ما الحد الآمن لشرب القهوة يومياً؟

القهوة لها فوائد كثيرة لكنها تسبب أضراراً كذلك (بابليك دومين)
القهوة لها فوائد كثيرة لكنها تسبب أضراراً كذلك (بابليك دومين)
TT
20

ما الحد الآمن لشرب القهوة يومياً؟

القهوة لها فوائد كثيرة لكنها تسبب أضراراً كذلك (بابليك دومين)
القهوة لها فوائد كثيرة لكنها تسبب أضراراً كذلك (بابليك دومين)

ترتبط القهوة بالكثير من الفوائد الصحية، على رأسها تقليل مخاطر أمراض السكري والقلب وباركنسون، لكن في المقابل هناك مخاطر يمكن أن يسببها الكافيين إذا جرى تناوله بكثرة يومياً.

ووفق خبراء صحة وتغذية أميركيين، فإن شرب القهوة وفقاً للحد الآمن يومياً، يمكن أن يساعد الأشخاص في الحصول على فوائدها، وتجنب أضرارها، وفق ما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في تقرير لها يوم 26 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وعن الحدود الآمنة للقهوة يومياً، فإنه يمكن لمعظم البالغين أن يستهلكوا بأمان 400 مليغرام من الكافيين، أو الكمية الموجودة في نحو 4 فناجين من القهوة سعة 8 أونصات يومياً، وفق هيئة الغذاء والدواء الأميركية.

أما بالنسبة للحوامل، فإن الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد توصي بما لا يزيد على 200 مليغرام أو فنجانين فقط يومياً.

الحدود الآمنة للقهوة من 2 إلى 4 فناجين يومياً (بابليك دومين)
الحدود الآمنة للقهوة من 2 إلى 4 فناجين يومياً (بابليك دومين)

وقال الدكتور روب فان دام، أستاذ علوم التغذية في كلية معهد ميلكن للصحة العامة بجامعة جورج واشنطن: «بشكل عام، القهوة مفيدة أكثر من كونها سيئة».

وأضاف أن استهلاك 400 مليغرام من الكافيين معقول بالنسبة لمعظم البالغين، لكن الناس قد يتقبلون الكافيين بمعدلات مختلفة، وقد يبدو تناول 400 مليغرام أكثر من اللازم بالنسبة للبعض، في حين يمكن للآخرين تناول المزيد دون آثار جانبية.

وحول آثارها، قالت مارلين كورنيليس، الأستاذة المساعدة في الطب الوقائي بكلية الطب جامعة نورث وسترن، إن القهوة تحتوي على آلاف المركبات الكيميائية، والتي قد يؤثر الكثير منها على الصحة.

وأضافت أن القهوة هي أيضاً أكبر مصدر للكافيين بالنسبة للأشخاص بالولايات المتحدة، ومن هنا تأتي معظم المخاطر المرتبطة باستهلاك القهوة.

بينما أشارت جينيفر تيمبل، أستاذة علوم التغذية بجامعة بوفالو، إلى أن تناول الكثير من الكافيين يمكن أن يسبب تسارع ضربات القلب، والعصبية، والقلق، والغثيان، وصعوبة في النوم.

ووافقتها الرأي، الدكتورة أدريان هيوز، الأستاذة المساعدة في طب الطوارئ بجامعة أوريغون للصحة والعلوم، مشيرة إلى أن القهوة يمكن أن تؤدي أيضاً إلى الصداع والارتجاع المريئيّ، وعند تناولها بجرعات عالية، قد تؤدي لارتعاش أو قيء.

لكنها أشارت إلى أنه من النادر أن تتعرض لآثار جانبية خطيرة من شرب القهوة، وستحتاج لاستهلاك ما لا يقل عن 10 آلاف مليغرام من الكافيين يومياً، أو ما يعادل 50 لـ100 كوب قهوة، حتى تكون قاتلة.

وتابعت أن الكافيين يمكن أن يسبب زيادة قصيرة المدى في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، خصوصاً إذا كنت لا تستهلكه بانتظام.

ومع ذلك، قالت: «إذا كنت عرضة لإيقاعات غير طبيعية في القلب، أو إذا لاحظت خفقاناً بعد تناول الكافيين، فقد تكون أكثر حساسية لتأثيراته، ويجب ألا تستهلك أكثر مما اعتدته».

