إيران: «حماس» مستعدة لإطلاق الأسرى المدنيين الإسرائيليين

طهران حذرت من نفاد الوقت للحلول السياسية

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي اليوم (إيسنا)
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي اليوم (إيسنا)
TT

إيران: «حماس» مستعدة لإطلاق الأسرى المدنيين الإسرائيليين

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي اليوم (إيسنا)
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي اليوم (إيسنا)

أعلنت إيران أن حركة «حماس» مستعدة لإطلاق سراح «الأسرى والسجناء» المدنيين الإسرائيليين بشرط أن توقف إسرائيل هجماتها على غزة، وحذر من نفاد الوقت أمام الحلول السياسية واتساع رقعة النزاع في قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، اليوم الاثنين، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي إن «تيار المقاومة الفلسطيني أبلغنا بأنه مستعد لأسباب إنسانية بأن يتخذ إجراءات لإطلاق الأسرى والسجناء غير العسكريين الذين في حوزته».

لكن كنعاني قال إن «هذا الأمر بحاجة إلى تمهيدات يتعذر توافرها في ظل استمرار الجرائم الصهيونية بحق أهالي غزة».

وأشار إلى أن إيران «تقوم بمساع دبلوماسية حثيثة لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وإيصال المساعدات، وهي جدية في مساعيها»، مضيفاً أن «وقف الجرائم الصهيونية على غزة وإرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع ووقف قصف المناطق السكنية والبنى التحتية الحيوية؛ أولوية قصوى»، حسبما نقلت وكالة «إرنا» الرسمية.

وجاء ذلك بعد يومين من لقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في الدوحة.

وحول موقف إيران من الهدنة في غزة، قال كنعاني إن «المقاومة هي ما يجب أن تتخذ القرار بشأن قضاياها».

ورداً على سؤال حول إمكان التدخل المباشر لإيران، إذا بدأت إسرائيل هجوماً برياً على غزة، قال كنعاني إن «من المؤكد أن المقاومة لديها القدرة على خوض مواجهة حاسمة مع الصهاينة، وهذا هو السبب في أن النظام الصهيوني تجنب المواجهة المباشرة مع جماعات المقاومة في ساحة المعركة، وقاد الصراعات إلى الساحة المدنية». وقال إن إسرائيل تسعى وراء تنفيذ خطة تهجير أهالي غزة «على أرض الواقع» و«التفكيك بين المقاومة والمواطنين الفلسطينيين». وأضاف أن مسؤولية الدول الداعمة لإسرائيل لا تقل عن مسؤوليتها «تجاه الجرائم التي تمارس ضد الفلسطينيين».

وتعليقاً على الاتهامات التي طالت إيران من مشرعين أميركيين، بشأن «دورها المباشر»، في التطورات الأخيرة، قال كنعاني إن طهران «أعلنت موقفها بوضوح وشفافية»، مضيفاً أن هذه الاتهامات «تطرح بدوافع سياسية ونوع من الهروب إلى الأمام».

وانتقد مشرعون أميركيون إدارة جو بايدن على الانخراط في صفقة تبادل للسجناء مع طهران، أطلق بموجبها 6 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة. ونفى كنعاني التصريحات الأميركية بتجميد تلك الأموال.

واتهم كنعاني الولايات المتحدة بأنها منخرطة عسكرياً بالفعل في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وأنه يجب محاسبتها.

وتعزز الولايات المتحدة قوتها العسكرية في الشرق الأوسط رداً على الحرب الدائرة بين حليفتها إسرائيل وحركة «حماس» المدعومة من إيران وسط مخاوف من امتداد رقعة الصراع إلى المنطقة.

ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران ستتدخل في حال انخراط الولايات المتحدة بالصراع، قال كنعاني: «إيران تعتبر أن الولايات المتحدة منخرطة عسكرياً بالفعل في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين».

وأضاف أن «جرائم النظام الصهيوني تُنفذ بدعم من الولايات المتحدة ويجب محاسبة واشنطن» وفقاً لوكالة «رويترز».

