فنانون ونقاد يكشفون كواليس مشاركتهم في وثائقي «أسامة أنور عكاشة»

الفيلم استعرض مسيرة الكاتب الراحل عبر جزأين

لقطة من الفيلم الوثائقي (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)
لقطة من الفيلم الوثائقي (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)
TT

فنانون ونقاد يكشفون كواليس مشاركتهم في وثائقي «أسامة أنور عكاشة»

لقطة من الفيلم الوثائقي (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)
لقطة من الفيلم الوثائقي (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)

كشف الفيلم الوثائقي «أسامة أنور عكاشة» عن الكثير من أسرار الكاتب المصري الراحل، الذي أثرى مكتبة الدراما التلفزيونية بالكثير من الأعمال الجماهيرية بمشاركة أبرز رواد مجال الإخراج في مصر.

استُهل الفيلم، الذي جاء في جزأين، بمشاهد تمثيلية لطفل صغير يعشق القراءة، احتجب بعيداً عن الناس، وفضّل المكوث وسط الكتب للاستمتاع بقراءتها بعد تأثره بفقدان والدته في سن مبكرة.

كانت أعماله تحمل في طياتها شخصيات واقعية حسب رواية ضيوف الفيلم، الذي ضمّ نخبة من نجوم الفن من بينهم إلهام شاهين، ولوسي، وصابرين، وعبد العزيز مخيون، والمخرجان جمال عبد الحميد، ورؤوف عبد العزيز، والإذاعية نسرين أسامة أنور عكاشة، بجانب بعض الكتاب والنقاد، من بينهم عبد الله السناوي، وسيد محمود، وماجدة موريس، والسيناريست مجدي صابر.

طرح الفيلم الكثير من التساؤلات التي دارت حول الهوية، ومدى تأثر عكاشة بأديب «نوبل»، نجيب محفوظ، بالإضافة إلى معاركه مع «مقصلة الرقيب»، كما عرض أهم شارات أعماله التي لا تزال حاضرة بأذهان مشاهدي أعماله، وكيف كان يوظف الأدوار النسائية، وبراعته في تسليط الضوء على الحياة السياسية والاجتماعية في مصر.

وقالت الفنانة المصرية لوسي، التي شاركت في فيلم «الطعم والصنارة»، ومسلسلات «كناريا وشركاه»، و«ليالي الحلمية»، و«زيزينيا»: إن «مشاركتي في وثائقي عن الراحل هي أبسط ما أقدمه له بعد مشوار حافل بالإنجازات»، عكاشة يعد «أيقونة في عالم الكتابة، وفناناً في رسم الشخصيات بإتقان».

الفنانة المصرية لوسي في لقطة من الفيلم (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)

وقالت لوسي لـ«الشرق الأوسط»: إن الراحل كان يثق في قدراتها الفنية؛ وكان يرى جوانب في شخصيتها لم يتمكن من إبرازها سواه، حتى أنه كان يكتب اسمها مقابل شخصية أنوار في «أرابيسك»، متابعة: «لم يكن اختياره لي عشوائياً، بل أصرّ على مشاركتي رغم اعتراض البعض».

وعدّت الناقدة الفنية ماجدة موريس، عكاشة، «شيخ كتاب الدراما المصرية»، على الرغم من الأسماء المهمة التي جاءت قبله وبعده، وقالت: «تحوّل من كاتب روائي إلى درامي باقتدار، وامتهن ذلك بعد دراسة عميقة».

ونوهت إلى أن «اكتشافه أهمية الدراما التلفزيونية في وقت مبكر، بجانب تركيزه على نوعية أعمال بعينها مثل الهوية والانتماء، والتماسك الأُسري، والعدالة الاجتماعية، هو مشروع فني أسس له ببراعة».

