انقلابيو الغابون يسرعون تطبيع سلطتهم

فرنسا في وضع حرج بالنيجر مع انتهاء مهلة سحب قوتها

شرطي أمام مدخل القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية بنيامي في 30 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
شرطي أمام مدخل القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية بنيامي في 30 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو الغابون يسرعون تطبيع سلطتهم

شرطي أمام مدخل القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية بنيامي في 30 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
شرطي أمام مدخل القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية بنيامي في 30 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

أزاح الانقلاب العسكري في الغابون بقيادة الجنرال بريس أوليغي نغيما، رئيس الحرس الجمهوري السابق، الانتباه مؤقتاً عن تطورات المشهد السياسي المعقد في النيجر. وتبدو الأمور في ليبرفيل سائرة لصالح الانقلابيين في الداخل والخارج. وعلى الرغم من إدانة العمل الانقلابي نفسه وتجميد عضوية الغابون في الاتحاد الأفريقي، فإن الانقلابيين يسعون للإسراع في تثبيت أقدامهم بالسلطة. فالجنرال أوليغي نغيما، سيصبح الاثنين المقبل، رسمياً، رئيساً للبلاد، تحت اسم «رئيس المرحلة الانتقالية»، بعد أن يقسم اليمين أمام المجلس الدستوري الذي أعيد إحياؤه مؤقتاً بعد أن كان المجلس العسكري الذي تولى قيادة البلاد عقب الإطاحة بالرئيس علي بونغو، قد حل «كل مؤسسات الدولة»، ومن بينها المجلس المذكور.

الجنرال بريس أوليغي نغيما يفسح المجال للرئيس عمر بونغو الذي يتحدث مع وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير في 8 يونيو 2007 (أ.ف.ب)

ومن المرتقب أن يعمد الانقلابيون، في الأيام القليلة المقبلة، إلى إنشاء المؤسسات الانتقالية على مراحل، ومن بينها تشكيل حكومة جديدة لم يعرف حتى اليوم ما إذا كان ستعهد رئاستها إلى مدني على غرار ما فعل انقلابيو النيجر، أم لا. ومن بين الصعوبات الداخلية التي يرجح أن تواجههم، العلاقة مع المعارضة التي تطالب باستكمال فرز أصوات الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت الماضي، حيث تؤكد أن مرشحها الرئيسي ألبيرت أوندو أوسا هو الفائز الفعلي بها، وأن النتائج التي أفادت بأن الرئيس المخلوع حصل على نسبة 64.27 بالمائة من الأصوات مزورة. بيد أن الانقلابيين أعلنوا إلغاء الانتخابات بكليتها اقتراعاً ونتائج ما يعني أنهم، مبدئياً، لن يستجيبوا لطلب المعارضة، خصوصاً أنهم أعلنوا عن الانطلاق بمرحلة انتقالية لم يحددوا مدتها يفترض أن تجري بنهايتها الانتخابات الجديدة.

رئيس الغابون المخلوع علي بونغو وزوجته سيلفيا في 10 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

وبالمقابل، فإن الانقلابيين يحظون بدعم شعبي تعكسه المظاهرات المؤيدة لهم في العاصمة السياسية ليبرفيل والعاصمة الاقتصادية بورجانتيل والمدن الأخرى. ومن مظاهر الارتياح للانقلاب إعادة تشغيل الإدارات وإعادة خدمة الإنترنت والتصريح لوسائل الإعلام الفرنسية بمعاودة العمل بشكل طبيعي. والأمر الوحيد المتبقي من الإجراءات السابقة منع التجول لفترات الليل «حفاظاً على الهدوء والاستقرار». أما على الصعيد الخارجي، فإنه من الواضح أن انقلاب الغابون لم يلقَ التنديد الذي واجه انقلابيي النيجر ولا الإجراءات العقابية التي انصبت عليهم. والسبب الرئيسي لهذا «التسامح» القناعة المتجذرة بأن الانتخابات الرئاسية افتقدت النزاهة والشفافية، وهو ما ظهر في التصريحات والبيانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول رئيسية أوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا... فضلاً عن ذلك، فإن تفرد عائلة بونغو؛ الأب عمر والابن علي، بالسلطة وبرئاسة الجمهورية منذ عام 1965، وبمقدرات البلاد، يجعل الدفاع عنهم أمراً بالغ الصعوبة. من هنا، فإن التنديد بالانقلاب لم يتخطَّ الحد الأدنى، بحيث لم تفرض على الغابون أي عقوبات؛ لا أفريقية ولا دولية.

