ارتفاع وتيرة الصراع بين القيادات الحوثية في قطاع الكهرباء

تنافس محموم على تحصيل الجبايات والتعيين في المناصب

قادة حوثيون في نزول ميداني لابتزاز ملاك محطات توليد الكهرباء في صنعاء (إعلام حوثي)
قادة حوثيون في نزول ميداني لابتزاز ملاك محطات توليد الكهرباء في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

ارتفاع وتيرة الصراع بين القيادات الحوثية في قطاع الكهرباء

قادة حوثيون في نزول ميداني لابتزاز ملاك محطات توليد الكهرباء في صنعاء (إعلام حوثي)
قادة حوثيون في نزول ميداني لابتزاز ملاك محطات توليد الكهرباء في صنعاء (إعلام حوثي)

كشفت وثائق جديدة عن اشتداد الصراع بين قادة الميليشيات الحوثية للسيطرة على قطاع الكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء، بموازاة الأنشطة التنافسية على تحصيل الجبايات والإيرادات وممارسات الفساد والاستئثار بالموارد والهيمنة على الإنتاج.

في هذا السياق، اتهم القيادي الحوثي محمد أحمد البخيتي، المُعيّن وزيراً للكهرباء في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، القيادي الآخر هاشم الشامي، المُعيّن في منصب مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء؛ بمخالفة القوانين واللوائح وتجاوز صلاحياته من خلال تعيين أتباعه لشغل مناصب عدة في مفاصل المؤسسة، وعدم التشاور مع البخيتي.

ووفقاً لوثيقة تتضمن خطاباً موجهاً من البخيتي إلى الشامي، فإن الأخير ورغم تنبيه الأول له بعدم تجاوز صلاحياته وتحميله مسؤولية ذلك؛ فإنه أصدر قراراً بعد يوم واحد من التنبيه بتعيين أحد أتباعه مديراً عاماً للشؤون الإدارية في المؤسسة، وتعميم القرار في يوم الخميس الذي يعدّ يوم إجازة رسمية لدى الانقلابيين.

وورد في وثيقة أخرى، أن الشامي أصدر خمسة قرارات خلال الشهر الماضي بتكليف عدد من الأشخاص التابعين له لشغل وظائف مديري عموم ونواب مديري عموم في المؤسسة والمناطق التابعة لها، وهو ما يعدّ من الصلاحيات المطلقة للوزير الذي يملك سلطة التوجيه والإشراف والرقابة على الوحدات التابعة للوزارة الانقلابية.

وثيقة صادرة عن القيادي الحوثي محمد أحمد البخيتي حول سعي القيادي الآخر هاشم الشامي للسيطرة على قطاع الكهرباء (إكس)

كما اتهم البخيتي الشامي باقتراح تعيين وترقية وندب وإنهاء خدمة مديري الإدارات والفروع وتوقيع الجزاءات التأديبية عليهم، وتعيين وترقية الموظفين والعمال من مستوى نواب مديري الإدارات والفروع، وإنهاء خدماتهم وتوقيع الجزاءات عليهم؛ دون التشاور مع البخيتي أو رئيس مجلس الإدارة، إلى جانب تجاوز صلاحياته واستخدام صلاحيات البخيتي في الإشراف الكامل على إدارة المؤسسة وتكاملها.

ويعدّ الشامي من أكثر القيادات الانقلابية النافذة، وتنقّل في مناصب عدة خلال السنوات الماضية، بينها توليه إدارة مصلحة الضرائب، والمؤسسة العامة للاتصالات، ويحظى حالياً بازدواجية في منصبين، الأول مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء، والآخر رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني.

حملات تشهير

ومنذ شهرين تدخلت قيادات انقلابية عليا لإيقاف حملة إعلامية تكشف عن ممارسات وفساد القيادي هاشم الشامي عبر منصبيه، إلى جانب تدخلاته في أعمال ومهام قادة آخرين؛ ما تسبب في ردات فعل غاضبة عدة.

الحملة أشارت إلى استقالة القيادي الحوثي هشام العرابي، المُعيّن مستشاراً لمحافظة المحويت (شمال غرب)؛ بسبب تدخلات الشامي في مهامه وشكاوى مديري أقسام شرطة في العاصمة صنعاء من إجبار الشامي لهم على اعتقال مدنيين أو الإفراج عنهم حسب رغباته ودون إطلاعهم على الأسباب.

