سوريا: تردي الأوضاع المعيشية يثير احتجاجات في السويداء

هتافات ضد الأسد ودعوات لإضراب عام

محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
TT
20

سوريا: تردي الأوضاع المعيشية يثير احتجاجات في السويداء

محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)

شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا، صباح الخميس، نقاط احتجاج عدة، كان أبرزها في القريا وشهبا وصلخد وساحة السير وسط مدينة السويداء، حيث طالب المحتجون بتوقف حركة الموصلات العامة ومقاطعة الموظفين للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وإغلاق الدوائر الحكومية وإعلان حالة الإضراب العام في المحافظة، رداً على قرار الحكومة السورية رفع أسعار المحروقات والقرارات الاقتصادية الأخيرة التي صدرت يوم الأربعاء الماضي. وقال ريان معروف، مسؤول «تحرير شبكة السويداء24»، لـ«الشرق الأوسط»، إن المحتجين قطعوا الطرقات الرئيسية في معظم مناطق المحافظة، بما فيها طريق الأوتوستراد الدولي دمشق - السويداء، ورفعوا في وسط مدينة السويداء في ساحة السير شعارات سياسية تطالب برحيل بشار الأسد، منها «يخسى من قال عيشتنا ذليلة»، و«سوريا إلنا وما هي لبيت الأسد»، و«عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد»؛ تنديداً بتدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية في سوريا.

محتجون على أوتوستراد دمشق السويداء (الشرق الأوسط)
محتجون على أوتوستراد دمشق السويداء (الشرق الأوسط)

وفي بلدة نمرة شهبا، أغلق المحتجون بناء البلدية تنفيذاً لدعوة الإضراب العام في المحافظة، التي دعا إليها ناشطون في السويداء يوم الأربعاء، بعد أن انعكس تأثير رفع الحكومة أسعار المحروقات بشكل مباشر وسريع على أسعار كافة مجالات الحياة وحتى الأساسيات والمواصلات.

وفي بلدة القريّا جنوب السويداء، نفذ العشرات من المواطنين وقفة احتجاجية عند ضريح سلطان باشا الأطرش، وشهدت البلدة حالة إضراب عام، حيث أغلقت جميع المحال التجارية، وامتنع غالبية الموظفين عن الذهاب إلى عملهم، كما أضربت وسائل النقل العامة عن العمل.

وفي مدينة جرمانا، بالعاصمة دمشق، ذات الغالبية الدرزية رفع عدد من المحتجين عند ساحة السيوف شعارات تطالب بالعيش الكريم وتندد بالتدهور المعيشي في البلاد. وكانت الاحتجاجات الأخيرة بالسويداء بدأت، الأربعاء، بعد أن صدرت قرارات حكومية تفيد برفع أسعار المحروقات بنسبة 200 في المائة، وزيادة رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة مائة في المائة.

وقال سليمان، أحد الشباب المشاركين بالاحتجاجات لـ«الشرق الأوسط»: «إن الدافع لدعوات الإضراب والاحتجاج هو سوء الأحوال الاقتصادية، وضرورة تحسين حياة الشعب وعدم الاستمرار في إذلال الناس أمام موجات الغلاء المستمرة والمتزايدة من دون حلول حقيقية. فالناس لم تعد تتحمل التقصير الحكومي وسط أعباء ومتطلبات الحياة المعيشية، والغلاء الذي اكتسح كل جوانب الحياة، وسط تنامي شعور تخلي الحكومة السورية عن مسؤولياتها تجاه المواطنين، وغياب أي حلول أو مبادرات من الحكومة، لتخفيف وطأة تردي الأوضاع المعيشية والخدمات».

محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)

وقال فؤاد، من سكان مدينة شهبا في السويداء، إن حركة المواصلات شبه متوقفة تماماً، والعديد من الموظفين والطلاب لم يتمكنوا من الذهاب إلى وظائفهم وجامعاتهم منذ يوم الأربعاء.

وأعلن فرع جامعة دمشق بمحافظة السويداء تأجيل الامتحانات، التي كانت مقررة يوم الأربعاء إلى يوم الأحد المقبل. كما تشهد معظم محالات المدينة إغلاقاً منذ صدور قرار رفع الأسعار، ويحتج أصحابها بإغلاق المحلات لحين ثبات الأسعار وتوضيح الأسعار الجديدة.

أحد أصحاب المحال التجارية بالسويداء تحدث لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن تجار الجملة، أي المراكز الكبيرة التي تورد البضاعة للمحال المتوسطة والصغيرة، حذروهم منذ يوم الأربعاء من نشر أسعار جديد مرتفعة على جميع أنواع البضائع، ما أجبر أصحاب المحال على الإضراب عن العمل وإغلاق محالهم، إلى حين توضيح الأسعار الجديدة التي قد تصل إلى الضعف على قيمة كل منتج. ولفت إلى أن القوة الشرائية كانت ضعيفة أساساً؛ لأن الأسعار السابقة كانت باهظة، مقارنة مع الأجور الشهرية في سوريا التي لا تساوي 30 دولاراً في أحسن الأحوال بينما تحتاج العائلة، لترتيب أمورها الشهرية، أكثر من 300 دولار حداً أدنى.

