وسط إهمال حكومي... صيادون ينقذون السلاحف من الانقراض في اليمن

السلاحف الخضراء هي النوع الأكثر شيوعاً على شواطئ المهرة في اليمن (أ.ف.ب)
السلاحف الخضراء هي النوع الأكثر شيوعاً على شواطئ المهرة في اليمن (أ.ف.ب)
TT

وسط إهمال حكومي... صيادون ينقذون السلاحف من الانقراض في اليمن

السلاحف الخضراء هي النوع الأكثر شيوعاً على شواطئ المهرة في اليمن (أ.ف.ب)
السلاحف الخضراء هي النوع الأكثر شيوعاً على شواطئ المهرة في اليمن (أ.ف.ب)

في ظل غياب السلطات الرسمية، تحرّك صيادون بسطاء للقيام بحماية السلاحف البحرية العملاقة في محافظة المهرة اليمنية من بشر يأكلون لحومها وبيضها، وكلاب تلاحق صغارها، ومهربين ينتقون أنواعاً منها لبيعها بثمن بخس خارج البلاد.

ومن هؤلاء حفيظ كلشات الذي أخذ على عاتقه مهمة حماية السلاحف المهددة بالانقراض، ويقول إن السبب وراء عمله التطوعي في حماية السلاحف في أثناء خروجها من البحر إلى الساحل لوضع بيضها هو أنها «غير قادرة على الدفاع عن نفسها».

وقال الصياد، الذي بات يُعرف في منطقته بالمراقب البيئي المتطوع، والذي يتصدى لهذه المهمة منذ عام 2012، في مقابلة مع «وكالة أنباء العالم العربي» إن «السلاحف البحرية بمجرد قلبها على قوقعتها تبات كما هي حتى تنقر الطيور عيونها وتقتلها حرارة الشمس».

ويتجول كلشات، الذي يمتهن الصيد منذ الصغر، بقاربه الخشبي الصغير في البحر والشواطئ القريبة من منزله في منطقة محيفيف في جنوب غربي مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة، ويراقب أماكن وجود السلاحف على ساحل المنطقة الذي يمتد لمسافة 18 كيلومتراً منذ خروجها من البحر بعد غروب الشمس حتى عودتها إليه مع الشروق.

ويشير إلى أنه يحمي السلاحف من البشر الذين يقبلون على ذبحها وأكل لحومها، والصيادين الذين يبيعونها، والكلاب التي تتسابق على أكل السلاحف الصغيرة، كما يعمل على حمايتها من الشباك أو أي أشياء تعرقل مسيرتها من مخلّفات الإنسان على الشاطئ.

ويقول كلشات إن الوقت المناسب لخروج السلاحف نحو البر يأتي مع حلول الظلام، حيث تزحف ببطء لمسافات قصيرة على رمال الشاطئ الرخوة، وتعمل على إحداث حفر متفاوتة الأعماق في مناطق على الساحل تختارها بعناية لوضع بيضها التي تصل إلى نحو 200 بيضة، ثم دفنها والعودة إلى البحر، مشيرا إلى أن السلاحف تضع بيضها مرتين كل عام.

والسلاحف الخضراء هي النوع الأكثر شيوعاً على شواطئ المهرة، لكن توجد أنواع أخرى بكميات أقل، ومنها السلاحف ضخمة الرأس، ومنقار الصقر والزيتونية. وتضع السلاحف بيضها على شواطئ المهرة في الفترة التي تمتد من يونيو (حزيران) إلى أكتوبر (تشرين الأول).

وأكبر سلحفاة خضراء عُثر عليها في العالم بلغ طولها 152 سنتيمترا ووزنها 395 كيلوغراما، ولكن أوزان هذا النوع من السلاحف تتراوح في المعتاد بين 110 و190 كيلوغراما وطولها بين 83 و114 سنتيمترا.

ويعمل كلشات على حماية السلاحف في مناطق تشهد زحفاً عمرانياً من قبل مستثمرين، وقال إنه لا يتلقى دعماً ولا مساندة من أي جهة.