وأرسلت الولايات المتحدة بالفعل أحدث وأكبر حاملة طائرات في العالم إلى شرق البحر المتوسط، ومن المقرر أن تنضم إليها حاملة طائرات أميركية أخرى في الأيام المقبلة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الأحد، إن نشر مجموعتين من حاملات الطائرات ليس لاستفزاز أحد لكن للردع.

وأشار كنعاني إلى الإعلان الأميركي بشأن إرسال حاملات طائرات، وقال: «أعلنوا أنهم سيوفرون الموارد المالية للصهاينة». واحتج على تزويد إسرائيل بصواريخ وقذائف تستخدم في منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، «القبة الحديدية»، رغم أنه قال إن «الأحداث الأخيرة أظهرت هشاشته».

وحذر كنعاني من أن استمرار السلوك الإسرائيلي ضد قطاع غزة سيجر المنطقة إلى أزمة ويهدد الأمن الإقليمي.

وقال إن «ما يحدث في غزة جريمة حرب، وقطع الماء والكهرباء ومنع دخول الغذاء والدواء مخالف لمعايير حقوق الإنسان».

من جهة أخرى، نفى كنعاني التصريحات التي نسبتها وسائل إعلام إلى البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة بنيويورك.

ونقلت «رويترز» عن البعثة الإيرانية، الأحد، قولها إن «القوات المسلحة الإيرانية لن تشتبك مع إسرائيل شريطة ألا تغامر منظومة الفصل العنصري الإسرائيلي بمهاجمة إيران ومصالحها ومواطنيها. جبهة المقاومة تستطيع الدفاع عن نفسها».

وقال كنعاني إن «رواية بعض وسائل الإعلام ناقصة وغير دقيقة».

في سياق مواز، أفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أبلغ نظرائه في تونس وماليزيا وباكستان، بأن «وقت الحلول السياسية يقترب من نهايته»، مشدداً على أن «احتمال توسع الحرب على جبهات أخرى يقترب من مرحلة حتمية».

رئيسي يشيد بموقف موسكو

في وقت لاحق، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في اتصال مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده «تدعم إجراءات قوى المقاومة».

وأفاد بيان الرئاسة الإيرانية بأن «رئيسي اعتبر الموقف الروسي في حرب (حماس) وإسرائيل، (إيجابياً)». وكرر تحذيرات من اتساع رقعة الحرب في غزة إلى جبهات أخرى.

وقال رئيسي: «بالنظر إلى ما يحدث في غزة، هناك إمكانية لتوسيع نطاق الحرب والصراع إلى جبهات أخرى، وإذا حدث ذلك، سيكون من الصعب السيطرة على الوضع».

وطلب رئيسي من بوتين أن تلعب موسكو «دوراً إيجابياً» في وقف «جرائم الحرب» بصفتها أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

وأضاف رئيسي أن «فلسطين أولوية في سياستنا الخارجية، لكن قوى المقاومة مستقلة في اتخاذ القرار وتحديده، بطبيعة الحال، حيث إن أي عمل تقوم به جماعات المقاومة ضد العدوان الصهيوني يجب أن يوافق عليه الجميع، لأنه دفاع مشروع عن نفسه».

ونسب بيان الرئاسة الإيرانية إلى بوتين قوله إن «الحملات الإسرائيلية الواسعة على منطقة يعيش فيها أكثر من مليوني شخص أعزل، لا مبرر لها ويجب أن تتوقف في أقرب وقت ممكن».

وقال بوتين إن «العمليات البرية في غزة ستكون مكلفة على الصعيدين العسكري والبشري». وأضاف: «لقد حاول الأميركيون اتباع استراتيجيتهم الخاصة لحل القضية الفلسطينية، لكن هذا الحل فشل، وروسيا قلقة من اتساع نطاق النزاع الحالي في غزة».

