مطاردة الأسرار… ما لا تعرفه عن «صراع الظل» بين أميركا والصين

المنطاد الصيني يظهر في سماء الولايات المتحدة قبل إسقاطه يوم 5 فبراير (أ.ب)
المنطاد الصيني يظهر في سماء الولايات المتحدة قبل إسقاطه يوم 5 فبراير (أ.ب)
TT

مطاردة الأسرار… ما لا تعرفه عن «صراع الظل» بين أميركا والصين

المنطاد الصيني يظهر في سماء الولايات المتحدة قبل إسقاطه يوم 5 فبراير (أ.ب)
المنطاد الصيني يظهر في سماء الولايات المتحدة قبل إسقاطه يوم 5 فبراير (أ.ب)

عندما انحرف المنطاد الصيني ومر فوق الولايات المتحدة في فبراير (شباط) الماضي، علمت وكالات الاستخبارات الأميركية أن الرئيس الصيني شي جينبينغ غضب من جنرالات جيشه.

سعت وكالات الاستخبارات الأميركية لمعرفة ما قدر المعلومات التي كانت لدى «شي»، وماذا سيفعل بعدما أسقطت الولايات المتحدة المنطاد، الذي كان في الأصل مهمته أن يطير فوق القواعد الأميركية في جزيرتي غوام وهاواي وليس فوق البر الرئيسي للولايات المتحدة.

ورغم أن «شي» لا يعارض عمليات التجسس الخطرة ضد الولايات المتحدة، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن الاستخبارات الأميركية خلصت إلى أن جنرالات جيش التحرير الشعبي الصيني أخفوا المعلومات عن «شي» حتى أصبح المنطاد بالفعل فوق الولايات المتحدة.

لم يفصح المسؤولون الأميركيون عن مصدر معلومات الاستخبارات، لكن التفاصيل التي تعرض للمرة الأولى تشير إلى أنهم اكتشفوا أنه عندما علم «شي» بانحراف المنطاد عن مساره، وقبل محادثات مخطط لها مع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، وبخ جنرالاته لعدم إخباره بالمعلومات حول انحراف مسار المنطاد.

تلقي هذه الجولة الضوء على صراع الجاسوسية السري بين الجانبين الصيني والأميركي. أزمة المنطاد هي جزء صغير من جهود استخباراتية صينية كبيرة تعكس عدائية بكين في جمع الاستخبارات، وتنامي قدرات الولايات المتحدة في جمع الاستخبارات عن الصين.

ترى واشنطن أن التجسس هو جزء حيوي من استراتيجية إدارة بايدن لمواجهة صعود القوة العسكرية والتكنولوجية الصينية، بما يتماشى مع فكرته أن الصين تمثل أكبر خطر على القوة الأميركية على المدى الطويل.

على الجانب الآخر، التصرفات الجريئة لأجهزة الاستخبارات الصينية جاءت بدعم من الرئيس «شي» الذي دفع أجهزة الاستخبارات الخارجية لتكون فعالة أكثر.

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو في بكين (الرئاسة الفنزويلية)

تنصب الجهود الرئيسية لدى الجانبين للحصول على إجابة عن سؤالين: الأول، ما نيات القادة في البلد المنافس؟ وما القدرات العسكرية والتكنولوجية التي يحوزها؟

أكد المسؤولون الأميركيون، الذين لم يفصحوا عن هوياتهم لأنهم يناقشون مسائل استخباراتية، على ضخامة التحدي الذي يواجهونه.

فوكالة «الاستخبارات المركزية الأميركية» تركز في جمع المعلومات عن شي جينبينغ نفسه، بينما تكثف وحدة الاستخبارات المضادة بمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) جهودها لاصطياد العملاء الصينيين داخل الولايات المتحدة، حيث كشف العملاء الأميركيون عن 12 حالة لاختراق مواطنين صينيين لقواعد عسكرية على الأراضي الأميركية خلال آخر سنة.

يسابق البلدان بعضهما البعض لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يعتقدون بأنها حيوية لبقاء تفوقهم العسكري والاقتصادي ومنح وكالات الاستخبارات لديهم قدرات جديدة.

