المشهد النيجري ضبابي ويتأرجح بين الجهود الدبلوماسية والاستعداد للحرب

 بوركينا فاسو ترفض المصادقة على تعيين سفير فرنسي... والصين ترفض حضور ماكرون قمة «بريكس»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

المشهد النيجري ضبابي ويتأرجح بين الجهود الدبلوماسية والاستعداد للحرب

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

يوم الاثنين المقبل، يفتتح الرئيس الفرنسي المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم، الذي سيدوم 3 أيام. وكما في كل عام، سيستفيد إيمانويل ماكرون من المناسبة لرسم الخطوط الكبرى لسياسة بلاده الخارجية وأولوياتها، خصوصاً تحدياتها.

ولا شك أن ملف النيجر سيحتل مرتبة خاصة، لأنه يعكس تراجع نفوذ فرنسا في بلدان الساحل، ولأنه يشكل انتكاسة إضافية لباريس في منطقة كانت حتى زمن قريب معقودة اللواء لها باعتبار أن غالبية بلدانها كانت مستعمرات سابقة وبقيت مرتبطة بها باتفاقيات اقتصادية وتجارية ودفاعية وأمنية ومالية.

وبعد أن خسرت باريس مالي بسبب انقلاب عسكري عام 2021، وبوركينا فاسو لسبب مماثل في عام 2022، أُجبرت على ترحيل جنودها، فقامت بنقل جزء من قوة «برخان» التي كانت مرابطة في مالي منذ عام 2014 إلى النيجر. وها هي اليوم تواجه في نيامي وضعاً صعباً، ويبدو من باريس، أن بقاء قوتها العسكرية البالغ عددها 1500 رجل والمرابطة غالبية أفرادها في القسم العسكري من مطار العاصمة، لم يعد مضموناً إن بقي الانقلابيون في السلطة، وهم الذين نقضوا الاتفاقيات الدفاعية والأمنية مع باريس أو أخرجوا منها.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستقبل رئيس النيجر محمد بازوم في الإليزيه في 23 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

وعمد المجلس العسكري، الذي لا تعترف باريس بشرعيته، إلى إمهال فرنسا مدة شهر واحد لإخراج قواتها. ويترافق ذلك مع تنامي الشعور المعادي بقوة، وأصبحت الدولة المستعمرة السابقة تعد، من قبل جانب من الجمهور النيجري، مسؤولة عن جميع مشكلات البلاد.

ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد. ذلك أن نكسة دبلوماسية ــ سياسية جديدة أصابت باريس من خلال رفض المجلس العسكري الحاكم في واغادوغو المصادقة على تعيين سفير فرنسي جديد لدى بوركينا فاسو بشخص الدبلوماسي الفرنسي محمد بوعبد الله. وسبق للمجلس العسكري البوركيني أن طلب ترحيل السفير السابق لوك هالاد، احتجاجاً على تصريحات له العام الماضي أشار فيها إلى تدهور الوضع الأمني في بوركينا فاسو واستقواء شكيمة التنظيمات الجهادية والإرهابية في البلاد.

ومن المتعارف عليه دولياً ووفق البروتوكولات المعمول بها، أنه يحق لأي دولة أن ترفض المصادقة على تعيين سفير لديها. وسبق لفرنسا أن عانت من هذا الأمر سابقاً عندما عيّنت سفيراً «مثلياً» لدى الحاضرة البابوية، الأمر الذي لم يرقَ للفاتيكان، فرفض الموافقة على تعيينه وتسلم أوراق اعتماده، واضطرت باريس إلى استبدال سفير آخر به.

