«حزب الله» للفصائل الفلسطينية: سلاحنا وصواريخنا معكم

سياج موقع عسكري إسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ب)
سياج موقع عسكري إسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ب)
TT

«حزب الله» للفصائل الفلسطينية: سلاحنا وصواريخنا معكم

سياج موقع عسكري إسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ب)
سياج موقع عسكري إسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ب)

لا يزال اللبنانيون يترقبون بقلق وحذر إمكانية تدهور الأوضاع جنوباً، وإمكانية جرهم للحرب المندلعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فبينما قرأ البعض بالضربات التي وجهها «حزب الله»، الأحد، لمواقع عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، ورد تل أبيب المحدود عليها أنه قرار من قبل الطرفين بالالتزام بقواعد الاشتباك المعمول بها منذ عام 2006 وبعدم التصعيد، لا يستبعد آخرون حال صدور قرار إيراني بأن يُقدم الحزب على توسيع مناطق العمليات العسكرية والانخراط كلياً في حرب واسعة.

وتوجّه رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين إلى الفصائل الفلسطينية الأحد قائلاً: «سلاحنا وصواريخنا معكم».

وخلال وقفة تضامنية مع عزة، أضاف: «لسنا على الحياد في المعركة التي تدور حالياً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ويجب أن يتمعّن الإسرائيلي جيدًا برسالة الصواريخ صباح اليوم». وقال إن قصف أهداف إسرائيلية في مزارع شبعا، صباح الأحد، هو «رسالة يجب أن يتمعن بها الإسرائيليون جيداً». ووجّه صفي الدين حديثه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلاً: «عليه أن يعرف أن هذه المعركة ليست معركة أهل غزة والضفة فقط»، وتابع: «ونحن في هذه المعركة لسنا على الحياد».

ودخل «حزب الله» اللبناني، (الأحد)، على خط الحرب التي اندلعت السبت، بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، إذ أعلن أنه أطلق «أعداداً كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة» على مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا.

وردت إسرائيل بقصف مدفعي على مصادر النيران، كما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي استهداف طائرة مسيَّرة بِنْيَةً تحتية تابعة لـ«حزب الله».

وتقول مصادر مطلعة على حال «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا قرار أو مخطط بفتح جبهة الجنوب اللبناني وشن حرب على أكثر من جبهة على إسرائيل، إلا أن الاستعدادات قائمة لخوض المواجهة حال قررت تل أبيب إشعال جبهتها الشمالية».

وحدة الساحات

ويرى الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية العميد المتقاعد خليل الحلو أن تحريك «حزب الله» جبهة الجنوب «هي على المستوى الاستراتيجي تجسيد لوحدة الساحات بالنسبة لحلفاء إيران؛ أي أن غزة - لبنان - الضفة الغربية وسوريا بالنسبة لهم ساحة واحدة»، لافتاً إلى أن «قرار استهداف مزارع شبعا بالتحديد؛ لأن الحزب يرى أنها غير مشمولة بالقرار 1701 وهي أراضٍ لبنانية، وباستهدافها يكون قد حافظ على قواعد الاشتباك السابقة وإن كان الجديد بالموضوع هو استهدافه مراكز عسكرية إسرائيلية والرد باستهداف خيمة للحزب».

ويرى الحلو في تصريح إلى «الشرق الأوسط» أن الحزب ومن خلال تحريك جبهة الجنوب وجّه رسائل عدة: الأولى لجمهوره ومفادها نحن هنا، والثانية لحركة «حماس» ومفادها أننا جاهزون، والرسالة الثالثة لإيران وتقول: لقد مولتمونا وساعدتمونا وفي ساعة الحقيقة نحن مستعدون للقيام بواجبنا. أما الرسالة التي وجّهها الحزب لإسرائيل ووُجَّهت عبر قنوات معتمدة مفادها أنه في حال قامت إسرائيل بغزو بري لغزة فهو سيفتح جبهة لبنان. ويضيف الحلو: «لا شك أن الحزب غير متحمس للحرب، لكنه غير قادر على التخلي عن حلفائه ومركز القرار في نهاية المطاف في طهران لا في بيروت. وبالتالي في حال خضع الحزب لضغط إيراني أجبره على الدخول في الحرب سيدخل وإن كان غير راغب بها».

هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» اللبناني (رويترز)

قواعد الاشتباك

ورغم اعتقاده أنه في الحروب الأمور قد تتدحرج بشكل مفاجئ وغير محسوب، فإن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر يرجح أن يبقى أي تطور جنوباً ضمن قواعد الاشتباك، لافتاً إلى أن ما حدث ويحدث جنوباً يندرج بإطار التضامن المحدود مع «حماس». ويشدد جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «لا مصلحة لا لـ(حزب الله)، ولا لإسرائيل بفتح جبهة الجنوب اللبناني». فتل أبيب وبعد تطورات الداخل بات محسوماً أنها غير قادرة عسكرياً على التصدي على أكثر من جبهة، كما أن «حزب الله» غير مستعد للحرب لعلمه أن الداخل اللبناني لا يسانده إطلاقاً بقرار إطلاق أي معركة أو حرب، أضف أنه لا لإسرائيل ولا للحزب مصلحة بوقف استخراج النفط والغاز».

نوع من التضامن

ومن جهته، يشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان إلى أن تحريك «حزب الله» جبهة الجنوب وإن كان بشكل محدود، «هو لإظهار نوع من أنواع التضامن مع غزة من دون مخالفة قواعد الاشتباك، حتى إنه من غير المستبعد أن يكون الحزب قد أبلغ «اليونيفل» بأنه سيطلق عدداً من القذائف، ولا يريد التصعيد، وقد ردت عليه إسرائيل بالمثل بشكل موزون ومدروس». ويرى خشان أن «(حزب الله) محرج على أساس أن قدراته العسكرية تفوق «حماس» بأضعاف مضاعفة، كما أنه مضطر للرد على من يسأله عن سبب عدم استفادته من الظرف الحالي لتحرير تلال كفرشوبا ومزارع شبعا»، مضيفاً: «لا شك أنه قادر على استردادها، لكن الخشية من ردة فعل قاسية لإسرائيل». ويرى أن «(حزب الله) غير مَعنيّ اليوم بحرب مفتوحة مع إسرائيل ستدمر إنجازاته خلال 30 سنة وأبرزها نجاحه بحكم لبنان».

رسالة تحذيرية

أما الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير فيرى أن «(حزب الله) ومن خلال استهدافه مواقع عسكرية في مزارع شبعا يريد التأكيد أنه جاهز للمشاركة في المعركة، وما جرى هو رسالة تحذيرية للعدو مفادها أن استمرار الصراع في غزة لن يبقى منفصلاً عن بقية الجبهات، وأن جبهة الجنوب قد تشتعل». ويضيف قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «حالياً الرد كان محدوداً، ورد الإسرائيلي محدود، لكن كل الاحتمالات واردة، وهذا مرتبط بالصراع في غزة وفلسطين. فإذا تطورت الأمور فكل الاحتمالات عندها واردة».


مقالات ذات صلة

مصر تتمسك بضرورة انسحاب إسرائيل من معبر رفح قبل تشغيله

العالم العربي معبر رفح البري من الجانب المصري (رويترز)

مصر تتمسك بضرورة انسحاب إسرائيل من معبر رفح قبل تشغيله

ذكرت قناة «القاهرة الإخبارية» نقلاً عن مصدر رفيع المستوى قوله إن الاجتماع الثلاثي بالقاهرة الذي ضم الوفد الأمني المصري والأميركي والإسرائيلي قد انتهى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ليل الجمعة في بلدة عدلون (أ.ب)

الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين يثير مخاوف لبنانية

أدت الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة إلى مقتل 10 مدنيين خلال أسبوع واحد، بينهم مزارعان، يوم الأحد.

