرت حتى حكومات الغرب من هذه الأجواء، وطالبت إسرائيل بالامتناع عن خرق قوانين الحرب واستبعاد العمليات التي تمس المدنيين. وحتى الرئيس الأميركي، جو بايدن، قدّم النصائح لإسرائيل بألا تدير حرباً، وألا تمس المدنيين.

وكان الإسرائيليون قد بدأوا غارات مدمرة على قطاع غزة منذ الهجوم الجارح الذي نفذته «حماس» واحتلت خلاله 11 معسكراً للجيش الإسرائيلي و22 بلدة يهودية بالقرب من قطاع غزة، وذلك في يوم السبت الأسبق 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقد وضعوا هدفاً لهم إبادة حركة «حماس»، ونفذوا الغارات بمعدل 1000 غارة كل يوم، ليل نهار، في جميع مناطق القطاع. وكانت الطائرات في كل غارة تلقي طناً من المتفجرات. كما استخدم الإسرائيليون أنواعاً جديدة من الأسلحة والذخيرة الفتاكة، وأعلنوا عن التأهب لتنفيذ عملية اجتياح شامل، براً وبحراً وجواً، جنباً إلى جنب مع استمرار القصف المدمر. لكن برامجهم أخذت تتعرقل حالياً. وراحت تل أبيب تطرح الآن أهدافاً أكثر تواضعاً، وتدرس إمكانية القيام باجتياح جزئي وتدريجي. وبعدما كانت ترفض التفاوض على الأسرى، دخلت في حوار مع الوسطاء، وتراجعت عن قرار قطع الماء الذي كان قد تباهى به الوزير كاتس، وعندما سئل عن سبب تراجعه قال: «هذا قرار على مستوى بايدن ونتنياهو، ولست أنا».


مقالات ذات صلة

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

المشرق العربي رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

يعاني نحو مليوني نازح، تعيش غالبيتهم العظمى في خيام، ظروفاً قاسية خلال فصل الشتاء الثاني على التوالي الذي يقضونه في ظروف مماثلة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في الصيف الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينشئ منتجعات لجنوده في غزة ومفاعلاً لتحلية مياه البحر

أنشأ الجيش الإسرائيلي 3 منتجعات لجنوده في مواقع عدة له بقطاع غزة، مما يدل على أنه يعمل ليبقى هناك مدة طويلة إذا احتاج الأمر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة  (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة  (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال مسؤولون إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية الثلاثة الواقعة شمال قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، وأمرت العشرات من المرضى ومئات النازحين بإخلاء المجمع.

وفي وقائع منفصلة بالقطاع، قال مسعفون إن الغارات الإسرائيلية قتلت 25 شخصاً على الأقل. وذكر مسعفون والدفاع المدني أن إحدى تلك الغارات استهدفت منزلاً في مدينة غزة؛ مما أودى بحياة 15 شخصاً.

جنود من الجيش الإسرائيلي خلال مداهمة مستشفى كمال عدوان في غزة (أ.ب)

وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاتصال انقطع مع الموظفين داخل مستشفى كمال عدوان، الذي يتعرض لضغوط شديدة من القوات الإسرائيلية على مدى أسابيع.

وقال مدير عام وزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، في بيان: «الآن جيش الاحتلال يقوم بحرق جميع الأقسام العاملة بالمستشفى، بينما نحن ما زلنا موجودين فيه. قام الجيش بإخراج الكادر الطبي بالكامل واعتقل عدداً منه».

مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه بذل جهوداً للتخفيف من الأذى الذي يلحق بالمدنيين و«سهَّل الإجلاء الآمن للمدنيين والمرضى والطواقم الطبية قبل العملية»، لكنه لم يذكر تفاصيل.

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة (رويترز)

وأضاف، في بيان، أن «مستشفى كمال عدوان يعدّ بمثابة مركز إرهابي لـ(حماس) في شمال غزة، الذي عمل مخربون منه طوال الحرب».

ويتهم العاملون في المجال الطبي بالقطاع الفلسطيني القوات الإسرائيلية باستهداف مستشفيات كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة بشكل متكرر، في وقت ينفِّذ فيه الجيش الإسرائيلي عمليات إخلاء للجزء الشمالي من القطاع على مدى أسابيع.