«آفاق الهوية والثقافة في العالم المعاصر وتحدياتها» على طاولة «قمة العلا للآثار»

آفاق الهوية والثقافة في العالم المعاصر وتحدياتها على طاولة قمة العلا للآثار (قمة العلا)
آفاق الهوية والثقافة في العالم المعاصر وتحدياتها على طاولة قمة العلا للآثار (قمة العلا)
TT

«آفاق الهوية والثقافة في العالم المعاصر وتحدياتها» على طاولة «قمة العلا للآثار»

آفاق الهوية والثقافة في العالم المعاصر وتحدياتها على طاولة قمة العلا للآثار (قمة العلا)
آفاق الهوية والثقافة في العالم المعاصر وتحدياتها على طاولة قمة العلا للآثار (قمة العلا)

مساهمة علم الآثار في تشكيل الهوية وتأثيرها على مستوى تشكيل ماهيات الإنسان منفرداً ومجتمعاً، ودورها في نسج عالم مترابط، والكثير من هموم قطاع الآثار وآفاق الهوية والثقافة في عالم معاصر يتبلور باستمرار، كانت محور وعناصر النقاش الذي بدأ مع انطلاق أعمال قمة العلا العالمية للآثار، في حضن التاريخ وبين أرض الحضارات بمنطقة العلا السعودية.

وانطلقت جلسات اليوم الثاني من القمة، التي تجمع المختصين والخبراء والمعنيين في مجال علم الآثار من حول العالم، للتحاور والمشاركة في أهمية التراث الثقافي، وركزت أولى الجلسات على موضوع الهوية الذي يشكل واحداً من أربعة محاور للقمة تشمل موضوعات الهوية ومواقع الآثار والمرونة وإمكانية الوصول إلى التراث.

وافتُتحت جلسات القمة بحوار تمهيدي يؤسس من العلا لمرحلة جديدة وطموح في قطاع الآثار تجمع العلماء والخبراء والمختصين، من مختلف دول العالم، حيث تلتقي دروبهم في العلا أرض الحضارات، لإثراء مشهد علم الآثار، وتعزيز الحفاظ على الإرث الثقافي العالمي، وشهدت الجلسات المعرفية مناقشة موضوعات متعددة منها تحديات وفرص علم الآثار والتراث، وتسليط الضوء على دور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في جعل التراث أكثر إمكانية في الوصول إلى الجمهور.

تعظيم المنفعة من الاكتشافات الأثرية

قال عمرو المدني، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للعلا، إن نخبة خبراء علم الآثار من حول العالم يجتمعون في العلا للنقاش وتبادل الرؤى المشتركة، من أجل المعرفة والتواصل الإنساني وبحث سبل معالجة التحديات وتعظيم المنفعة من الاكتشافات الأثرية والتطبيقات العلمية والتقنية المصاحبة لها، وذلك من خلال أكثر من 30 جلسة معرفية وحوارية، ومشاركة فاعلة من جيل قادم يسعى لإكمال المسيرة.

وأشار المدني إلى أن الملتقى المعرفي الذي انطلق في العلا، يسعى لأن يكون محطة مهمة للباحثين والخبراء في مجال الآثار والتراث الإنساني، انطلاقاً من «العلا عاصمة التراث الثقافي، وملتقى القوافل والتجارة قديماً، وملتقى الباحثين والعلماء والخبراء والمبدعين حديثاً، وأيقونة عالم الدراسات الأثرية والتاريخية، وكنز الإرث الإنساني، وجوهرة في تاج التراث العالمي، بأكثر من موقع تاريخي ومحمية طبيعية، تفاعلت جميعها لآلاف السنين مع حضارات سكنتها وخلّدت فيها ذكراها».

وأضاف المدني أن تنظيم هذه القمة وبمشاركة واسعة من المختصين والمعنيين في قطاع الآثار والثقافة، تجسيد للالتزام بـ«رؤية المملكة 2030» للحفاظ على التراث العالمي وصونه، ومشاركة العالم توجهات السعودية وتطلعاتها للعمل مع المجتمع الدولي، للحفاظ على هذا الإرث الإنساني العظيم، وصون التاريخ العالمي المشترك وتقديمه للأجيال القادمة.

