«حزب الله» يدخل على خط حرب «طوفان القدس»

استهدف مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا... ورد مدفعي باتجاه جنوب لبنان

TT

«حزب الله» يدخل على خط حرب «طوفان القدس»

عناصر من الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

شهدت الحدود اللبنانية الجنوبية توتراً صباح الأحد مع دخول «حزب الله» على خط معركة «طوفان الأقصى»، عبر إطلاقه قذائف وصواريخ على مواقع إسرائيلية، مما أدى إلى رد إسرائيلي على مناطق غير مأهولة وخيمة أقامها الحزب عند الحدود منذ أشهر. وأدى القصف إلى إصابة طفلين لبنانيين في المنطقة بشظايا الزجاج، فيما تصاعدت ردود فعل دولية داعية إلى التهدئة وضبط النفس.

وتسيطر إسرائيل منذ عام 1967 على مزارع شبعا، التي تبلغ مساحتها 39 كيلومتراً مربعاً. وتقول سوريا ولبنان إن مزارع شبعا لبنانية.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» (اللبنانية الرسمية) بأن دوي انفجارات ضخمة ترددت في أنحاء قرى العرقوب وحاصبيا منذ الصباح الباكر، ناتجة عن تعرض مراكز (للقوات الإسرائيلية) في رويسات العلم وموقع الرادار لقصف مدفعي عنيف، مشيرة إلى قصف إسرائيلي استهدف المناطق اللبنانية. ولفتت إلى ترافق ذلك مع خرق طائرة استطلاع إسرائيلية الأجواء اللبنانية فوق مزارع شبعا، ونفذت طلعات استكشافية فوق العرقوب وحاصبيا.

بيان «حزب الله»

وأعلن «حزب الله»، الذي سبق أن أكد أنه «على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج»، عن مسؤوليته عن القصف. وقال في بيان بأنّه «تضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر، قامت مجموعات الشهيد القائد عماد مغنية في المقاومة الإسلامية صباحاً بالهجوم على ثلاثة مواقع، هي موقع الرادار وزبدين ورويسات العلم، بأعداد كبيرة من القذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة».

إسرائيل والسيناريوهات

جنود إسرائيليون في أحد منازل مستعمرة المطلة عند الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ قصفاً مدفعياً على جنوب لبنان، رداً على إطلاق نار من المنطقة. وقال في بيان إن «المدفعية الإسرائيلية قصفت المنطقة التي جاء منها إطلاق نار في لبنان»، مشيراً إلى أن «إحدى طائراته المسيَّرة قصفت موقعاً تابعاً لـ«حزب الله» في منطقة جبل روس (التي تسميها إسرائيل هار دوف) في مزارع شبعا».

بدوره، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الأحد، إن قوات المدفعية قصفت منطقة لبنانية أُطلق منها النار باتجاه الأراضي الإسرائيلية. وأضاف في تغريدة على منصة «إكس»، أن الجيش على استعداد لمواجهة «جميع السيناريوهات»، وسيواصل حماية أمن سكان إسرائيل.

وقال أدرعي في وقت لاحق: «رداً على الاعتداء الصاروخي من لبنان، قامت طائرة مسيَّرة لجيش الدفاع بقصف بنية تحتية تابعة لـ«حزب الله» الإرهابي في منطقة جبل روس (هار دوف)».

هدوء حذر

جنود إسرائيليون في أحد منازل مستعمرة المطلة عند الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)

وبعد ذلك، شهدت المنطقة هدوءاً حذراً لساعات قليلة قبل أن يتجدد القصف الإسرائيلي، إثر إطلاق صاروخين من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا، وفق «الوكالة الوطنية». وأشارت إلى أن «طفلين أصيبا في كفرشوبا بجروح بمختلف أنحاء جسدهما، بسبب شظايا الزجاج المبعثر من جرَّاء القصف الإسرائيلي على البلدة، وتم نقلهما إلى مستشفى مرجعيون الحكومي للمعالجة».

وفي وقت لاحق أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأنّ الجيش الإسرائيلي نشر جنوداً ودبابات على الحدود مع لبنان، فيما أعلن تلفزيون آي 24 الإسرائيلي أن إسرائيل نصحت سكان المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية بإخلاء منازلهم وسط مخاوف من التصعيد مع «حزب الله».