وأنشأت وكالة «الاستخبارات المركزية» ووكالة «استخبارات الدفاع» مراكز جديدة للتجسس على الصين. وشحذ المسؤولون الأميركيون كل طاقاتهم من أجل اعتراض الاتصالات الصينية بما فيها إرسال طائرات تجسس قرب سواحل الصين.

ويقول كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) إن صراع الجواسيس مع الصين أكبر تكلفة من صراع التجسس مع الاتحاد السوفياتي وقت الحرب الباردة. فعدد سكان الصين الكبير واقتصادها سمح لها ببناء وكالات استخباراتية أكبر من مثيلاتها لدى الولايات المتحدة.

ويضيف راي: «مقارنة بالصين، فإننا لدينا عدد أقل (من العملاء) على الأرض. ويقع على عاتقنا حماية الأميركيين داخل أميركا. وهذا أكبر تحد لجيلنا».

مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي في مجلس الشيوخ (رويترز)

في الجهة المقابلة ترى الصين الأمر بشكل مختلف، فيقول وانغ بين المتحدث باسم الخارجية الصينية «الولايات المتحدة هي الدولة رقم واحد في التجسس ولديها أكبر شبكات تجسس في العالم».

يستخدمون كل ما لديهم

قد يؤخر التجسس الانزلاق نحو الحرب ويساعد في تسهيل المفاوضات، لكنه أيضا قد يسرع من النزاع المسلح أو يؤدي لخلافات دبلوماسية.

في نهاية فبراير الماضي، وبعدما ألغى وزير الخارجية الأميركية بلينكن رحلته إلى الصين بسبب حادثة المنطاد، واجه بلينكن دبلوماسيا صينيا كبيرا بمعلومات استخباراتية تشير إلى أن بكين تدرس تزويد روسيا بالأسلحة.

يقول مسؤول أميركي إن هذه المواجهة زادت التوتر بين الجانبين لكنها أيضا قد تكون منعت الصين من تزويد روسيا بالأسلحة.

وعندما قام بلينكن برحلته إلى الصين في يونيو (حزيران) ناقش نشاطات الاستخبارات الصينية في كوبا مع المسؤولين الصينيين.

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال لقاء وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في بكين (رويترز)

وتمثل الأقمار الاصطناعية المتطورة والاختراقات السيبرانية أهم وسائل جمع المعلومات الاستخباراتية لدى الصين. واستطاعت استخدام أسطول من مناطيد التجسس البسيطة لجمع المعلومات.

وحذرت الحكومة الأميركية حلفاءها من أن استخدام الدول لتكنولوجيا الاتصالات الصينية سيزيد من قدرة بكين على التجسس الإلكتروني.

ويقول مسؤول أميركي إن الذكاء الاصطناعي أصبح ساحة تنافس جديدة، فالحكومة الأميركية ترى الذكاء الاصطناعي وسيلة لمواجهة تفوق الصين من حيث عدد السكان، بينما يأمل المسؤولون الصينيون في أن يساعدهم الذكاء الاصطناعي في مواجهة التفوق العسكري الأميركي، عن طريق السيطرة على الفضاء وتحديد مواقع الغواصات الأميركية.

المسؤولون الأميركون قلقون أيضا من سعي وكالة الاستخبارات الصينية الرئيسية (وزارة أمن الدولة) لتجنيد عملاء داخل الحكومة الأميركية وفي شركات التكنولوجيا والصناعات الدفاعية.

ويستخدم العملاء الصينيون مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة «لينكد إن»، للبحث عن عملاء محتملين. وأي أميركي يعلن أنه يعمل في مجال الاستخبارات، يتوقع سيلا من طلبات التواصل من أفراد صينيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لمسؤولين حاليين وسابقين.

ووسعت الوكالات الفيدرالية الأميركية، بهدوء، من نشاطها داخل الولايات المتحدة للإمساك بالجواسيس. ويقول كريستوفر راي إن «مكتب التحقيقات الفيدرالي لديه آلاف القضايا المفتوحة بخصوص نشاطات تجسس صينية، وكل مكتب من الـ 56 مكتبا المنتشرة على الأراضي الأميركية لديه قضايا مفتوحة يعمل عليها، وكل مكتب ميداني أصبح يضم قوة مكافحة تجسس تركز على نشاطات الاستخبارات الصينية».