نذير رضا (بيروت)
شؤون إقليمية فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في القصف الإسرائيلي على مستشفى «المعمداني» (أ.ب)

إلى أين وصلت التحقيقات التي تجريها إسرائيل عن نفسها؟

خلال 8 أشهر من الحرب في قطاع غزة، تعهدت إسرائيل بالتحقيق في سلسلة من الأحداث القاتلة المتهمة فيها قواتها العسكرية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية قاعدة "تل هشومير" العسكرية (وسائل إعلام إسرائيلية)

جندي إسرائيلي سابق يلقي جسماً متفجراً على مكتب وزارة الدفاع بقاعدة «تل هشومير»

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، اليوم الأحد، إن جندياً سابقاً معاقاً بالجيش الإسرائيلي ألقى جسماً متفجراً على مكتب وزارة الدفاع بقاعدة «تل هشومير»، وسط إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

«حزب الله» يستهدف الجولان بمسيّرات... وقتيلان بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان

أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، الأحد، بمقتل شخصين جراء غارة إسرائيلية على بلدة حولا في جنوب لبنان. وقالت الوكالة إن الغارة استهدفت منزل القتيلين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مساعٍ أميركية لـ«تقريب المسافات» بين مصر وإسرائيل بشأن معبر رفح

معبر رفح (رويترز)
معبر رفح (رويترز)
TT

مساعٍ أميركية لـ«تقريب المسافات» بين مصر وإسرائيل بشأن معبر رفح

معبر رفح (رويترز)
معبر رفح (رويترز)

احتضنت القاهرة اجتماعاً مصرياً أميركياً إسرائيلياً، الأحد، لبحث إعادة تشغيل معبر رفح، وسط تقديرات بأن تنجح مساعٍ أميركية في «تقريب المسافات» بين القاهرة وتل أبيب، وإنهاء الأزمة المستمرة منذ 7 مايو (أيار) الماضي.

ولم تصدر بعد مخرجات اجتماع القاهرة، غير أن مصدراً مصرياً رفيع المستوى أعلن، مساء الأحد، انتهاء الاجتماع الثلاثي الذي ضم الوفد الأمني المصري ووفدي الولايات المتحدة وإسرائيل، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء المصرية الرسمية.

وتمسكت مصر، وفق المصدر نفسه، بـ«موقفها الثابت نحو ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح؛ حتى يجري استئناف تشغيله مرة أخرى». كما تَمَسَّكَ الوفد المصري أيضاً بـ«ضرورة العمل الفوري لإدخال ما لا يقل عن 350 شاحنة مساعدات للقطاع يومياً، تشمل كل المواد اللازمة»، على حد قول المصدر.

وجاء الاجتماع في سياق إعلان الرئاسة المصرية في 25 مايو الماضي، عن اتفاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي، على «دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي)، بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني».

وبينما تتسارع التحركات لوضع نهاية لتوتر مستمر منذ أسابيع، ترى دبلوماسية سابقة وبرلماني وخبير عسكري، في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط»، أن تَمَسُّكَ مصر بموقفها الرافض للوجود الإسرائيلي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح «قانوني وعادل»، متوقعين أن تلجأ الأطراف الثلاثة لـ«حل وسط» يتمثل في تفعيل اتفاق المعابر لعام 2005، الذي ينص على إدارة فلسطينية برقابة أوروبية.

ويعتقد المتحدثون أن «إسرائيل قد تناور خلال المناقشات، لكن الضغوط الأميركية كفيلة بدفعها لقبول مطلب مصر»، غير أن «العقدة ستكون في شكل الإدارة الفلسطينية لمعبر رفح، في ظل رفض أميركي إسرائيلي لعودة (حماس) لإدارة المعبر التي تسلمتها في 2007».

