رغم «خلافات الذاكرة»... الجزائر ترتفع صادراتها من الغاز لفرنسا

نائب فرنسي يزور العاصمة الجزائرية لمعاينة حجم «النفوذ الثقافي»

الرئيسان الجزائري والفرنسي نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

رغم «خلافات الذاكرة»... الجزائر ترتفع صادراتها من الغاز لفرنسا

الرئيسان الجزائري والفرنسي نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

بينما قفزت واردات فرنسا من الغاز الجزائري بشكل لافت خلال النصف الأول من العام الجاري، رغم الخلافات السياسية بين البلدين، يوجد حالياً برلمانيّ فرنسي في الجزائر في إطار «مهمة استعلامية» مرتبطة بموازنة «الدبلوماسية والنفوذ الثقافيَين» لبلاده في الخارج.

وأورد تقرير للجمارك الفرنسية أن واردات فرنسا من الغاز الجزائري ارتفعت في الفترة الأخيرة إلى 92.1 في المائة، أي بنحو نصف مشتريات باريس من الغاز في السوق الدولية، ما يجعل حقول النفط والغاز الجزائرية أهم مصدر للطاقة إلى فرنسا، في وقت تقل به الإمدادات إلى أوروبا بسبب تراجع شحنات الغاز الروسي.

وبحسب التقرير ذاته، فإن قيمة الصادرات الجزائرية من المحروقات إلى فرنسا بلغت في الأشهر الستة الأولى من 2023 ما قيمته 2.9 مليار يورو (3.1 مليار دولار)، ويعادل ذلك نمواً يقدر بنحو 35.1 المائة، بالمقارنة مع المدة نفسها من العام الماضي 2022. وفي مقابل ارتفاع واردات فرنسا من الغاز الجزائري خلال هذه الفترة، وصلت قيمة صادرات النفط الخام الجزائري إلى فرنسا خلال المدة نفسها، إلى 9.4 مليون يورو (1.03 مليار دولار)، وفق الأرقام التي رصدتها منصة «الطاقة» المتخصصة.

وأكد تقرير الجمارك أن واردات فرنسا من المشتقات النفطية الجزائرية ارتفعت لتصل إلى 470 مليون يورو (501.7 مليون دولار) خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي؛ أي بنسبة نمو تُقدر بنحو 9.6 في المائة، مقارنة مع النتائج المسجلة خلال المدة نفسها من العام الماضي.

الرئيس الجزائري مع الوزيرة الأولى الفرنسية بالجزائر في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وكانت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن قد بحثت خلال زيارتها إلى الجزائر في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مرفوقة بـ15 عضواً من حكومتها، ملفات اقتصادية مهمة، منها رفع إمدادات الغاز الجزائري. غير أن الصحافة كتبت يومها أن الطرفين لم يتوصلا إلى حل يرضيهما، وأنهما تركا القضية للرئيسين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون للفصل فيها، على أساس أنه كانت هناك زيارة مقررة للرئيس الجزائري إلى باريس في مايو (أيار) 2023. لكن في النهاية لم تجر الزيارة بسبب تصعيد في تصريحات المسؤولين بالبلدين حول مشاكل الهجرة، وما يسمى بـ«أوجاع الماضي الاستعماري».

وفي بداية الحرب في أوكرانيا العام الماضي، جددت شركة المحروقات الحكومية «سوناطراك» عقود توريد الغاز إلى إيطاليا لمدة 10 سنوات، وأعلنت في نهاية فبراير (شباط) 2022 استعدادها لتزويد أوروبا بمزيد من الغاز، خصوصاً عبر خط الأنابيب الذي يربط الجزائر بإيطاليا.

والمعروف أن الجزائر تخطط لاستثمار 40 مليار دولار بين 2022 و2026 في استكشافات النفط والإنتاج والتكرير، وكذلك استكشاف الغاز واستخراجه.

في سياق ذي صلة، يوجد النائب الفرنسي عن الدائرة الانتخابية رقم 7، فرديريك بوتي، بالجزائر، منذ الاثنين، وذلك في إطار «إسداء المشورة بشأن ميزانية الدبلوماسية الثقافية والنفوذ الثقافي»، بحسب وسائل إعلام فرنسية، أوضحت أن مهمة النائب ممثل الفرنسيين بالخارج تدخل في مجال «مصالحة الذاكرتين»، وهو مسعى جارٍ بين البلدين لتجاوز خلافاتهما المرتبطة بآلام الاستعمار.

كما تشمل مهمة البرلماني تدريس اللغة الفرنسية في الطور التعليمي الابتدائي وفي الجامعة بالجزائر، علماً بأن الحكومة الجزائرية أطلقت منذ عام ترتيبات لإدراج الإنجليزية في المدارس والكليات تمهيداً لإزاحة «لغة المستعمر».

البرلماني الفرنسي فرديريك بوتي (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)

ومطلع 2021، أصدرت الرئاسة الفرنسية تقريراً أعده المؤرخ الفرنسي الشهير بن جامان ستورا، يقترح حلولاً لـ«علاج قضية الذاكرة». وقد قابلته الجزائر بالرفض بحجة أنه «يطمس ممارسات الاستعمار بوصفها جريمة ضد الإنسانية».