أنصار المجلس العسكري يحملون أعلام النيجر وروسيا في نيامي أمس (رويترز)

ولم تعرف هذه المرة الأسباب التي دفعت المجلس العسكري البوركيني إلى رفض التعيين. وبالمقابل، غابت ردود الفعل عن باريس. ونقلت صحيفة «لو موند» المستقلة عن أوساطها الدبلوماسية رفضها التعليق أو شرح الأسباب، وأحالت السائلين على السلطات في واغادوغو. وليس الدبلوماسي محمد بوعبد الله معروفاً لأنه رقي لمرتبة سفير للمرة الأولى، وسبق له أن عمل مساعداً لمدير الشؤون السياسية في الخارجية، وقبل ذلك شغل منصب مستشار ثقافي للسفارة الفرنسية في القاهرة ومديراً للمعهد الفرنسي هناك. ورغم التوتر الذي يشوب العلاقات بين باريس وواغادوغو، فإن العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين لم تقطع، إلا أن التعاون بينهما أصبح محدوداً للغاية. وما يزيد التباعد بينهما، التضارب في المواقف بالنسبة للتطورات الجارية في النيجر ووقوف باريس وراء قرارات «إيكواس» المتشددة، بما فيها عدم استبعاد اللجوء إلى الحل العسكري بوصفه «الملاذ الأخير»، بينما يدعم المجلس العسكري البوركيني انقلابيي النيجر، حاله حال المجلس العسكري في مالي.

ويوم الأربعاء، عادت الحياة لتدب في شرايين الدبلوماسية الفرنسية مع انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء بعد العطلة الصيفية. إلا أن باريس كانت تفضل قطعاً أن تتم في ظروف أخرى. إذ إلى جانب الخيبة من بوركينا فاسو، ثمة خيبة أخرى أكثر دلالة وهي «الفيتو» الصيني على مشاركة الرئيس إيمانويل ماكرون في قمة «بريكس» المنعقدة راهناً في جنوب أفريقيا. وكشف موقع «أنتليجنس أون لاين»، الاثنين، عن أن الرئيس الصيني شي جينبينغ هو الذي رفض حضور ماكرون. وسبق لوزيرة الخارجية كاترين كولونا أن أشارت في يونيو (حزيران) الماضي إلى رغبة ماكرون في حضور القمة الخامسة عشرة، وأن بريتوريا ونيودلهي وافقتا. إلا أن الرفض جاء من بكين التي قبلت حضور وفد صغير متدني المستوى.

الجلسة الافتتاحية لقمة «بريكس» في مركز ساندتون للمؤتمرات في جوهانسبورغ (رويترز)

رغم أهمية هذه التطورات، فإن الأنظار تبقى مشدودة لما هو جارٍ في النيجر، حيث المستقبل يبدو ضبابياً ومتأرجحاً بين الجهود الدبلوماسية والاستعداد للحرب. وبعد أن كانت الإذاعة الجزائرية الرسمية أثارت جدلاً بخصوص طلب فرنسا إجازة استخدام طائراتها الحربية للمجال الجوي الجزائري في إطار عملية عسكرية ضد انقلابيي النيجر، فقد نشرت صحيفة «الخبر» في عددها ليوم الأربعاء، تفاصيل عن العملية العسكرية المنتظرة لإسقاط الانقلاب وإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى سدة السلطة في إطار استعادة «النظام الدستوري».

وبحسب «الخبر»، فإن المعلومات المتوافرة تفيد بأن العملية العسكرية المقبلة والمتوقعة التي تحضر لها «إيكواس» ستكون الكبرى التي تنفذها قوات من دول أفريقية (من نيجيريا والسنغال وساحل العاج وبنين وربما غانا) منذ حرب رواندا في بداية تسعينات القرن الماضي، وأن التحضير لها جارٍ على قدم وساق من قبل قيادات الجيوش المعنية.

بيد أن مصادر في باريس تؤكد أن السير نحو الخيار العسكري ما زال «معلقاً» بانتظار ما ستسفر عنه الوساطات الأفريقية والدولية، مشيرة إلى أهمية الموقف الصادر عن الاتحاد الأفريقي الداعم لجهود «إيكواس» لاستعادة الانتظام الدستوري في النيجر «بطرق دبلوماسية». وكان الاتحاد علق عضوية النيجر في كل مؤسساته، وطلب من أعضائه العمل بالعقوبات التي فرضتها «المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا».

