التضخم التركي يواصل الصعود للشهر الثالث على التوالي

تراجع جديد لليرة يقودها لأدنى مستوياتها

نجار يعمل في ورشة وسط العاصمة التركية أنقرة (أ.ف.ب)
نجار يعمل في ورشة وسط العاصمة التركية أنقرة (أ.ف.ب)
TT

التضخم التركي يواصل الصعود للشهر الثالث على التوالي

نجار يعمل في ورشة وسط العاصمة التركية أنقرة (أ.ف.ب)
نجار يعمل في ورشة وسط العاصمة التركية أنقرة (أ.ف.ب)

واصل التضخم في تركيا ارتفاعه للشهر الثالث على التوالي، لكن الارتفاع جاء أقل من توقعات الخبراء.

وبحسب بيانات أعلنها معد الإحصاء التركي، الثلاثاء، بلغ التضخم السنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي 61.53 في المائة في أسعار المستهلكين، و47.44 في المائة في أسعار المنتجين.

وذكر المعهد أنه «بالنظر إلى متوسطات الـ12 شهراً الأخيرة، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 55.3 في المائة، وأسعار المنتجين بنسبة 65.55 في المائة».

وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 4.75 في المائة ومؤشر أسعار المنتجين بنسبة 3.4 في المائة. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 49.86 في المائة في سبتمبر مقارنة بشهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 36.06 في المائة.

وسجل التضخم في تركيا في أغسطس (آب) الماضي ارتفاعاً بنسبة 9.09 في المائة على أساس شهري، و58.94 في المائة على أساس سنوي.

وكانت توقعات الخبراء في تركيا تشير إلى زيادة بنحو 5 في المائة في سبتمبر، وارتفاع التضخم السنوي ليلامس معدل التضخم المتوقع لنهاية العام في البرنامج الاقتصادي متوسط المدى للحكومة المعلن الشهر الماضي، وهو 65 في المائة، وهو ما يتفق أيضاً مع المعدل المتوقع المحدث من جانب المصرف المركزي التركي.

ومن المنتظر أن يعلن «المركزي التركي» تقرير التضخم الأخير للعام الحالي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كما يعلن معهد الإحصاء التركي عن بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام في نهاية نوفمبر.

وتترقب الأسواق أيضاً الاجتماعات الثلاثة الأخيرة للجنة السياسة النقدية بالمصرف المركزي، التي ستعقد في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، و23 نوفمبر و21 ديسمبر على التوالي.

وفي اجتماعها الأخير في سبتمبر أقرّت اللجنة زيادة على سعر الفائدة الرئيسي بواقع 500 نقطة أساس إلى 30 في المائة، لتصل الزيادات منذ يونيو (حزيران) وحتى سبتمبر إلى 21.5 في المائة... وتعهد «المركزي التركي» بمواصلة تشديد سياسته النقدية بالتدريج بما يتوازى مع التوقعات بصعود التضخم.

وأفاد المصرف المركزي، في بيانه الصادر عقب اجتماع اللجنة في سبتمبر، بأنه: «تقرر من قِبل اللجنة استمرار عملية التشديد النقدي لتحقيق هدف خفض معدل التضخم في أسرع وقت ممكن، ولتثبيت توقعات التضخم وللسيطرة على تدهور السلوك التسعير».

وعقب إعلان بيانات التضخم لشهر سبتمبر، أظهرت الليرة التركية تراجعاً جديداً إلى أدنى مستوى لها، وفقدت 0.3 في المائة من قيمتها أمام الدولار، وانخفضت إلى 27.5 ليرة للدولار. وهبطت الليرة أمام اليورو بنسبة 0.28 في المائة، إلى 28.85 ليرة لليورو.

وعشية إعلان معهد الإحصاء التركي بيانات التضخم في سبتمبر، سجل معدل التضخم في أسعار المستهلكين في مدينة إسطنبول، التي تعد كبرى مدن تركيا 73.18 في المائة على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وارتفعت أسعار الجملة بنسبة 67.79 في المائة، بحسب بيانات غرفة تجارة إسطنبول، الصادرة الاثنين.

وخلافاً للأرقام التي أعلنها معهد الإحصاء التركي، قالت «مجموعة أبحاث التضخم»، وهي منصة تتألف من خبراء مستقلين: إن مؤشر أسعار المستهلكين زاد بنسبة 6.24 في المائة على أساس شهري في سبتمبر. وذكرت المجموعة، في بيان الثلاثاء، أن التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في سبتمبر بلغ 130.13 في المائة، وأضافت أن معدل التضخم للفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر الماضيين، بلغ 95.33 في المائة.

ولفتت المجموعة الرئيسية التي سجلت أعلى زيادة شهرية في سبتمبر هي التعليم بنسبة 30.27 في المائة؛ وذلك بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد. بينما سجلت أقل زيادة في السكن بنسبة 20.16 في المائة.