تشمل هذه التحقيقات محاولات العملاء الصينيين لتجنيد المخبرين، وسرقة المعلومات، واختراق الأنظمة، ومراقبة ومضايقة المنشقين الصينيين في الولايات المتحدة.

ويوضح راي: «إنهم يسعون خلف كل شيء، ما يجعل جهاز الاستخبارات الصيني خبيثا بأنه يستخدم كل وسيلة ممكنة ضدنا، كلها في نفس الوقت. بمزج الاستخبارات البشرية والسيبرانية، والاستثمارات لتحقيق أهدافهم الاستراتيجية».

فن قراءة العقول

تمثل قرارات ونيات الرئيس الصيني أهم معلومات استخباراتية تسعى الوكالات الأميركية للحصول عليها، وفي الوقت نفسه تمثل أصعب المعلومات الاستخباراتية التي يمكن السعي إليها.

فمثلا، تسعى الاستخبارات الأميركية لمعرفة لماذا يخضع وزير الدفاع الصيني الجنرال لي شانغ فو للتحقيق بتهم فساد، ولماذا أيضا أقال شي جينبينغ وزير الخارجية تشين جانغ.

قبل 10 سنوات، قضت الاستخبارات الصينية على كامل شبكة التجسس الأميركية في الصين. ويقول مسؤول استخباراتي سابق إن الصين لديها برمجيات ذكاء اصطناعي يمكنها التعرف على الوجوه وتتبع خطوات العملاء الأميركيين، ما يعني أن طرق التنكر والتخفي التقليدية لم تعد كافية لتفادي الانكشاف.

ويوضح مسؤولون سابقون في مجال الاستخبارات أن ضباط الاستخبارات الأميركيين الآن يقضون أياما، بدلا من ساعات، في تضليل أي مراقب قبل أن يقابلوا عملاءهم أو مصادرهم.

بعدما تسربت الهويات السرية للعملاء الذين يعملون لصالح أميركا وأدت للقضاء عليهم، واجهت الولايات المتحدة تحديات كبيرة في إعادة بناء شبكة عملائها وذلك بسبب توسع الصين في استخدام شبكات المراقبة الإلكترونية ما جعل من الصعب أن يقابل ضابط استخبارات أميركي عملاء داخل الصين.

يقلص الرئيس الصيني وكبار القادة استخدامهم للهواتف والاتصالات الإلكترونية ليجعلوا من الصعب على أجهزة الاستخبارات الأجنبية اعتراض محادثاتهم.

لكن مسؤولين صينيين آخرين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية ما يمنح وكالات الاستخبارات الأميركية الفرصة لاعتراض المعلومات (فيما يسمى استخبارات الإشارات) لمعرفة النقاشات الداخلية بين المسؤولين الصينيين.

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال لقاء بقادة عسكريين صينيين في سبتمبر 2023 (الجيش الصيني)

ووفقا لمسؤول أميركي، فإن وكالة «الاستخبارات المركزية» كانت تتابع المنطاد الصيني منذ وقت إطلاقه في يناير (كانون الثاني) من جزيرة هاينان الصينية.

ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن القادة في اللجنة المركزية العسكرية التي يرأسها الرئيس «شي» لم تكن على علم بهذه الرحلة تحديدا إلا عندما بدا أنها ستتسبب في أزمة، وقتها صب القادة جام غضبهم على الجنرالات المسؤولين عن الإشراف على برنامج المراقبة.

ومنذ ذلك الوقت، أوقفت الصين برنامج مناطيد التجسس، لكن مسؤولين أميركيين يعتقدون بأن بكين ستعيد تفعيل البرنامج مرة أخرى لاحقا.

مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» ويليام بيرنز (رويترز)

منذ أن ترأس وليام بيرنز وكالة «الاستخبارات المركزية» الأميركية (CIA) فإن الوكالة عينت المزيد من الخبراء في الشأن الصيني، وأنفقت المزيد على الجهود المتعلقة بالصين، وأنشأت مراكز جديدة تعمل على الملف الصيني.

ورغم أن المسؤولين الأميركيين يرفضون الإفصاح عن تفاصيل عمل شبكة المخبرين، فإن بيرنز قد قال، بشكل علني في يوليو (تموز)، إنه حقق تقدما في إعادة بناء «قدرات استخبارات بشرية قوية».