بينما قالت تيمبل: «في نهاية اليوم، عليك فقط أن تستمع إلى جسدك. إذا بدأت تشعر بالغثيان أو التوتر أو القلق، أو بدأت القهوة بالتأثير على نومك فعليك التقليل من شربها».


مقالات ذات صلة

عادات يومية بسيطة لصحة دماغك

صحتك هناك بعض العادات الأساسية التي يجب عليك تضمينها في روتينك اليومي لدعم صحة الدماغ (د.ب.أ)

عادات يومية بسيطة لصحة دماغك

العناية بالدماغ أمر بالغ الأهمية، فهو مركز التحكم في الجسم، والمسؤول عن صيانته بشكل عام؛ لذا يجب عليك دمج هذه العادات البسيطة في روتينك اليومي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا تتعاون «أبل» مع خبراء طبيين لإنتاج محتوى موثوق داخل التطبيق يثري تجربة المستخدم ويوجه سلوكه الصحي (شاترستوك)

«أبل» تستعد لإطلاق «الطبيب الافتراضي» في 2026

المدرب الصحي الذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويقدم توصيات شخصية عبر تطبيق «Health» ويجمع بين التتبع الصحي والخصوصية والمحتوى الطبي المتخصص.

نسيم رمضان (لندن)
علوم «مقياس حسابي بسيط»… يرصد أمراض القلب

«مقياس حسابي بسيط»… يرصد أمراض القلب

ازدياد عدد نبضات القلب اليومي لكل خطوة... سيئ

مات ريتشل (نيويورك)
صحتك الغرسة الجديدة (أ.ب)

غرسة دماغية تترجم الأفكار إلى كلام مسموع بشكل فوري

أعلن باحثون أميركيون -أمس الاثنين- أن جهازاً معززاً بالذكاء الاصطناعي زُرع في دماغ امرأة مشلولة، مكَّنها من ترجمة أفكارها إلى كلام بصورة فورية تقريباً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق تغيير الوقت على ساعة الموقد في قصر باكنغهام في لندن (أ.ب)

لماذا قد يجعلك «تأخير الساعة» فظاً وسريع الانفعال؟

في الأولى فجر 30 مارس، جرى تقديم الساعة إلى الثانية صباحاً. وعلى ما يبدو، ستكون آثار ذلك أبعد من مجرد فقدان ساعة من النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السينما المستقلّة اليوم في أزمة طاحنة

المخرج شون بيكر في أثناء تسلّمه الأوسكار عن فيلمه «آنورا» (Anora)
المخرج شون بيكر في أثناء تسلّمه الأوسكار عن فيلمه «آنورا» (Anora)
TT
20

السينما المستقلّة اليوم في أزمة طاحنة

المخرج شون بيكر في أثناء تسلّمه الأوسكار عن فيلمه «آنورا» (Anora)
المخرج شون بيكر في أثناء تسلّمه الأوسكار عن فيلمه «آنورا» (Anora)

في الثاني والعشرين من الشهر الماضي وقف المخرج شون بيكر لتسلّم جائزة «إندبندنت سبيرِت» في مناسبتها الأربعين عن فيلمه «آنورا» (Anora) بعد نحو عشرة أيام من تسلّمه الأوسكار عن الفيلم ذاته.

خلال كلمته توجّه بيكر إلى الحاضرين بتصريح لم يسبقه إليه أحد؛ إذ قال: «أنا قادر على العيش لثلاث سنوات دون دخل؛ لأنني بلا زوجة وبلا أولاد. ليس لديّ عائلة».

بدوره ألقى المخرج برادي كوربت في المناسبة ذاتها كلمة قال فيها: «تحدّثت إلى كثير من صانعي الأفلام المستقلّة المتقدمة للمسابقات هذا العام الذين ليس لديهم ما يكفي لدفع إيجارات مساكنهم».

هاتان كلمتان من رجلَيْن استحقا الفوز في محافل موسم الجوائز نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام. برادي أنجز «ذا بروتاليست» وبايكر «آنورا» بما يشبه الإعجاز.

علاوة على ذلك، لا تقوم شركات التوزيع بتأمين متطلبات الدعاية الإعلامية وحضور المناسبات الصحافية؛ ما يعني أن مثل هذه التكاليف عليها أن تخرج من جيب مخرجي الأفلام ومنتجيها.