وكانت المجموعة الرئيسية، التي شهدت أعلى زيادة سنوية، هي المطاعم والفنادق بنسبة 92.48 في المائة.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الاقتصاد الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

ما إن انتخب مجلس النواب اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد بعد أكثر من عامين على الشغور الرئاسي حتى عززت سندات لبنان الدولارية مكاسبها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خفض تدريجي للفائدة يلوح في الأفق

قالت نائبة محافظ بنك إنجلترا، سارة بريدن، يوم الخميس، إن الأدلة الأخيرة تدعم بقوة فرضية خفض أسعار الفائدة تدريجياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من إطلاق استراتيجية قطر للصناعة والتجارة (الشرق الأوسط)

قطر تطلق استراتيجيتها للصناعة والتجارة 2024 - 2030 لتحقيق نمو مستدام

أطلقت وزارة التجارة والصناعة القطرية، الخميس، استراتيجيتها للفترة 2024 - 2030، التي تتضمن 188 مشروعاً، منها 104 مشروعات مخصصة للصناعات التحويلية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها وجدت أن الاتحاد الأوروبي فرض «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة عليها مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد

«الشرق الأوسط» (بكين)

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)

ما إن انتخب مجلس النواب اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد، بعد أكثر من عامين على الشغور الرئاسي، حتى عززت سندات لبنان الدولارية مكاسبها مسجلةً ارتفاعاً حاداً وسط تفاؤل بإجراء إصلاحات في بلد مزقته الحروب، وأنهكت اقتصاده الذي تناوله عون في خطابه بعد إدلائه بالقسم، حين شدّد على تمسكه الثابت بمبادئ الاقتصاد الحر.

وقد شهدت سندات لبنان الدولية بآجالها كافة، الخميس، ارتفاعاً إلى أكثر من 16 سنتاً للدولار، من حوالي 13 سنتاً يوم الأربعاء، وذلك بعدما كانت وصلت إلى أدنى مستوياتها عند 6.25 سنت في عام 2022، رغم أنها لا تزال أدنى بكثير من أسعار سندات دول أخرى تخلفت عن سداد التزاماتها في العام نفسه.

جوزيف عون يسير بعد انتخابه رئيساً للبنان في مبنى البرلمان ببيروت (رويترز)

وكان لبنان أعلن التخلف عن سداد ديونه في ربيع عام 2020 بعد أن سقط النظام المالي في البلاد في أزمة اقتصادية عميقة في 2019.

وتأتي هذه الزيادة في قيمة السندات في وقت بالغ الحساسية، حيث لا يزال الاقتصاد اللبناني يترنح تحت وطأة تداعيات الانهيار المالي المدمر الذي بدأ في 2019، إذ يواجه أزمة مصرفية ونقدية وسياسية غير مسبوقة استمرت أكثر من ثلاث سنوات، أثرت بشكل عميق على استقراره النقدي، مما جعله واحداً من أكثر البلدان عُرضة للأزمات المالية في المنطقة. ومنذ بداية هذه الأزمة، شهد الاقتصاد انكماشاً حاداً ناهز 40 في المائة، مما أدى إلى تدهور ملحوظ في جميع القطاعات الاقتصادية. كما فقدت الليرة اللبنانية ما يقارب 98 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة معاناتهم. في الوقت نفسه، سجل التضخم معدلات غير مسبوقة، مما زاد من الأعباء المالية على الأسر. وفي الوقت ذاته، خسر المصرف المركزي اللبناني ثلثي احتياطياته من النقد الأجنبي، مما أضعف قدرته على دعم العملة المحلية وضمان استقرارها.

ويرى مراقبون أن الارتفاع القوي لسندات ما يعرف باليوروبوندز ينبع من التفاؤل بأن انتخاب عون رئيساً جديداً سيفتح الباب على تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية مطلوبة بشدة. ويعدون أن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لإعادة هيكلة السندات الدولية في نهاية المطاف.

لكن التحدي هو في اختيار رئيس للوزراء، والإسراع في تشكيل حكومة تعمل على تمرير الإصلاحات بالتعاون مع مجلس النواب.

وقال سورين ميرش، مدير المحافظ في «دانسكي بنك» في كوبنهاغن الذي بدأ بشراء السندات اللبنانية في سبتمبر (أيلول): «إذا تمكن لبنان من انتخاب رئيس جديد، فأتوقع أن ترتفع السندات. فانتخاب رئيس يعني على الأرجح تعيين رئيس وزراء، وتشكيل حكومة فعّالة بدلاً من تلك القائمة بالوكالة»، وفق «بلومبرغ».

وتوازياً، شهدت الأسواق اللبنانية حالة من التهافت على شراء الليرة اللبنانية، حيث عدّ كثير من اللبنانيين أن انتخاب عون قد يُشكّل بداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي، ما قد ينعكس إيجاباً على العملة المحلية. ومع الآمال التي علّقها البعض على تحسن الوضع الاقتصادي، يتوقع كثيرون أن تشهد الليرة تحسناً مقابل الدولار في ظل التفاؤل الذي صاحب هذه الخطوة السياسية المهمة.