ومن ضمن إجراءات الاستنفار الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، دخول جنود إلى منازل المستوطنين المحاذية للشريط الحدودي. ورصدت كاميرا «الشرق الأوسط» جنوداً داخل بعض المنازل في مستعمرة المطلة.

«يونيفيل» لضبط النفس

وبعدما كانت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أعلنت يوم السبت أنها عززت وجودها في الجنوب، أعلن الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، أنه «في وقت مبكر من صباح الأحد، عن رصد جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل إطلاق عدة صواريخ من جنوب شرقي لبنان باتجاه الأراضي التي تحتلها إسرائيل في منطقة كفر شوبا، وإطلاق نار مدفعي من إسرائيل على لبنان رداً على ذلك». وقال: «نحن على اتصال مع السلطات على جانبي الخط الأزرق، على جميع المستويات، لاحتواء الوضع وتجنب تصعيد أكثر خطورة»، مؤكداً أن «حفظة السلام التابعين لليونيفيل يتواجدون في مواقعهم ويقومون بمهامهم ويواصلون العمل، بما في ذلك من الملاجئ حفاظاً على سلامتهم».

وحض في الوقت نفسه «الجميع على ممارسة ضبط النفس والاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها لليونيفيل لخفض التصعيد ومنع التدهور السريع للوضع الأمني».

من جهتها، طالبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا بالتزام تطبيق القرار 1701 حماية للبنان ولشعبه. وكتبت على صفحتها عل منصة «إكس» قائلة: «أشعر بقلق بالغ إزاء تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق هذا الصباح»، وأكدت: «من المهم أكثر من أي وقت مضى الالتزام بوقف الأعمال العدائية والتطبيق الكامل للقرار 1701، لحماية لبنان وشعبه من المزيد من التصعيد».

ولفتت في المقابل إلى أن «مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيواصل، بالتنسيق مع اليونيفيل، بذل كل ما في وسعه ودعم الجهود الرامية إلى حماية أمن لبنان واستقراره».

يأتي ذلك بعد يوم من هجوم كبير شنه مقاتلو حركات فلسطينية من قطاع غزة في منطقة غلاف غزة، أسفر حتى الآن عن مقتل 300 إسرائيلي وإصابة نحو 1864. ويشن الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية على القطاع منذ ذلك الحين.

وعلَّق القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بلبنان محفوظ منور على هجوم «حزب الله» قائلاً في حديث لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «عملية لبنان صباحاً تحمل أكثر من رسالة، وجاءت لتأكيد أحقية تحرير أراضي لبنان ورداً على نتنياهو، الذي تحدث عن الجبهة الشمالية أمس»، مضيفاً: «المقاومة في جنوب لبنان هي جزء من أرض المعركة التي تجري الآن والأمور قد تتطور في أي وقت».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة وزعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

تقرير: ثغرة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي وراء الفشل في اعتراض صاروخ الحوثي

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن الفشل الأخير في اعتراض الصواريخ اليمنية التي تستهدف إسرائيل قد يكون مرتبطاً بضعف في نظام الدفاع الجوي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جندية إسرائيلية تشغّل طائرات مسيّرة (موقع الجيش الإسرائيلي)

تقرير: إسرائيل كوّنت أول وحدة قتالية للفتيات المتدينات جراء نقص الجنود

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن إسرائيل كوّنت لأول مرة وحدة قتالية للفتيات المتدينات بالكامل بها مستشارة دينية نسائية بسبب نقص الجنود المقاتلين مع تعدد الحروب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:10

ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

إصرار إسرائيل على احتلال جانب آخر من جبل الشيخ، ضمن جنيها ثمار انهيار نظام الأسد، يشير إلى «عقدة 7 أكتوبر» في تل أبيب.

نظير مجلي (تل أبيب)

قائد الإدارة الجديدة في سوريا التقى فاروق الشرع ودعاه لحوار وطني

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)
القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)
TT

قائد الإدارة الجديدة في سوريا التقى فاروق الشرع ودعاه لحوار وطني

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)
القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)

التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، اليوم الأحد، فاروق الشرع، نائبَ الرئيس السابق، والذي أُبعد عن المشهد السياسي في الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، ودعاه لحضور مؤتمر حوار وطني، وفق ما أفاد به أحد أقرباء المسؤول السابق.