كشفت وزارة العدل الأميركية في يوليو عن تحقيق يشير إلى أن رجال أعمال صينيين على صلة بالحكومة كانوا يحاولون تجنيد جيمس ويلسلي، مدير وكالة «الاستخبارات المركزية» السابق، والذي كان مرشحا للانضمام لمجلس الأمن القومي في إدارة ترمب عقب الانتخابات الرئاسية في عام 2016.

ومؤخرا، استهدفت عملية اختراق معقدة خدمة سحابية تابعة لشركة «مايكروسوفت» تسببت في تسريب رسائل بريد إلكتروني لكبار الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأميركية، من بينهم السفير الأميركي في بكين ووزيرة التجارة جينا رايموندو.

ويتخذ المسؤولون الأميركيون إجراءات مضادة معقدة خلال سفرهم إلى الصين لمنع تسرب الأسرار الحكومية. ويتسلمون هواتف وأجهزة كمبيوتر مؤقتة يمكن التخلي عنها، ويتلقون أوامر بترك هواتفهم الاعتيادية في المنزل قبل السفر.

قياس القوة العسكرية

يقول محللون إن أكبر قضية تواجه العلاقات الأميركية الصينية هي تايوان، وهي النقطة التي يمكن عندها أن تتحول الأمور إلى حرب بين الطرفين.

يقول الرئيس «شي» إن الصين يجب أن تسيطر على تايوان وإنه أمر الجيش بأن يكون مستعدا لذلك بحلول عام 2027.

ولكن حتى الآن ليس لدى الولايات المتحدة وحلفائها معلومات استخباراتية مؤكدة عن نية الرئيس الصيني بالمضي قدما في غزو تايوان فعلا.

في الجهة المقابلة، الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن 4 مرات أن الجيش الأميركي سيدافع عن تايوان في حال حاولت الصين الاستيلاء على الجزيرة. والأسئلة المتعلقة بهذا الملف في صميم اهتمام الاستخبارات الصينية.

يركز المسؤولون الأميركيون والصينيون على جمع المعلومات عن القدرات العسكرية لبعضهما البعض، خاصة في ظل غياب معلومات استخباراتية حقيقية عن نيات كل طرف. فالولايات المتحدة كثفت من المراقبة الجوية للقواعد العسكرية الصينية.

في الوقت نفسه، اخترق العملاء الصينيون على مدار عقد من الزمن أجزاء من الحكومة التايوانية، وفقا لمسؤول استخباراتي أميركي.

ويسعى العملاء الصينيون لكشف جهود الولايات المتحدة لتزويد تايوان بأنواع معينة من الأسلحة، وتفاصيل تقديم تدريبات سرية لقوات تايوان. وكذلك معرفة المزيد من التفاصيل حول التعاون بين الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين.

يتساءل النائب مايك جالجر، جمهوري من ويسكونسن ورئيس لجنة الصين في مجلس النواب، «لماذا كل هذا؟ في رأيي، وبناء على نشاطهم حول قواعدنا العسكرية، وعملياتهم السيبرانية، إنهم يعدون العدة لتايوان».

ويشير مسؤولون أميركيون إلى أن الصين ترغب في معرفة المزيد عن مدى جاهزية الجيش الأميركي، وهو ما يفسر محاولتهم مراقبة القواعد الأميركية. ويتابعون: «خلال آخر 12 شهرا تتبعنا مواطنين صينيين يحاولون التسلل للقواعد الأميركية لالتقاط الصور وقياس النشاطات الكهرومغناطيسية. بعض هذه المحاولات يركز على القواعد التي يمكن أن يكون لها دور حال اندلع نزاع في تايوان».

في أغسطس (آب) اتهمت وزارة العدل الأميركية اثنين من البحارة بتزويد عملاء للاستخبارات الصينية بمعلومات، ونفى الاثنان التهمة.

قالت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هاينز، أمام الكونغرس في مارس (آذار)، إنها تعتقد أن الصين لا تسعى للحرب في تايوان في الوقت الحالي.