تصدير الثورة

في سياق متصل، قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، إنه «يجب على (الحرس الثوري) أن ينشئ مدى واسعاً من العمل والقوة والتأثير ضد الأعداء الكبار والمتعددين والكثر عبر استخدام أدوات في جميع المجالات».

وعاد سلامي إلى التفاخر بسياسة «تصدير الثورة» إلى خارج الأراضي الإيرانية. ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» قوله في هذا الصدد، إنه «مع مرور الزمن، تتسع جغرافيا الثورة، وتتقلص مساحة تنفس الأعداء». وقال إن قواته «تعلمت أنه من أجل قلب توازن القوى، تعمل على تكثير القوة بروح ثورية، وهذا ما تحول إلى عنصر لهزيمة الأعداء».

وأضاف: «عملية طوفان الأقصى واحدة من أحدث الوقائع التي عرضت المنظومة الاستراتيجية للأعداء لزلزال سياسي وأمني».

وبذلك، تطرق إلى هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته حركة «حماس» في وقت سابق من هذا الشهر. ووصف حرب غزة بأنها «المرحلة الأولى من الزوال المبكر لإسرائيل». وقال أيضاً: «اليوم الكيان الصهيوني لم يتحمل الهزيمة فحسب بل احتقر، وقامت بذلك (حماس) من دون الاعتماد على قوى أخرى».

في الأثناء، حذّرت الخارجية الألمانية إيران، الاثنين، من تأجيج الصراع بين إسرائيل و«حماس»، في أول تعليق من برلين على لقاء عبداللهيان بمسؤولين من حركة «حماس».

وقال الناطق باسم الخارجية الألمانية سيباستيان فيشر إن «أياً كان يسعى للعب بالنار في هذا الوضع وصب الزيت على النار أو إشعالها بأي شكل آخر عليه التفكير مرّتين قبل القيام ذلك، لأننا أمام احتمال اندلاع نزاع إقليمي كبير».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
TT

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل، مطالبةً فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير، في حدوث انشقاق داخل حكومة بنيامين نتنياهو، مما قد يزج بإسرائيل في أزمة دستورية.

وفي رسالة إلى نتنياهو، الأسبوع الماضي، طلبت المدعية العامة غالي باهراف ميارا من رئيس الوزراء أن يدرس إقالة بن غفير، مستندة إلى أدلة تشير لتدخله المباشر في عمليات الشرطة، واتخاذ قرارات الترقيات بداخلها بناء على أسباب سياسية.

وجاءت هذه الرسالة قبل أن تقدم باهراف ميارا رأيها إلى المحكمة العليا في الأسابيع المقبلة بشأن ما إذا كان ينبغي لها قبول العريضة التي قدمتها المنظمات غير الحكومية في سبتمبر (أيلول) والنظر فيها، أم لا.

وفي رسالتها التي نشرها مكتبها، أيدت باهراف ميارا الاتهامات التي ساقتها المنظمات غير الحكومية عن تدخل بن غفير شخصياً في الطريقة التي تعامل بها قادة الشرطة مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

واستشهدت أيضاً برسالة من المفوض السابق للشرطة يعقوب شبتاي الذي ترك منصبه في يوليو (تموز)، والتي جاء فيها أن بن غفير أصدر تعليمات لكبار قادة الشرطة بتجاهل أوامر مجلس الوزراء بحماية قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة.

وقد أثارت رسالة باهراف ميارا رد فعل حاداً من بن غفير الذي دعا علناً إلى إقالتها، قائلاً إن طلبها تُحركه دوافع سياسية. ونفى الوزير ارتكاب أي مخالفات.

وحصل بن غفير على مهام واسعة عندما انضم إلى ائتلاف نتنياهو في نهاية عام 2022، منها المسؤولية عن شرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة، على الرغم من إدانته في عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم حركة (كاخ) اليهودية المتطرفة التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقد أدى (قانون الشرطة) الذي أقره الكنيست في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو أحد الشروط التي وضعها بن غفير للانضمام إلى الائتلاف، إلى توسيع سلطاته على الشرطة والسماح له بوضع السياسات العامة، وتحديد أولويات العمل والمبادئ التوجيهية.