وقال مروان الشرع، وهو ابن عم فاروق، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في اتصال هاتفي: «منذ الأيام الأولى لدخول أحمد الشرع إلى دمشق، زار فاروق الشرع بمكان إقامته في إحدى ضواحي دمشق، ووجّه له دعوة لحضور مؤتمر وطني سيعقد قريباً».

وأضاف: «قبِل ابن عمي الأستاذ فاروق الدعوة وبصدر رحب. وللصدفة، فإن آخر ظهور علني لابن عمي كان في (مؤتمر الحوار الوطني) بفندق (صحارى) عام 2011، وأول ظهور علني له بعد ذلك سيكون في (مؤتمر الحوار الوطني) المقبل».

نائب الرئيس وزير الخارجية السوري السابق فاروق الشرع مع الشاعر هادي دانيال (فيسبوك)

كان فاروق الشرع، على مدى أكثر من عقدين، أحد أبرز الدعامات التي رسمت السياسة الخارجية لسوريا. وشغل السياسي المخضرم منصب وزير الخارجية بدءاً من عام 1984 خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبقي فيه مع تولّي نجله بشار السلطة في عام 2000.

عُيّن نائباً لرئيس الجمهورية عام 2006، وترأس مؤتمر حوار وطني في فندق «صحارى» بدمشق عام 2011، بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات المناهضة للأسد. وأدلى الشرع خلال المؤتمر بتصريحات تنادي بتسوية سياسية للنزاع، غاب بعدها عن المشهد السياسي والأنظار لفترة طويلة.

وأوضح قريبه أن فاروق الشرع البالغ حالياً (86 عاماً)، كان «قيد الإقامة الجبرية، وسُجِن سائقه ومرافقه الشخصي بتهمة تسهيل محاولة انشقاقه (عن حكم الأسد) ولم يسمح له طوال الفترة الماضية بمغادرة دمشق».

صورة تجمع (من اليمين) فارس بويز ورفيق الحريري وفاروق الشرع وإلياس الهراوي وعبد الحليم خدام وغازي كنعان (غيتي)

وتابع: «ابن عمي بصحة جيدة ويتحضّر حالياً لإصدار كتاب عن كامل مرحلة حكم بشار منذ عام 2000 وحتى الآن».

وطرح فاروق الشرع منذ بداية الاحتجاجات أن يؤدي دور الوسيط، بعدما وجد نفسه بين شِقَّي ولائه للنظام القائم، وارتباطه بمسقط رأسه درعا (جنوب) حيث اندلعت شرارة الاحتجاجات.

غاب عن عدسات وسائل الإعلام واللقاءات الرسمية منذ عام 2011، باستثناء مرات نادرة ظهر فيها بمجالس عزاء أو خلال زيارة شخصية؛ في صور بدت مسرّبة.

وأشار مروان، الذي يقول إنه مؤرّخ نسب العائلة، إلى وجود صلة قرابة بعيدة بين أحمد وفاروق الشرع، موضحاً: «نحن عائلة واحدة في الأساس، وشقيق جدّ أحمد الشرع متزوّج من عمّة فاروق».

وكان فاروق الشرع المسؤول الوحيد الذي أخرج إلى العلن تبايناته مع مقاربة الأسد للتعامل مع الاحتجاجات.

وقال في مقابلة مع صحيفة «الأخبار» اللبنانية خلال ديسمبر (كانون الأول) 2012، إن الأسد «لا يخفي رغبته بحسم الأمور عسكرياً حتى تحقيق النصر النهائي». وأضاف: «ليس في إمكان كل المعارضات حسم المعركة عسكرياً، كما أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق حسماً».

ودعا فاروق الشرع، الذي طُرح اسمه مراراً في السابق لاحتمال تولي سدة المسؤولية خلفاً للأسد في حال التوافق على فترة انتقالية للخروج من الأزمة، إلى «تسوية تاريخية» تشمل الدول الإقليمية وأعضاء مجلس الأمن الدولي.

وأُبعد الشرع من القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في يوليو (تموز) 2013. وبعد نحو 25 عاماً في الرئاسة، انتهى حكم بشار الأسد في فجر 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي مع دخول فصائل معارضة تقودها «هيئة تحرير الشام» بزعامة أحمد الشرع، الذي كان يعرف باسم «أبو محمد الجولاني»، دمشق وفرار الرئيس.