الناقدة المصرية ماجدة موريس لقطة من الفيلم (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)

وأكدت موريس لـ«الشرق الأوسط» أن عكاشة دخل في صراعات مع الرقابة، بسبب بعض أعماله و«تحايل على ذلك ببراعة، عن طريق تقديم الحلقة للتلفزيون ليلة العرض حتى لا تواجه اعتراضات، بالاتفاق مع القائمين على الأمر حينها». وأوضحت أن السبب وراء قلّة أعماله السينمائية مقابل التلفزيونية هو «حرصه على الوصول إلى أكبر قدر من الناس في منازلهم بسهولة ويسر».

وأرجع الفنان المصري عبد العزيز مخيون، مشاركته في الفيلم الوثائقي، أنه كان نتيجة وجوده في أغلب أعمال الكاتب الراحل، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ظهرت في كثير من أعماله مثل (أبواب المدينة)، و(ليالي الحلمية)، و(زيزينيا)، و(الشهد والدموع).

الفنان عبد العزيز مخيون ولقطة من الفيلم (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)

ويتذكر مخيون، أنه «خلال التعامل مع عكاشة شعرت من الوهلة الأولى، بأن كتاباته تعبّر عني وعما في داخلي، وفكره يشبهني»، متابعاً: «عكاشة كان مهموماً بالطبقات المختلفة من المجتمع وظهر ذلك جلياً على الشاشة».

وقالت الإذاعية نسرين أسامة أنور عكاشة، ابنة الكاتب الراحل: إن فكرة الفيلم كانت قيد التنفيذ منذ 3 سنوات: «بدأنا الحديث عن حياته العملية والخاصة وتدوين المعلومات بشكل صحيح، وعلى الرغم من تعطل الفيلم كثيراً، فإن القائمين عليه أكدوا لي خروجه للنور».

وأوضحت نسرين لـ«الشرق الأوسط»، أن صنّاعه «اهتموا بمشاركة من شهدوا مسيرته وشاركوه في أعماله؛ نظراً لإفادتهم الكبيرة في سرد سيرته».

الإذاعية نسرين عكاشة لقطة من الفيلم الوثائقي (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)

وأكدت نسرين أنها لم تتدخل في تفاصيل الفيلم: «قدموه باحترافية بداية من الاستعانة بأسرته في كل التفاصيل»، كما لم تتدخل في اختيار ضيوف الفيلم، وأن رأيها كان استشارياً، منوهة إلى أنه من المفترض وجود ضيوف آخرين مثل الفنانين أثار الحكيم، ويحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري»، لكن تعذر حضورهم.

وأشارت نسرين إلى أنّ الفيلم عبّر عن مشوار والدها بشكل مشرّف، وأنها كانت تطمح لمشاركة عدد من رفاق عمره من المبدعين الراحلين على غرار المخرجين عاطف الطيب، وفخر الدين صلاح، والفنانين شوقي شامخ وسيد عزمي، وسيد عبد الكريم،

ونوّهت نسرين إلى أن المخرج رؤوف عبد العزيز من ضمن من تعلقوا بمؤلفات والدها وتراثه الفكري في حياته وبعد رحيله، من خلال تقديمه فيلم «الباب الأخضر» بشكل رائع، ووجهت ابنة الكاتب الشكر إلى كل القائمين على هذا العمل القيّم من إخراج وإعداد وجميع العاملين به.

المخرج المصري رؤوف عبد العزيز في لقطة من الفيلم (البرومو الترويجي للفيلم بقناة «الوثائقية» المصرية)

وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: إن مشاركته في أي عمل للراحل عكاشة هي «شرف كبير»؛ ولفت إلى أنه لم يتردد بالمشاركة في الوثائقي، وقال: «سعيد أنا بذلك؛ فعكاشة كاتب صاحب رؤية في الكتابة لا بدّ من التوقف عندها كثيراً. وهو متمكن في سرد الشخصيات وتشعّبها».


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى فهمي (وزارة الثقافة)

حزن في مصر لرحيل «برنس الشاشة» مصطفى فهمي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، الأربعاء، بعد إعلان رحيل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً.

محمد الكفراوي (القاهرة)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.