تؤسس قمة العلا لمرحلة جديدة وطموح في قطاع الآثار (قمة العلا)

مكانة العلا في رحلة تطور البشرية

قال عبد الرحمن السحيباني، المدير المكلف إدارة المتاحف والمعارض في الهيئة الملكية للعلا، إن ضيوف القمة سيشاركون في زيارات بعض المعالم الأثرية في العلا، كجزء من البرنامج ومنها موقع دادان، عاصمة مملكتَي دادان ولحيان. واستعرض السحيباني جزءاً من تاريخ منطقة العلا، في كلمة أمام جمع المشاركين في القمة، وفصولاً من التاريخ الطويل لها، ومشاريع البحث والتنقيب لاستكشاف المزيد من أسرارها وما تنطوي عليه أرض العلا التي تزخر بالتراث والإرث الإنسانيين، وتتعالى شواهدها لتؤكد عمق تاريخها. وقال: «لقد زادت معرفة العالم عن هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية، عندما أُدرج موقع الحجر الأثري شمال العلا، موقعاً للتراث العالمي في عام 2008، وهو أول موقع سعودي ينضم إلى هذه القائمة الدولية».

وأكد السحيباني أن الاكتشافات والأصول الثقافية المهمة التي اكتُشفت في منطقة العلا، تدل على ازدهار الجماعات التي استوطنت أراضي شبه الجزيرة العربية قديماً، مما يعزز مكانة هذه الأرض في رحلة تطور الحضارة البشرية، ومحاولات الإنسان القديم خلق نشاط يعزز جودة الحياة في مجتمعه وبيئته.

ركزت أولى الجلسات على موضوع الهوية الذي يشكل أحد 4 محاور للقمة (قمة العلا)

إثراء مشهد علم الآثار

وتجمع قمة العلا العالمية للآثار التي انطلقت (الأربعاء)، وتستمر لثلاثة أيام، نخبة من المختصين في مجال علم الآثار والتراث الثقافي، وتوفر فرصة مهمة لتعزيز النقاش العابر للثقافات والحوارات الهادفة بين مختلف القطاعات.

وتسعى القمة العالمية إلى الارتقاء بعلم الآثار والتراث الثقافي والترويج له أمام جماهير متنوعة وتحفيز التفكير المتبصر لصياغة حلول تراثية تعاونية لتحديات العصر الحديث في مختلف القطاعات. كما ستسهم قمة العلا العالمية للآثار في الجهود الرامية إلى النهوض بهذا القطاع الحيوي من خلال الاستفادة من الرؤى القيّمة والفريدة التي سيقدمها الخبراء المدعوون من خارجه والقطاعات المرتبطة به، وكوكبة من أصحاب الرؤى والأفكار المتبصرة مع الجهات الفاعلة على أرض الواقع، لإثراء مشهد علم الآثار وتعزيز الحفاظ على الإرث الإنساني والتاريخ المشترك.

شهدت الجلسات مناقشة تحديات وفرص علم الآثار والتراث (قمة العلا)

وأصدرت مؤسسة البريد السعودي «سبل»، طابعاً تذكارياً فئة 3 ريالات، احتفاءً بالحدث الفريد الذي تنظمه الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بحضور أكثر من 300 مشارك من المسؤولين الحكوميين ورؤساء المنظمات والجمعيات المعنية بالآثار والتراث الثقافي، وعشرات العلماء والمختصين من المملكة ومختلف دول العالم. وهو جزء من تقليد لدى مؤسسة البريد السعودي «سبل» لإصدار الطوابع البريدية ومواكبة أبرز الأحداث الوطنية ومنها المناسبات الدينية، والثقافية، والفنية، والرياضية، وغيرها، بالإضافة إلى أهم المناسبات الدولية، حيث تصدر الطوابع البريدية والتذكارية، ليحاكي كل طابع منها حدثاً مهماً، أو لتخليد مشهد بارز في التاريخ السعودي، مما يجعلها خياراً مثالياً لهواة جمع الطوابع في أنحاء العالم، وكذلك للمؤرخين المهتمين بتدوين التاريخ.


