تقرير: الصناعات الغذائية تؤثر في صياغة الإرشادات الصحية الأميركية

خبراء حكوميون يحصلون على أموال من شركات الأغذية والأدوية

تقرير: الصناعات الغذائية تؤثر في صياغة الإرشادات الصحية الأميركية
TT

تقرير: الصناعات الغذائية تؤثر في صياغة الإرشادات الصحية الأميركية

تقرير: الصناعات الغذائية تؤثر في صياغة الإرشادات الصحية الأميركية

وجد تقرير، نشرته حديثاً منظمة «U.S. Right to Know (الحق في المعرفة)» الأميركية غير الربحية، أنّ تسعة من الخبراء العشرين في اللجنة الاستشارية للمبادئ التوجيهية (الإرشادات) الغذائية لعام 2025 كان لديهم تضارب في المصالح، لعلاقتهم بصناعات الأغذية والمشروبات والأدوية أو مؤسسات فقدان الوزن في السنوات الخمس الماضية.

وقال غاري روسكين، المدير التنفيذي للمنظمة غير الربحية، إن النتائج «تؤدي إلى تأكل الثقة بالمبادئ التوجيهية الغذائية»، التي تقدّم توصيات حول كيفية اتباع الجمهور نظاماً غذائيّاً صحيّاً.

وأضاف أن المبادئ التوجيهية تُستخدم على نطاق واسع من قِبل صنّاع السياسات، لتحديد الأولويات في برامج الغذاء الفيدرالية والرعاية الصحية والتعليم، وأن الأسئلة حول تأثير الصناعة يمكن أن تضر بثقة الجمهور في أن التوصيات مبنية على العلم بدلاً من أن تعكس مصالح الشركات.

أخطبوط تمويل الشركات الغذائية والدوائية

ما الذي وجده التقرير الجديد؟ بالنسبة إلى التقرير، بحث روسكين وزملاؤه في السجلات المتاحة للجمهور وحددوا العلاقات المالية مع مجموعات الصناعة وشركات الأغذية والأدوية الهادفة إلى الربح، وشملت تلك العلاقات تمويل الأبحاث من شركات حليب الأطفال، ومركز تغذية البيض الأميركي، ولجنة الجوز في كاليفورنيا، والحصول على مناصب استشارية مدفوعة الأجر لدى الشركات التي تصنع أدوية إنقاص الوزن، والمجلس الاستشاري في «WeightWatchers»، والمجلس الوطني للألبان.

على سبيل المثال، تلقّى أحد أعضاء اللجنة منحة قدرها 240 ألف دولار من شركة «إيلي ليلي»، وهي واحدة من كبرى الشركات المصنعة للإنسولين، للبحث عن طرق أفضل لمرضى السكري لإدارة نسبة السكر في الدم من خلال وجباتهم الغذائية.

وقالت ماريون نستله، الأستاذة الفخرية في التغذية ودراسات الأغذية والصحة العامة لدى جامعة نيويورك، التي عملت في لجنة عام 1995، وهي من الشخصيات التي تكرر انتقاداتها للمبادئ التوجيهية، إن أعضاء اللجنة الحاليين لديهم علاقات صناعية أقل بكثير من تلك التي كانت في السنوات الماضية، وذلك لتعيين وزارتي الزراعة، والصحة والخدمات الإنسانية الأميركيتين، اللتين تراجعان المبادئ التوجيهية الغذائية بصورة مشتركة كل خمس سنوات، أعضاء اللجنة الحاليين.

تضارب مصالح الخبراء يؤدي إلى التحيز

لماذا يشكّل تضارب المصالح مصدر قلق؟ قالت نستله إنه عندما يتلقى أعضاء اللجنة تمويلاً من مجموعات أو منظمات صناعية معينة فإن ذلك يثير القلق من احتمال تحيّزهم تجاههم، مضيفة: «جزء من المشكلة أن التأثير غير واعٍ». وأشارت إلى أن «أولئك الناس لا يدركون ذلك»، وكثيراً ما ينكرونه.