مبنى المؤسسة العامة للكهرباء

وبموجب الحملة، أصدر القيادي عبد الكريم الحوثي، المُعيّن وزيراً لداخلية الانقلاب، أمراً بالقبض على الشامي بتهمة اعتدائه على قيادي حوثي آخر يدير جهازاً أمنياً لحراسة المنشآت وحماية الشخصيات في محافظة تعز وسط البلاد؛ بهدف السيطرة على المبنى الذي يديره.

الحملة كشفت عن انتهاكات كثيرة مارسها الشامي، واتخذت من وفاة أحد موظفي هيئة الأراضي بعد ستة أشهر من اعتداء الشامي عليه وطرده من عمله؛ مدخلاً لاتهام الشامي بالتسبب في وفاة الموظف، والتذكير باعتداءات أخرى ارتكبها ضد موظفين عموميين آخرين في مؤسسات عدة جرى تعيينه فيها، مثل مصلحة الضرائب والمؤسسة العامة للاتصالات.

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء «الشرق الأوسط» بأن الشامي وبعد تمكنه من السيطرة على مختلف الملفات في الهيئة العامة للأراضي؛ يسعى لتوسعة نفوذه في قطاع الكهرباء، موضحة أن قطاع الأراضي يخضع بشكل كبير لجناح محمد علي الحوثي، بينما يمثل قطاع الكهرباء أحد أهم القطاعات التي يسيطر عليها جناح القيادي أحمد حامد، ويعدّ تعيين الشامي فيه اختراقاً لصالح جناح القيادي محمد علي الحوثي.

وربطت المصادر تلك الحملة بمساعي الشامي للسيطرة على قطاع الكهرباء، وابتزاز مُلاك محطات التوليد، خصوصاً وأن حوادث الاعتداء على الموظفين العموميين التي تمت إثارتها تعود إلى أشهر وسنوات.

فساد الطاقة الشمسية

واتخذ صراع الأجنحة والقيادات الانقلابية الحوثية على النفوذ والفساد في قطاع الكهرباء شكلاً تنافسياً جديداً لتحقيق إيرادات من السيطرة على محطات التوليد العاملة بالوقود وفرض جبايات باهظة على ملاك المحطات الخاصة، والاستثمار في الطاقة الشمسية بممارسة الفساد.

ومن بين هؤلاء القادة يبرز اسم حسين مقبولي، نائب رئيس وزراء الانقلاب لشؤون الخدمات والتنمية، ومحمود الجنيد، نائب رئيس وزراء الانقلاب لشؤون الخدمات، وعبد الغني المداني الذي يدير ما يعرف بـالمؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة، حيث يزعمون إنشاء محطات للألواح الشمسية بقدرات هائلة لإنارة الشوارع وتزويد المستشفيات والمستوصفات والمدارس بالطاقة، في مشروعات تصفها المصادر بالوهمية التي تُبرِّر عمليات الفساد ونهب الأموال العامة.

القيادي الحوثي واسع النفوذ هاشم الشامي (إكس)

وتفيد المصادر بأن هاشم الشامي يسعى إلى السيطرة على قطاع توليد الكهرباء بالوقود، من خلال ملاحقة مُلاك محطات التوليد عبر ما يُعرف بقضاء الصناعة، بتهم تتعلق برفع أسعار الاستهلاك، وعدم الالتزام بالتعرفة التي أقرّها الانقلابيون.

ويرد مُلاك المحطات على تلك الاتهامات بأنهم يتعرضون للابتزاز ويجري إلزامهم بدفع إتاوات باهظة تتسبب بوقوع خسائر كبيرة لهم، في حين يتم إجبارهم على بيع الطاقة بأقل من سعر التكلفة، ويبدون تخوفهم من أن يكون الشامي يسعى إلى منعهم من منافسة استثمارات الانقلابيين في الطاقة، وصولاً إلى إجبارهم على التنازل عن مشروعاتهم لصالحه.

ويستخدم الانقلابيون - بحسب ملاك المحطات - عدادات يجري التلاعب بها لتزوير أرقام استهلاك السكان من المحطات التي يديرونها؛ ما يجعل فواتير المحطات الخاصة أقل سعراً وأكثر مصداقية، إلى جانب أن مقارنة تكلفة الإنتاج في المحطات التابعة للانقلابيين أعلى من سعر التكلفة بفارق كبير.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.