وفي إطار الجهود الدبلوماسية، تندرج الجولة التي بدأها وزير الخارجية الجزائري أحمد العطاف، التي تشمل نيجيريا وبنين وغانا؛ بحثاً عن حل سلمي للأزمة. وتعارض الجزائر أي حل عسكري وتعدّه «تهديداً مباشراً للجزائر»، وفق ما أكده الرئيس عبد المجيد تبون في السادس من الشهر الحالي. وبالمقابل، فإن بعثة «إيكواس» مستمرة في اتصالاتها في نيامي. وتفيد تقارير توفرت في باريس، بأن فحوى الاتصالات في الوقت الحاضر يدور حول المدة التي يمكن قبولها مرحلة انتقالية قبل عودة السلطة إلى المدنيين في النيجر.

مؤيدون للانقلاب العسكري في النيجر يحملون صورة الجنرال تياني في نيامي الأحد (أ.ف.ب)

وكان الجنرال عبد الرحمن تياني، رئيس المجلس العسكري ورجل الانقلاب القوي، قد أعلن، السبت، أن هذه المرحلة «ستدوم 3 سنوات»، يسبقها خلال شهر حوار حول التعديلات الدستورية. بيد أن «إيكواس» رفضت هذا الطرح وما زالت تصر، رسمياً، على عودة الرئيس بازوم وحكومته من غير تأخير إلى إدارة البلاد وعودة العسكر إلى ثكناتهم. لكن ثمة من يؤكد أن البحث اليوم جارٍ للعثور على مخرَج للمرحلة الانتقالية يوفق بين مطالب الطرفين، إضافة إلى ضمانات لبقاء النيجر بعيدة عن روسيا وعن ميليشيا «فاغنر».

بالتوازي، ترتفع المخاوف من تدهور الوضع الإنساني. وبعد الصرخة التي أطلقتها منظمة «يونيسيف» قبل يومين بخصوص الأطفال وتكاثر أعداد المهددين منهم (نحو مليونين) والانزلاق إلى حال سوء التغذية، فإن المنظمات غير الحكومية العاملة في النيجر تقرع ناقوس الخطر وتنبه إلى الصعوبات التي تعترض إيصال المساعدات الإنسانية والطبية بسبب الحصار متعدد الأشكال الذي فرضته «إيكواس» على النيجر أرضاً وجواً. والحدود الوحيدة التي ما زالت مفتوحة هي مع مالي وبوركينا فاسو.


مقالات ذات صلة

النيجر تطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع في السوق الدولية

أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر (أ.ف.ب)

النيجر تطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع في السوق الدولية

أعلنت النيجر، الأحد، طرح اليورانيوم الذي تنتجه شركة «سومير» التابعة لشركة «أورانا» الفرنسية العملاقة قبل تأميمها في يونيو (حزيران)، للبيع في السوق الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر والذي جاء إلى السلطة بانقلاب يُحيّي حشداً من الناس في نيامي في يوليو 2024 (أ.ف.ب) play-circle

تاريخ حافل بالاضطرابات... ما أبرز الانقلابات العسكرية في أفريقيا خلال العقد الأخير؟

تاريخ أفريقيا حافل بها... فيما يلي الانقلابات العسكرية الناجحة في السنوات العشر الأخيرة في القارة السمراء وآخرها انقلاب غينيا بيساو يوم الأربعاء 26 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا سفير النيجر بالجزائر يسلم أوراق اعتماده للرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

استئناف الحوار بين الجزائر والنيجر بعد تصاعد الأزمة في 2023

يسعى وفد من حكومة النيجر يزور الجزائر حالياً، لطي خلاف حاد نشأ في صيف 2023 بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، واشتدت الأزمة باحتجاج نيامي على …

أفريقيا رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

النيجر نحو تنظيم «مؤتمر وطني» بشأن ميثاق انتقالي

أعلنت وزارة الداخلية في النيجر أن النظام العسكري الحاكم سينظّم «مؤتمراً وطنياً» من 15 حتى 19 فبراير (شباط)، يهدف خصوصاً لتحديد مدة للفترة الانتقالية.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.