المخرج برادي كوربت (آي إم دي بي)
المخرج برادي كوربت (آي إم دي بي)

الحمل بحد ذاته ثقيل منذ الأساس. ما كان يمكن لفيلم مستقل يقوم على بضعة أسماء معروفة من غير النجوم أن يتكلّفه قبل عشر سنوات لم يعد ممكناً هذه الأيام. فعلى سبيل المثال بلغت ميزانية فيلم «آنورا» ستة ملايين دولار، وهو بلا أي نجم. في حين تكلّف «ذا بروتاليست» عشرة ملايين دولار مع ممثلين معروفين (مثل: أدريان برودي وفيليسيتي جونز وغاي بيرس).

بحسبة واقعية حصد «آنورا» 55 مليون دولار في الأسواق العالمية. هذا الرقم يُعدّ ربحاً بدرجة مقبولة؛ لكن بعد توزيع الحصص ما بين الجهة المموّلة (تستعيد تكاليفها بالإضافة إلى 20 في المائة من الإيراد)، وشركة التوزيع (نسبة مماثلة)، وصالات السينما (30 إلى 40 في المائة لأول أسبوعَيْن ثم ما بين 20 و30 في المائة إذا ما استمرت عروض الفيلم لأكثر من ذلك)، فإن ما يبقى للطاقم الفني (المخرج وفريق الكتابة وباقي الطاقم الأساسي)، وللمنتج (وهو يختلف عن المموّل)، نحو 300 ألف دولار يتم تقسيمها إلى نصفَيْن. الأول يذهب إلى المخرج والآخر للفريق الفني. على هذا الأساس ما يتبقّى للمخرج ما بين 20 و30 ألف دولار هي حصيلة ثلاث سنوات من العمل لإنجاز الفيلم... هذا إذا ما سجل الفيلم إيراداً يتجاوز ثلاثة أضعاف التكلفة.

نهاية نظام

السينما المستقلة تعبير ارتفع شأنه في الستينات على أيدي مخرجين قرروا «الاستقلال» عن نظام «هوليوود» الذي كان انقلب على نفسه في تلك الآونة. النظام الذي ساد حتى ذلك الحين كان نظام الشركة التي تسيطر على الطاقم الفني الأساسي كاملاً عبر عقود تلزم المخرجين والممثلين بالعمل فقط لصالح هذا الاستوديو أو ذاك. في أحيان كان الاستوديو المنافس يرى أن ممثلاً معيناً مرتبطاً باستوديو آخر هو من يصلح لبطولة مشروع قادم. في هذه الحالة يتم استئجار الممثل من مالكه (الشركة) مقابل مبلغ يودع في حساب المالك ولا ينال الممثل منه شيئاً. في هذه الحالة هو أشبه بقطعة ديكور تخدم غايتها ثم تُعاد إلى أصحابها.

هذا النظام انتهى ومعه انتهت العقود طويلة الأمد. السينما المستقلة نشأت في أجواء هذه النقلة، وكان من فرسانها روبرت ألتمان، وجون سايلس، ومارتن سكورسيزي، وجون كازاڤيتز، وحتى فرنسيس فورد كوبولا. هم إما انتقلوا لاحقاً للعمل ضمن الاستوديوهات (سكورسيزي)، وإما بقوا ملتزمين باستقلاليتهم في الكتابة والتفكير وكل أساليب العمل (كازاڤيتز وجون سايلس مثلاً)، وإما تنقلوا ما بين الإنتاج المستقل حيناً والمؤسساتي حيناً آخر (ألتمان، وكوبولا).

في السبعينات بلغت السينما المستقلة ذروة في عدد الأفلام المنتجة وفي نجاحاتها. شقّت طريقها بنجاح كبير داخل أميركا وخارجها، وهذا في الوقت الذي كانت فيه السينما الأوروبية واللاتينية والعربية دخلت في النطاق ذاته.

نجاحات متميّزة

أثبتت السينما المستقلة فاعليّتها ونجاحها. لم يكن عليها أن تلتزم بنوع (جَنر) معيّن بل بأسلوب إخراج متحرر من تعليمات الاستوديوهات المعلّبة. كانت تختلف في أساليبها الفنية التي تنتمي إلى اختيارات المخرج وإلى أفكار تطرحها تحمل اختلافاً عن الحكايات السائدة أو المتوقعة، كما الحال مع فيلم الرعب «The Texas Chain Saw Massacre» («مذبحة منشار تكساس») لتوبي هوبر (1974)، أو فيلم الخيال العلمي «THX-1138» لجورج لوكاس (1971).