المؤرخ الفرنسي بن جامان ستورا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وقال قصر الإليزيه يومها إن «مسألة التوبة» عن جرائم الاستعمار مستبعدة تماماً، وفضّل ماكرون مقابل ذلك خطوات رمزية اعتبرتها الجزائر غير كافية، مثل الاعتراف بتعذيب واغتيال المحامي والمناضل الجزائري، علي بومنجل، على أيدي البوليس الاستعماري عام 1957، وبجريمة خطف وقتل المناضل الشيوعي الفرنسي، صديق الثورة الجزائرية، موريس أودان، في العام نفسه.


مقالات ذات صلة

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

الكشف عن معلومات خطيرة تتعلق بتورط جهاز الأمن الخارجي الفرنسي في حملة لتجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر بهدف زعزعة استقرار البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

فيما لا يزال التفاعل «السوشيالي» مستمراً بشأن القصر الرئاسي المصري الجديد في «العاصمة الإدارية» (شرق القاهرة)، خصوصاً مع تكرار الحديث عن «فخامته»، عقب احتضانه الخميس الماضي فعاليات قمة «الدول الثماني النامية»، ردت شركة «العاصمة الإدارية» على الجدل المثار حول «تحمل ميزانية الدولة المصرية تكلفة بناء القصر الجديد».

وأكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة»، خالد عباس، في تصريحات تليفزيونية، مساء الجمعة، أن «القصر الرئاسي الجديد وجميع المباني الحكومية أصول تمتلكها الشركة، ومؤجرة للحكومة بعقد مدته 49 عاماً، فيما يجري سداد القيمة الإيجارية بشكل ربع سنوي للشركة».

وأضاف عباس موضحاً أن الشركة «استثمارية وتهدف إلى تحقيق الربح، عبر قدرتها على استرداد تكلفة المباني ثلاثة أضعاف، وذلك عند انتهاء عقود الإيجار»، مؤكداً أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء هذه المباني التي يوجد من بينها القصر الجديد».

وتأسست شركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية» في مايو (أيار) 2016 كشركة مساهمة مصرية تخضع لقانون الاستثمار، برأسمال مدفوع قيمته 6 مليارات جنيه، موزعة بين «القوات المسلحة» و«هيئة المجتمعات العمرانية» التابعة لوزارة الإسكان (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

وجاءت تأكيدات «العاصمة الإدارية» الأخيرة في وقت يتواصل فيه التفاعل على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، بين «منتقد لبناء القصر الجديد»، ومدافع عنه، باعتبار أن «القصر الرئاسي يعبر عن واجهة الدولة المصرية».

ويرى كبير الباحثين بـ«المركز المصري للفكر والدراسات»، محمد مرعي، أن مشروع «العاصمة الإدارية» من أنجح المشروعات، التي أنجزت بالفعل خلال العقود الماضية، باعتبار أن «فلسفته في تحويل أراضٍ صحراوية لمنطقة عمرانية متكاملة يجري إدارتها مالياً من جانب شركة تهدف للربح، أمر يستحق الإشادة».

وقال برعي لـ«الشرق الأوسط» إن الشركات التي نفذت مشروعات سكنية وعمرانية في العاصمة، هي في غالبيتها شركات خاصة مصرية وأجنبية، وهو ما أتاح توفير فرص عمل، وتوسيع الشريان العمراني للعاصمة، الأمر الذي كان مطلوباً على مدار سنوات عدة، لكن تأخر تنفيذه لأسباب لها علاقة بالتمويل والإرادة السياسية، التي توفرت لتنفيذه في الفترة الماضية.

واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمقر القصر الجديد، الخميس الماضي، زعماء وقادة دول منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، المشاركين من بنغلاديش، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، نيجيريا، باكستان، وتركيا، في ظهور هو الأول للقصر الرئاسي المصري الجديد خلال مناسبة رسمية كبرى.

جانب من القصر الرئاسي في «العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

وعد أستاذ التخطيط العمراني، سيف الدين فرج، بناء المباني الحكومية في العاصمة، ومنها القصر الرئاسي، «خطوة مهمة في ظل الحاجة لمباني تستوعب التغيرات التي حدثت على أعداد السكان، وتعالج التشوهات البصرية التي اتسمت بها المقرات الحكومية القديمة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن مثل هذه المشاريع تساهم في تحقيق أهداف التنمية، مع تسهيل الحركة المرورية في محيطها، وبما يتناسب مع طبيعة الزيادة السكانية المتوقعة في السنوات المقبلة.

وأعلن رئيس شركة «العاصمة الإدارية» بدء العمل في مرافق المرحلة الثانية للعاصمة، خلال الربع الثاني من العام المقبل، مع بيع 70 في المائة من أراضي المرحلة الأولى، إلى جانب دراسة طرح مواقع متميزة متبقية في قلب العاصمة، بهدف زيادة عوائد الشركة المالية، على أن يتم بدء بيع أراضي المرحلة الثانية اعتباراً من عام 2026.

وتبلغ مساحة «العاصمة الإدارية» 170 ألف فدان، فيما تبلغ مساحة المرحلة الأولى 40 ألف فدان من إجمالي المساحة. ويستهدف المشروع جذب حوالي 7 ملايين نسمة، وتشمل المرحلة الأولى بناء «مقار حكومية، ومدينة طبية عالمية، وأخرى رياضية، وقرية ذكية، وقاعات مؤتمرات دولية، ومدينة معارض، ومناطق خدمية وتعليمية، إضافة إلى مناطق للمال والأعمال، وطرق حضارية»، حسب بيانات الرئاسة المصرية.