يمنيون يشكون بطشاً حوثياً في وظائف حكومية

اتهامات لقيادي من الميليشيات بسلوك عنيف تجاه 20 موظفاً

مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)
مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

يمنيون يشكون بطشاً حوثياً في وظائف حكومية

مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)
مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

يتهم سياسيون يمنيون وناشطون في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، بأنها تنتهج سياسة تتيح لقادتها المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي إذلال الموظفين الخاضعين لها حتى وإن كانوا من الموالين لها، دون أن تطالهم أي عقوبة، وذلك ضمن سعيها لإرهاب السكان وعدم انتقادهم لممارسات الفساد.

في هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن موظفاً في مصلحة أراضي وعقارات الدولة في العاصمة اليمنية (صنعاء)، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، توفي كمداً نتيجة فصله من عمله وقطع راتبه، بعدما اشتكى تعرضه للاعتداء على يد القيادي الحوثي هاشم الشامي، الذي يتولى أيضاً منصب إدارة مؤسسة الكهرباء، واللجنة الاقتصادية التي تتحكم في الموارد المالية جميعها، وإدارة البنوك التجارية.

ويؤكد قادة حوثيون ونشطاء موالون للجماعة أن أكثر من 20 شخصاً تعرضوا لسلوك مماثل على يد هذا القيادي المدعوم من قبل مدير مكتب مجلس الحكم، وهو المتنفذ أحمد حامد، الشهير باسم «أبو محفوظ»، بما في ذلك أعمال الضرب وتوجيه الشتائم والإهانة.

الموت قهراً

وفي تسجيل مصور تداوله الناشطون، يظهر رجل في العقد السابع من العمر يعرّف بنفسه على أنه والد الموظف أحمد اللساني، الذي توفي قهراً بعد أن اعتدى عليه القيادي الشامي، وقال الرجل إن ابنه الشاب كان يعمل في فرع مصلحة الأراضي في صنعاء، وإنه تعرّض للاعتداء والسب، ومن ثم تم إيقاف راتبه وفصله من الوظيفة.

الضحية كان عرّف بنفسه في شكوى رفعها إلى «أبو محفوظ» قبل وفاته بأنه أحد «المجاهدين»، وهي الصفة التي يطلقها الحوثيون على العناصر المنظمة والملتزمة فكرياً وسياسياً داخل الجماعة، شارحاً في شكواه أنه في أحد الأيام، وبعد 4 أيام من العمل المتواصل حتى الفجر، فوجئ بالتعرض للإساءة والإهانة من قبل الشامي، الذي حضر إلى فرع مصلحة الأراضي باكراً وباشر بالتعدي عليه والإساءة دون أي مقدمات، حيث لم يسمح له حتى بالسؤال عن دوافع هذا الاعتداء.

ويقول إنه كلما أراد الاستيضاح أفرط الشامي في التمادي أكثر، حتى قام برفع الحذاء لرميه في وجهه أمام الجميع.

الشكوى التي رُفعت إلى أحمد حامد، الذي يعد الحاكم الفعلي للمؤسسات الحكومية في مناطق سيطرة الجماعة، أكد فيها الضحية أن التزامه للجماعة حال بينه وبين الرد بالمثل، وطالب «برد الاعتبار ورد الكرامة» باعتبار ذلك رد اعتبار لكل العاملين معه، ممن وصفهم بـ«المرابطين في مواجهة الفساد والمفسدين». وزاد في تأكيد التزامه للجماعة بالقول إنه ورغم ما حدث فلن تحصل منه «أي خيانة أو إخلال بالمسؤولية»، إلا أن هذه الشكوى قوبلت بالتجاهل.

التغاضي مقابل المال

ووفق مصادر عاملة في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها، فإن القيادي أحمد حامد أطلق يد مَن تم تعيينهم على رأس اللجنة الاقتصادية والجهات الإيرادية، مثل الجمارك، والضرائب، والاتصالات، والبريد، والكهرباء، والمشرفين على العمل الإغاثي لفعل ما يشاءون، في مقابل زيادة المبالغ التي يحصّلونها من السكان بشكل عام، والتجار بشكل خاص، وتوريدها إلى حساب خاص يتولى هو شخصياً إدارته والإشراف على الصرف منه، ولهذا فإن أي جهة لا تستطيع محاسبة أي منهم.