من جهته، قال روسكين إنه حتى لو لم تؤثر مثل هذه العلاقات في الخبراء فإنها يمكن أن تخلق المظهر الذي تفعله، وهو ما يمكن أن يثير الشك حول مدى استقلالية توصيات اللجنة فعليّاً.

وقال كريستوفر غاردنر، أستاذ الطب بجامعة ستانفورد والعضو الحالي في لجنة المبادئ التوجيهية الغذائية، إنه سيكون من الصعب العثور على عدد كافٍ من خبراء التغذية للجنة المكونة من 20 عضواً لم يحصلوا على أموال من المجموعات الصناعية. وأضاف أن التمويل الفيدرالي لأبحاث التغذية محدود، والكثير من الباحثين يقبلون المنح الصناعية للدراسات البحثية حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بوظائفهم في الأوساط الأكاديمية.

وكان تقرير منظمة «الحق في المعرفة» وجد تضارباً كبيراً في المصالح بالنسبة إلى غاردنر، إذ وجد أنه تسلم منحة بحثية من شركة «Beyond Meat»، التي تصنع بدائل اللحوم النباتية. وعلى الرغم من هذا الصراع قال غاردنر إنه يعتقد أنه يمكن أن يظل موضوعيّاً في واجباته لدى لجنته، التي ستشمل مراجعة العلاقة بين ما يأكله الناس وخطر الإصابة بأمراض مختلفة.

تجاهل توصيات الخبراء

وحتى مع وجود صراعات كبيرة بين أعضاء اللجنة الاستشارية للمبادئ التوجيهية الغذائية لعام 2020، قالت نستله إنهم قاموا «بعمل جيد جداً» في تقييم الأدلة. ومع ذلك، لا يزال من الممكن أن يتسلل تأثير الصناعة في وقت لاحق من جراء هذه العملية، كما قالت، عندما تُعِد وزارتا الزراعة، والصحة والخدمات الإنسانية الأميركيتان، المبادئ التوجيهية النهائية، بناءً على نصيحة اللجنة.

على سبيل المثال، تجاهلت المبادئ التوجيهية لعام 2020 توصية اللجنة بفرض قيود أكثر صرامة على السكر والكحول، وحذفت طبعة عام 2015 نصيحة اللجنة بشأن الحد من استهلاك اللحوم الحمراء والمصنّعة بعد ضغوط مكثفة من قِبل صناعة اللحوم.

لماذا تُعدّ الإرشادات الغذائية مهمة؟

تؤثر المبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين في السياسات الفيدرالية والبرامج الغذائية وتوجيهات الأطباء وكيفية تدريس التغذية في المدارس. كما أنها تُستخدم لتخطيط الوجبات الغذائية في المدارس والجيش والسجون والمستشفيات.

وقالت نستله: «لا يمكنك المبالغة في تقدير مدى أهميتها». وتقيّم اللجنة البحث بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك الآثار الصحية للأطعمة فائقة المعالجة، التي تشمل معظم الأطعمة والمشروبات المعبّأة. وهذا موضوع قالت نستله إنها ستتابعه باهتمام، نظراً إلى مخاوفها من أن الأطعمة تضر بصحة الناس.

 

* خدمة «نيويورك تايمز»

حقائق

9 من 20

 خبيرا في اللجنة الاستشارية للمبادئ التوجيهية الغذائية الأميركية لعام 2025 رُصد لديهم تضارب في المصالح


مقالات ذات صلة

علاج فوري للصداع النصفي يثبت فعاليته

صحتك الصداع النصفي هو اضطراب عصبي شائع يتميز بنوبات متكررة من الصداع الشديد (جامعة كاليفورنيا)

علاج فوري للصداع النصفي يثبت فعاليته

أكدت دراسة أميركية أن دواءً معتمداً للوقاية من الصداع النصفي يمكن أن يبدأ مفعوله فور تناوله.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك تحديد وقت محدد لتمارينك سيساعدك على زيادة كثافتك وتركيزك (أرشيفية - رويترز)