طريق دمشق - السويداء عند قرية الخالدية (الشرق الأوسط)
طريق دمشق - السويداء عند قرية الخالدية (الشرق الأوسط)

وبشكل مستمر، تتكرر الاحتجاجات المعيشية في السويداء منذ عام 2020، وسط مطالب معيشية وأخرى سياسية.

وتعتبر السويداء من المدن السورية التي لم تخرج عن سيطرة النظام السوري، وعُرفت بتمردها في عدة مناسبات على النظام. ووفقاً لناشطين في المحافظة، دائماً ما كانت الحكومة السورية تقدم الوعود بتحسين الأحوال، وتبرير الوضع المعيشي والاقتصادي بأنها نتائج لحالة الحرب التي تعيشها البلاد، وفقدان أجزاء كبيرة من مواردها الاقتصادية النفطية والزراعية والسياحية.


مقالات ذات صلة

الشيباني من العراق: مستعدون لتعزيز التعاون مع بغداد لمحاربة «داعش»

المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي فؤاد حسين عقب لقائهما في بغداد (أ.ب)

الشيباني من العراق: مستعدون لتعزيز التعاون مع بغداد لمحاربة «داعش»

أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال زيارته الرسمية الأولى للعراق إن السلطات السورية مستعدة «لتعزيز التعاون» مع بغداد بهدف التصدي لـ«داعش».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية التركية هاكان فيدان والوفد المرافق له خلال الاجتماع مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في دمشق مساء الخميس (الخارجية التركية)

وفد تركي بحث مع الشرع ملامح المرحلة المقبلة والاتفاق مع «قسد»

بحث وفد تركي مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في دمشق ملامح المرحلة المقبلة عقب إصدار الإعلان الدستوري والاتفاق الموقع مع «قسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي  مؤيدون لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا... في القامشلي، سوريا 11 مارس 2025 (رويترز) play-circle

مجلس سوريا الديمقراطية يعلن رفضه التام للإعلان الدستوري المقدّم من حكومة دمشق

أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، اليوم الجمعة، رفضه التام للإعلان الدستوري المقدم من الإدارة السورية الجديدة، معتبراً أنها «تعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مسيرة تضامنية لأكراد سوريا مع قوات (قسد) في مدينة القامشلي بعد تعرض مقراتها لضربات تركية جوية في يناير 2023 (الشرق الأوسط)

الأكراد ينتقدون الإعلان الدستوري: «يتنافى» مع تنوع سوريا

انتقدت الإدارة الذاتية الكردية، الخميس، الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، معتبرة أنه «يتنافى» مع تنوع سوريا

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (القامشلي)
شؤون إقليمية أحد عناصر قوات الأمن السورية في نقطة حراسة ببلدة عين شقاق التابعة للاذقية (أ.ف.ب)

الجيش التركي: نراقب تنفيذ «اتفاق الشرع - عبدي» من كثب

قال مسؤول عسكري تركي إن بلاده ستُراقب من كثب تنفيذ الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد»، وتتمسك بموقفها بشأن حل وحدات حماية الشعب الكردية ومكافحة الإرهاب في سوريا

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رجال دين دروز عبروا «خط الهدنة» إلى الجولان المحتل

دروز في استقبال وفد رجال الدين السوريين في مجدل شمس بالجولان المحتل الجمعة (رويترز)
دروز في استقبال وفد رجال الدين السوريين في مجدل شمس بالجولان المحتل الجمعة (رويترز)
TT
20

رجال دين دروز عبروا «خط الهدنة» إلى الجولان المحتل

دروز في استقبال وفد رجال الدين السوريين في مجدل شمس بالجولان المحتل الجمعة (رويترز)
دروز في استقبال وفد رجال الدين السوريين في مجدل شمس بالجولان المحتل الجمعة (رويترز)

أثارت الزيارة التي قام بها وفد من رجال دين دروز، من بلدة حضر السورية، إلى الجولان المحتل، الجمعة، جدلاً واسعاً بين الأوساط السورية عموماً والدرزية خصوصاً، وسط تقدير عام بأن من شأنها زيادة تعقيد المشهد جنوب سوريا، الذي يشهد تدخلاً إسرائيلياً على نطاق واسع.

وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» بعبور وفد يضم نحو 60 رجل دين من الطائفة الدرزية السورية، خط الهدنة في مرتفعات الجولان المحتل إلى إسرائيل، في أول زيارة من نوعها منذ نحو خمسين عاماً.

