أثار مقطع فيديو دعائي لحزب يميني متطرف يندد بـ«استبدال السكان» و«إرهاب قوس قزح» ضجة في النمسا قبل عام من إجراء الانتخابات التشريعية.
يتضمن الفيديو مشاهد منها احتراق كاتدرائية نوتردام في باريس وأعمال شغب في الضواحي، على نقيض من صور شباب يحملون مشاعل في أيديهم أو صورا للطبيعة، ورقص في الأزياء التقليدية، وجنود يحملون أسلحة. وتم أيضا تقديم الصحافيين فيه بوصفهم «أعداء» يجب القضاء عليهم.
وتم تحميل المقطع، الذي تبلغ مدته دقيقتين ونصف دقيقة، يوم (الأحد) على قناة «يوتيوب» التابعة لحزب الحرية، وتحديدا لجناح الشباب فيه.
وأثار المقطع ردود فعل لدى الطبقة السياسية ووسائل الإعلام، وأغضب بعض الذين وصفوه بأنه يذكر بالنازية في البلد الذي ولد فيه أدولف هتلر.
وانتقد المستشار المحافظ كارل نيهامر، يوم (الأربعاء)، المقطع المصور قائلا إنه «يتلاعب بصور نعرفها عن الماضي» ويكثر من «التلميحات التاريخية بطريقة مظلمة وخطيرة».
ويقول تعليق صوتي في الفيديو «نحن الفرصة الأخيرة للنمسا» في مواجهة «التلقين الليبرالي اليساري» و«ديستوبيا التعددية الثقافية».
وفي مواجهة الجدل، سارع زعيم الحزب المثير للجدل هربرت كيكل إلى الدفاع عما وصفه بالالتزام «الهائل» لهؤلاء الشباب، عادّا أنه لا يوجد ما يدعو إلى «الفضيحة».
وتولى وزير الداخلية السابق كيكل رئاسة الحزب عام 2021 بعد فضيحة فساد طالته عام 2019. ويتصدر الحزب نيات التصويت للانتخابات التشريعية في 2024، مع حصوله على نسبة نحو 30 في المائة.
ويعدد كيكل المواضيع التي تثير قلق مواطنيه، مشيرا إلى التضخم والجائحة والهجرة، وصولا إلى رفض دعم أوكرانيا.
من جانبه، رأى الخبير في السياسة بيتر فيلزماير أن الفيديو «المثير للقلق» يشكل تصعيدا مع وجود عناصر «مزعجة وحتى مخيفة» تظهر تشابها بين الشبان المنتمين إلى الحزب والراديكاليين اليمينيين المدافعين عن الهوية. وقال، لوكالة الصحافة الفرنسية، «هذا يذكر بأحلك فترات التاريخ النمسوي».
شرفة هتلر
تظهر في الفيديو الشرفة الشهيرة للقصر الإمبراطوري في فيينا حيث احتفل هتلر بضم النمسا إلى ألمانيا النازية في 15 مارس (آذار) 1938.
وأشار برنهارد فايدنغير، الباحث في مركز توثيق تاريخ المقاومة النمسوية، إلى ما وصفه بـ«تراكم الإشارات الواضحة إلى اليمين المتطرف، من السرد الأساسي والمصطلحات المستخدمة إلى المراجع النظرية».
وتابع: «من الصعب أن يرسل أي حزب آخر في أوروبا، على وشك الفوز في الانتخابات وإمكان المشاركة في الحكومة، مؤشرات بهذه الطريقة الوقحة إلى أطراف اليمين».
وتضمن الفيديو أيضا كتابات للمؤلفين الفرنسيين آلان دو بينوا وبيار دريو لاروشيل وللديكتاتور البرتغالي أنطونيو أوليفيرا سالازار.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن الفيديو اطلعت عليه مديرية حماية الدولة والمخابرات.
من جانبها، أكدت مديرية حماية الدولة والمخابرات «دي إس إن»، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنها تقوم بـ«مراقبة الأشخاص والجماعات التي يحتمل أن تقوم بأنشطة متطرفة وغير دستورية» لكنها لا تستطيع تقديم معلومات عن «التحقيقات المحتملة».
وأشار فايدنغير إلى أن «الشعبية» التي يتمتع بها الحزب «منذ أشهر» تعزز موقعه. وبدلا من أن يصبح الحزب تشكيلا غير مرغوب فيه، قام بتشكيل تحالفات مع خصوم سياسيين في ثلاث مناطق في النمسا. وأضاف فايدنغير: «في هذا السياق، ليس لدى الحزب أي حافز لتغيير نهجه».