4 ممارسات تساعدك على فقدان الوزن دون الذهاب لصالة الألعاب الرياضية

نصح مدرب لياقة بدنية بأن هناك أربع ممارسات سهلة يمكنك إجراؤها في يومك من أجل الحفاظ على حرق السعرات الحرارية لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تمكن العلماء أخيراً من تحديد الحد الأقصى لسرعة التفكير (رويترز)

ما مدى سرعة تفكيرنا؟ علماء يجيبون

تمكن العلماء أخيراً من تحديد الحد الأقصى لسرعة الدماغ في معالجة الفكر البشري، في تقدم يكشف سبب عدم قدرة أدمغتنا على معالجة العديد من الأفكار في وقت واحد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال
TT

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال

عندما اكتشفت ماري كلير كينغ، أول جين على صلة بسرطان الثدي الوراثي عام 1990، تعيّن عليها اختيار اسم له. وبالفعل، استقرت على أربعة حروف «بي آر سي إيه» (BRCA)، وهو الاسم الذي حمل ثلاثة معانٍ مميزة. وجاء اختيار هذا الاسم تكريماً لجامعة «كاليفورنيا» ببيركلي؛ حيث كانت تعمل كينغ آنذاك. الأهم من ذلك، حمل الاسم إشارة إلى بول باروكا، الطبيب الفرنسي الذي عاش في القرن الـ19، والذي أقرّت أبحاثه وجود صلة بين التاريخ الصحي العائلي والإصابة بسرطان الثدي. كما حمل الاسم الجديد اختصاراً لمرض سرطان الثدي «breast cancer».

جينات سرطان الثدي

في غضون سنوات قليلة من اكتشاف كينغ «BRCA1»، جرى اكتشاف جين آخر «BRCA2». واليوم، نال هذان الجينان شهرة ربما تفوق أي جين آخر، وتعزّزت صورتهما عبر أبحاث كشفت عن تأثيرات هائلة لهما على خطر الإصابة بالسرطان. وأعقب ذلك إطلاق حملات توعية بخصوص الجينين.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2013، كشفت الممثلة أنجلينا جولي خضوعها لعملية استئصال الثديين الوقائية، بسبب طفرة جين «BRCA» لديها، مما دفع الكثير من النساء إلى إجراء اختبارات حمض نووي.

وبالفعل، أصبح جينا «BRCA» على صلة وثيقة بالثديين، بقدر ما أصبحت الشرائط الوردية رمزاً دولياً لسرطان الثدي. ومع تحفيز المزيد من النساء نحو محاولة اكتشاف ما إذا كان لديهن طفرات «BRCA»، ساعد ذلك بدرجة هائلة في تقليص مخاطر الإصابة بسرطان الثدي الوراثي.

طفرات سرطانية

ومع ذلك، على مدار العقود الثلاثة منذ اكتشاف الجينين، تعلّم العلماء كذلك أن طفرات «BRCA» يمكن أن تسبّب الإصابة بالسرطان في المبايض والبنكرياس والبروستاتا. وفي الآونة الأخيرة، جرى الربط بين هذه الطفرات وظهور السرطان بأجزاء أخرى من الجسم، مثل: المريء، والمعدة، والجلد.

وتشير تقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 في المائة من الرجال الذين لديهم تغيرات في جين «BRCA2»، يُصابون بسرطان البروستاتا. ومع ذلك، نجد أن الرجال أقل وعياً عن النساء بفكرة أن طفرات جين «BRCA» يمكن أن تؤثر فيهم.

وفي حديث دار بيني وبين كولين بريتشارد، بروفسور الطب المخبري وعلم الأمراض بجامعة «واشنطن»، قال: «إنها مشكلة تتعلّق بالصورة العامة»، مشيراً إلى أن الرجال الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي، ربما لا يدركون أن من الضروري خضوعهم للفحص. كما يفتقر الأطباء إلى الوعي اللازم بخصوص الرجال الذين يجب أن يخضعوا للفحص، وطبيعة الخطوات التي يجب اتخاذها عند اكتشاف طفرة.

واليوم، يعمل بريتشارد وباحثون آخرون على إعادة تسمية جين «BRCA»، والمتلازمة المرتبطة به، بهدف دفع المزيد من الرجال إلى إجراء الاختبار اللازم.