ودعا الصياد اليمني السلطات المعنية بحماية البيئة في المهرة إلى إعلان ساحل السلاحف محمية طبيعية، وتوفير حراسة دائمة له من اعتداءات البشر.

يعد مستشار محافظ المهرة للشؤون البيئية، استيطان السلاحف لسواحل المهرة مهما «لأن السلاحف ثروة بيئية تحافظ على التوازن البيئي، كما تحافظ على نقاوة البحر، وتتغذى على العوالق المائية، كما أن محمياتها تمثل مناطق سياحة متميزة، وهي أيضاً تمثل مخزوناً غذائياً احتياطياً لاستخدامه في أثناء الأزمات الكبيرة».

وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إنه في ظل التجاهل الحكومي لحماية السلاحف، نشأت ثقافة لدى كثير من الشباب، على غرار كلشات، الذين يعملون بشكل تطوعي لحماية السلاحف في المناطق القريبة منهم دون الحصول على أي دعم أو مساعدة من قبل السلطات.

وتستوطن السلاحف سواحل المهرة منذ سنوات طويلة، وتهاجر إلى مختلف المناطق في البحر طيلة العام، ثم تعود إلى المهرة للتعشيش ووضع بيضها، لما توفره سواحل المنطقة من رمال رطبة تساعد السلاحف على الحفر ودفن البيض.

على شفا الانقراض

من جانبها، قالت إيمان باعمر، مديرة مكتب وزارة المياه والبيئة بمحافظة المهرة، في مقابلة مع «وكالة أنباء العالم العربي» إن الاحتباس الحراري يؤثر على البيئة البرية والبحرية بشكل متزايد، مما زاد من أهمية حماية البيئة في المحافظة التي تعاني إهمالا وتدميرا بشريا.

وحذرت إيمان من أن السلاحف على شفا الانقراض بفعل الصيد الجائر وغياب الدعم والتمويل الحكومي لتوفير حماية دائمة للمحميات الخاصة بالسلاحف.

ووفقاً للمسؤولة الحكومية، أدت أعمال بناء متنزهات في محمية السلاحف بمنطقة الدمر إلى تدمير مناطق تعشيش السلاحف.

ووصفت الجهود التطوعية التي يبذلها شباب من أمثال كلشات بأنها بسيطة وحلول لا تفي بالغرض.

وأشارت إيمان إلى أن الزحف العمراني في المهرة، التي تشهد اتساعاً حضرياً يوماً بعد يوم، جاء على حساب البيئة البحرية ويهدد بقاءها، خاصة في محمية السلاحف ومحمية حوف.

وترى المسؤولة الحكومية أن يدها مغلولة، قائلة إن دور مكتب المياه والبيئة في المهرة هو دور إشرافي فقط.

وأضافت «مكاتب الهيئة العامة لحماية البيئة نزعت دور مكاتب وزارة المياه والبيئة، لكنها لا تقوم بواجبها في حماية البيئة، خصوصاً في المهرة».


مقالات ذات صلة

إنقاذ كركند برتقالي نادر جداً من التحوُّل طبق عشاء

يوميات الشرق أُنقِذ من الطهي (مواقع التواصل)

إنقاذ كركند برتقالي نادر جداً من التحوُّل طبق عشاء

أُنقِذ كركند برتقالي نادر جداً، وأُعيد إلى محيطه بعد اكتشافه بداخل قسم المأكولات البحرية بسوق في ساوثهامبتون، بنيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جانب من المياه التي يجري فيها البحث عن حطام في غرب فرنسا (أريمباريف)

صائدو حطام السفن يسبرون الأعماق الفرنسية بحثاً عن كنوز تاريخية

يغوص فريق من الغطاسين الشغوفين بالبحث عن حطام السفن، في بحر هادئ بحثاً عن أدلة حول هوية سفينة تجارية من القرن الثامن عشر غرقت قبالة ساحل جزيرة في غرب فرنسا.