وأضافت: «تقييماتنا خلصت إلى أن بكين ما زالت تؤمن بأنها تستفيد أكثر بمنع تصاعد التوتر والحفاظ على استقرار علاقتها بالولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

بين عدالة الخوارزمية وضمير الطبيب

علوم الإفصاح... أساس الثقة بين الطبيب والمريض

بين عدالة الخوارزمية وضمير الطبيب

لم يعد الذكاء الاصطناعي في الطب ضيفاً تجريبياً، ولا فكرةً مستقبلية تُناقَش في مؤتمرات النخبة. لقد دخل العيادة بهدوء، وجلس إلى جوار الطبيب دون معطف أبيض، وبدأ…

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)
الاقتصاد علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

يزيد المستثمرون العالميون من رهاناتهم على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، متوقعين نجاح نماذج عدة قادمة على غرار «ديب سيك».

«الشرق الأوسط» (نيويورك-هونغ كونغ)
تكنولوجيا ألعاب الأطفال المدعومة بالذكاء الاصطناعي... تخرج عن السيطرة

ألعاب الأطفال المدعومة بالذكاء الاصطناعي... تخرج عن السيطرة

خبراء يدعون إلى مقاطعة شرائها

كريس ستوكل - والكر (واشنطن)
الاقتصاد سفينة شحن في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)

بفضل «الذكاء الاصطناعي».. صادرات تايوان تسجل أسرع نمو في 5 سنوات

شهدت طلبات التصدير التايوانية في نوفمبر (تشرين الثاني) أسرع وتيرة نمو منذ نحو خمس سنوات، مدفوعة بالطلب المتزايد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد متداول يراقب شاشات تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (إ.ب.أ)

العقود الآجلة الأميركية تصعد مع تجدد الحماس للذكاء الاصطناعي

افتتحت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية أسبوع التداول القصير بسبب عطلة عيد الميلاد على ارتفاع مدفوعة بصعود أسهم التكنولوجيا

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

روسيا تتهم أميركا بممارسة «سلوك رعاة البقر» ضد فنزويلا

الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)
الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتهم أميركا بممارسة «سلوك رعاة البقر» ضد فنزويلا

الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)
الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)

اتهمت الصين وروسيا، الثلاثاء، الولايات المتحدة بممارسة «التنمر» وانتهاج «سلوك رعاة البقر» تجاه فنزويلا، خلال اجتماع طارئ محتدم لمجلس الأمن الدولي عُقد في نيويورك.

وخلال الاجتماع الذي دعت إليه كاراكاس، أعلن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ليس رئيساً شرعياً؛ بل هو «مجرم» يستثمر عائدات مبيعات النفط في صفقات مخدرات، حسبما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال الاجتماع (أ.ف.ب)

من جانبه، اتهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الولايات المتحدة باتباع «سلوك رعاة البقر» في حملتها للضغط على فنزويلا، بما في ذلك فرض حصار غير قانوني على سواحل الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال الاجتماع (إ.ب.أ)

وقال نيبينزيا إن هذا الحصار يشكل انتهاكاً للمعايير الأساسية للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، ويمثل «أوضح وأخطر عمل عدواني حقيقي»، محذراً من عواقب كارثية على سكان فنزويلا.

أما الصين التي تستورد النفط من فنزويلا، فوصفت الإجراءات الأميركية الأحادية بأنها «تنمر»، وانتقدت التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الكاريبية. وقال الممثل الصيني سون لي إن هذه السياسات تهدد السلام والاستقرار في أميركا اللاتينية، مؤكداً ضرورة ضمان حرية الملاحة.

سفير الصين لدى الأمم المتحدة سون لي خلال الاجتماع (إ.ب.أ)

بدوره، رفض السفير الفنزويلي لدى الأمم المتحدة، صامويل مونكادا، الاتهامات الأميركية، واتهم واشنطن بشن «حرب حصار غير قانونية».

وقال مونكادا: «يجب أن يعلم العالم أن التهديد ليس فنزويلا، التهديد هو حكومة الولايات المتحدة الحالية»، مضيفاً أن هدف واشنطن «ليس المخدرات، ولا الأمن، ولا الحرية؛ بل النفط والمناجم والأراضي».

السفير الفنزويلي لدى الأمم المتحدة صامويل مونكادا (إ.ب.أ)

ووصف الممثل الفنزويلي لدى الأمم المتحدة الادعاء باستخدام عائدات النفط لتمويل تجارة المخدرات بأنه «أمر عبثي».