وشهدت الفترة الأخيرة سيناريوهات مطروحة لإدارة المعبر؛ منها محادثات أميركية مع منظمة أوروبية لتولي الإدارة، وفق ما نقلته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية في وقت سابق، عن مسؤول بالبيت الأبيض. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قبل أسابيع عن أن شركة أمن أميركية خاصة ستتولى الإدارة، مقابل «تمسُّك مصري بإدارة فلسطينية للمعبر».

يعد معبر رفح الذي احتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو الماضي، شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وخروج المسافرين والمصابين منه.

حل وسط وعقدة

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة هاجر الإسلامبولي، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف القاهرة «لن يقبل بمنح تل أبيب نفوذاً على حدودها، ومن ثم سيبقى موقفها القانوني واضحاً بالعودة لحل وسط هو اتفاق المعابر»، وتعتقد أن «واشنطن قادرة على تقريب المسافات بين القاهرة وتل أبيب، خصوصاً أن بايدن لديه انتخابات وشيكة»، غير أن «العقدة ستكون في رفض أميركا وإسرائيل عودة (حماس) لإدارة المعبر وسط طروحات غير قابلة للتطبيق مثل نشر قوة عربية أو العشائر الفلسطينية»، وتستبعد أن «تقبل القاهرة وجود شركة أميركية في إدارة المعبر في الوقت الحالي»، بل ترجح أن «تكون صيغة عودة البعثة الأوروبية للمعبر حلاً وسطاً يخرج به الاجتماع»، مؤكدة أن «أي نجاح للاجتماع سيفتح الباب لنجاح مفاوضات هدنة غزة المرتقبة».

موقف عادل

النائب مجدي عاشور، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، يؤكد في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «الموقف المصري عادل، ويسعى لعدم شرعنة احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني منه».

ويرجح النائب المصري أن الجانبين الأميركي والإسرائيلي «طرحا التصورات التي أثيرت مؤخراً بالإعلام الأميركي مثل إدارة شركة أميركية للمعبر، أو عودة بعثة الاتحاد الأوروبي»، قبل أن يستدرك: «لكن الموقف المصري صلب وعادل، ويتمثل في انسحاب إسرائيلي من الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهذا في حد ذاته التزام باتفاقية المعابر 2005، أو باتفاقية السلام التي تمنع أي وجود إسرائيلي بهذه المنطقة تماماً».

وسيكون ذلك الاجتماع ومخرجاته جزءاً من ورقة المفاوضات المحتملة بشأن هدنة غزة، وفق النائب المصري، الذي توقع أن «تكون هناك ضغوط أميركية على إسرائيل للاستجابة للمطلب المصري بفتح المعبر، واستئناف عبور المساعدات، تنفيذاً لاتفاق الرئيس المصري ونظيره بايدن، عندما أشارا لبحث آلية قانونية لفتح معبر رفح».

مواقف متشددة

في المقابل، لا يعول الخبير العسكري المصري اللواء نصر سالم، مستشار «أكاديمية ناصر العسكرية العليا» بمصر، في حديث مع «الشرق الأوسط» على الضغوط الأميركية على تل أبيب، مرجحاً أن «يكون الاجتماع قد شهد مواقف إسرائيلية متشددة».

وتَوَقَّعَ الخبير العسكري المصري أن تكون واشنطن وتل أبيب قد طرحتا عروضهما لإدارة المعبر، وربما يكون من بينها قوة حفظ السلام الموجودة أو غيرها، مرجحاً أن «تكون نتائج الاجتماع جزءاً من مسار مفاوضات هدنة غزة الذي اقترحه بايدن».

ورغم ذلك، يعتقد الخبير المصري أن واشنطن ستكون حريصة على «تقريب وجهات النظر»، مؤكداً صحة موقف القاهرة «المتمسك بعدم وجود إسرائيلي في المعبر».