مقالات ذات صلة

قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية

يوميات الشرق إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)

قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في مؤتمر صحافي بالعاصمة السعودية الرياض، اكتشافاً فريداً من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر بالسعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

مع ظهور الإسلام في القرن الـ7 الميلادي، شهدت العلا زيادة أعداد المارّين فيها، وانتقلت نقطة التمركز البشري الرئيسية في وادي العلا إلى قرح في الجنوب.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق تبحث الندوة في جلسات علمية ليومين أثر التنقل في حياة المجتمعات عبر العصور (قمة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تنطلق لبحث أثر تنقل المجتمعات منذ العصور القديمة

تنطلق الأربعاء «ندوة العلا العالمية للآثار 2024»، تحت عنوان: «استشراف المستقبل: آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل».

عمر البدوي (العلا (السعودية))
يوميات الشرق السعودية تتطلع للترحيب بالسياح الصينيين للاستمتاع بتجربة ملهمة (حساب أحمد الخطيب على إكس)

السعودية تستقطب السياح الصينيين بتجارب ملهمة

من حديقة «تيان تان» الشهيرة في بكين، انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض السفر السعودي» الذي يستهدف إبراز جاهزية الوجهات السياحية السعودية لاستقبال السياح الصينيين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق قاعة «مرايا» تستضيف مجموعة تحف فنية مأخوذة من عدة مواقع أثرية إيطالية (واس)

روائع متحف نابولي في «مرايا» العُلا

تحتضن قاعة «مرايا» في العلا (شمال غرب السعودية) معرض «روائع متحف نابولي الوطني للآثار» الذي يقدم مجموعة تحف فنية مأخوذة من عدة مواقع أثرية إيطالية.

«الشرق الأوسط» (العلا)

مدير «هيئة الأفلام الأردنية» يعد بنقلة سينمائية في بلاده

نظمت الهيئة فعاليات للعديد من المهتمين بصناعة السينما (الشرق الأوسط)
نظمت الهيئة فعاليات للعديد من المهتمين بصناعة السينما (الشرق الأوسط)
TT

مدير «هيئة الأفلام الأردنية» يعد بنقلة سينمائية في بلاده

نظمت الهيئة فعاليات للعديد من المهتمين بصناعة السينما (الشرق الأوسط)
نظمت الهيئة فعاليات للعديد من المهتمين بصناعة السينما (الشرق الأوسط)

قال مدير الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، مهند البكري، إن الهدف من إطلاق «أكاديمية السينما الأردنية» تحقيق لأحد الأحلام التي كانوا يرغبون في تحقيقها من فترة طويلة، في ظل غياب المدارس والجامعات المعنية بصناعة الأفلام، مشيراً إلى أن الأكاديمية التي تأسست بالشراكة مع الجامعة الألمانية في عمان تهدف إلى تدريب الشباب وتأهيلهم في برنامج مدته 17 شهراً، يقدم مسارات مختلفة للدارسين.

وأضاف في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، على هامش حضوره فعاليات النسخة السابعة من مهرجان «الجونة السينمائي»، أنهم يسعون للاستعانة بصنّاع أفلام محترفين وليس فقط أكاديميين من أجل التدريس للطلاب، عبر مسارات متعددة، مدة كل منهما شهر واحد فقط، لافتاً إلى سعيهم لاستقطاب شباب من مختلف المدن الأردنية للتعلم والدراسة بالأكاديمية.

مهند البكري (الشرق الأوسط)

وأوضح أن من بين التحديات التي واجهتهم هي كيفية إعداد جيل من صناع الأعمال الأردنيين، في ظل غياب أماكن تعليم السينما في الأردن خلال السنوات السابقة، ما دفعهم لتقديم برامج وشراكات مع مؤسسات وأفراد متخصصين بصناعة السينما، لبناء كوادر إبداعية وتقنية، مشيراً إلى أن من ثمار هذه التحركات الوجود المتكرر للسينما الأردنية في المحافل السينمائية العربية والدولية مع تقديم أعمال سينمائية أردنية متميزة تعبّر عن المجتمع.

وأوضح البكري أن جزءاً من اهتمامهم الرئيسي تَركَّز على تشجيع الأردنيين لتقديم قصصهم في السينما، وهو أمر جعلهم يعملون على المشروع، ليس في العاصمة فقط، ولكن في مختلف المدن الأردنية، الأمر الذي ساعد على تقديم الهوية الثقافية المختلفة التي تتميز بها كل منطقة.