وكانت كاراكاس قد طلبت عقد اجتماع مجلس الأمن بدعم من موسكو وبكين. ولم يصدر عن الاجتماع أي قرار رسمي.


رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)
وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)
وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)

​قال رئيس وزراء غرينلاند، ينس-فريدريك نيلسن، الثلاثاء، إنه يشعر بـ«الحزن» ‌إزاء تعبير ‌الرئيس ⁠الأميركي ​دونالد ‌ترمب مجدداً عن اهتمامه بالاستحواذ على الجزيرة الواقعة في القطب الشمالي.

وأدلى ⁠نيلسن بتصريحاته ‌على «فيسبوك» بعد ‍أن أكد ‍ترمب أمس، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى ​غرينلاند لأسباب تتعلق بأمنها القومي، مشيراً ⁠إلى أن المبعوث الخاص الذي عيَّنه للجزيرة الشاسعة الغنية بالمعادن «سيقود هذه المهمة».


«الناتو» يرجّح تطوير روسيا سلاحاً جديداً لاستهداف أقمار «ستارلينك»

سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)
سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)
TT

«الناتو» يرجّح تطوير روسيا سلاحاً جديداً لاستهداف أقمار «ستارلينك»

سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)
سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)

تعمل روسيا على تطوير سلاح جديد مضادّ للأقمار الاصطناعية، صُمّم خصيصاً لاستهداف منظومة «ستارلينك» التابعة لرجل الأعمال إيلون ماسك، وفق ما أفادت تقارير استخباراتية صادرة عن دولتين في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو).

وبحسب وثائق اطّلعت عليها وكالة «أسوشييتد برس»، يهدف السلاح، المعروف باسم «سلاح تأثير المنطقة»، إلى إغراق مدارات أقمار «ستارلينك» بمئات الآلاف من المقذوفات عالية الكثافة.

وقد يسمح هذا النوع من الأسلحة بتعطيل عدد كبير من الأقمار الاصطناعية دفعة واحدة، لكنه ينطوي في الوقت ذاته على مخاطر أضرار جانبية كارثية قد تطال أنظمة فضائية أخرى عاملة في المدار.

وتشير التقارير إلى أن الهدف من هذا التطوير يتمثل في الحد من التفوق الغربي في الفضاء، الذي لعب دوراً محورياً في دعم أوكرانيا ميدانياً خلال الحرب الجارية.

غير أن محللين لم يطّلعوا على هذه المعطيات تحديداً أعربوا عن تشككهم، متسائلين عمّا إذا كان يمكن نشر مثل هذا السلاح من دون التسبب في فوضى غير قابلة للسيطرة في الفضاء. وأشاروا إلى أن هذه الفوضى قد تطال ليس فقط جهات غربية، بل أيضاً شركات ودولاً، من بينها روسيا وحليفتها الصين، التي تعتمد على آلاف الأقمار الاصطناعية في المدار لتأمين الاتصالات والدفاع واحتياجات حيوية أخرى.

وأضاف المحللون أن التداعيات الكبيرة المحتملة، بما في ذلك المخاطر التي قد تهدد أنظمة روسيا الفضائية نفسها، قد تشكّل في نهاية المطاف عامل ردع لموسكو يحول دون نشر هذا السلاح أو استخدامه.

وقالت فيكتوريا سامسون، المتخصصة في أمن الفضاء في مؤسسة «العالم الآمن»، التي تشرف على الدراسة السنوية للمنظمة حول أنظمة الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية: «لا أقتنع بهذا الطرح إطلاقاً... حقاً لا أصدّقه». وأضافت: «سأُفاجأ كثيراً، بصراحة، إذا أقدموا على خطوة من هذا النوع».

في المقابل، قال قائد قسم الفضاء في الجيش الكندي، البريغادير جنرال كريستوفر هورنر، إن احتمال العمل الروسي على مثل هذه القدرات لا يمكن استبعاده، في ضوء اتهامات أميركية سابقة أفادت بأن موسكو تسعى أيضاً إلى تطوير سلاح نووي فضائي عشوائي التأثير.