وقال بن غفير إن القانون سيعزز قوة الشرطة وقدرتها على مكافحة الجرائم، وزعم أن الشرطة في كل البلدان الديمقراطية تتبع وزيراً منتخباً. وقال منتقدون إن التعديلات منحت بن غفير سلطات شاملة على العمليات، وحوّلته إلى «رئيس للشرطة (بسلطات) مطلقة».

وقال أربعة من قادة الشرطة السابقين وخبيران قانونيان لـ«رويترز» إن التغييرات التي أجراها بن غفير على الكيان الشرطي وثقافته قادت إلى تسييسه.

وقال أمونون الكالاي، وهو سيرجنت سابق في الشرطة استقال في 2021: «يحاول الوزير بن غفير من خلال سلطته الموافقة على التعيينات أو التدخل في الترقيات لخدمة مصالحه السياسية الخاصة».

ولم ترد شرطة إسرائيل ولا مكتب بن غفير على طلبات للتعليق على دور الوزير في تعيينات الشرطة أو التأثير في عملها.

وقاوم نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، دعوات سابقة لإقالة بن غفير. وإذا انسحب حزب عوتسماه يهوديت (القوة اليهودية) الذي يرأسه بن غفير من الائتلاف الحاكم، فلن يكون لدى نتنياهو إلا أغلبية ضئيلة. وإلى جانب المشكلات القانونية التي تواجه رئيس الوزراء، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لاعتقاله، الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في صراع غزة. ويصر نتنياهو على براءته من جميع التهم.

ويقول بعض الخبراء القانونيين إن إسرائيل قد تنزلق إلى أزمة دستورية إذا أمرت المحكمة العليا رئيس الوزراء بإقالة بن غفير ورفض ذلك، حيث ستظهر الحكومة وكأنها تضرب بقرارات القضاء عرض الحائط.

وقال عمير فوكس، وهو أحد كبار الباحثين في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس: «لا نعرف ماذا سيحدث في مثل هذا الوضع». وأضاف أن هذا قد يضع إسرائيل «في موقف خطير للغاية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

موقف متشدد من الاحتجاجات

في العام الماضي، استقال قائد شرطة تل أبيب عامي إيشد، وأشار لأسباب سياسية وراء قراره، وذلك بعد أن صرح علناً أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، على الرغم من طلبات بن غفير بذلك. وفي بيان بثه التلفزيون، قال إيشد إن «المستوى الوزاري» كان يتدخل بشكل صارخ في عملية اتخاذ القرار المهني.

ولم يرد مكتب بن غفير علناً على تعليقات إيشد. وكانت المحكمة العليا قد أمرت بن غفير بالتوقف عن إعطاء تعليمات للشرطة حول كيفية استخدام القوة للسيطرة على الاحتجاجات في العام الماضي، قبل أن تعاود الأمر في يناير (كانون الثاني).

وقال قادة الشرطة الأربعة السابقون الذين تحدثوا إلى «رويترز»، إن ثمة تغييراً طرأ على عمل الشرطة تحت قيادة بن غفير. وأوضحوا أن الدليل على ذلك هو عدم تنفيذ الشرطة أي اعتقالات عندما اقتحم متظاهرون من اليمين مجمعين عسكريين في يوليو، بعد وصول محققين لاستجواب جنود في اتهامات بإساءة معاملة سجين فلسطيني.

وعلى النقيض من ذلك، اتخذت الشرطة إجراءات صارمة في مواجهة المظاهرات المناهضة للحكومة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في يونيو (حزيران) أن 110 أشخاص قُبض عليهم في إحدى ليالي الاحتجاجات، وهو رقم قياسي، ولم توجّه اتهامات إلا إلى شخص واحد منهم.

وقالت الشرطة، رداً على الانتقادات الموجهة إليها باعتقال أعداد كبيرة، إن سلوك بعض المتظاهرين اتسم بالعنف خلال الاحتجاجات، ومنهم من هاجموا قوات إنفاذ القانون وأشعلوا الحرائق.