سوزانا يورك في «صور» لروبرت ألتمان (آي إم دي بي)
سوزانا يورك في «صور» لروبرت ألتمان (آي إم دي بي)

الحقل كان كبيراً والاختيارات كثيرة. فيلم «كازاڤيتز» (Shadows) («ظلال»، 1959) كان محاولة من المخرج لتوفير معالجة برغماتية في فيلم أميركي. «صور» (Images)، و«3 نساء» (Three Women) كانا من بين أفلام روبرت ألتمان المُمعنة في أسلوب المخرج الفريد. أفلام جون كاربنتر (بما فيها الأجزاء التي أخرجها من«هالووين») كانت بدورها مستقلّة تماماً. فيلم ديڤيد لينش الأول (Eraserhead) المُنتج سنة 1977 كان أول أعماله المستقلة.

واستمر النجاح للعقدَيْن التاليين مع أسماء جديدة، مثل: بول توماس أندرسن «لن يكون هناك دم» (There Will Be No Blood)، ووس أندرسن «فندق بودابست الكبير» (The Great Budapest Hotel)، وجيم جارموش «باترسن»، «فقط العشاق بقوا أحياء»، (Only Lovers Left Alive)، ونيل لابوت «في صحبة رجال» (In the Company of Men) وغيرهم.

فيلم «فندق بودابست الكبير» للمخرج ووس أندرسن (آي إم دي بي)
فيلم «فندق بودابست الكبير» للمخرج ووس أندرسن (آي إم دي بي)

واقع مختلف

لكن الحال ليس على ما يرام بالنسبة إلى معظم مخرجي الأفلام المستقلة منذ مطلع هذه الألفية. في الواقع لولا توجه لينش وجارموش وبول أندرسن ووس أندرسن إلى فرنسا لما استطاعوا الاستمرار إلا لماماً.

ما يحدث الآن هو أن الاهتمام بفيلم مستقل، حتى ولو حمل اسم مخرج من الفئة الأولى، أصبح أقل مما كان عليه سابقاً. ما يدور في أرجاء «هوليوود» هو الاستعداد لتوفير التمويل من قِبل موزعين مستقلّين أو شركات كبيرة مقابل تنازل المخرج أو المنتج عن نصف الميزانية التي يتقدّم بها. ما كان ممكناً تحقيقه بـ5 ملايين دولار قبل سنوات صار بالكاد يكفي في أيامنا الحاضرة؛ لكن هذا لا يمنع المموّلين من الضغط للحصول على تنازلات.

بعض المموّلين يرضى هذه الأيام بترك حرية الاختيارات الفنية للمخرج. بعضهم الآخر بات يريد الاستئثار بالكلمة الأخيرة (أو ما يُعرف بـThe Final Cut).

صانعو الأفلام المستقلة ليسوا وحدهم الذين يعانون من أزمة عاصفة يمرون بها تبعاً لوضع يتطلّب منهم التواري كما حال جون سايلس وجارموش ونيل لا بوت وسواهم، أو التوجه صوب تمويل فرنسي يقدّر أكثر ما هم بصدد إنجازه. إلى جانب هؤلاء هناك صالات السينما التي اختصّت بعرض الأفلام غير «الهوليوودية» نمطياً أو إنتاجياً، سواء في الولايات الأميركية أو في عواصم عالمية أخرى. وما يقع في أميركا، في هذا الصدد، يقع في معظم أرجاء العالم مع جمهور بات لا يعرف من السينما إلا ما توفره له المنصّات وشركات الإنتاج الكبرى.

دور المنصّات في تقليل حجم الهواة والمتابعين لم يتوقف عند حد السينما المستقلة، بل شمل عموم أنواع الرواد وفئاتهم كما عموم أنواع السينما بصرف النظر عن مصادرها وتصنيفاتها. في المقابل لا توفر هذه المنصّات البديل المطلوب للأفلام المستقلة ولا تختلف إنتاجاتها عن معظم ما تقوم «هوليوود» بإنتاجه لصالات السينما.

هي حلقة تدور حول نفسها بسرعة، مع أمل أن تنهار يوماً وتعود الحياة إلى بعض ما كانت عليه.