الاقتصاد في خطاب عون

في خطابه الأول بعد انتخابه رئيساً، شدّد عون على تمسكه الثابت بمبادئ الاقتصاد الحر، مؤكداً على أهمية بناء قطاع مصرفي يتمتع بالاستقلالية التامة، بحيث لا يكون الحاكم فيه سوى القوانين. كما بعث برسالة واضحة ومباشرة إلى المواطنين والمودعين، مؤكداً أن حماية أموالهم ستظل على رأس أولوياته، معلناً أنه لن يتهاون في هذا الملف الذي يمثل تحدياً كبيراً.

أعضاء من الجيش اللبناني يقفون خارج فرع «بنك بلوم» في بيروت (رويترز)

وأكد عزمه على بناء علاقات قوية مع الدول العربية، التي تُعد شريكاً رئيساً في إعادة الإعمار، ودعم لبنان اقتصادياً، لا سيما وأن تعزيز هذه العلاقات سيسهم في الحصول على الدعم المالي العربي، وتحفيز النمو من خلال جذب الاستثمارات، وفتح قنوات التعاون مع دول دعمت لبنان في فترات سابقة.

تحديات

إلا أن تحديات كبيرة تواجه الرئيس. فهل سيتمكن عون من تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لانتشال لبنان من أزمته الراهنة وتحقيق الاستقرار المالي؟

يتصدر ملف الإصلاحات الاقتصادية أولويات الاستحقاقات الوطنية في لبنان، ويُعد البوابة الأساسية لاستعادة الاستقرار المالي والانطلاق نحو تعافي الاقتصاد المترنح. وتتجاوز أهمية هذه الإصلاحات تحسين الوضع الداخلي، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمسألة إعادة الإعمار والحصول على الدعم المالي. وفي هذا السياق، يُتوقع أن يُعاد إحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف التوصل إلى اتفاق ينص على تأمين الدعم المالي مقابل التزام الحكومة بحزمة إصلاحات هيكلية ومالية تشمل تحسين إدارة القطاع العام، ومكافحة الفساد، وتحرير الاقتصاد من القيود التي تعرقل نموه. وتُعد هذه الإصلاحات حجر الزاوية في عملية إنقاذ لبنان، حيث تشكل الأساس للحصول على الدعم الدولي بشتى أنواعه.

وفي ظل استمرار لبنان في معركته ضد الدين العام الهائل الذي بلغ نحو 140 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، سيواجه الرئيس الجديد مهمة شاقة تتمثل في إرساء الاستقرار المالي الذي من شأنه أن يعزز الثقة المتجددة في النظام الاقتصادي اللبناني، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الديْن العام، وبدء مفاوضات جادة مع الدائنين.

كذلك ستتجه الأنظار إلى آفاق جديدة في إدارة الاقتصاد اللبناني، لا سيما فيما يتعلق بإعادة استقرار سعر صرف الليرة، التي سجلت اليوم 89 ألف ليرة مقابل دولار واحد، بعد أن كانت عند 1500 ليرة في عام 2019. وتبدي الأوساط الاقتصادية أملاً كبيراً في تحسن الوضع المالي بفضل السياسات النقدية الجديدة التي سيقودها حاكم أصيل لمصرف لبنان. ومن هذا المنطلق، يعد انتخاب عون خطوة محورية نحو تحقيق بيئة سياسية أكثر استقراراً، وهو ما يسهم في تعزيز الثقة في النظام النقدي اللبناني المتأزم.

علاوة على ذلك، تقع على الحكومة المقبلة سياسات مالية تهدف إلى تقليص العجز في الموازنة العامة من خلال تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وزيادة الإيرادات المحلية. ويُعد التركيز على مكافحة الفساد والتهرب الضريبي من بين الأولويات الرئيسة التي يجب أن تسعى الحكومة إلى تحقيقها في الفترة المقبلة، في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة بالمؤسسات الحكومية وتحقيق الشفافية المالية، خاصة وأن مسح البنك الدولي السنوي الأخير عن الحوكمة والإدارة الرشيدة لعام 2024 صنف لبنان في المرتبة 200 عالمياً من أصل 213 دولة، والمرتبة الـ16 بين 20 دولة عربية من حيث فاعلية الحكومة.

إضافة إلى هذه التحديات الاقتصادية العميقة، يواجه عون أيضاً صعوبة في تعزيز البنية التحتية المتدهورة للبلاد، مثل قطاع الكهرباء الذي يُعد من العوامل الأساسية التي تثقل كاهل الدين العام (حوالي 45 مليار دولار من إجمالي قيمة الدين العام)، وتستهلك جزءاً كبيراً من الموارد العامة دون أن تقدم تحسينات ملموسة في الخدمات المقدمة للمواطنين.

احتفالات شعبية بعد انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيساً للبنان (رويترز)

إن لبنان اليوم يقف أمام اختبار اقتصادي بالغ الأهمية في تاريخه الحديث، حيث تأمل البلاد في التغلب على أزماتها الاقتصادية الحادة، مدعومةً بدعم عربي ودولي حيوي يسهم في تحقيق الاستقرار وإعادة البناء.