يوميات الشرق أسراب الأسماك تسبح في المحيط الهادئ (أرشيفية - أ.ف.ب)

اكتشاف «الأكسجين المظلم» في قاع المحيط لأول مرة يذهل العلماء

اكتشف علماء بعض المعادن الموجودة في أعماق المحيطات السحيقة، والقادرة على إنتاج الأكسجين في ظلام دامس، دون أي مساعدة من الكائنات الحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جيفة الحوت النادر تُرفع بالقرب من مصب نهر في مقاطعة أوتاغو (هيئة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا)

ظهور جيفة حوت نادر على شاطئ بنيوزيلندا

كشف علماء أن الأمواج جرفت إلى شاطئ في نيوزيلندا جيفة حوت منقاري مجرفي الأسنان، وهو نوع نادر للغاية لم يُسبق رصده على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (كرايستشيرتش)
الاقتصاد سفن شحن عملاقة تمر عبر قناة السويس في مصر (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يخفّض انبعاثات الشحن البحري 47 مليون طن سنوياً

أظهرت دراسة حديثة أن استخدام الذكاء الاصطناعي في ملاحة السفن قد يؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون لقطاع الشحن التجاري العالمي بنحو 47 مليون طن سنوياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شاهد... لحظة سقوط مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب على المسرح قبل وفاته

مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب (صفحته على «فيسبوك»)
مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب (صفحته على «فيسبوك»)
TT

شاهد... لحظة سقوط مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب على المسرح قبل وفاته

مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب (صفحته على «فيسبوك»)
مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب (صفحته على «فيسبوك»)

توفي مغني الراب الأميركي فاتمان سكوب، على ما أفاد مدير أعماله، السبت، بعدما كان الفنان البالغ (53 عاماً) سقط على خشبة المسرح خلال حفلة موسيقية في اليوم السابق.

وكان فاتمان سكوب الذي اشتُهر بأغنيتيه «بي فيثفول» (Be Faithful) و«إت تيكس سكوب» (It Takes Scoop)، هوى خلال إحيائه حفلة في مدينة هامدن بولاية كونيتيكت (شمال شرقي الولايات المتحدة)، فنُقِل إلى المستشفى، لكنّ الأطباء لم يتمكنوا من إنعاشه، وفق ما أوضحت وسائل إعلام أميركية.

وأظهر مقطع فيديو، عرضه موقع «تي إم زي» المختص بأخبار المشاهير، مسعفين يُجرون عملية إنعاش لقلب الفنان عندما كان لا يزال على المسرح، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ونعاه مدير أعماله، بيرتش مايكل في منشور على شبكة «فيسبوك»، جاء فيه: «بقلب حزين، أعلن وفاة آيزك فريمان الثالث، المعروف مهنياً باسم فاتمان سكوب».

وأضاف في منشوره الذي أرفق به صورة لمغني الراب: «لقد علمتني أن أكون الرجل الذي أنا عليه اليوم. أحبك يا سكوب، شكراً جزيلاً لك على كل ما أعطيتني».

ووجهت نجمة الهيب هوب ميسي إليوت تحية إلى فاتمان سكوب، فكتبت عبر منصة «إكس»، أن ما تمتع به من «صوت وطاقة» أسهم طوال أكثر من عقدين في «كثير من الأغنيات التي أسعدت الناس وجعلتهم يرقصون». وأضافت: «تأثيرك ضخم ولن يُنسى أبداً».

وفي عام 2018، كان فاتمان سكوب موضع جدل في أستراليا، عندما نشر رئيس الوزراء آنذاك سكوت موريسون مقطع فيديو لأغنية «بي فيثفول» على «إكس».

وما لبث موريسون المحافظ والمنتمي إلى المذهب المسيحي الإنجيلي أن حذف منشوره بعد تلقيه انتقادات بسبب كلمات مغني الراب التي عُدّت غير مناسبة لقواعد البرلمان الأسترالي.