وأضاف هورنر: «لا أستطيع القول إنني اطّلعت على إحاطة بشأن هذا النوع من الأنظمة، لكنه ليس أمراً غير قابل للتصديق». وتابع: «إذا كانت التقارير المتعلقة بالسلاح النووي دقيقة، وإذا كانوا مستعدين لتطويره والذهاب إلى هذا الحد، فلن يكون مفاجئاً بالنسبة لي أن يكون لديهم ضمن نطاق تطويرهم ما هو أدنى من ذلك قليلاً، لكنه لا يقل ضرراً عنه».

ولم يردّ المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف على طلبات وكالة «أسوشييتد برس» للتعليق. وكانت روسيا قد دعت في السابق إلى جهود داخل الأمم المتحدة لمنع نشر الأسلحة في المدار، في حين قال الرئيس فلاديمير بوتين إن موسكو لا تنوي نشر أسلحة نووية في الفضاء.

سلاح يستهدف عدة أهداف

وعُرضت النتائج الاستخباراتية على وكالة «أسوشييتد برس» بشرط عدم الكشف عن هوية الأجهزة المعنية، في حين لم تتمكن الوكالة من التحقق بشكل مستقل من خلاصات هذه النتائج.

ولم تردّ قوة الفضاء الأميركية على الأسئلة التي وُجّهت إليها عبر البريد الإلكتروني. ومن جهتها، قالت قيادة الفضاء في الجيش الفرنسي، في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»، إنها لا تستطيع التعليق على هذه النتائج، لكنها أضافت: «يمكننا أن نؤكد أن روسيا كثّفت في السنوات الأخيرة أنشطة غير مسؤولة وخطِرة، بل عدائية، في الفضاء».

تشير النتائج الاستخباراتية إلى أن روسيا ترى منظومة «ستارلينك» على وجه الخصوص تهديداً خطيراً. وقد لعبت آلاف الأقمار الاصطناعية ذات المدار المنخفض دوراً محورياً في صمود أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي الشامل، الذي يدخل عامه الرابع.

ويُستخدم الإنترنت عالي السرعة الذي توفره «ستارلينك» من قبل القوات الأوكرانية في الاتصالات الميدانية وتوجيه الأسلحة ومهام أخرى، كما يعتمد عليه المدنيون والمسؤولون الحكوميون في المناطق التي تضررت فيها الاتصالات جراء الضربات الروسية.

وكان مسؤولون روس قد حذّروا مراراً من أن الأقمار الاصطناعية التجارية التي تخدم الجيش الأوكراني قد تُعدّ أهدافاً مشروعة. وقالت روسيا هذا الشهر إنها نشرت نظاماً صاروخياً أرضياً جديداً من طراز «إس-500»، قادراً على استهداف أهداف في المدار المنخفض.

وبخلاف صاروخ اختبرته روسيا عام 2021 لتدمير قمر اصطناعي متوقف عن العمل يعود إلى حقبة الحرب الباردة، فإن السلاح الجديد قيد التطوير يهدف، بحسب النتائج الاستخباراتية، إلى استهداف عدة أقمار لـ«ستارلينك» في آن واحد، عبر مقذوفات قد تُطلقها تشكيلات من أقمار اصطناعية صغيرة لم تُطلق بعد.

وقال هورنر إنه من الصعب تصور كيفية حصر سحب المقذوفات لاستهداف «ستارلينك» فقط، محذراً من أن الحطام الناتج قد يخرج «عن السيطرة بسرعة».

وأضاف: «تفجير حاوية مليئة بكرات معدنية صغيرة سيغطي نظاماً مدارياً كاملاً، وسيقضي على كل أقمار (ستارلينك) وكل الأقمار الأخرى الموجودة في المدار نفسه. وهذا هو الجانب المقلق للغاية».

نظام قد يكون تجريبياً

ولم تحدد النتائج التي اطّلعت عليها وكالة «أسوشييتد برس» موعداً محتملاً لامتلاك روسيا القدرة على نشر هذا النظام، كما لم توضح ما إذا كان قد خضع للاختبار، أو إلى أي مرحلة وصل البحث والتطوير.

وقال مسؤول مطّلع على النتائج وعلى معلومات استخباراتية أخرى لم تُكشف للوكالة، إن النظام قيد التطوير النشط، وإن تفاصيل توقيت نشره المتوقّع شديدة الحساسية ولا يمكن مشاركتها. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته.