ويقول عادل، وهو أحد الموظفين في مصلحة الأراضي، إن الشامي معروف عنه شتم الموظفين وصفعهم، وصولاً إلى المراجعين في أغلب الأوقات.

وفي حين يؤكد أن اللساني ليس أول ولا آخر مَن تعرض للقهر من الشامي أو بسببه، يؤيده في ذلك عبد الغني الزبيدي أحد الناشطين الحوثيين، الذي يقدم نفسه بوصفه خبيراً عسكرياً، إذ يقول إنه مستعد للإدلاء بشهادته أمام أي لجنة تحقيق.

ويذكر الزبيدي أنه على علم بأكثر من 20 حالة سب وشتم ولعن، تعرّض لها موظفون تحت إدارة الشامي، ولم يستبعد حدوث اعتداءات أخرى لم يعلم بها، ويستغرب أن الشامي لم يُساءل أو يلام أو يعاتب، حتى مجرد العتاب، بل أُسندت إليه مناصب أخرى.

انتهاكات أخرى

الأمر لا يتوقف عند هذا، بل إن قيادات ومؤيدين للحوثيين كشفوا عن انتهاكات واعتداءات بالضرب تعرّض لها موظفون سواء في الجهات الثلاث التي يديرها الشامي أو جهات أخرى، حيث كشفت وثيقة أخرى موجهة من وزير داخلية الحوثيين، عبد الكريم الحوثي، في السادس من مارس (آذار) الماضي إلى أحمد حامد، يشكو فيها الشامي بصفته هذه المرة مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء، ويشرح أنه اعتدى على نائب مدير شرطة حراسة المنشآت، والتلفظ عليه بألفاظ بذيئة، ونزع الرتب من على كتفه، وذلك في فناء فرع المؤسسة في ضواحي مدينة تعز.

القيادي الحوثي هاشم الشامي المتهم بارتكاب الانتهاكات ضد الموظفين (تويتر)

عبد الكريم الحوثي وهو عم زعيم الجماعة، ذكر في شكواه أن الشامي أقدم على ذلك بغية إخراج أفراد الحراسة من السكن الكائن في فناء المؤسسة، والموجودين فيه لغرض حراسة المعدات الخاصة بالكهرباء.

وترجى الحوثي القيادي أحمد حامد (أبو محفوظ) من أجل «الاطلاع والتوجيه باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال التصرف اللامسؤول» الصادر من قبل الشامي، وأبلغه باحتفاظ وزارته بحقها في مقاضاة الشامي لتعديه على موظف عام أثناء تأدية واجبه، لكن أحمد حامد تجاهل هذه الشكوى أيضاً.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.


«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
TT

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

أعاد الاتفاق اليمني لتبادل المحتجزين الذي أُبرم في العاصمة العُمانية مسقط، برعاية أممية، ملف الأسرى والمختطفين إلى صدارة المشهد، مثيراً موجة من التفاؤل الحذر بين اليمنيين، في ظل آمال واسعة بأن يضع حداً لمعاناة آلاف الأسر التي تنتظر منذ سنوات عودة ذويها من السجون ومراكز الاحتجاز.

ويشمل الاتفاق الإفراج عن نحو 2900 محتجز ومختطف لدى طرفي الصراع، في خطوة وُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات، وتتقدمها قضية السياسي البارز محمد قحطان، المشمول بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، ما منح الاتفاق بُعداً سياسياً وإنسانياً في آن واحد، ورفع سقف التوقعات بشأن إمكانية تحويله إلى مدخل لإجراءات بناء ثقة أوسع.

وفي هذا السياق، استقبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، رشاد العليمي، الوفد الحكومي المفاوض المعني بملف المحتجزين، برئاسة عضو مجلس الشورى هادي هيج، حيث استمع إلى إحاطة حول نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات مع الجماعة الحوثية، والمسار الذي قاد إلى توقيع الاتفاق في مسقط.

العليمي يستقبل في الرياض الوفد الحكومي المفاوض بخصوص الأسرى والمحتجزين (سبأ)

وأشاد العليمي بنتائج المفاوضات، عادّاً أن الاتفاق يمثل خطوة إنسانية مهمة، من شأنها التخفيف من معاناة آلاف الأسر اليمنية التي عاشت لسنوات على وقع الغياب والانتظار.