في العادة، تنتج جينات «BRCA» بروتينات تساعد في إصلاح الحمض النووي التالف في جميع أنحاء الجسم. ويجري تشخيص معظم الأشخاص الذين يحملون طفرات تضعف وظيفة الجين، بمتلازمة سرطان الثدي والمبيض الوراثي. (يعني وجود عرض سرطان الثدي والمبيض الوراثي، أن الشخص معرّض لخطر متزايد للإصابة بالسرطان، وليس أنه مصاب بالفعل بالمرض).

واللافت أنه لا يوجد رابط وراثي معروف فيما يتعلّق بمعظم حالات سرطان الثدي، ومع ذلك فإن أكثر من 60 في المائة من النساء المصابات بطفرة ضارة في «BRCA1» أو «BRCA2»، يتعرّضن للإصابة بسرطان الثدي، مقارنة بنحو 13 في المائة من السكان الإناث على نطاق أوسع.

سرطانا البروستاتا والبنكرياس

وبطبيعة الحال، يمكن أن يُصاب الرجال بسرطان الثدي كذلك، لكن يبقى ها الأمر نادر الحدوث، حتى بين حاملي طفرة «BRCA».

يُذكر أنه لم تتضح بعد الأهمية الكاملة للرابط بين طفرات «BRCA» وسرطاني البنكرياس والبروستاتا حتى وقت قريب فقط. ربما العقد الماضي، حسبما أفاد بريتشارد. وتبعاً للدراسات القائمة، ثمة تنوّع كبير في المخاطر المحددة الناجمة عن هذه الطفرات المتعلقة بالرجال. ومع ذلك، يبقى أمر واحد شديد الوضوح: الرجال الذين يحملون طفرات «BRCA» ليسوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان البروستاتا فحسب، بل يواجهون كذلك خطر الإصابة بصور أكثر عدوانية من المرض.

وبحسب الإحصاءات، فإن نحو واحد من كل 400 شخص يحمل طفرة ضارة في «BRCA1» أو «BRCA2»، ونصفهم من الرجال. ومع ذلك، تبقى النساء أكثر احتمالاً بكثير لأن يتعرّضن لوجود طفرة؛ بمعدل يصل إلى 10 أضعاف، حسب إحدى الدراسات.

وتكشف الإحصاءات عن أن نصف الأميركيين فقط يخضعون لفحص جسدي سنوياً، ولا يدرك الأطباء دوماً ضرورة أن يوصوا بأن يخضع الرجال لاختبار «BRCA». ويبلّغ الكثير من الرجال الذين لا يخوضون اختبار طفرة «BRCA» عن إجرائهم الاختبار ذاته لبناتهم، وأظهرت دراسات أنهم يميلون إلى الشعور بالارتباك تجاه مخاطر إصابتهم بالسرطان أنفسهم. وبفضل حملات التوعية بخصوص جين «BRCA»، أقبلت الكثير من النساء على إجراء الاختبار. على سبيل المثال، في غضون الأسبوعين التاليين لظهور مقال أنجلينا جولي الذي انتشر على نطاق واسع، رصد الباحثون ارتفاعاً بنسبة 65% في معدلات إجراء اختبار «BRCA». وفي هذه الحالة، قد يخضع عدد من الأشخاص للاختبار أكثر من اللازم. ومع ذلك، فإنه بوجه عام، ساعد ارتفاع فحوصات السرطان والتدخلات الجراحية الاختيارية في تقليل معدلات الوفيات بسبب سرطان الثدي والمبيض.

التوعية بالمخاطر

ويمكن أن يؤدي نشر الوعي حول ارتباط الجينات بأنواع أخرى من السرطان إلى الأمر نفسه بين الرجال. وسعياً لتحقيق هذه الغاية، عبّر بريتشارد في تعليق له نشرته دورية «نيتشر» عام 2019، عن اعتقاده ضرورة إعادة تسمية سرطان الثدي والمبيض الوراثي «متلازمة كينغ»، تيمناً بماري كلير كينغ.

*«ذي أتلانتيك أونلاين»

- خدمات «تريبيون ميديا».