نيجري يمر على دراجته بجانب السفارة الفرنسية في نيامي الجمعة (إ.ب.أ)

مقابل «الانسيابية» في الغابون، يبدو الوضع في النيجر مقبلاً على توترات كبيرة عنوانها اليوم، كما بالأمس، الارتطام بين الانقلابيين والسلطات الفرنسية. وآخر مستجداتها طلب النظام العسكري من الأجهزة الأمنية تنفيذ قرار طرد السفير الفرنسي في نيامي، سيلفان أيتيه، بعد أن انقضت المهلة التي أعطيت له لترك البلاد. وكتبت الخارجية النيجرية لنظيرتها الفرنسية، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أن قرار الطرد «لا رجعة عنه». وترفض باريس الاستجابة لطلب الحكومة النيجرية، لأنها تعدّ أن السلطة النيجرية العسكرية «غير شرعية»، كما أنها ترفض الاستجابة لطلب ترحيل القوة الفرنسية المرابطة في النيجر.

ويستضيف الشق العسكري من مطار نيامي الدولي القسم الأكبر من القوة الفرنسية التي تجاور هناك وحدات أميركية وأوروبية. وتستبعد باريس أن تلجأ قوات الأمن النيجرية إلى استخدام القوة لطرد السفير وعائلته. واستبقت باريس أي نية نيجرية عدائية بتحذير شديد اللهجة جاء الخميس، على لسان متحدث باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيير غوديير، إذ أعلن أن «القوات العسكرية الفرنسية مستعدة للرد على أي تصعيد للتوتر من شأنه تقويض الوجود العسكري والدبلوماسي الفرنسي في النيجر»، وأن «الإجراءات اللازمة اتُخِذت لحماية» هذا الوجود. وتستبعد مصادر فرنسية واسعة الاطلاع أن تنفذ نيامي تهديداتها، عادة أن أمراً كهذا سيكون بمثابة «تصرف أحمق لأنه يوفر الحجة لفرنسا للتدخل عسكرياً».

شرطي أمام مدخل القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية بنيامي في 30 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

العزلة الفرنسية في ملف النيجر

بيد أن الاستحقاق المقلق في العلاقات الفرنسية - النيجرية يتمثل في انتهاء مهلة الشهر التي أعطيت لباريس لسحب قوتها من النيجر يوم الأحد. ومن المنتظر أن يلبي الآلاف دعوة المجلس العسكري للتجمهر قريباً من القاعدة الفرنسية في نيامي، وأن يواظبوا على ذلك حتى يتم الانسحاب. ومصدر التخوف يكمن في احتمال حصول حادث دموي بين الطرفين من شأنه إخراج الأمور عن السيطرة.

ويبدو واضحاً اليوم أن من فوائد انقلاب الغابون أنه أبعد التدخل العسكري عن النيجر، لأنه لن يكون مفهوماً أن يتم التعاطي مع انقلابيي الغابون بـ«سلاسة»، بينما يتم اللجوء إلى التدخل العسكري في النيجر لإعادة الانتظام الدستوري والرئيس محمد بازوم إلى سدة السلطة.

وبيّن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الخميس، في طليطلة، عزلة فرنسا التي تنهج الخط الأكثر تشدداً إزاء عسكر النيجر. والدليل على ذلك تصريح جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الذي أعلن عقب الاجتماع، أن وزراء الخارجية كانوا «بالغي الوضوح، مؤكدين أن الأولوية يجب أن تعطى للحل الدبلوماسي». ورفض الأوروبيون طلب ممثل المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس)، توفير دعم عسكري ومالي ولوجيستي للعملية العسكرية التي يمكن أن تقوم بها هذه المجموعة في النيجر.