وقالت الوكالة إن الوفد عبر في 3 حافلات رافقتها مركبات عسكرية إسرائيلية إلى بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وتوجه شمالاً لزيارة مقام النبي شعيب في بلدة جولس، بالقرب من طبريا، ولقاء الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، وفق مصدر مقرب من الوفد.

ويتوزّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، لا سيما في محافظة السويداء المجاورة للقنيطرة في الجنوب.

وفد رجال الدين الدروز السوريين وسط مستقبليهم لدى زيارة مقام النبي شعيب في الجولان المحتل الجمعة (رويترز)
وفد رجال الدين الدروز السوريين وسط مستقبليهم لدى زيارة مقام النبي شعيب في الجولان المحتل الجمعة (رويترز)

وفي مجدل شمس، استقبل نحو 100 درزي الزوار ورحبوا بهم عبر ترديد الأغاني التراثية والتصفيق، في حين لوَّح عدد من الشباب بالرايات الدرزية باللون الأخضر والأحمر والأصفر والأزرق والأبيض. وارتدى بعض الرجال الزي الأسود التقليدي، واعتمروا عمامة بيضاء تُشبه الطربوش، وتتميز بغطائها الأحمر.

وقال جمال أيوب (61 عاماً)، وهو مزارع جاء من الجليل للترحيب بعمه ضمن وفد الشيوخ، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا ننتظر لقاءهم منذ سنوات طويلة، إنها لحظة مؤثرة جداً».

وتداولت وسائل الإعلام بياناً نُسب لأهالي بلدة حضر، التي ينتمي إليها أغلب أعضاء الوفد الزائر للجولان المحتل، استنكر الزيارة، واتهم إسرائيل باستغلال «الزيارة الدينية» أداةً لزرع الانقسام في الصف الوطني، والسعي لاستخدام الطائفة الدرزية خطاً دفاعياً لتحقيق مصالحها التوسعية في الجنوب السوري.

كما أكد البيان أن أعضاء الوفد «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأن انتماء أهالي وعائلات بلدة حضر (الوحيد) هو لطائفة الشعب السوري».

حافلة تقل رجال دين دروز سوريين تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل الجمعة (رويترز)
حافلة تقل رجال دين دروز سوريين تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل الجمعة (رويترز)

وحذّر الصحافي والناشط في الشأن العام في السويداء، رواد بلان، من خطورة الوضع، في ظل احتمالات قوية بأن تكون «الزيارة» مثار تدخلات ونزاعات «إذا لم يتم التعامل معها بحكمة». لأن هناك «أجندات سياسية إقليمية مختلفة» تحاول استثمار ورقة الدروز وصلات قرابتهم في بلاد الشام في الصراع الإقليمي، مؤكداً أن ما يجمع أبناء الطائفة الدرزية في بلاد الشام هو «وحدة المصير العروبي والوطني والأهلي».

وقال بلان لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة ذات طابع «ديني اجتماعي»، معرباً عن الأمل «بأن تدرك السلطة في دمشق وتتفهم طبيعة العلاقات التاريخية التي تربط دروز المنطقة وتوظيفها بشكل إيجابي»، مشيراً إلى أن مثل هذه الزيارات كانت تجري في السابق من الأراضي المحتلة وأراضي الـ48 باتجاه الأراضي السورية، لكن هذه المرة الأولى التي تتم بالعكس من الأراضي السورية إلى الأراضي المحتلة.

وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن مشاركة رجال دين دروز من السويداء في هذه الزيارة، لكن موقع «الراصد»، الذي يُعد من أبرز المواقع الإخبارية المحلية في السويداء، قد نقل عن مصادر دينية نفيها أن يكون بين المشاركين في الوفد رجال دين من محافظة السويداء، وأشارت المصادر إلى أن معظم الذين توجهوا إلى الجولان تربطهم علاقات قرابة من الدرجة الأولى أو الثانية بدروز الجولان.

دروز يستقبلون وفد رجال الدين السوريين لدى زيارتهم مقام النبي شعيب بالجولان المحتل الجمعة (رويترز)
دروز يستقبلون وفد رجال الدين السوريين لدى زيارتهم مقام النبي شعيب بالجولان المحتل الجمعة (رويترز)

ووفق موقع «الراصد» أثارت الزيارة «جدلاً واسعاً بين الأوساط السورية عموماً والدرزية خصوصاً»، مشيراً إلى أن دروز الجولان المحتل لا يحملون الجنسيات الإسرائيلية، بل فقط جنسيات سورية، لرفضهم التخلي عنها.

وتحتل إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية منذ 1967، واستغلت سقوط نظام بشار الأسد للتوسع وتجاوز المنطقة العازلة، مع مواصلة تدمير مواقع ومعدات القوات السورية، ومؤخراً بدأت إسرائيل الإعلان عن مساعيها للتدخل في الشأن السوري، وحض الدروز في جنوب سوريا على مناهضة السلطة الجديدة في دمشق، والمطالبة بحكم ذاتي، وعرض تقديم الحماية لهم.