وأكد أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يضعان ملف المحتجزين وحماية المدنيين ولمّ شمل الأسر ضمن أولويات ثابتة، بوصفها مسؤولية أخلاقية ووطنية لا تقبل المساومة.

كما ثمّن الجهود التي بذلها الفريق الحكومي المفاوض، والدور الذي لعبته السعودية وعمان، إلى جانب الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مؤكداً أن هذه المساعي أسهمت في كسر جمود أحد أكثر الملفات تعقيداً في الأزمة اليمنية.

وشدّد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن الحكومة لن تدخر جهداً في سبيل الإفراج عن جميع المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً في سجون الحوثيين، داعياً إلى الالتزام بقاعدة «الكل مقابل الكل» دون انتقائية أو شروط، ومطالباً المجتمع الدولي بممارسة أقصى الضغوط لضمان تنفيذ الاتفاق، وإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة بالقوة.

بين الأمل والشك

أثار الإعلان عن الاتفاق حالة من التفاؤل الحذر في أوساط سكان العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى، الذين أنهكتهم سنوات الحرب والانقلاب، وما خلّفته من أزمات إنسانية متفاقمة، يتصدرها ملف المحتجزين.

ويرى سكان تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن الاتفاق، في حال تنفيذه الكامل دون عراقيل أو تمييز، قد يخفف من معاناة آلاف الأسر، مؤكدين أن ملف الأسرى يُعد من أكثر الملفات إيلاماً في الصراع، حيث لا تكاد تخلو أسرة من قصة احتجاز أو اختفاء قسري.

أسرى يمنيون أفرج عنهم سابقاً على متن طائرة دولية في مطار مأرب (رويترز)

ويقول سامي (اسم مستعار)، وهو عامل بالأجر اليومي من حي مذبح بصنعاء، إن الاتفاق يُنظر إليه بعيداً عن الحسابات السياسية، بوصفه «فرصة حقيقية لعودة آباء وإخوة وأبناء غابوا عن أسرهم لسنوات». لكنه في الوقت ذاته يُبدي تشككه في مدى التزام الجماعة الحوثية، في ظل تجارب سابقة لم تُنفذ كما أُعلن عنها.

من جانبه، يؤكد «أبو عبد الله»، وهو مدرس حكومي في ريف صنعاء، أن أي خطوة تعيد إنساناً إلى عائلته «تستحق الترحيب والدعم»، معبّراً عن أمله في أن يكون الاتفاق بداية لمعالجة بقية الملفات الإنسانية العالقة، وفي مقدمتها رواتب الموظفين وفتح الطرقات.

أسر تنتظر

تعكس شهادات ذوي المحتجزين في صنعاء مشاعر مختلطة بين الأمل والخوف من تكرار خيبات سابقة. تقول أم خالد، والدة أحد المحتجزين منذ تسعة أعوام، إن الأسر «سمعت كثيراً عن اتفاقات لم ترَ النور»، مطالبة بضمانات أممية حقيقية تضمن تنفيذ ما تم التوافق عليه.

أما سامية، زوجة أحد المحتجزين، فتشير إلى أن المعاناة لا تقتصر على غياب المعيل، بل تمتد إلى ضغوط نفسية واقتصادية قاسية، مؤكدة أن الأطفال «كبروا وهم محرومون من آبائهم»، وأن الأسر لم تعد تحتمل مزيداً من الوعود.

اجتماع يمني سابق في عمان بشأن الأسرى والمعتقلين (الأمم المتحدة)

ويرى مراقبون أن اتفاق مسقط جاء في ظل ضغوط دولية كبيرة لدفع الأطراف اليمنية نحو خطوات بناء ثقة، في وقت لا يزال فيه المسار السياسي الشامل متعثراً.

ويجمع المراقبون الحقوقيون على أن نجاح الاتفاق قد يخفف من حدة التوتر، ويفتح نافذة أمل في جدار الأزمة اليمنية الممتدة منذ أكثر من أحد عشر عاماً، شرط أن يُترجم الاتفاق إلى أفعال لا بيانات.