وكانت ملفتة للنظر تصريحات الرئيس النيجيري بولا تينوبو، أول من أمس، الذي اقترح في بيان على الانقلابيين مهلة 9 أشهر لمرحلة انتقالية يعمدون بنهايتها إلى إعادة السلطة إلى المدنيين. وعلى الرغم من أن تينوبو يرأس راهناً «إيكواس»، فإن الأخيرة ردت ببيان نفت فيه عرض الرئيس النيجيري وطالبت بإطلاق سراح الرئيس بازوم فوراً وتمكينه من استعادة سلطاته، وكذلك العودة إلى الانتظام الدستوري. والعنصر الجديد في هذا الجدل يتمثل في التوجه «المعتدل» للرئيس النيجيري الذي كان من بين صقور الدعوة إلى تدخل عسكري. ويتوازى مقترحه مع المبادرة التي أطلقتها الجزائر والتي اقترحت مرحلة انتقالية من 6 أشهر. ومن جانبهم، سبق للمجلس العسكري أن اقترح 3 سنوات للمرحلة الانتقالية.

ويبدو واضحاً اليوم أن الدعوة لحل دبلوماسي لها الغلبة على الدعوات الحربية المتراجعة. ومن العناصر التي تدفع في هذا الاتجاه الجهود التي تبذلها واشنطن التي أرسلت مولي في، مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، في جولة موسعة إلى أفريقيا. وأفاد بيان صادر عنها، بأن الموفدة زارت نيجيريا وتشاد وغانا، كما أجرت مشاورات مع مسؤولين رفيعي المستوى في بنين وساحل العاج والسنغال وتوغو، وناقشت الدعم الأميركي للمجموعة الاقتصادية لـ«إيكواس». وليس سراً أن واشنطن لا ترى حلاً غير دبلوماسي لأزمة النيجر، الأمر الذي أثار حفيظة باريس ودفع الرئيس ماكرون إلى انتقادها علناً.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأفريقي يعلق عضوية غينيا بيساو رفضاً للانقلاب

أفريقيا الجنرال هورتا نتام يؤدي اليمين خلال مراسم في غينيا بيساو يوم 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

الاتحاد الأفريقي يعلق عضوية غينيا بيساو رفضاً للانقلاب

قرر «الاتحاد الأفريقي» تعليق عضوية غينيا بيساو بعد يومين من الانقلاب العسكري الذي يواجه أيضاً معارضة قوية من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا عادت الحياة إلى طبيعتها يوم الجمعة في عاصمة غينيا بيساو المضطربة بعد الانقلاب الخامس الذي شهدته الدولة الواقعة في غرب أفريقيا والذي أعقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية (أ.ف.ب)

مع تراجع الانتشار الأمني بعد الانقلاب... غينيا بيساو تعود إلى حياتها اليومية

استؤنفت حركة المرور والأنشطة في عاصمة غينيا بيساو، اليوم (الجمعة)، مع تراجع الانتشار الأمني.

«الشرق الأوسط» (بيساو)
أفريقيا الجنرال هورتا نتام يؤدي اليمين خلال مراسم في غينيا بيساو يوم 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

رغم التنديد الدولي... رجل بيساو «القوي» يثبِّت انقلابه

قال جيش غينيا بيساو في بيان إن الجنرال هورتا نتام أدى اليمين رئيساً انتقالياً للبلاد  (الخميس) وذلك بعد يوم واحد من إعلان ضباط الجيش عزل الرئيس.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر والذي جاء إلى السلطة بانقلاب يُحيّي حشداً من الناس في نيامي في يوليو 2024 (أ.ف.ب) play-circle

تاريخ حافل بالاضطرابات... ما أبرز الانقلابات العسكرية في أفريقيا خلال العقد الأخير؟

تاريخ أفريقيا حافل بها... فيما يلي الانقلابات العسكرية الناجحة في السنوات العشر الأخيرة في القارة السمراء وآخرها انقلاب غينيا بيساو يوم الأربعاء 26 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أفريقيا العميد دينيس نكانها (وسط الصورة) رئيس المكتب العسكري لرئاسة الجمهورية في غينيا بيساو يعقد مؤتمراً صحافياً في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة 26 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

عسكريون يعلنون «السيطرة الكاملة» على غينيا بيساو

أعلن عسكريون في غينيا بيساو، الأربعاء، «السيطرة الكاملة» على البلاد وتعليق العملية الانتخابية وإغلاق الحدود، في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.