ولفت إلى أنهم أسسوا «صندوق الأفلام» لتقديم الدعم لصناع الأفلام سواء القصيرة أو الطويلة، وهو الصندوق الذي توسع نشاطه ليقدم الدعم لصناع السينما العربية وليس للأردنيين فقط، مع تسهيل فكرة اختيار مواقع التصوير لصناع الأعمال، وعدم اشتراط تصوير الفيلم بالكامل في الأردن، مؤكداً أن انتعاشة الحركة السينمائية في الأردن ساهمت في تغيير الصورة النمطية عن العاملين بالمجال الفني في البلاد.

وأكد المدير العام لـ«الهيئة الملكية الأردنية للأفلام»، مهند البكري، أن الهيئة تعمل على جذب أنظار صناع السينما العالمية للأردن من أجل تصوير أعمالهم بها، مشيراً إلى أنهم استطاعوا خلال فترة وجيزة التغلب على صعوبات عدة كانت تواجه الشركات الإنتاجية الراغبة في التصوير بالبلاد.

وقال البكري إن الهيئة أصبحت مسؤولة بشكل كامل عن إنهاء جميع التراخيص الخاصة بتصوير الأعمال الفنية، بحيث يكون تعامل شركات الإنتاج مع ممثلي الهيئة حصراً، بينما تقوم الهيئة بالتواصل مع مختلف الجهات المعنية، لافتاً إلى أن هذا الأمر ساهم في التسهيل كثيراً على الشركات مع وجود مسار واضح للتعاون معها بأقصر وقت ممكن.

إحدى الورش التي نظمتها الهيئة (الشرق الأوسط)

يشير البكري إلى العائد الاقتصادي الذي تجاوز 550 مليون دولار من تصوير الأفلام الأجنبية بالأردن منذ 2007 وحتى اليوم، وهو رقم كبير يساهم في الاقتصاد الأردني، وبخلاف دور هذه الأعمال في الترويج للأردن كوجهة سياحية، فإنه يشجّع شركات إنتاج أخرى على التصوير في المدن الأردنية.

ويؤكد أن التزام الهيئة مع شركات الإنتاج الأميركية وغيرها بجميع الأمور المتفق عليها في تجاربهم السابقة، أمر جعلهم يحظون بثقة كبيرة يعملون على تعزيزها، خصوصاً أن أياً من هذه الشركات لم تواجه معوقات خلال المشاهد التي صورتها، مشيراً إلى «وجود مشاريع جديدة سيتم تصويرها في الأردن لأعمال سينمائية صينية وهندية».

لا يخفي مدير «الملكية الأردنية للأفلام» وجود منافسة قوية في المنطقة العربية على استقطاب تصوير المشاريع السينمائية العالمية، الأمر الذي يؤكد أنه يفيد صناعة السينما، لافتاً إلى أن رهانهم في الأردن يرتكز على توظيف واستغلال التضاريس المتنوعة.

نظمت الهيئة فعاليات للعديد من المهتمين بصناعة السينما (الشرق الأوسط)

ومن بين الأمور الأخرى التي تراهن عليها الهيئة، وفق البكري، سهولة التنقل بين مختلف المناطق بالأردن خلال وقت قصير بالإضافة إلى تسهيلات التصوير المعتمدة على إنهاء أي تصريح في غضون 15 يوماً بحد أقصى، بجانب الاسترداد النقدي للخصومات في غضون 150 يوماً فقط، مع عدم التدخل في العمل الفني الذي يجري تقديمه.

لكن في الوقت نفسه يؤكد أن مسؤولية عرض الأعمال في الصالات الأردنية من اختصاص «هيئة المرئي والمسموع»، مشيراً إلى أنه وقف أمام مجلس النواب عدة مرات مدافعاً عن بعض الأعمال التي دعمتها الهيئة، بما فيها الجزء الأول من مسلسل «مدرسة الروابي» على خلفية حديث بعض النواب عن كون الأعمال التي تقدم لا تعبّر عن المجتمع الأردني.

يؤكد مهند البكري، في ختام حديثه، أن سقف الطموحات بالنسبة لهم بلا حدود، وهو أمر لا يرتبط بشخصه فقط ولكن بالعاملين في الهيئة أيضاً الذين يسعون لإحداث نقلة سينمائية في بلاده.

حقائق

550 مليون دولار

العائد الاقتصادي من تصوير الأفلام الأجنبية بالأردن منذ 2007 وحتى اليوم تجاوز 550 مليون دولار