ورجّحت سامسون أن تكون هذه الأبحاث الروسية ذات طابع تجريبي فحسب. وقالت: «لا أستبعد أن يعمد بعض العلماء إلى تطوير فكرة كهذه باعتبارها تجربة فكرية مثيرة، على أمل أن يتمكنوا يوماً ما من إقناع حكومتهم بتمويلها». وأضافت سامسون أن التلويح بتهديد روسي جديد محتمل قد يكون أيضاً محاولة لاستدراج رد فعل دولي.

وقالت سامسون: «غالباً ما يروّج أصحاب هذه الأفكار لها؛ لأنهم يريدون من الجانب الأميركي تطوير قدرات مماثلة، أو لتبرير زيادة الإنفاق على قدرات مواجهة التهديدات الفضائية، أو لاعتماد نهج أكثر تشدداً تجاه روسيا». وأضافت: «لا أقول إن هذا ما يحدث في هذه الحالة تحديداً، لكن من المعروف أن بعض الأطراف تستخدم مثل هذه الطروحات المتطرفة لتحقيق أهدافها».

مقذوفات صغيرة قد تمرّ دون رصد

وتشير النتائج الاستخباراتية إلى أن المقذوفات ستكون صغيرة جداً، لا يتجاوز حجمها بضعة مليمترات، ما قد يمكّنها من الإفلات من أنظمة الرصد الأرضية والفضائية التي تراقب الأجسام في الفضاء، الأمر الذي قد يصعّب تحديد الجهة المسؤولة عن أي هجوم وربطه بموسكو.

وقال كلايتون سووب، المتخصص في أمن الفضاء والتسلّح في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن «عدم القدرة على تتبّع المقذوفات سيعقّد الأمور»، لكنه أضاف أن «الناس سيتمكنون في النهاية من استنتاج ما حدث». وتابع: «إذا بدأت الأقمار الاصطناعية تتعطّل وتتضرر، فمن السهل ربط النقاط».

ولا يزال حجم الدمار الذي قد تُحدثه هذه المقذوفات الصغيرة غير واضح. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) كان اصطدام يُشتبه بأنه ناجم عن قطعة صغيرة من الحطام كافياً لإلحاق أضرار بمركبة فضائية صينية كانت مخصّصة لإعادة ثلاثة رواد فضاء إلى الأرض.

وقال سووب إن «الضرر الأكبر سيصيب على الأرجح الألواح الشمسية؛ لأنها الأكثر هشاشة»، مضيفاً أن ذلك «قد يكون كافياً لإلحاق أذى بالقمر الاصطناعي وإخراجه من الخدمة».

«سلاح ترهيب» يهدد بفوضى فضائية

ويرى محللون أن المقذوفات والحطام الناتج عن أي هجوم من هذا النوع قد يعودان تدريجياً نحو الأرض، ما قد يعرّض أنظمة فضائية أخرى للخطر أثناء سقوطهما.

وتدور أقمار «ستارلينك» على ارتفاع يقارب 550 كيلومتراً فوق سطح الأرض، في حين تعمل محطة «تيانغونغ» الصينية الفضائية ومحطة الفضاء الدولية في مدارات أدنى، «ما يعني أن كلتيهما ستواجه مخاطر محتملة»، وفق سووب.

وأضاف أن الفوضى الفضائية التي قد يتسبب فيها مثل هذا السلاح قد تمكّن موسكو من تهديد خصومها من دون الحاجة إلى استخدامه فعلياً. وقال: «يبدو الأمر وكأنه سلاح ترهيب، يُستخدم للردع أو لإيصال رسالة معينة».

من جهتها، رأت سامسون أن العيوب الكبيرة لسلاح المقذوفات العشوائي قد تدفع روسيا في نهاية المطاف إلى العدول عن هذا المسار.

وقالت سامسون: «لقد استثمروا قدراً هائلاً من الوقت والمال والموارد البشرية ليصبحوا قوة فضائية». وأضافت أن استخدام مثل هذا السلاح «سيؤدي فعلياً إلى قطع الوصول إلى الفضاء عنهم أيضاً»، متسائلة: «لا أعلم ما إذا كانوا مستعدين للتضحية بكل ذلك».