الحرم القدسي

أدت تعيينات في مناصب عليا في الأشهر القليلة الماضية إلى تحول في قيادة الشرطة، فبعد أن وافقت الحكومة في أغسطس (آب) على مرشحه لمنصب مفوض الشرطة، دانييل ليفي، قال بن غفير إن المفوض الجديد سوف يتبع «أجندة صهيونية ويهودية»، ويقود الشرطة «وفقاً للسياسة التي وضعتها له».

ويشكل العرب ما يزيد قليلاً على 20 في المائة من سكان إسرائيل، ويتعرضون لمعدلات أعلى بكثير من جرائم العنف. ولم يحضر بن غفير ولا ليفي اجتماعاً دعا إليه نتنياهو في سبتمبر لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع العربي بإسرائيل.

وخفف أمير أرزاني، الذي تم تعيينه قائداً لشرطة القدس في فترة تولي بن غفير منصبه، قيود الوصول إلى المسجد الأقصى، في مكان يطلق عليه اليهود اسم جبل المعبد، وهو أحد أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط.

وقال أحد كبار المسؤولين سابقاً عن إنفاذ القانون في القدس لـ«رويترز»، إنه في السابق عندما كان يحاول الوزراء الوصول إلى الحرم القدسي لممارسة الطقوس اليهودية كان كبار الضباط يطلبون تصريحاً من وزارة العدل لاعتقالهم على أساس أن ذلك يشكل تهديداً للأمن الوطني.

وصعد بن غفير إلى الحرم القدسي عدة مرات منذ توليه منصبه دون أن يوقفه رجال الشرطة.

وقالت شرطة إسرائيل، في بيان، رداً على أسئلة من «رويترز» بشأن الإرشادات، إن أعضاء الكنيست يمكنهم طلب الوصول إلى الحرم القدسي عبر (حرس الكنيست)، وإن الموافقة تعتمد على تقييم أمني يجري في وقت قريب من موعد الزيارة المطلوبة.

وقال أحد المسؤولين السابقين، الذي خدم في فترة بن غفير وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة لمنصبه السابق، إن بن غفير لم يُمنع من الوصول إلى الحرم القدسي، حيث عُدّ أنه لا يشكل تهديداً.

أضرار طويلة الأمد

قال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث ذو توجه محافظ مقره القدس، إن الأمر الذي أصدرته المحكمة العليا لرئيس الوزراء بإقالة الوزير قد ينطوي على تجاوز لحدود السلطة القضائية.

وأضاف: «إذا لم يكن لرئيس الوزراء الاختيار بشأن الوزراء الذين يعينهم أو يقيلهم فهو ليس رئيساً للوزراء، بل مجرد دمية في يد المحاكم». وأضاف أن المدعية العامة لم تحدد قوانين بعينها انتهكها بن غفير.

وطعنت (الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل)، وهي حملة تهدف إلى تعزيز معايير الديمقراطية، على قانون الشرطة لعام 2022 أمام المحكمة العليا.

وقال أوري هيس، المحامي في الحركة، إن القانون أعطى بن غفير سلطة خطيرة للتدخل في السياسة الإسرائيلية؛ لأنه يستطيع استخدام الشرطة لقمع المشاعر المناهضة للحكومة.

وذكر يوآف سيغالوفيتش، وهو عضو في الكنيست عن حزب معارض وضابط إنفاذ قانون سابق ترأس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، إن التغييرات التي أجراها بن غفير يحتمل أن تسبب أضراراً لا رجعة فيها، وقد يستغرق تصحيحها سنوات.

وقال سيغالوفيتش: «ينبغي ألا يتمتع أي سياسي بسلطة على كيفية استخدام الشرطة؛ لأن الشرطة ليست مثل الجيش، فالشرطة تتعامل مع المواطنين؛ الشرطة تتعامل مع القضايا الأكثر حساسية».